هناك نوعٌ من النمل اسمه Megaponera Analis؛ يتغذى هذا النوع على النمل الأبيض، ولديه استراتيجياتٌ أغرب من الخيال.
في البداية تقوم عدة نملات من الكشافة بالبحث عن بيوت النمل الأبيض في نطاق 50 متر من الخلية، فإذا لم تجد واحداً خلال ساعة تعود في طريقٍ دائري إلى الخلية، أما إذا عثرت إحداها على أحد بيوت النمل الأبيض فتقوم بدورةٍ استطلاعية للتأكد من وجود النمل.
ثم تعود في طريقٍ مستقيم إلى الخلية، وخلال رحلة العودة تقوم بإفراز فورمونات (مواد كيميائية ذات رائحة مميزة) لتستدلّ بها على طريق العودة. تقوم نملة الكشافة باستدعاء وتجنيد من 200-500 نملة من كل فئات الخلية خلال 60-300 ثانية.
تقوم بعدها نملة الكشافة بالتحرك في المقدمة وخلفها باقي أفراد الحملة في هيئة طابور، وذلك لأنها الوحيدة القادرة على معرفة الطريق، وقبل20-50 سم من مكان تواجد النمل الأبيض تتوقف النملة القائد ”نملة الاستكشاف“ في انتظار وصول نمل المؤخرة، ويقف أفراد الحملة حول النملة القائد في شبه دائرة، بعدها تتحرك الفرقة في اتجاه النمل الأبيض في تشكيلٍ مفتوح.
يُلاحظ أثناء الغارة أن هناك مجموعةً من النمل ضخم الجثة يسمى Major يقوم بفتح ثغراتٍ في دهاليز أماكن النمل الأبيض، أما باقي النمل فيقوم بقتال النمل الأبيض.
وبعد انتهاء المعركة تقوم الفرقة بحمل جثث النمل الأبيض نحو الخلية الأم. وهكذا تقوم الخلية بحوالي 5-6 غارات يومياً.
لا نترك أصدقاءنا خلف خطوط العدو: خلال المعركة الشرسة يُصاب بعض أفراد الحملة بإصاباتٍ قطعيّة كفقدان قدم أو أكثر أو أحد قرون الاستشعار، عندها تقوم النملة المصابة بإرسال إشارة استغاثة من خلال إفراز فرمونٍ معين، فتقوم النملات الـMajor بحملها إلى الخلية الأم حيث يتم علاجها، وبهذه الطريقة يقلّ عدد الضحايا من حوالي 32% إلى صفر تقريباً. تتأقلم النملات المصابة داخل الخلية على الحركة بالأقدام السليمة، وتقوم ببعض المهمات حيث قد تُشاهد بعد ذلك في غاراتٍ أخرى حتى.
وعندما قام العلماء بوضع علامات على هذه النملات المصابة اكتشفوا أنها تقارب أعداد النمل المولود حديثاً. يؤدي هذا السلوك للحفاظ على عدد الخلية وزيادته بحوالي 28.7% مما لو كانت لا تقوم بمثل هذا السلوك.