in

18 من أكثر شعائرِ بلوغ الذكور جنوناً في التاريخ

شعائر بلوغ الذكور سن الرشد عبر مختلف الثقافات والحضارات

عبر التاريخ، كانت المجتمعات البشرية توثق وتخلّد اللحظة التي يصبح فيها الفتية رجالاً، ومازالت بعض المجتمعات تستمر في القيام بهذا الأمر إلى يومنا هذا.

بينما تكون معظم شعائر البلوغ في المجتمعات الغربية الحديثة بهيجة وعبارة عن احتفالات خالية من التكلف والهموم، فإنها كانت في الماضي درامية أكثر، من اليونان القديمة إلى الصين، كان الأولاد يجبَرون على إثبات رجولتهم، وكانت في معظم الأحيان تُتبع شعائر قاسية ودموية في البعض منها من أجل اختبار الشباب، وإجبارهم على إثبات أنهم يملكون ما يحتاجونه ليكونوا رجالاً في عالم لا يعرف الرحمة ولا التسامح.

بفضل قصص خلدها ووثقها التاريخ من الماضي، وكذا بفضل الرسوم والنقوش المحفوظة من حضارات غابرة، أصبحت لدينا الآن فكرة جيدة حول الطريقة التي كانت وفقاً لها المجتمعات القديمة تؤشر نهاية الطفولة وبداية سن الرشد والرجولة لدى ذكورها، وفي بعض الأماكن، مازال بإمكاننا حتى في يومنا هذا رؤية تأثير تقاليد تبلغ من القدم قروناً من الزمن.

بينما كانت بعض المجتمعات القديمة تعتقد أن الأطفال يصبحون رجالاً بمجرد أن يصلوا سن البلوغ، أو حتى في وقت أبكر، فإن مجتمعات أخرى كانت تسمح لأفرادها الذكور بالاستمتاع بطفولتهم لأطول فترة ممكنة. بشكل مماثل، تنوعت الطريقة التي كان بها الناس في الماضي يؤشرون هذه العتبة الكبيرة في الحياة بشكل درامي.

كانت بعض المجتمعات تطالب بسفك الدماء، بينما طالبت أخرى إظهار مجرد الطاعة أو الشجاعة، لذا، من حفلات اغتيال باردة، وقفزات تتحدى الموت إلى تغييرات بسيطة في قصة الشعر، في مقالنا هذا على موقعنا «دخلك بتعرف» جمعنا لك عزيزي القارئ 18 من أكثر شعائر بلوغ الذكور سن الرشد إثارة للاهتمام عبر التاريخ:

18. في اليونان القديمة، كانت تتم مزاملة الصبيان مع مرشدين ذكور أكبر سناً منهم، الذين كانوا يعلمونهم كل شيء يحتاجونه حول حياة البالغين.

كان المرشدون جزءاً مهماً جداً في حياة الذكور في اليونان القديمة.
كان المرشدون جزءاً مهماً جداً في حياة الذكور في اليونان القديمة.

كشاب حديث السن في مدينة أثينا القديمة، من أولى الخطوات التي قد تخطوها نحو الرجولة هو المزاوجة والمزاملة مع مرشد أكبر سناً منك. في معظم الحالات، كانت عائلة الصبي تدبّر لهذا الاتحاد، فكانت تنشد ذكراً راشداً قد يكون بمقدوره المساعدة على دعمه في حياته القادمة.

كان هذا المرشد الأكبر سنا يعرف باسم Erastes، بينما كان الذكر الأصغر سنا يعرف باسم Eromenos، وعلى الرغم من أن فارق السن كان لا يتعدى مجرد بضعة سنوات، ذلك أن المرشدين البالغين كانوا في العشرينات من حياتهم، فإن طبيعة العلاقة كانت تختلف بشكل واضح. في بعض المدن اليونانية القديمة، كانت العلاقة جنسية بشكل كبير، وبالطبع كان ينظر إلى هذا الجانب على أنه جزء مهم في مرحلة نمو الصبي ليصبح رجلاً.

في إسبرطة، من بين عدة مدن يونانية قديمة أخرى، كان كل اتصال جنسي بين المرشد والصبي يعتبر غير لائق بشكل صارخ وكانت العقوبة على ذلك قاسية جدا، كانت في بعض الأحيان تقابل بالموت. كما لم يكن من المفترض بهذه العلاقة أن تكون علاقة ذات اتجاه واحد. بينما كان من المفترض بالمرشد أن يكون الشريك المهيمن في العلاقة، فغالباً ما كان الشعراء اليونان القدامى يكتبون حول صبيان ماكرين كانوا يتلاعبون بمرشديهم، وحتى يفطرون قلوبهم.

عندما تستوي عائلة الصبي على كونه قد أصبح ناضجاً بما فيه الكفاية ليصبح مواطنا كاملاً —ومنه أن يتزوج ويصبح ناشطاً سياسياً—كان يتم حل العلاقة مع المرشد.

17. كان الصبية في إسبرطة يتحضرون لسن الرشد منذ سن مبكرة جدا، وكان ذلك يتضمن تعلم القتال.

كان تعلم القتال خطوة مهمة جدا يخطوه الصبية نحو الرجولة في إسبرطة.
كان تعلم القتال خطوة مهمة جدا يخطوه الصبية نحو الرجولة في إسبرطة.

