كونك باحثاً تاريخياً يعني أنك ستمضي ساعات طويلة من البحث في الكتب واللوحات والصور والمخطوطات، باحثاً عن أدلة من الماضي وذلك لرسم صورة دقيقة لما كانت عليه هذه الأشياء بالفعل.
بطبيعة الحال، عندما تقوم بمتابعة أثر ما فمن السهل أن ينتهي بك الأمر لاكتشاف أشياء مثيرة للاهتمام، هذا بالضبط ما حصل مع المؤلف وطالب الدكتوراه (بول كوبر) من مدينة (نورويتش) في إنجلترا، عندما كان يقوم ببحث حول معبد زيوس الأولمبي، وزيوس هو حاكم الآلهة في الأساطير اليونانية في أثينا قديماً.
وجد (بول) بالصدفة صورة مدهشة لبقايا معبد زيوس، وبسبب هذه الصورة دفعه فضوله للعودة بالزمن للوراء إلى عام 1858، وقد قال في ذلك: ”كنت أبحث في صفحات التاريخ المنسي عن المواقع الأثرية المدمرة في جميع أنحاء العالم من أجل رسالة الدكتوراه التي كنت أعمل عليها، كان عليّ تقديم بحث يشرح كيفية تغير مواقفنا وتمثيلنا الفني للبقايا المعمارية اليونانية عبر التاريخ“، وأضاف: ”بصفتي مؤلفاً وكاتباً روائياً تاريخياً، فإن الأنقاض تلعب دواً مهماً في عملي“.
وتابع ليقول: ”أثارت هذه الصورة بالذات اهتمامي، حيث لاحظت شيئاً غريباً فوق أعمدة هذا المعبد. ماذا يمكن أن يكون؟ إذا ذهبت لمعبد زيوس في هذه الأيام لن تتمكن من رؤية ما يبدو وكأنه كوخ صغير فوق أنقاض المعبد، وبعد قيامي بالمزيد من البحث وجدت صورة مطابقة لهذه الصورة ولكن هذا الكوخ الغريب ليس موجوداً في هذه الصورة أيضاً!“
بعد أن قام (بول) بالتعمق في بحثه وجد لوحة فنية تصور أنقاض هذا المعبد اليوناني إلى جانب المزيد من الصور التي تعود لفترة زمنية مماثلة، وكان هذا الكوخ الحجري الصغير موجوداً في هذه اللوحة، فقد كان يتربع على قمة هذا المعبد العظيم!
أثارت هذه اللوحة فضول الباحث (بول) وبدأ بالتساؤل، هل من الممكن أنه كان هناك أشخاص يعيشون هناك؟ هل من الممكن وجود بيوت معلقة بشكل غير مستقر وخطر فوق أحد أكثر المعابد روعة عبر التاريخ؟ لماذا توجد صورة هذا الكوخ في بعض الصور ولكنها غير موجودة في البعض الآخر؟ ولماذا لم يعد هذا الكوخ موجوداً في يومنا هذا؟
لدى (بول) شغف في البحث واستكشاف القصص التي تقبع خلف الآثار القديمة المنتشرة في جميع أنحاء العالم، من شمال إفريقيا إلى كمبوديا وما وراءها. قضى (بول) بعض الوقت في استكشاف أنقاض مدينة (بولوناروا) المذهلة في سريلانكا عند كتابته لروايته الأولى التي أطلق عليها عنوان «نهر الحبر».
صرح (بول) قائلاً: ”لدى العديد من المواقع الأثرية القديمة تاريخ منسي أو تم محوه عمداً بعد انهيار الحضارات من ورائها“، وأضاف: ”على سبيل المثال، ذات يوم جُعل من أنقاض موقع (الأكروبوليس) في أثينا مكاناً لمسجد عثماني، وتقلّد مدرج الكولوسيوم الروماني تراثاً مسيحياً في زمن ما، كما كانت أنقاض مدينة تدمر في سوريا موطناً لبلدة مزدهرة قبل قيام علماء الآثار الفرنسيين بهدمها في عشرينيات القرن الماضي“.
لنعُد لموضوعنا: ما هي الأسرار الخفية التي يحملها معبد زيوس الأولمبي لنا؟ استمر بقراءة هذا المقال وستعرف الحقيقة على لسان (بول):