روان شحرور
موضوع الدين هو موضوع حساس جداً لذلك قبل كل شيء نريد أن نعلمك أنه أياً كان دينك فنحن نحترمه، فبعض الناس تؤمن بمعتقدات مختلفة لأسباب مختلفة وبالتأكيد نحن لا نريد انتقادك والحكم عليك من دينك، ولكن في الآونة الأخيرة ظهرت بعض الديانات الحديثة التي ترتكز بشكل رئيسي على ثقافات البوب الأمر الذي دفعنا للبحث عن أصل هذه الديانات ومعرفة المزيد عنها، لسنا الوحيدين الذي أصابنا الفضول أليس كذلك!
1. الماتريكس (المصفوفة) Matrixism:
ظهرت العديد من القصص والسيناريوهات الخيالية والمخيفة في العديد من الكتب والأفلام وألعاب الفيديو ولكن أكثر هذه السيناريوهات رعباً هي تلك التي قدمتها لنا المخرجتين (لانا وليلي واتشاوسكي) في فيلم (ذا ماتريكس) The Matrix سنة 1999.
من المؤكد أن التصدي لمجموعة من الزومبي والهرب منها أمراً بغاية الرعب ولكن على الأقل ستكون موجوداً في العالم الواقعي بدلاً من التواجد في عالم افتراضي يسمى ”المصفوفة“ تم تصميمه بواسطة الذكاء الاصطناعي بهدف إخضاع الجنس البشري وتحويلة لمصدر طاقة، حيث يتم وضع البشر داخل مستوعبات مائية ووصل أدمغتهم بأسلاك متصلة بأجهزة الكمبيوتر.
بعض من الاستعارات التي تم ذكرها ضمن ثلاثة (ذا ماتريكس) حقيقية ومنها خيالية، ولكن المبدأ الأساسي الذي يرتكز عليه هذا الفيلم هو أن البشر يعيشون في عالم مظلم لا يمكنهم رؤية حقيقة الأمور بسبب النظم الاجتماعية التي تسيطر على مجتمعاتنا وأنه في أحد الأيام سيتحرر أحدنا وينقذنا، لذلك عندما نقارن هذا المعتقد مع باقي الأديان فسنرى أنه لا يختلف عنها كثيراً فجميع الأديان تؤمن بفكرة أنه في المستقبل سيأتي الشخص المنتظر لإنقاذ البشرية، ولكن فكرة الإيمان بقدوم الشخص المنتظر لا تتطلب أن تؤمن به فقط بل إنها تشجع أتباعه على تبني هذه الفكرة كملحق لدين آخر أكثر شيوعاً.
كما أنهم يدعمون بعض القضايا كالمسيرات الجماعية والجمعيات الوطنية لحماية الأطفال وهو أمر رائع للغاية، ولكن على الرغم من أن معظم تعاليم هذه الديانة تبدو لطيفة وجيدة إلا أن بعضاً منها تبدو غريبة بعض الشيء، فعلى سبيل المثال يُسمح بتبادل المواد الغير قانونية طالما أنها لا تشجع على الإباحية، أي أن جميع المواد الإباحية محظورة، كما يُسمح بالزواج المثلي ولكن إن تزوج رجلان من بعضهما فلا يسمح لهما بتبني الأطفال، كما تم تحريم الرياضات الاحترافية لأسباب مجهولة، ربما لأنها تتعارض مع محتويات مكتبة (ذا ماتريكس) التي توصي بنشر نسخة من كتاب (لاكروس: أساليب وتقاليد).
ما هي المكتبة؟ حسناً إنها ليست مكتبة بالمعنى الحرفي للكلمة إنما هي عبارة عن صور للكتب والأفلام وبعض روابط متعلقة بموقع أمازون وشركة (بارنيز آند نول) الأمريكية في أسفل الصفحة، كما يوجد في هذه المكتبة نسخ من الكتاب المقدس والقرآن إلى جانب كتاب لاكروس وسلسلة روايات (كرونيكلز أوف نارينا) الخيالية وفيلم (دارك سيتي) Dark City ورواية أبواب الإدراك The Doors of Perceptions للكاتب الإنكليزي (ألدوس هكلسي).
2. الدوديزم Dudeism:
إن لم يكن فيلم (ذا بيغ ليباوسكي) The Big Lebowski أحد الأفلام المفضلة لديك إلا أنك من المؤكد على دراية بشخصية (الدود) The Dude، الدود هو شخصية خيالية عاطلة عن العمل تحب لعب البولينج وشرب كوكتيل الروسي الأبيض.
في عام 2005 شاهد (أوليفر بنجامين) الفيلم مع مجموعة من الأصدقاء عندما اكتشف أنه بإمكانه خلق دين حقيقي استناداً على فلسفة حياة شخصية الدود معتقداً أن هذا الفيلم ليس سوى تطبيق مثالي لمبادئ الطاوية الصينية ويمكن لأي شخص يعيش في قرننا الحادي والعشرين الوصول إلى ذات الرؤية التي رآها (بنجامين) في شخصية الدود، يرتكز هذا الدين على نظرية ”الحياة قصيرة ومعقدة ولا أحد يعلم ما يفعله حيال هذا الأمر، لذلك من الأفضل ألا تفعل أي شيء، خذ الأمور بروية فهناك أشياء رائعة خارجاً“.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد حيث يوجد كنيسة أُطلق عليها اسم (Latter-Day Dude) بالإضافة لوجود حوالي الـ 450 ألف كاهن دوديست في جميع أنحاء العالم، لذلك إن كنت تؤمن بتعاليم هذا الدين الجديد فيمكنك أن تصبح كاهناً بشكل مجاني مما يتيح لك فرصة تأدية مراسم الزفاف بشكل قانوني في معظم الولايات الأمريكية وبعض البلدان الأخرى حول العالم.
