in

5 انتخابات غريبة ومثيرة للجدل حدثت عبر التاريخ لم تكن تعرف بها من قبل

لطالما اعتُبرت الانتخابات على أنها ”شأن“ في غاية الجدية والأهمية، حيث يتم خلالها اختيار قادة الأمم بعناية شديدة من طرف شعوبها. غير أن التاريخ يزخر ببعض الأمثلة التي أصبحت فيها الانتخابات مثيرة للجدل، أو كانت ببساطة مزورة للغاية، كما تحول بعضها إلى مهزلة حقيقية.

في مقالنا هذا على موقعنا «دخلك بتعرف»، اخترنا لكم أعزاءنا القراء 5 من أكثر الانتخابات الغريبة في التاريخ:

5. الانتخابات الرئاسية في تركمانستان:

الرئيس التركماني Niyazov مع فلاديمير بوتين.
الرئيس التركماني Niyazov مع فلاديمير بوتين. صورة: rferl

أصبح الرئيس Niyazov أول رئيس لدولة تركمنستان بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في سنة 1991. بانهيار الحزب الشيوعي الذي كان يسيطر على الكتلة الشرقية، سارع المسؤولون التركمان لإعلان دولة تركمنستان كدولة مستقلة وعينوا Niyazov رئيسا مؤقتا لها بالوكالة في السابع والعشرين من شهر أكتوبر سنة 1991، وذلك حتى يتم تنظيم انتخابات ديمقراطية على الطريقة الغربية من أجل اختيار رئيس وقائد جديد.

في 21 يونيو من السنة الموالية، تم تنظيم ”انتخابات شفافة وعادلة“ لتقرير من سيتم انتخابه ديمقراطيا لقيادة الدولة، غير أنه كانت هناك مشكلة واحدة صغيرة: كان Niyazov المرشح الوحيد على ورقة الاقتراع، وبالتالي فقد تم انتخابه رئيسا للبلاد بنسبة 99.5 في المائة من الأصوات، كما كانت نسبة التوجه إلى صناديق الانتخاب قياسية بحوالي 99.8 في المائة.

أعلن Niyazov عن نفسه قائدا لجميع التركمان، وبعد سنتين تم تنظيم استفتاء تم من خلاله تمديد فترة حكمه حتى سنة 2002، وذلك حتى: ”يتمكن من الإشراف على مخطط تنمية مدته 10 سنوات في سبيل تطوير البلد“.

أظهرت النتائج الرسمية أن الاستفتاء وافق على تمديد فترة حكمه بنسبة 99.9 في المائة.

غير أن تلك لم تكن نهاية تزوير الانتخابات في عهد Niyazov، ففي 28 ديسمبر من سنة 1998، أعلن البرلمان التركماني عن الرئيس Niyazov على أنه ”رئيس مدى الحياة“.

وقد جاء هذا القرار البرلماني بعد مجرد أسبوع من الانتخابات البرلمانية التي تم فيها اختيار جميع أعضاء البرلمان التركماني من قبل الرئيس Niyazov شخصيًا.

استمر الرئيس Niyazov ليصبح واحدا من أغرب الديكتاتورات والشموليين الذين عرفهم العالم، حيث شيد لنفسه ثروة شخصية يشاع أن قيمتها تصل إلى 3 مليار دولار، كما قام ببناء مذهب كامل حول شخصيته عبر ربوع البلد، حيث تم استبدال صور كارل ماركس ولينين بصورته الشخصية، كما أعاد تسمية مدن ومدارس وحتى شهور السنة على إسمه وأسماء أفراد عائلته، وأصبح مشهورا بمجموعة كاملة من المراسيم والقوانين الغريبة.

من بين القوانين التي سنها الرئيس التركماني الغريب Niyazov، هي حظر تربية الكلاب في العاصمة، وذلك بسبب ”رائحتها الكريهة“، كما جعل من الأوبيرا والباليه نشاطات ممنوعة في البلد لأنها ”تخالف المبادئ التركمانية“، ومنع الرجال من ترك اللحى أو تطويل شعورهم، كما منع مقدمي النشرات الإخبارية الذكور من وضع المكياج لأنه يجعل: ”الرئيس يرتبك في التمييز بين الرجل والمرأة“.

