in

ماذا سيحدث عند وفاة الملكة إليزابيث (ملكة المملكة المتحدة)

وفاة الملكة إليزابيث

قصر باكينجهام والحكومة وهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) يرسمون أكثر من سيناريو لموت الملكة، والسيناريو الأكثر احتمالاً من بينها هو موت الملكة بعد معاناة قصيرة مع المرض، حيث سيكون حولها الأطباء وأفراد العائلة المالكة. وسيكون كبير الأطباء الدكتور توماس مسؤولاً عن إدارة تلك اللحظات الأخيرة؛ فهو المعني بمتابعة حالة الملكة الصحية وتنظيم دخول الزوار إليها، كما أنه المسؤول عن تحديد مستجدات الوضع الصحي للملكة التي ستذاع للشعب حيث ستكون هناك نشرات موجزة لآخر تطورات حالة الملكة الصحية.

أما مكان وقوع الوفاة فهو يعتبر أمر بالغ الأهمية لتحضيرات الجنازة الملكية، فهناك سيناريو خاص لكل مكان متوقع لوفاة الملكة، على سبيل المثال:

– إن توفيت الملكة في الخارج:

الطائرة الملكية للمملكة المتدةمن طراز BAe 146
الطائرة الملكية

ستقلع من قاعدة Northolt الجوية الواقعة غرب لندن طائرة من نوع BAE 146 تابعة لسلاح الجو البريطاني حاملة كفن الملكة؛ حيث تعرف هذه الطائرة بـ”الطائرة الملكية“، أما الكفن فتتولى أمره شركة عائلية عريقة عمرها حوالي 200 عام، وقد أعدت كفناً ملكياً لحالات الطوارئ يُدعى ”كفن الاتصال الأوّل“ للدلالة على لحظة طارئة وغير متوقعة، ومن المتوقع أن يصل جثمان الملكة إلى لندن خلال يوم أو يومين.

– إن توفيت الملكة في اسكتلندا، وتحديداً في Balmoral:

قلعة بالمورال، اسكتلندا، بريطانيا
قلعة بالمورال، اسكتلندا، بريطانيا

اعتادت الملكة أن تقضي 3 أشهر من كل عام في هذه المنطقة، حيث هناك تقاليد أسكتلندية خاصة؛ فأولاً يوضع جثمانها في قصرها الأصغر Holyrood House في إدنبرة، محاطاً بحاشية من فرقة الرماة الملكية بريشة النسور المميزة. ومن ثم يمشى بجثمانها في Royal Mile المرتفع والشهير، متجهين به إلى كاتدرائية St Giles’s، وبعدها تقام مراسم الاستقبال والوداع الأخير؛ بعدها يوضع الجثمان في القطار الملكي بمحطة Waverley ويأخذها إلى قصر باكينجهام. رحلة القطار هذه تعبر الساحل الشرقي، ومن المتوقع أن تصطف جموع الناس على مسار القطار في كل المدن المار بها ملوحين لوداع الملكة الراحلة ناثرين الورود على الجثمان.

جميع سيناريوهات الوفاة المتوقعة تفضي إلى نقل جثمان الملكة إلى غرفة العرش بقصر باكينجهام.

يقول أحد موظفي البلاط المرافقين الملكة: ”نعلم جميعاً أن خدمتنا شارفت على الانتهاء، وأننا في الوقت المستقطع، سيأتي الأمير تشارلز بحاشيته الخاصة“، ”…حين تتوفى الملكة لن يكون لدينا وقت لمشاعر الحزن، لدينا مراسم مهمة علينا القيام بها بمهنية عالية.“

• مشاهد سابقة:

  • ”الملكة تعاني من خوار بدني عام مصحوب بأعراض أخرى تجعلنا أمام وضع مقلق“، هذا ما صرّح به طبيب الملكة فيكتوريا قبل يومين من وفاتها عام 1901.
  • ”الملك يحتضر بسلام“ هذا ما قاله طبيب الملك جورج الخامس في الساعة 9:30 مساءاً من يوم وفاته في 20 يناير 1936. قام بعدها الطبيب بحقن الملك بجرعة 750 مليجرام من الكوكايين والمورفين كفيلة بنزع آلامه للأبد.
  • الملكة فكتوريا كتبت مستلزمات كفنها عام 1875، رغم أنّها لم تفارق الحياة حتى عام 1901.
  • آخر حاكم بريطاني على الهند ”لويس مونتباتن“ قام بالإعداد المسبق لقوائم طعام شتوية وصيفية لوجبة غداء جنازته.

وقع الوفاة

من الصعب فهم سر هذه العلاقة الغامضة التي تجمع السلطة الملكية وكافة مكونات الوطن، حيث تصبح حياة أمة بأسرها متجسدة بشخص وبموته يُقطع ذلك العقد. سيكون لوفاة الملكة إليزابيث وقع خاص مختلف عن أي فقد سابق، فهي الملكة التي لم يرى أغلب الشعب البريطاني سواها، ولم يعاصروا غيرها على العرش؛ فثلاثة من رؤساء وزرائها وُلِدُوا بعد توليها العرش، وسيكون لوفاتها بلا شك دوي كبير متردد الصدى.