في مدينة إسبرطة اليونانية القديمة، كان يتم تحضير الأولاد على حياة الراشدين منذ حداثة سنهم. في الواقع، بمجرد ولادة الأطفال، كان يتم استحمامهم في النبيذ، وكانت ردة فعل الرضيع حيال ذلك هي ما يحدد مسار حياته، فإذا ما أظهر شجاعة وقوة، كان يتم توجيهه ليصبح مقاتلا إسبرطياً، أما إذا بكى الرضيع وأظهر علامات على الاستغاثة، فقد كان يتم اعتباره ”عبداً“ مستقبلياً.

ثم في سن السابعة، يتم إرسال طبقة المقاتلين من الصبيان الإسبرطيين إلى (آغوجي)، وهي مدرسة خاصة مكرّسة ليس فقط لتحويلهم إلى رجال بل إلى مجموعة من أكثر المقاتلين الأوفياء والمهيبين الذين عرفهم العالم القديم.

كان الاختبار الأكبر يجري عندما يبلغ الصبي سن الثانية عشر، بحلول هذه المرحلة كان يمنح حربة وبطانية ويتم إرساله إلى البراري. كان الهدف من هذا الاختبار هو إجبار الصبي على النجاة في البرية لمدة شهر كامل. كان الكثير من الصبية يفشلون في هذا الاختبار، وكانوا يعودون إلى مدرستهم متعبين وجائعين بعد أسبوع على الأكثر. كانوا يُطردون من مدرسة (آغوجي)، وكانوا بعدها يعيشون حياة الـ(بيريسي) الإسبرطي، أو الطبقة الوسطى.

أما الأولاد الذين ينجحون في هذا الاختبار من خلال الصمود لشهر كامل في البرية باعتمادهم على أنفسهم فقط، فكانوا يستقبلون استقبال الرجال، ثم يصبحون مواطنين إسبرطيين كاملين وكان يسمح لهم باتخاذ زوجات وإنجاب الأطفال.

16. من أجل أن تصبح واحدا من نخبة رجال المدينة في إسبرطة قديما؛ كان يتعين عليك قتل العبيد بشكل صامت وعديم الرحمة!

كان الذكور الصغار والأثرياء في إسبرطة يخرجون في رحلات قتل شعائرية.
كان الذكور الصغار والأثرياء في إسبرطة يخرجون في رحلات قتل شعائرية.

كان أفضل الشباب في المجتمع الإسبرطي يتخذون دربا شعائريا خاصاً جدا، الذي صمم خصيصا ليحولهم إلى قتلة باردين. إذا ما لمع نجم تلميذ في مدرسة (أغوجي)، كان يتم اختياره من أجل ارتياد مدرسة الـ(كريبتيا)، وهي عبارة عن مؤسسة مدارة من الدولة كان الهدف منها إنشاء نخبة عسكرية سرية.

لم يكن خريجو هذه المؤسسة يعتبرون محاربين في صفوف القوات الخاصة الإسبرطية ضد أعدائها الخارجيين فقط، بل كان يتم استخدامهم كذلك كنوع من الشرطة السرية. فوق كل شيء، كان من واجباتهم إحكام سيطرتهم على العبيد، وذلك بأي طريقة يتطلبها الأمر.

من أجل التخرج من الـ(كريبتيا)؛ كان هؤلاء الشباب يتلقون أوامر بقتل أكبر عدد ممكن من العبيد. بشكل أكثر خصوصية، كانوا يؤمرون باستهداف العبيد الذكور الأقوى جسديا، وكذا العبيد الذين كان يبدو عليهم أنهم أكثر احتمالا للتمرد، وكان يتم تقييمهم بناء على انعدام الرحمة وبرودة قتلهم، مع كون كل من نجح في تنفيذ عمليات القتل تلك بنوع من السرية ينال بعضا من النقاط الإضافية.

كان طلبة (الكريبتيا) الشباب يقتلون العبيد في نومهم أو عندما يكونون يستريحون مع عائلاتهم. إذا ما قبض على طالب وهو يقوم بهذا القتل الشعائري، فقد يتعرض لعقوبة صارمة. أما إذا نجحوا في رحلة القتل هذه، فسيتخرجون من الـ(كريبتيا) وهم مواطنون ذكور راشدون وأفراد من نخبة المجتمع الإسبرطي، ومن المقدر لهم شغول مناصب مرموقة.

15. كان الحصول على ”ثوب الرجولة“ هو أول عتبات الحياة الحقيقية بالنسبة للذكور الشباب والأغنياء في روما قديماً.

ثوب الرجولة في روما

في روما قديماً، كان مجرد الحصول على ثوب فضفاض أبيض اللون تماما –كان هذا الثوب يدعى (التوغا)– هو أمر جلل بحق، حيث كان (التوغا فيريليس)، أو ”ثوب توغا الرجولي“، يمنح لكل صبي حرّ عندما يبلغ سن الثانية عشر أو الثالثة عشر.

في سن الطفولة، كان الذكور الرومان الشباب يرتدون ما يدعى بـ(توغا برايتيكستا)، وهو ثوب (توغا) أبيض مع خطوط بنفسجية، ولم يكن الصبيان قادرين على التخلص من تلك الخطوط البنفسجية إلا عندما يصبحون رجالاً.

بمجرد أن يحصل الروماني الشاب على ثوب (توغا فيريليس)، يصبح مخولا للاستمتاع بجميع الحقوق التي تصاحب المواطنة الراشدة في روما قديماً، غير أن هذا لا يعني أنه لا يتحمل المسؤوليات التي تأتي معها أيضاً.

ربما كان أشهر مرجع يشير إلى ثياب التوغا الخاصة بالصبيان والرجال في قصص حياة يوليوس قيصر الخاصة. وفقاً للمصادر التاريخية القديمة، اقترن هذا القائد المستقبلي بزوجته الأولى (كوسوتيا) قبل حتى أن يحصل على ثوب (توغا فيريليس) خاصته. بمجرد أن سُمح لقيصر الشاب بارتداء ثوب التوغا الرجالي خاصته، تخلى عن زوجته.