قام Niyazov حتى ببناء تمثال له كبير الحجم مطلي بالذهب الذي كان بإمكانه الدوران على محور معدني حتى يكون دائما في مواجهة الشمس، وقد كلف هذا التمثال الكبير مبلغ 12 مليون دولار من الخزينة العمومية، كما كان الرئيس Niyazov يحكم الدولة من داخل قصر قيمته 60 مليون دولار، مطلي بالذهب ومبلط بالرخام الأبيض.

بعد وفاته في سنة 2006، كان هنالك أمل في أن تنزع دولة تركمنستان عن نفسها أغلال الديكتاتورية التي ظلت تكبلها طوال تاريخها، وكان هنالك أمل في أن يتذوق الناس أخيرا طعم الحرية، فقد تم تعيين Gurbanguly Berdymukhamedov ليكون خلفا للرئيس السابق وأن يشغل منصب الرئيس مؤقتا حتى يتم تنظيم انتخابات عادلة وشفافة لاختيار الرئيس في الحادي عشر من شهر فبراير سنة 2007.

في هذه المرة تم تقديم 6 مترشحين، غير أن جميعهم كان عضوا في الحزب الحاكم، وكان قائد الكتلة المعارضة غائبا بالطبع.

في يوم الانتخابات، أفادت السلطات التركمانية أن 95 في المائة من المصوتين التركمان تقدموا لمكاتب الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، ومما لا يثير الدهشة أن 89.23 في المائة من أصواتهم كانت لصالح الرئيس Gurbanguly Berdymukhamedov، الذي أدى على الفور اليمين الرئاسي.

4. انتخابات مدينة (بيكوازا) سنة 1967:

لا تبدو مدينة (بيكوازا) الهادئة في الإكوادور والمتاخمة لساحل المحيط الهادي بذلك المكان الذي قد تحدث فيه مناورات سياسية جدلية، غير أن حملة انتخابية جرت فعالياتها سنة 1967 فيها من أجل انتخاب عمدة المدينة قد وضعتها في كتب التاريخ المتخصصة في أغرب الأحداث التاريخية التي حدثت على الإطلاق.

خلال الحملة الانتخابية، استغلت شركة لإنتاج مزيلات الروائح الفرصة والزخم المصاحب للانتخابات ورأت فيها فرصة للتسويق لأحد منتجاتها، فبدأت تدير إعلانات تجارية بنكهة سياسية بشعار ”انتخبوا أي مرشح، لكن إن كنتم تريدون النظافة والعيش الكريم، انتخبوا Pulvapies“، وقد كان اسم Pulvapies هو اسم منتجها الذي تروج له والذي هو عبارة عن مسحوق للأقدام.

قامت الشركة قبل يوم من الانتخابات بتوزيع مناشير تشبه بشكل كبير أوراق الاقتراع الرسمية من ناحية الشكل واللون، والتي ورد فيها بالبنط العريض: ”لمنصب العمدة: انتخبوا Pulvapies المحترم“.

أثبتت هذه الاستراتيجية التسويقية كونها أنجح مما توقع المسؤولون في الشركة، حيث يبدو أن الكثير من السكان المحليين تأثروا بها وحفظوا الرسالة في قلوبهم، ففي يوم الانتخابات كتب الكثير من المصوتين عبارة ”المحترم Pulvapies“ على أوراق الاقتراع خاصتهم، لأن أوراق الاقتراع المعتمدة في البلدة لم تكن تحتوي على أسماء المرشحين بل كانت أوراق فارغة يكتب فيها المصوت اسم مرشحه المفضل.

بمجرد أن تم الفراغ من عد الأصوات، اكتشف أن شركة مزيل روائح الأقدام قد اكتسحت الانتخابات وفازت بمنصب عمدة المدينة بعد أن حصدت أكثر من نصف الأصوات.

