in

لماذا نغمض أعيننا عندما نعطس؟

عطس

عند تحليلنا لعملية العطس بصورة علمية نجد أنها مقززة نوعاً ما، فبالنسبة لكل شخص يعاني من الزكام أو الحساسية أو مجرد حكة في الأنف يستغرق الأمر أقل من ثانية لقذف حوالي 5000 قطرة صغيرة من المخاط من مناخيره بسرعة أربعة أمتار ونصف في الثانية، هذه الجزيئات المعدية والمقززة بإمكانها التنقل على مسافة تسعة أمتار والبقاء معلقة في الجو لمدة تصل إلى عشرة دقائق، مشكّلة ما يشبه سحابة صغيرة من البكتيريا التي قد تهدد صحة كل من يصادفها.

لا يبدو أن أجسامنا تمانع قذف البكتيريا على سرعة كبيرة، لكنها يبدو عليها أنها لا تحب النظر إلى ذلك، حيث أن معظم الأشخاص خلال العطس يغمضون عيونهم بشكل لا إرادي كنوع من ردات الفعل. لماذا يا ترى يحدث ذلك؟ وماذا سيحدث لو حاولنا ترك أعيننا مفتوحة بينما نعطس؟

تقول الدكتورة (دالي تايلر) الطبيبة المختصة في طب الأطفال وأمراض الأنف والحنجرة لدى مستشفى Washington Township Medical Foundation في (فيرمونت) بكاليفورنيا: ”يتضمن جزء من ردة الفعل تجاه العطس بعض العضلات الموجودة في منطقة العين“، وأضافت: ”لعل الأمر مجرد افتراض مني، لكن لا يبدو منطقيا أن تترك عينيك مفتوحتين بينما تغادر هذه الأعداد الهائلة من الجزيئات المجهرية أنفك بسرعة كبيرة، لأنها قد تدخل في عينيك“.

على الرغم من أن الجميع على الأقل يغمضون أعينهم بينما يعطسون، غير أن بإمكان البعض منا -بشكل نادر- الإبقاء عليها مفتوحة خلال ذلك، وهو ما قاله الدكتور (دايفيد هاستن) العميد المساعد في جامعة الطب Texas A&M بـ(هيوستن) وخبير أمراض الحساسية في مستشفى (ميثوديست) في (هيوستن) كذلك، حيث يقول: ”إن حقيقة أن بإمكان البعض العطس مع عيونهم مفتوحة يقترح بأن أدمغتنا ليست مبرمجة على غلقها أثناء ذلك“، وأضاف بأن سبب إغماض البعض لجفونهم بينما يعطسون يبقى غير واضح تماما، لكنه يتفق مع الدكتورة (تايلر) بأنه قد يكون له دور دفاعي.

امرأة تعطس

يعرًّف العطس بين الباحثين على أنه منعكس حركي يقوم بحماية الممرات الهوائية الأنفية من الجزيئات الدخيلة عن طريق إطلاق هبة هواء قوية تصل سرعتها إلى 4.5 أمتار في الثانية من الرئتين (كانت بعض المعلومات السابقة تشير إلى سرعة العطسة إلى أنها تتراوح بحوالي 140 كلم في الساعة، لكن دراسة حديثة أجريت سنة 2013 تم نشرها في مجلة PLOS ONE اكتشفت أن سرعة العطسة لا تتعدى 4.5 متر في الثانية مما يجعلها 14 كلم في الساعة فقط).

غير أن العطس يتضمن أكثر من مجرد قذف الهواء والجزيئات الدخيلة، حيث يصدر الدماغ عند تحفيزه أوامر للعضلات بأن تنقبض من المريء وصولا إلى العضلة العاصرة -في المؤخرة- وهذا يتضمن كذلك العضلات التي تتحكم في مقلتي العينين، حتى أن بعض الأشخاص يذرفون بعض الدموع لدى العطس.

لربما كان الناس يغلقون أعينهم بينما يعطسون من أجل منع الجزيئات المقذوفة خارجا من الدخول إلى أعينهم وفقا لـ(هاستن)، حيث يضيف: ”من خلال غلق العينين بشكل آلي عند العطس؛ قد يمنع هذا المزيد من العناصر المهيجة من الدخول إلى العين وتعريضها للخطر“.

بإمكان البعض من الأشخاص الإبقاء على أعينهم مفتوحة بينما يعطسون، وهم ليسوا بحاجة للقلق حيال سلامة أعينهم أو ”خروجها من مقلاتها“، فتلك حكاية لا تدعهما أية دلائل علمية على الإطلاق، يقول (هاستن) أن أصل هذه الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة بدأ في سنة 1882 وفقا لمقال نشر على صحيفة نيويورك تايمز آنذاك حول امرأة زعم أن عينها جحظت وخرجت من مكانها بعد عطسة قوية. يقول (هاستن): ”لا يوجد أدنى دليل علمي لدعم هذه الادعاءات“، واستطرد: ”إن الضغط الذي تطلقه العطسة من غير المحتمل أن يتسبب في بروز مقلة العين وخروجها من مكانها، حتى لو كانت العين مفتوحة خلال العطس“.

بدل ذلك، قد يتركز الضغط المتزايد الناجم عن العطس الحاد في الأوعية الدموية وليس في العين أو العضلات المحيطة بها. بإمكان هذا التزايد في الضغط على مستوى الأوعية الدموية أن يؤدي إلى تقطع الشعيرات الدموية، التي تصبح مرئية في عين الشخص أو وجهه. يقول: ”على سبيل المثال، خلال عملية الإنجاب، قد يتسبب الضغط الزائد في نزيف في بعض الأوردة، مما يترك عيني الأم أو وجهها ليبدو أحمر اللون أو كما لو تعرض لكدمات، لكن أن يتسبب ضغط من هذا النوع في بروز العين أو خروجها عن مكانها فهذا ادعاء غير مسؤول لا أساس له من الصحة“.

مقالات إعلانية