in

دخلك بتعرف ألبير كامو؟ أول صحفي يُطرد من الجزائر

ألبير كامو

ولد في قرية الذرعان وتعرف أيضاً ببلدة مندوفى بمقاطعة قسطنطينة في الجزائر سنة 1913، في بيئةٍ شديدة الفقر من أب فرنسي قُتل بعد مولده بعام واحد في إحدى معارك الحرب العالمية الأولى، ومن أم أسبانية.

تبدو أن بذور التمرد وعدم الاستسلام صحبته منذ طفولته القاسية، فلقد تمرد على فقره وبؤس أسرته، ولم يتنكر للفقراء والمضطهدين.

ألبير كامو وهو طفل صغير
ألبير كامو وهو طفل صغير

بعد إنهائه للدراسة الثانوية وحصوله على الباكلوريا، درس الفلسفة بكلية الآداب بجامعة الجزائر معتمداً على منح التفوق ومن قيامه ببعض الأعمال. ظهرت ميوله الأدبية في سن مُبكرة، واكتشف هذه الميول أستاذه الكاتب والمفكر (جان جرينييه)، الذي شجعه على القراءة والكتابة وكان له الأثر الأكبر على حياته.

سنة 1930، أصيب كامو بالسل فجأةً وكان من العمر ما يقارب السبعة عشر عاماً، وكان المرض قاسيا عليه، لكنه تمرد عليه وأكمل دراسته الجامعية، وشارك في النضال السياسي رغم مرضه، ففي عام 1932 انضم للحركة المُناهضة للفاشية ثم انخرط في 1934 في الحزب الشيوعي.

أنشأ كامو سنة 1934 المسرح العمالي في الجزائر، حيث قام بإخراج بعض الروايات ولعب بطولة بعضها الآخر. وفي سنة 1935، تمرد على الحزب الشيوعي، وعلى كل فكر يفرض بالعنف على الإنسان. فهو وإن كان يطلب العدالة والحرية إلا انه رفض أن تفرض بالطغيان والإرهاب.

رفضه للشيوعية كحزب سياسي لا يعني رفضه الاشتراكية كمبدأ، بل أنه آمن بالاشتراكية كحل لسوء توزيع الثروات، ولم يترك محفل ومكان إلا ودعا للإشتراكية، ويقول عن نفسه: ”لم أتعلم الحرية من كتب ماركس، بل تعلمتها من الفقر“.

عام 1937، صدر له أول كتاب وهو ”الظهر والوجه“ وكان عمره لا يتجاوز الرابعة والعشرين، وبعد أقل من عام أصدر مؤلفه الثاني ”أفراح“، ويرى النقاد أنه كتب هذين المؤلفين تحت صدمة المرض.

ألبير كامو وزوجته Francine Faure
ألبير كامو وزوجته Francine Faure

وفي عام 1938 ورغم شدة المرض عليه، اختار كامو أن يحترف مهنة الصحافة الشاقة إلى جانب عدة أعمال أخرى كبائع قطع غيار. وواصل مشوار تمرده ورفضه للظلم فاصطدم بالرقابة العسكرية الفرنسية على الصحف، ففي عام 1939 أصبح رئيس تحرير جريدة مسائية اسمها Le Soir Repuplicain كانت هي الوحيدة التي تتحدث باسم اليسار في الجزائر، بدأت حربه عندما أصبحت المقالات التي يكتبها عن الظلم الفرنسي في الجزائر تحتل مسامع الشباب المثقف وتؤثر عليهم في المستعمرة الفرنسية، ونتيجة عدم تنفيذه لأوامر الرقابة تم إبعاده إلى فرنسا سنة 1940 وبذلك كان كامو أول صحفي يُطرد من الجزائر.

في فرنسا، واصل مسيرة تمرده فانضم إلى حركة المقاومة ضد المحتل النازي، وبذلك استخدم العنف مقابل العنف، وقد فسر كامو سبب إلتحاقه بصفوف المقاومة آنذاك ”لقد فهمت آنذاك أن كراهيتي للعنف أقل من كراهيتي للأنظمة القائمة على العنف“.

في سنة 1942، وفي ظل الاحتلال النازي نشر روايته ”الغريب“، وبعدها بفترة قصيرة أصدر مؤلفه الفلسفي ”أسطورة سيزيف“، وفي سنة 1952، أصدر كتابه ”الإنسان المتمرد“ الذي أحدث ضجةً كبيرة في الأواسط السياسية والثقافية، وبعد هذا المؤلف لم يقدم كامو شيئاً كبيراً، فقط مارس الإخراج والإعداد المسرحي وكتابة المقالات.

ألبير كامو في المسرح
ألبير كامو في المسرح سنة 1953 – صورة من Studio Bernard-Paris

حصل على جائزة نوبل للآداب في عام 1957. فأعماله الأولى تعبر عن المرحلة التي أدرك فيها المعنى الدقيق لعبثية الوجود، فالعبث بالنسبة له ليس هو العالم أو الإنسان بل العلاقة التي تربط العالم بالإنسان، فالعالم بالنسبة له عبثٌ لا عقلاني، والصفة الجوهرية في العبث هي استعصاء العالم على الخضوع للمقاييس العقلية، وهكذا يرى كامو أن العقل محدود ولا يمكنه أن يصل إلى عقلنة الوجود.

والتمرد هو المبدأ الاساسي الذي يضعه كامو مقابل عبثية الوجود، وكيفية المواصلة في هذا الكون اللاعقلاني، والتمرد هو خلاف الثورة، لأن التمرد مجرد احتجاج ضد الظلم والفقر والعبث، أما الثورة أحتجاج ضد كل ذلك لكنها تأخذ شكل العنف والحرب والدماء، لذلك يرفض كامو الثورة ويحتضن التمرد.

إنّ التمرد بالنسبة له فعل إيجابي، لذلك يدعو إلى عدم رفض أو قبول هذا العصر بشكل أعمى، إنما على المرء أن ينهضه ويعيد بناءه، فالتمرد يتجاوز الإنسان نفسه بواسطة الآخرين، وكما يعبر كامو: ”إنني أتمرد، إذاً أنا موجود“. وتمرد كامو على أفكار عصره برفضه الماركسية كحلٍ سياسي والرأسمالية كحل اقتصادي والفوضوية كحل فلسفي.

ضريح ألبير كامو
ضريح ألبير كامو

مقالات إعلانية