تسببت الصدمة الناجمة عن هذه الحادثة في جعل المرشحين الفعليين يهددون بمقاضاة الشركة، غير أنها بينت في نفس الوقت مشكلة أكبر بكثير: على الرغم من أن الأمر قد يبدو في الوهلة الأولى احتجاجا من مجموع المصوتين على الانتخابات كلها، فإنه على ما يبدو كان بسبب ارتفاع نسبة الأمية في (بيكاوازا) بين المصوتين، الذين كانوا يعتقدون في الواقع بأن Pulvapies هو شخص ومرشح فعلي ولم يدركوا بأنه عبارة عن شركة لإنتاج مزيل الروائح، وأن الحملة كلها كانت دعائية ترويجية وتجارية بحتة ولم تكن حملة سياسية بالمفهوم الدقيق.

وقد أرجع الكثيرون هذا الاختلاط والاشتباه الذي حصل لدى مواطني البلدة إلى الشعار الذي اعتمدته الشركة، حيث وعدتهم فيه ”بالنظافة والعيش الكريم“، وهما أمران يتوقون لهما بشدة، حيث تتميز هذه البلدة الصغيرة بالفقر المدقع، وافتقار سكانها للمياه النظيفة، وأنظمة الصرف الصحي، والعديد من الخدمات العمومية الأساسية الأخرى.

في جميع الأحوال، دخلت هذه البلدة التاريخ لكونها أول بلدة، وربما ليست آخرها، التي تنتخب ماركة مسحوق الأقدام في منصب العمدة.

3. استفتاء دولة فيتنام سنة 1955:

رئيس الوزراء الفيتنامي (ديام).
رئيس الوزراء الفيتنامي (ديام). صورة: britannica

بعد معاهدة جنيف سنة 1954، حظيت دولة فيتنام باستقلالها عن الدولة الفرنسية، غير أنها انقسمت بين الشمال الشيوعي والجنوب الرأسمالي.

كانت حكومة فيتنام في الجنوب تسيطر على الشمال والجنوب حينما تم الاتفاق على تنظيم انتخابات لتوحيد البلد تحت حكومة واحدة.

كان من المفترض من استفتاء سنة 1955 أن يحدد الشكل المستقبلي للحكومة الفيتنامية، وقد كانت الآراء منقسمة بين شخصيتين ومرشحين اثنين: رئيس الوزراء الحاكم آنذاك (ديام)، الذي كان يرغب في بقاء الجنوب الفيتنامي منفصلا عن الشمال الشيوعي، والإمبراطور الفيتنامي السابق (باو داي)، الذي كان آنذاك في منصب رئيس الدولة.

جعلت مواقف (ديام) المعادية للشيوعية هذا الأخير يحظى بدعم الولايات المتحدة التي كانت تخشى انتشار الشيوعية ووصولها إلى الجنوب الفيتنامي.

ومنذ البداية، كانت الحملة الانتخابية بعيدة كل البعد عن كونها عادلة، كما تحولت إلى سيرك من التشهير والقذف والمهازل المتكررة.

تم منع الإمبراطور السابق من إجراء حملة انتخابية حتى، حيث استخدم رئيس الوزراء (ديام) الجيش والشرطة ووسائل الإعلام من أجل شن هجمات شخصية على المعارضة، إلى جانب مقاطعة نشاطاتهم والإخلال بها ومنعها.

كانت الشرطة تذهب من منزل إلى آخر، تحذر الناس من عواقب عدم التصويت لصالح (ديام)، كما نظمت حملات خاصة في المناطق الريفية والقرى حيث كانت تخاطب السكان المحليين بمكبرات الصوت لتملي عليهم ما يجب عليهم فعله في حالة ما أرادوا البقاء بعيدًا عن المشاكل.

استخدم رئيس الوزراء (ديام) كل وسيلة متاحة له من أجل تصوير الإمبراطور السابق في ضوء سلبي للغاية، حيث تم تقديمه على أنه زير نساء ثمل وعديم الأخلاق، والذي كان لا يكترث البتة بمشاكل ومعاناة الشعب الفيتنامي.