لم تذكر المصادر سبب هذا الطلاق، على الرغم من أنه كان من المؤكد تقريباً أنه وقع لأغراض سياسية. بعد هذا، اختفت (كوسوتيا) بشكل كامل من صفحات التاريخ إلى الأبد. بينما استغل قيصر بشكل كامل كل الامتيازات التي جاءت مع ثوب (توغا) الراشدين، وانطلق في رحلته سعيا وراء السلطة المطلقة.

14. مهرجان الـ(ليبيراليا) القديم في روما، الذي كان عبارة عن حفلة ماجنة ذات دلالات رمزية، سواء بالنسبة للصبية أو أمهاتهم على حد سواء.

ليبيراليا
أن تصبح رجلا في روما قديماً، يعني أن تثمل بعض الشيء.

في شهر مارس من كل سنة، كان الرومان يحتفلون بمهرجان الـ(ليبيراليا)، الذي كان يكرّس للإله (ليبر باتر)، وهو إله النبيذ والخصوبة. تماما مثل الكثير من المهرجانات الرومانية قديماً، كان الأمر هنا يتعلق ببعض الممارسات الشهوانية المتطرفة، حيث كان الرومان فيه يستهلكون كميات خيالية من النبيذ، والطعام، وكانوا يرقصون دون توقف.

لكن على الرغم من أنه قد يبدو مهرجانا مكرسا للمرح واللهو فقط، فإنه كان يخدم هدفاً جادا في نفس الوقت: كان هذا المهرجان يستخدم من أجل الدلالة على الانتقال من الطفولة إلى الرجولة، ويتعلق الأمر هنا بالأولاد الذكور الأحرار فقط.

عند الشروع في هذا الجو الاحتفالي، كان الأولاد البالغون من العمر بين 15 إلى 16 سنة يرتدون ما يدعى بالـ(بولا برايتيكستا)، وهي حلي معدة من الذهب والجلد ترتدى حول العنق. ثم كانوا يزيلون هذه الحلي ويضعونها على مذبح كقربان للآلهة (لاريس)، آلهة العائلة والمنزل الرومانية.

بمجرد أن يزيلوا حلي الـ(بولا برايتيكستا)، يصبح الأولاد أخيراً قادرين على ارتداء ثياب (توغا) الرجال خاصتهم، فيصبحون رجالاً روماناً بشكل رسمي، وهو الأمر الذي يصاحبه كم هائل من الامتيازات، بما في ذلك الحق في امتلاك العبيد والانتخاب والتصويت. تماما مثل جميع الأمهات حول العالم، كانت الأمهات الرومانيات الفخورات بأولادهن يجمعن حلي (بولا برايتيكستا) التي تركها أولادهن عند المذبح عندما تبلغ الحفلة نهايتها وكن يحتفظن بها لأغراض عاطفية، أو ربما كنّ يحتفظن بها لأسباب شعائرية، حيث قيل أنه إن حقق أحد الشباب نجاحاً كبيراً كأن يظفر بالنصر في إحدى المعارك أو الحروب، فإن تلك الـ(بولا) ستحميه ضد كل الأرواح الحسودة والشريرة.

13. كان الشباب الذكور في أثينا قديماً يخاطبون مجلساً خاصاً من أجل إثبات جدارتهم في أن يصبحوا مواطنين راشدين.

كان يجب على الشباب في أثينا قديماً إثبات جدارتهم نن أجل نيل لقب مواطنين راشدين.
كان يجب على الشباب في أثينا قديماً إثبات جدارتهم نن أجل نيل لقب مواطنين راشدين.

كان من المتوقع دائما من الرجال الشباب من أصول مرموقة في أثينا قديماً أن يتقلدوا مناصب مرموقة في الدولة. باعتبار حالتهم الاجتماعية، كان يُفترض آلياً أنهم سيكونون قادرين على تولي تلك المهام بجدارة واستحقاق. غير أن هذا لا يعني أنهم لم يكن عليهم إثبات وتأكيد جدارة نسلهم الأصيل قبل انضمامهم لصفوف الـ(إيفيبوي) ذوي الامتيازات، أو ”الذكور الشباب الأحرار“، وهنا يأتي دور الـ(دوكيماسيا)، هنا كان الذكور الشباب يخضعون لمساءلة حول آبائهم، وأجدادهم وأقربائهم الآخرين. إذا ما اقتنع أعضاء مجلس الـ(دوكيماسيا) بأن كلا جانبي عائلة المترشح كانوا مواطنين أثينيين أصليين، فإنه يُسمح له بالانتقال من مجرد صبي إلى رجل شاب.

كان مجلس الـ(دوكيماسيا) كذلك يقيّم الكفاءة الجسدية للمترشح الشاب. إذا ما اعتُبر كفؤاً بما فيه الكفاية، فقد يُرسل إلى الجيش لأداء مهام عسكرية. أما إذا لم تكن كفاءته الجسدية بالقدر المطلوب، فمن المتوقع أن يتسلم مقاليد تجارة عائلته أو أن يتقلد منصباً في الحياة العامة في الدولة. في هذا الصدد، قد تخضع الكفاءة العقلية للمترشح الشاب للتقييم أيضاً.