على الرغم من أن أغلب تعاليم هذه الديانة تبدو مضحكة وهزلية إلا أنها جدية في فلسفتها الأساسية وخاصةً أن الكثير من معتنقين هذه الديانة قد سئموا حياتهم التي قضوها وهم يسعون لجمع المال والسلطة ووصلوا لمرحلة أن الشيء الوحيد الذي يحتاجونه هو الاسترخاء والراحة، كما تحتوي المؤلفات الدينية على نسخة (ليباوسكيفايد) من كتاب (تاو تي تشينغ) Tao Te Ching ولكن هذا لا يعني أن أتباع هذه الديانة هم أشخاص متعصبين ومتمسكين بمعتقداتهم، فعلى العكس فهم يصفون ديانتهم بأنها دين مفتوح قابل للتغير والتطور بحسب ما يعتقدون أنه مناسب. وعلى الرغم من أنه يبدو سخيفاً بعض الشيء، لكن تذكر دوماً أنه لكل شخص رأي خاص به.
3. الجوجلزم Googlism:
على الرغم من غرابة الموضوع إلا أنه هناك كنيسة جوجل الإصلاحية التي يؤمن أتباعها أن ”محرك بحث جوجل هو أقرب تجسيد للآلهة“.
هذه الفكرة كانت محصورة بمجموعة من الناس الذين يكتبون مجموعة من القوانين لمواقعهم الالكترونية، وفي إحدى الأيام، توصلوا للاعتقاد والإيمان بأن محرك بحث جوجل هو إله حقيقي وبدؤوا يعبدونه. ولكن لنكن دقيقين أكثر، إن هؤلاء الأشخاص لا يرفضون فكرة وجود ”آلهة خارقة للطبيعة“ ولكن لديهم صلاة ووصايا خاصة بديانتهم الجديدة هذه.
في الحقيقة يبدو الأمر وكأنه نوع من المقارنة بين عملاق البحث وبعض الخصائص التقليدية للقوى العليا، فعلى سبيل المثال يمكن لمحرك بحث جوجل أن يجيب على جميع تساؤلاتنا أي أنه عالم بكل شيء، كما إنه موجود داخل منازلنا وأماكن عملنا وحتى في جيوبنا! بالإضافة لأجابته على صلواتنا في حال اعتبرت أن كتابة شيء ما في شريط البحث نوع من أنواع الصلوات.
حسناً من الواضح أنه دين ساخر للغاية ولكنه على الأقل يتيح لنا مجالاً لترك أثر لوجودنا عبر تحميل أفكارنا وآرائنا على الإنترنت، وذلك لأن ما ننشره على الإنترنت يبقى محفوظاً على ذاكرة التخزين المؤقتة لجوجل حتى بعد موتنا، أي أن المقال الذي اكتبه الآن سيصبح جنتي المستقبلية، إنه لأمر مثير للاهتمام!
4. الجيدايزم Jediism:
ظهرت مجموعة من الأشياء الغريبة سنة 2001 ولكن أكثر هذه الأشياء غرابة هي حين بدأت مختلف البلدان بإحصاء رسمي لعدد سكانها ولاحظوا أن عدداً قليل من الناس قد وضعوا كلمة غريبة في بند الدين وهي (جيداي) Jedi، إحدى أشهر شخصيات سلسلة أفلام حرب النجوم Star Wars الأمريكية، والتي أصبح معجبوها أشبه بطائفة من الأشخاص المهووسين بهذه الأفلام.
وقبل أن تفكر أن الأمر ليس سوى مجموعة من الأشخاص قد قاموا بكتابة بعض الكلمات التي ليس لها معنى في هذا البيان الإحصائي، عليك أن تعلم أن حوالي الـ 400 ألف شخص قد أعلنوا أنهم فرسان جيداي في إنكلترا وويلز على الوثائق الرسمية، وانتهى الأمر بهذه الديانة بالتغلب على الأديان الحقيقة كالبوذية واليهودية.
من المؤكد أن الأمر برمته كان مزحة، ولكن من الجدير بالذكر وجود معبد (جيداي) حقيقي تم تشييده عام 2005 وتم إعفاؤه من الضرائب من قبل دائرة الإيرادات الداخلية عام 2015، لذلك إن كنت ترغب بالتبرع لمعبد (جيداي) فيمكنك التهرب من الضرائب بشكل قانوني.
يتبع معبد (جيداي) عقيدة خاصة به تم استخلاصها من فيلم Star Wars الشهير، ولكنهم أكدوا أنهم لا يشبهون شخصيات الفيلم الخيالية بأي شكل من الأشكال، بل إن معظم تعاليمهم ومعتقدتهم مرتبطة بالوعي الذاتي وفعل ما هو صحيح، إلا أنه يؤمنون بالقوة ولكننا لسنا متأكدين حول كيفية استخدام هذه القوة في الحياة الواقعية.