كانت مسيرات دعائية ضخمة تقام في شوارع (سايغون) تستعرض الإمبراطور السابق في شكل دمية تحمل أكياس المال على ظهرها وقنينات الخمر في يديها وهي محاطة بنساء شقراوات، وذلك كله من أجل أن يرى الناس في رئيسهم زير نساء ومقامرًا يحب كثيرا النساء الأوروبيات، وأنه كان دمية في يد الاحتلال الفرنسي.

نشرت ملصقات في كامل أرجاء المدينة مع شعارات تصف (داي) على أنه ”الملك الشيطان“، والتي تصف كل من سيصوت له بأنه خائن لوطنه، كما طبعت الصحافة المكتوبة عدد لا متناهيًا من قصص فضائح الرئيس المزعومة التي لا أساس لها من الصحة، وكان كل هذا يحدث بينما منع على الرئيس الدفاع عن نفسه، حتى أنه مُنع في مرحلة ما من دخول البلد.

في تلك الأثناء، تم تصوير رئيس الوزراء (ديام) على أنه بطل الشعب القومي، والرجل الذي سيحقق العدالة والازدهار في البلد، والذي سيحارب الملوك المستبدين والشيوعيين والمستعمرين على حد سواء.

حتى أن زوجة الرئيس والإمبراطور السابق (داي) لم تسلم من هذه الهجمات الشرسة، حيث تم اتهامها بكونها عميلة لفرنسا لمجرد حملها للجنسية الفرنسية، وهذا على الرغم من أنها فيتنامية من الناحية الإثنية.

تم تحضير الانتخابات نفسها لتكون لصالح رئيس الوزراء ضد الرئيس آنذاك (داي)، حيث تمت طباعة أوراق الاقتراع التي تحمل صورة رئيس الوزراء (ديام) باللون الأحمر الذي يعتبر وفقا للثقافة الفيتنامية مصدرا للحظ الطيب والازدهار، بينما طبعت أوراق الاقتراع التي حملت صورة الرئيس والملك السابق (داي) باللون الأخضر الذي يعتبره الفيتناميون نذير شؤم ومصدرا للحظ السيئ.

كان يتعين على المصوتين وضع ورقة الاقتراع الخاصة بمرشحهم المفضل في صندوق الاقتراع بينما يتخلصون من الورقة الأخرى علانية، مما يعني أن أصواتهم لم تكن سرية تماما، وهو الأمر الذي تركهم عرضة للتخويف والترهيب والتهديد، حتى أن الذين صوتوا لصالح الإمبراطور السابق تعرضوا للضرب وتم حشو صلصة الفلفل الحار في مناخيرهم.

بمجرد أن تم عد عدد الأصوات، تبين أن رئيس الوزراء فاز بالانتخابات بنسبة 98.2 في المائة من الأصوات، وقد تم استعراض الطبيعة السخيفة والمزورة لهذه الانتخابات بشكل أخص عندما فاز (ديام) بـ605.025 صوتًا في (سايغون) التي لا يوجد فيها إلا 450.000 ناخبًا مسجلًا.

بعد ثلاثة أيام، أعلن (ديام) عن نفسه رئيسا لجمهورية فيتنام الجديدة، ومضى قدمًا في إحكام قبضته على سدة الحكم.

2. انتخابات كوريا الشمالية في سنة 2014:

الرئيس الكوري (كيم جونغ أون) يدلي بصوته لانتخاب نائب المجلس الأعلى للشعب سنة 2014.
الرئيس الكوري (كيم جونغ أون) يدلي بصوته لانتخاب نائب المجلس الأعلى للشعب سنة 2014. صورة: وكالة رويترز للأنباء

على قدر الغرابة التي يبدو عليها عنوان هذه الفقرة، فإن كوريا الشمالية تقوم بتنظيم الانتخابات من فترة لأخرى، لكنها انتخابات بعيدة كل البعد عن الديمقراطية، وعلى الطريقة الكورية الشمالية الحقيقية، حيث أنها لا تتعدى مجرد كونها طريقة أخرى لتخويف الشعب الكوري والتجسس عليه.