بشكل مثير للاهتمام، كان جميع المترشحين الشباب الذين يتقدمون لإثبات رجولتهم يخضعون لمساءلة حارة وقاسية على يد مجلس (دوكيماسيا)، حتى عندما يتعلق الأمر بأبناء أفراد الـ(بول)، وهو مجلس الـ500 الذي يحكم أثينا.

12. في كينيا، كان الأولاد الذكور في شعب الماساي يُرسَلون في رحلة صيد من أجل قتل أسد متسلحين برمح فقط، وإذا ما نجحوا يصبحون رجالا في نظر مجتمعهم.

قتل الأسود في كينيا

كانت سهول جنوب كينيا وشمال تانزانيا موطنا لشعب الماساي لمئات السنوات، كما تأثر كل جزء من حياتهم بارتباطهم الوثيق بالأرض والحياة البرية الأصلية التي يعيش عليها، من بين مواطن التأثير هذه نجد حتى تقاليد بلوغ سن الرشد عند الذكور.

وفقا للتقاليد المحلية، لا يصبح الصبي رجلا، الذي يعرف محليا باسم (موران) أو ”مقاتل“، إلا عندما ينجح في قتل أسد. بشكل أكثر تفصيل، كان يجب على الصبي الذي يرغب في أن يصبح رجلا في نظر شعبه أن يقتل أسدا ذكرا بالغا وأن لا يستخدم في ذلك سوى رمح واحد، وكان النجاح في مهمة مثل هذه يثبت أنه [الصبي] مقاتل حقيقي، مبارك بالمهارة اللازمة والشجاعة.

إذا ما نجح المراهق الشاب في صيده للأسد، يعود إلى قريته الأم جالبا معه لبدة الأسد، وهناك يقوم رمزيا بإلقائها أرضاً (كان من المسموح للمقاتلين الأكبر سنا أن يهدوا اللبدة لنساء القرية)، ثم كان يتعين عليه التضحية بحمل.

كان كل هذا من أجل إبعاد الأرواح الشريرة والتأشير على انتقاله إلى عالم الراشدين. غير أن الأمر تغير في السنوات الحديثة، ووصلت هذه الممارسة الفريدة إلى نهايتها عندما بدأ شعب الماساي يبذل مساعي حثيثة من أجل حفظ الحياة البرية والأسود المهددة بالانقراض في إفريقيا. في هذه الأيام، تتركز شعائر الانتقال إلى سن الرشد بين الذكور على ”أولمبياد الماساي“، مع كون مسابقة رمي الرماح تمثل الحدث الرئيسي.

11. كان شعب جزيرة (بينتيكوست) يستخدم نسخته الخاصة من القفز بالحبال كشعيرة لتمثيل بلوغ سن الرشد لدى الذكور على مر قرون من الزمن.

لطالما كان القفز من برج خشبي شعيرة بلوغ سن الرشد لمدة طويلة بالنسبة لشعب جزيرة (بينتيكوست).
لطالما كان القفز من برج خشبي شعيرة بلوغ سن الرشد لمدة طويلة بالنسبة لشعب جزيرة (بينتيكوست).

في أيامنا هذه، تشتهر شعيرة ”الغطس الأرضي“ هذه لشعب جزيرة (بينتيكوست) في (فانوتو) عبر العالم كله تقريباً، والتي قد تكون أقدم نسخة عن رياضة القفز بالحبال من المرتفعات الشاهقة، كما أصبحت تعتبر الآن مصدر جذب كبير للسواح إلى هذه الجزيرة.

كانت هذه الممارسة على مدى قرون شعيرة تمثل بلوغ سن الرشد بالنسبة لذكور الجزيرة. مما لا يثير الدهشة، فهي تعتبر الاختبار الأكبر للشجاعة، ومنه الذكورة، وذلك لأنها تتضمن القفز من برج خشبي يبلغ ارتفاعه 30 متراً بدون أية حماية عدا عن اثنين من حبال النبات المتسلق اللذين يربطهما المترشح حول كاحليه.

وفقاً للتقليد المعمول به، لا يحقق هذه القفزات سوى رجال القرية، أي دون نسائها أو الأجانب عنها، ويحضر الذكور أنفسهم لهذا اليوم الكبير من خلال عزل أنفسهم عن النساء، والامتناع عن ممارسة الجنس لمدة تصل الأسبوع. ثم، عندما يحل اليوم الموعود، تكون الأدوار الأولى من نصيب الأصغر سنا والأقل خبرة بالقفز، والهدف من القفزة هو الاقتراب أكبر قدر ممكن من الأرض، وكلما كانت القفزة أخطر كانت أفضل، فكانت القفزة المثالية هي التي يحتك فيها رأس الرجل أو قدماه بالأرض.

من بين الحضور التي تشاهد هذه التقاليد، تكون والدة ”الغاطس الشاب“، التي تقف هناك تشاهد ابنها على وشك القفز حاملة معها إحدى أغراضه من سنوات طفولته، وبمجرد أن ينجح في قفزته ترمي الأم ذلك الغرض بعيدا بصورة رمزية تمثيلا لكونه أصبح رجلا أخيراً. غير أن هذا القفز ليس قسرياً ولا يفرض على أي أحد، حيث بمقدور الصبيان والرجال على حد سواء رفض المشاركة في هذه المراسيم دون أن يتعرضوا للإذلال أو أن يحكَم عليهم من طرف مجتمعهم.

10. في سنة 2000 قبل الميلاد، كان الذكور صغار السن في سهوب روسيا يجبَرون على قتل كلابهم الخاصة وأكل لحومها حتى يتم اعتبارهم رجالاً!