يتم تنظيم انتخابات المجلس الأعلى للشعب الكوري الشمالي بصفة عامة كل خمسة سنوات، وقد كانت انتخابات سنة 2014 أول انتخابات يتم تنظيمها بعد أن استلم (كيم جون أون) سدة الحكم بعد وفاة والده (كيم جونغ إيل).

يعتبر الانتخاب في كوريا الشمالية إلزاميًا، ولا يعتبر عائق السن أو المرض سببا للامتناع عن التصويت، حيث إذا لم تكن قادرا على مغادرة منزلك والوصول إلى مكتب التصويت، سيتم إرسال صناديق اقتراع متنقلة إلى منزلك لتقوم بأداء ”واجبك“ الوطني، ولا يتم إعفاء سوى المواطنين المتواجدين خارج البلد من الانتخابات.

يتم التعامل مع الأيام التي تسبق الانتخابات على أنها احتفال وطني وقومي، وفي يوم الانتخابات نفسه يقدم إلى المصوتين اسم مرشح وحيد لكل دائرة انتخابية، الذي يقومون باختياره تعبيرا عن موافقتهم لاقتراحه من طرف الحكومة أو يشطبون اسمه باللون الأحمر للإعلان عن رفضهم له.

بالطبع يتم اختيار المرشحين من قبل من طرف قادة الحزب العمالي، والاعتراض على أحد المرشحين يعني معارضة صريحة للحكومة وهو أمر خطير للغاية.

يتم وضع صندوق الاقتراع الذي يضع فيه المصوتون أوراق الاقتراع التي عبروا فيها عن رفضهم للمترشح أمام مرأى المسؤولين، وبالتالي فإن أي فعل يتحدى إرادة الحكومة قد يدخل صاحبه وعائلته في وضع خطير للغاية، ذلك أن كل صوت معارض يعتبر خيانة في حق الدولة.

إنه لمن غير المفاجئ أنه مع كل هذه الخطورة التي تصاحب التصويت، فقد بلغت نسبة الموافقة على المرشحين الحكوميين في انتخابات سنة 2014 في كوريا الشمالية 100 في المائة، كما توجه إلى صناديق الاقتراع 99.97 في المائة من الأصوات المسجلة عبر كامل تراب البلد.

قد تتساءل الآن عزيزي القارئ: لماذا تكلف كوريا الشمالية نفسها عناء تنظيم انتخابات إذا كانت النتيجة معروفة من قبل؟

وفقا لبعض المنشقين عن الحكومة الكورية الشمالية، فإن الانتخابات تمنح الحكومة فرصة ذهبية لإجراء إحصاء ومسح لشعبها، حيث تتمكن المكاتب الحكومية المحلية من مراقبة من يتقدم للانتخاب ومن يمتنع عن ذلك وهي بالتالي تجس نبض أي معارضة محتملة.

كما تسلط هذه الانتخابات الضوء على كل شخص غادر البلد بصفة غير قانونية، مما يجعل عائلات هؤلاء في خطر قاتل، ومنه فإن هذه الانتخابات تعمل بمثابة رادع يثني البقية عن الهروب من البلد.

تمنح الانتخابات في كوريا الشمالية السلطات أيضًا فرصة لاختبار مهاراتها في التعبئة والحشد، وكذا تفقّد الحركات الداخلية للمواطنين، وتدريب القادة المحليين بصفة عامة على فن حشد أعداد كبيرة من الناس وتنظيمهم، وهي مهارة تثبت فعاليتها وفائدتها على وجه الخصوص خلال الحروب.

1. انتخابات (جون غنار):

خلال انتخابات مجلس مدينة (راكيافيك) الآيسلندية لعام 2010، قرر فكاهي محلي يدعى (جون غنار)، الذي كان قد أسس مؤخرا حزبه السياسي، الترشح لرئاسة مجلس المدينة.