يعتقد بعض الباحثين أن قتل الكلاب وأكل لحومها كان شعيرة بلوغ سن الرشد في روسيا قديماً.
يعتقد بعض الباحثين أن قتل الكلاب وأكل لحومها كان شعيرة بلوغ سن الرشد في روسيا قديماً.

كانت الحياة في السهوب الأُوراسية قبل أربعة آلاف سنة أصعب مما تتخيله عزيزي القارئ، كان الصبيان الصغار يجبرون على النمو بسرعة كبيرة، ووفقا لعلماء الآثار الذين درسوا مستعمرات العصر البرونزي في هذا القسم من روسيا حالياً، كانت شعيرة بلوغ سن الرشد عند الذكور مثيرة للقشعريرة بالتأكيد.

تقترح بعض الأبحاث والتحقيقات الحديثة أنه في فصل الشتاء من كل سنة، كانت القرى في هذه المنطقة من العالم تلتزم بقتل الكلاب التي تعيش فيها. بينما كانت الكلاب تستخدم لحراسة القطعان ضد هجمات الذئاب، فإن الشعب كان مرتبطا ارتباطا وثيقا بهذه الحيوانات، مع احتمال كون الصبية أكثر تعلقا بها.

لم يكن على الأولاد الاكتفاء بمجرد قتل كلابهم التي كبروا معها فقط ليتم اعتبارهم رجالا في نظر مجتمعهم، بل كان يتعين عليهم أكل لحومها، حيث استرجح علماء الآثار عظاما قديمة من تلك الفترة لكلاب تظهر عليها علامات توحي بأن لحومها نزعت عنها، ومنه يعتقدون بأن الأولاد كانوا يجبرون على قتل الكلاب، وسلخها ثم أكلها حرفيا.

إذا ما تمكن الصبي من تنفيذ هذه المهمة المثيرة للقرف، فهو يعتبر بعد ذلك رجلاً راشداً، مع كل الامتيازات والواجبات التي تصاحب ذلك في العصر البرونزي قديماً.

9. كان للسكان الأصليين في أستراليا عدد من الطرائق المؤلمة المخصصة للأولاد ليثبتوا رجولتهم.

كانت شعيرة القذف في الهواء أول مراحل الانتقال إلى سن الرشد في مجتمع السكان الأصليين في أستراليا.
كانت شعيرة القذف في الهواء أول مراحل الانتقال إلى سن الرشد في مجتمع السكان الأصليين في أستراليا.

كان، ولا يزال، لدى السكان الأصليين في القارة الأسترالية عدد من الطرائق الفريدة والغريبة للدلالة على انتقال الفرد من صبي إلى رجل، وعلى الرغم من أنها كانت تختلف من قبيلة إلى أخرى، فإن بعضا منها كان مؤلما بدون شك. كانت أول شعائر بلوغ سن الرشد تجري عندما يصبح الصبي في سن الثانية عشر من عمره، وكانت تعرف بـ”شعيرة القذف في الهواء“، وكانت تتمحور حول رمي وإلقاء الصبي في الهواء ثم الإمساك به مجددا من طرف عدة من أقربائه الذكور. بمجرد تحقيق هذه الشعيرة، يصبح على الصبي المرور عبر عوائق أكثر صعوبة وقسوة قبل أن ينظر إليه المجتمع على أنه رجل.

كانت الكثير من القبائل تمارس الختان، وكان يجرى على الشباب المراهقين وليس الأطفال أو الرضع. وفي بعض المجتمعات، كان مطلوبا من المختونين حديثاً أن يفركوا دماء ختانهم في ظهور ذكور آخرين من قبيلتهم. كانت عملية الانتقال من الطفولة إلى سن الرشد تستمر في وقت لاحق عندما يجبر الشباب المراهقون على حمل أغصان أشجار محترقة وأن يتحملوا الألم الذي يسببه سقوط الجمر على أجسامهم العارية من الأعلى، وبعد هذا، قد يُطلب منهم الاستلقاء فوق كومة من الجمر المتّقد لعدة دقائق.

وفي الأخير، يأتي دور ”شعيرة الضربة القاضية“، التي تتجلى في إسقاط أحد أسنان الصبي بواسطة حجر، ثم كان السن يلقى بين يدي والدة الصبي، ومنه يمكن اعتبار تحوله من صبي إلى رجل مكتملاً أخيراً.

8. في ثقافة شعب الأزتيك القديمة، كان يتعين على الأولاد أسر عدو في ساحة المعركة قبل أن يتم اعتبارهم رجالاً:

الأضاحي البشرية لدى الأزتيك قديماً
الأضاحي البشرية لدى الأزتيك قديماً.

لعبت الأضاحي البشرية دوراً مركزياً في حضارة وثقافة شعب الأزتيك، وذلك من خلال العديد من الطرائق. على سبيل المثال، كان الكهنة يسفكون الدماء على أمل أن ينالوا حصادا عظيما في تلك السنة، أو أن تتفضل عليهم الآلهة بمطر وفير. وكانوا ليضحوا بأضحية بشرية ببساطة كشكر وعرفان لآلهتهم.

ودون ذلك، كانت الأضاحي البشرية تستعمل كشعيرة انتقالية تمثل تحول الصبيان إلى رجال وفي نهاية المطاف إلى مقاتلين. وفقا لتقاليد الأزتيك، لا يسع الصبي أن يصبح رجلا ومقاتلا حقيقيا إلا في حالة تمكن من القتال بضراوة في المعركة وأسر أحد الأعداء حياً، بدلا من قتله في المعركة.