كان (غنار) قد أسس حزبه، الذي منحه اسم ”الحزب الأفضل“، لاستخدامه كمنصة للسخرية من السياسيين الذين كانوا في قلب الأزمة الاقتصادية التي كانت آيسلندا قد عانت منها آنذاك والتي كانت لا تزال تترنح من آثارها وتبعاتها، وقد كان السبب الرئيسي وراء حدوث هذه الأزمة السياسية هو التصرفات المالية والبنكية غير المسؤولة التي واضب المسؤولون السابقون عليها.

من بين ما جاء في وعود حملات ”الحزب الأفضل“ الانتخابية: بناء مدينة ديزني في مطار المدينة، وإقامة عروض للدببة القطبية في حديقة الحيوان، وجعل البرلمان خاليا من المخدرات بحلول سنة 2020، وجعل جميع المناشف مجانية في المسابح العمومية. كما وعد الحزب حتى بالنكث بجميع الوعود التي قطعها على الشعب في أول فرصة.

كان شعار الحزب يلخص بشكل مختصر ازدراءه للدولة، فقد قال: ”نحن نعدكم بوضع حد للفساد، من خلال المشاركة فيه علنًا“.

كان جميع أعضاء ”الحزب الأفضل“ لا ينتمون لأي حزب أو تنظيم سياسي كما لم يسبق لهم شغل مناصب في الحكومة أو الدولة، ومنذ البداية كانوا يعترون ”مزحة“ و”صوت احتجاج ضد الحكومة“ لا غير.

سخر السياسيون ووسائل الإعلام من (غنار) واستهزؤوا به وبرفاقه، كما اتهمه البعض بكونه يجعل من تصرفاته تلك من دولة آيسلندا مهزلة أمام الأمم على الصعيد الدولي.

بعد أداء فظيع في مناظرة له مع المترشحين الآخرين على التلفاز، بدا وكأن (غنار) وحزبه السياسي قد انتهى أمرهما أخيرًا، غير أن أعداد مناصريه ظلت في ارتفاع مستمر.

في يوم الانتخابات، فاز ”الحزب الأفضل“ بمعظم المقاعد في مجلس المدينة، حيث حصل على 6 مقاعد من أصل 15 بعد أن حصد 34.7 في المائة من الأصوات. وبما أنه أصبح الحزب الأكبر، فقد كان من صلاحياته اختيار عمدة المدينة، ومما لا يثير الدهشة أن الحزب اختار (غنار) عمدة لمدينة (راكيافيك).

ضد كل الاحتمالات، حمل الكره الشعبي الكبير تجاه حكومة الدولة وسياسييها الرجل الهزلي والفكاهي وحزبه إلى رئاسة المدينة.

بعد فوزه في الانتخابات، وجد (غنار) نفسه أمام مهمة إدارة شؤون المدينة، وهي مهمة تتطلب التعاون مع الأحزاب السياسية الأخرى. أعلن (غنار) على إثر ذلك عن كونه لن يدخل في أي شراكة مع أي شخص لم يشاهد سلسلة The Wire.

غير أنه على الرغم من كل تلك النكت العلنية التي يدلي بها، فقد أبلى بلاءً حسنًا فيما يتعلق بأداء مهام عمدة المدينة، حيث اتخذ عدة قرارات صعبة لكن ضرورية من أجل إصلاح الشؤون المالية المتردية في المدينة، من بينها رفع تسعيرة الكهرباء، وكذا تسريح عمال بعض الخدمات العمومية ودمج بعض المدارس مع بعضها البعض، كما عملت إلى جانبه الأحزاب المعارضة في تحقيق ذلك لعلم منها أن تلك كانت إجراءات ضرورية للغاية.

على الرغم من كل تلك المسؤوليات التي ألقي بها على عاتقه، لم يفقد (غنار) لمسته الفكاهية، وكان في كل مرة يخرج بخرجة كوميدية كلما سنحت له الفرصة، حيث ظهر في في إحدى المرات في شريط فيديو وهو يهنئ سكان مدينته بعيد الميلاد مرتديا قناع شخصية Darth Vader ووشاح (سانتا كلوز)!

مقالات إعلانية