كان بعد ذلك شباب الأزتيك يجلبون أسرى الحرب الذين تمكنوا من أسرهم معهم إلى مدنهم، وإلى قاعدة المعبد الهرمي بالتحديد. كما قد يكون من المطلوب منهم أيضا حملهم صعودا إلى قمة المعبد، هذا على الرغم من أن المؤرخين ليسوا متيقنين من هذه الحقيقة بعد.

في جميع الأحوال، بمجرد أن يصل السجين المسكين إلى قمة الهرم، كان يتم يُستلقى على حجر شعائري خاص، ثم يأتي الكاهن الذي يشق جسده من الحلق نزولا إلى أخمص المعدة، ثم يجتث قلبه ويرفعه في السماء كقربان للآلهة، بينما يلقي ببقية الجسد أسفل المعبد شديد الانحدار حتى يتم التخلص منه فيما بعد. بمجرد اكتمال هذه الشعيرة، يعتبر الصبي المسؤول على جلب السجين رجلا ومقاتلا حقيقياً.

7. في إسبانيا في القرن التاسع عشر، كان الصبي يصبح رجلا حقيقيا في حالة واحدة، وهي بالانضمام إلى الجيش والقتال من أجل بلده.

شعيرة بلوغ سن الرشد في إسبانيا في القرن العشرين.
شعيرة بلوغ سن الرشد في إسبانيا في القرن العشرين.

في إسبانيا في القرن التاسع عشر، كانت الحياة تدور حول مؤسستين اثنتين: الكنيسة والجيش. كانت هاتان المؤسستان تلعبان دورا مركزيا ومحوريا في جميع مراحل حياة المواطن الإسباني، وكان الجيش على صلة وثيقة بمفهوم الرجولة. في تلك المرحلة الزمنية، كانت الخدمة العسكرية قسرية بالنسبة لجميع الذكور الشباب.

بمجرد بلوغهم سن الثامنة عشر، كان من المتوقع منهم هجر منازلهم ومدنهم وقراهم والذهاب للخدمة في صفوف الجيش لفترة محددة بين 2 إلى 5 أو حتى عشرة سنوات. كان يطلق على الشباب الصغار الذين يصلون هذه السن اسم (كوينتوس)، وكانت القرية الواحدة ليكون فيها مجموعة منهم يطلق عليها اسم الـ(كوينتو)، أو الأولاد الأقران الذين سيرحلون للخدمة العسكرية في نفس الوقت.

بغض النظر عن خطر الخدمة العسكرية، خاصة في زمن كانت فيه إسبانيا تخوض حروبا في كوبا، وأمريكا اللاتينية، والفيليبين، كان واقع أن يصبح المرء (كوينتو) أمرا جللاً، وكانت أكثر علامة موثوقة عن كون الصبي قد صار رجلا أخيراً. قبل بضعة أيام من موعد رحيلهم لأداء الخدمة العسكرية، كان الـ(كوينتوس) في قرية معينة يسيرون بين منازلها يطرقون من باب لباب طالبين الأكل والشراب من أهاليها. في العديد من القرى، تحول هذا الأمر إلى مهرجان سنوي مهم جدا، حيث يثمل فيه الـ(كوينتوس) الشباب ويتناولون الولائم التي جمعوها، ثم كانوا يدوّنون أسماءهم على جدران القرية إلى جانب أسماء الذين رحلوا من قبلهم.

6. كان يتوجّب على أبناء الفايكينغ الذكور الصيد، والمساعدة في أعمال المزرعة، والقتال، وحتى الزواج قبل أن يتم اعتبارهم رجالاً راشدين.

أن تصبح رجلا في مجتمع الفايكينغ لم يكن بالأمر الهيّن.
أن تصبح رجلا في مجتمع الفايكينغ لم يكن بالأمر الهيّن.

لم يكن هنالك من انتقال مفاجئ من الطفولة إلى الرجولة، وبدل ذلك، كان يتعين على الذكر الشاب أن يثبت رجولته وبلوغه عبر عدة سنوات. لقد كانت بيئة مجتمع الفايكينغ بيئة قاسية، وكان المطلوب من ذكور هذا المجتمع أن يصبحوا قادة ومحاربين عتاة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. لذا، بينما في القوانين النوردية القديمة كان الصبي يعتبر رجلا في سن الثانية عشر أو بعد خمسة عشر شتاء من مولده، فإن هذا لم يكن حقيقيا جدا. بالفعل، كان بإمكان الصبي في هذه السن امتطاء الخيول وتناول النبيذ مع الرجال في عشيرته، غير أنه لم يكن يعتبر رجلا راشدا إلا عندما يمر عبر سلسلة من التجارب والاختبارات.

كانت مهمة تحضير الصبي من أجل الرجولة تقع على عاتق أقربائه الذكور. في البادئ، وكصبي حديث السن، كان يتوقع منه المساعدة على إدارة شؤون مزرعة عائلته، ثم عندما يبلغ من العمر حوالي سن العاشرة، كان يبدأ تعلم الصيد إلى جانب الرجال في عشيرته، وقبل حتى أن يبلغ مرحلة المراهقة في حياته كان يتعلم طريقة القتال.

فقط عندما يثبت جدارته في إدارة شؤون المزرعة وصيد الحيوانات البرية والقتال ينظر إليه المجتمع على أنه رجل. غير أنه وفقاً للقوانين النوردية، بعد كل ما سبق، يبقى أمام الصبي عائق واحد في طريق تحوله إلى رجل بالغ، وهو الزواج. كان يتم تزويج الأولاد الإسكندنافيين بداية من سن الثانية عشر من أعمارهم، وبمجرد أن تكون له زوجة، يتحقق ويكتمل انتقاله من الطفولة إلى الرجولة.

5. مراسيم الـ(غوان لي) في الصين قديماً، التي كانت جدورها ضاربة في عمق الفلسفة الكونفوشيوسية، وكانت عبارة عن ممارسة معقدة ورمزية.

مراسيم الـ(غوان لي)

حكمت سلالة (زو) الصين القديمة لمدة تجاوزت 700 سنة، ومازالت الكثير من تقاليدها موجودة وحية إلى يومنا هذا. من بين هذه التقاليد التي صمدت في وجه الزمن نجد شعائر بلوغ سن الرشد عند الذكور التي تمثل تحول الصبي من مجرد ولد إلى مواطن بالغ وراشد. كانت فعاليات مراسيم (غوان لي) المستمدة من فلسفة المعلم (كونفوشيوس) تجري بشكل خاص عندما كان الشاب يبلغ من العمر 20 سنة.

على خلاف الكثير من الثقافات القديمة، كانت هذه الشعائر سلمية ورمزية في مجملها. غير أنها كانت بعيدة كل البعد عن البساطة، وكانت تمثل جوهر الفلسفة الكونفوشيوسية ومعتقداتها الإنسانية والعقلية.

عند بداية مراسيم (غوان لي)، كان والد الصبي يلقي خطابا موجزا أمام ضيوفه الحضور، وبينما كان هذا يحدث، كان الشاب المعني بالأمر يستحم ويصفف شعره بعد حصوله على قصة شعر جديدة، مع دبوس مميز من البامبو يوضع على شعره. بمجرد أن يصبح الشاب جاهزاً، كان ”المعلّم الكونفوشيوسي“ الذي يقود هذه المراسيم يضع قبعة رجالية تعرف باسم (فو تو) فوق رأس الشاب، كان الشاب بعدها يغادر القاعة ليغير ثيابه مرتديا ثياباً تناسب تلك القبعة أكثر. كان هذا الفعل يتكرر مع قبعة وثياب ذات لون داكن. بعد هذه المرة الثانية، كان الشاب يحيّي جميع الحضور، ومن هنا يمكن اعتبار انتقاله إلى مرحلة الرجولة مكتملاً.

4. بالنسبة للشعوب في الإمبراطورية الآشورية، كان يتعين على الأولاد أن يشتد عودهم في سن مبكرة، غير أنهم كانوا يخضعون لتدريب يدوم 15 سنة حتى يتم اعتبارهم رجالاً.

لوح من الإمبراطورية الآشورية القديمة

عندما كانت الإمبراطورية الآشورية في أوج قوتها، من القرن العاشر إلى القرن السابع قبل الميلاد، كانت ربوعها تمتد من مصر وصولا إلى الحدود الشمالية للهند اليوم. كانت هذه القوة الإقليمية الهائلة القديمة قادرة على غزو مناطق واسعة جدا من العالم القديم من خلال بنائها لجيش كبير وقوي مكون من مقاتلين أشداء وعلى مهارة عالية ولا يعرفون الخوف.

تحت نظام قاس وصارم، لم يكن مسموحاً للأولاد الذكور الاستمتاع بطفولتهم لمدة طويلة. بالطبع، من أجل إعداد رجال أقوياء، كان يجب عليك أن تجعل من الأولاد أشداء منذ سن حديثة، وبمجرد أن يخرجوا للنور، كان المواليد الذكور يبعدون عن آبائهم وكانت تربيتهم تتم على أيدي أمهاتهم ونساء أخريات من أقربائهم حصراً، وكان ذلك حتى بلوغهم سن الخامسة.

بعد عيد ميلاده الخامس، يبدأ الصبي مرحلة تدريبه العسكري، وطوال السنوات الخمسة عشر القادمة من حياته، كانت حياته كلها تكرس لمهمة وحيدة وهي تعلم كيفية القتال. كان البعض يتدرب على استعمال القوس والنشاب، بينما يتدرب البعض الآخر على القتال بالسيف أو بالرمح، وكان الجميع يتعلم ركوب الخيل بامتياز، ووفقا للمؤرخ (هيروديت) القديم، كان هؤلاء الشباب يتدربون كذلك على أهمية قول الحقيقة دائماً.

فقط عندما يتخرجون بنجاح من الأكاديمية العسكرية عن عمر العشرين سنة كان يتم اعتبارهم بحق رجالاً بالغين، مع كل الامتيازات والمسؤوليات التي تصاحب هذا الأمر.

3. بالنسبة للمغول القدامى، كان يجب على الصبي أن يتعلم طريقة الصيد باستخدام النسور قبل أن ينضم لعصبة الرجال في قبيلته.

كان تعلم طريقة الصيد بالنسور مهارة مفتاحية في حياة الذكور المغول.
كان تعلم طريقة الصيد بالنسور مهارة مفتاحية في حياة الذكور المغول.

لمدة تنوف عن 6000 سنة، كان الرجال المغول يصطادون مستخدمين النسور في سهوب آسيا الوسطى. وفقاً لمذكرات سفريات الرحالة الإيطالي (ماركو بولو)، كان كل من (كوبلاي خان) وسلفه (جنكيز خان) أساتذة عندما يتعلق الأمر بفن الـ(بيركوتشي) —وهو فن الصيد بالنسور—، وكانا يملكان عددا هائلا من النسور المدربة على الصيد بشكل ممتاز التي كانا يستمتعان بهوايتهما هذه باستخدامها.

في الظروف المناخية القاسية التي تسود أرض المغول، مثلت هذه الممارسة طريقة فعالة جدا في الصيد وتوفير الغذاء. في نفس الوقت، مثلت الـ(بيركوتشي) تقليداً وممارسة للدلالة على بلوغ سن الرشد عند الذكور. فقط من خلال احتراف هذا الفن ونيل احترام وطاعة النسر يمكن اعتبار الصبي رجلاً.

تقليديا، كانت مهمة تعليم الولد فن الـ(بيركوتشي) تقع على عاتق الوالد. كان الصبي يُهدى فرخ نسر صغير ليمتلكه ويربيه ويدربه. قد تستغرق العملية عدة سنوات، وبما أن النسور استقلالية بشكل شرس، فإن العملية صعبة جدا بدون شك. بمجرد إتقانها، يصبح بإمكان الذكر الشاب الانضمام لبقية الرجال في رحلات صيدهم، كما يصبح بإمكانه كذلك المشاركة في ألعاب المغول القديمة، وهنا قد يفوز الرجل بفضل مهاراته في امتطاء الخيول والصيد بالنسر بالاحترام بين أقرانه كما قد ينال من ورائها زوجة أيضاً.

2. في كوريا قديماً، كان ولوقت طويل تغيير بسيط في قَصّة الشعر علامة على أن الصبي صار رجلاً.

كان مجرد تغيير قصة الشعر كافياً للدلالة على انتقال الصبي من الطفولة إلى الرجولة.
كان مجرد تغيير قصة الشعر كافياً للدلالة على انتقال الصبي من الطفولة إلى الرجولة.

في كوريا، يمكن تتبع أقدم مراسيم شعائر بلوغ سن الرشد عند الذكور إلى القرن العاشر ميلادي. كان ذلك زمناً حكمت فيه سلالة (غوريو) شبه الجزيرة الكورية المتحدة. وفقاً للسجلات التاريخية من تلك الحقبة، في سنة 965 وهب الملك (غوانجونغ) ابنه ووريث عرشه زياً كان عادة يرتدى من طرف الرجال البالغين. سرعان ما أصبح إهداء ثياب رجالية للصبيان طريقة شائعة لإظهار بلوغ الصبي سن الرشد وأنه أصبح رجلاً، ثم عبر الزمن، اندمجت هذه الطريقة مع تقاليد استوردت من الصين وبعض الثقافات الجارة الأخرى.

لاحقاً خلال حكم سلالة (جو سيون)، التي هيمنت على الكوريتين من القرن الرابع عشر إلى غاية مستهل القرن العشرين، أصبحت شعائر بلوغ سن الرشد عند ذكور الطبقة المتوسطة والطبقة الراقية في المجتمع معقدة أكثر فأكثر. عبر الزمن، أصبحت شائعة في كوريا تقاليد الصين في منح الصبيان قصات شعر ”بالغين“ شائعة بشكل متزايد. على وجه الخصوص، شاعت مراسيم ما عرف بالـ(غوالي)، والتي كانت تجري عندما يبلغ الصبي سن الخامسة عشر، والتي كان فيها شعر الصبي الطويل والمسدول يعقد في عقدة مشدودة. كان هذا يمثل رمزياً بالنسبة لبقية المجتمع الكوري أن الشاب أصبح رجلا الآن.

1. كان من المطلوب من الساموراي الشاب أن يخضع لسلسلة من الاختبارات من أجل إثبات كونه قد كبر وأصبح رجلا بالغاً ومقاتلا حقيقياً.

الساموراي
كان السن الذي يعتبر فيه الشباب الساموراي رجالا ومقاتلين يتنوع بشكل متباين عبر القرون.

بدأ عهد الساموراي عند نهاية القرن الثاني عشر واستمر حتى منتصف القرن التاسع عشر. عبر هذه الفترة الزمنية، تطورت الطريقة التي كان الصبي الساموراي وفقاً لها يصبح رجلاً. بينما بقيت بعض أجزاء هذه الشعائر ثابتة عبر الزمن وعبر القرون، فإن بعضها الآخر —الأكثر تميزا بينها هو السن الذي كان فيه الصبي ينتقل من صبي إلى رجل— تنوع بشكل متباين.

بما أن الرجال البالغين كانوا يقاتلون في المعارك والحروب، فمن الطبيعي أن يحاول الأهالي تأخير اليوم الذي يعتبر فيه المجتمع أبناءهم رجالا، وبناء على ذلك، لم تكن مراسيم الانتقال من الطفولة إلى الرجولة تحدث في أزمنة الحرب إلا ببلوغ الشباب المعنيين سن العشرين من أعمارهم.

في الأزمنة التي يسودها السلم، كان السن الذي تحدث فيه شعائر بلوغ سن الرشد ينخفض ليصل حتى سن الثانية عشر أو الثالثة عشر، خاصة إذا ما كانت العائلة ترغب في الحصول على المزيد من الأطفال، ذلك أن المجتمع لا يسمح بزواج إلا من يعتبرهم رجالاً.

كانت شعائر بلوغ سن الرشد عند ذكور الساموراي تعرف باسم (جينبوكو)، وعلى خلاف ثقافات أخرى تمتاز بطابع حياتها القتالي، لم يكلف الساموراي الصبيان بالقيام بمهمات توحي بالقوة، أو الشجاعة، أو شدة التحمل من أجل أن يعتبرهم رجالاً. بدل ذلك، كانت ممارسة (جينبوكو) تتعلق بالرمزيات حصراً، فقد كان الصبي فيها يمنح خوذة مقاتل ساموراي ليرتديها بدل قبعة الطفولة القماشية، ثم كان يُهدى له درعه الخاص، والجزء الأهم على الإطلاق سيف الساموراي خاصته.

مقالات إعلانية