لعل المقارنة التلقائية في الأذهان هي استحضار وفاة الأميرة ديانا وتخيل وقع وفاة الملكة، صحيح أن صدمة وفاة الأميرة ديانا كبيرة ومؤثرة جداً، لكن وقع وفاة الملكة سيكون مختلفاً؛ فالجنازة الملكية هذه المرة لها ثقلها ووزنها الكبير على كافة المستويات المحلية والخارجية، فقد مرّ وقت طويل على آخر فقد ملكي مرت به المملكة المتحدة.

– الوفاة والعائلة المالكة:

ستغلق عينا الملكة وسيقبل أفراد العائلة يدها وسيصبح تشارلز ملكاً، وداخل الكنيسة وفي مراسم الجنازة الرسمية سيمنع الإعلام من إظهار وجوه العائلة المالكة، وستلاحظون تسليط الكاميرات على خطبة رئيس الأساقفة وغيرها من المشاهد المتفرقة من داخل الكنيسة.

– أول المتعاملين رسمياً مع وسائل الإعلام:

كريستوفر جيدت سكرتير الملكة الخاص، وهو دبلوماسي سابق، منحته الملكة وسام الفارس مرّتين كان آخرها عام 2014، والوسام الأخير يأتي كجزء من مهامه لترتيب إجراءات ومراسم من يخلفها، وأوّل ما سيقوم به عند وفاتها هو مخاطبة رئيس الوزراء.

– الاستعدادات البروتوكولية:

بعد مهاتفة رئيس الوزراء، سيرسل خبر الوفاة لحكومات 15 دولة تحكمها الملكة إليزابيث دستورياً، إضافة إلى دول الكومنويلث البالغ عددها 36 دولة، والتي تعتبر فيها الملكة إليزابيث أحد الرموز المهمة. وبطبيعة الحال فالمحافظون والسفراء ورؤساء الحكومات سيكونون أول من يعلم بنبأ الوفاة.

الإجراءات البروتوكولية ستكون تقليدية جداً كما تم توارثها منذ سنين، وكأننا نرى شيئاً من عصر قد مضى، حيث سيقرأ Richard Tilbrook، وهو شخصية رفيعة المستوى في الحكومة، الجملة الافتتاحية لبداية عهد الملك تشارلز، فيقول: ”ندعو الله أن يسبغ رحمته الواسعة على ملكتنا الراحلة إليزابيث الثانية وعلى ذكراها الطيبة المجيدة“، بعدها يستلم الملك الجديد زمام العرش بالتعهد بحمايته والقيام بالواجبات الملقاة على عاتقه.

بعد أن ينهي كلمته، يتقدم عدد من عازفي الأبواق الذين ينتمون إلى الحرس الملكي، وتبدأ المراسم بعد لحن الأبواق المميز في فضاء القصر؛ بعدها تتوشح الشرفة باللون الأحمر، بينما تُكسى طبول الفرقة الملكية التي ستعزف النشيد الملكي باللون الأسود. أول من سيعلن تتويج تشارلز الذي سيحمل لقب تشارلز الثالث هو عالم الأنساب Thomas Woodcock، وهو حاصل على لقب Earl Marshal، ومن المثير أن راتب الوظيفة الرفيعة التي يشغلها توماس وودكوك لم يتغير منذ عام 1830 ويقدر بـ 49.07 جنيه إسترليني فقط.

لوحة النصب التذكاري والتمثال البرونزي للملك تشارلز الأول
لوحة النصب التذكاري والتمثال البرونزي للملك تشارلز الأول

بعدها تتحرك العربات التي تحمل الإيرل مارشال وعدد آخر من الحرس في أزيائهم نحو نصب الملك تشارلز الأول وتطلق 41 رصاصة تحية من حديقة Hyde Park.

حسب المخطط التفصيلي ليوم الوفاة الذي أعدته الجمعية الوطنية للموظفين المدنيين وما هو متعارف عليه في الوفيات الملكية، فوفود عائلات الأسر الملكية الأوروبية ستسكن في القصر بلندن أما باقي الوفود الرسمية ستسكن فندق Claridge’s Hotel. كما سُيعقد اجتماع طارئ حين إعلان الوفاة للبرلمان بممثليه من المجلسين (اللوردات والعموم).

مراسم الجنازة الرسمية ستكون في اليوم التاسع من الوفاة، حيث سيجتمع قادة الدول ومن يمثلهم بالإضافة إلى كافة المدعوين من كل دول العالم والشعب البريطاني بأسره، وتجرى مراسم جنازة مهيبة تليق بالملكة الراحلة. حيث تشارك فرق تمثل كل القوات المسلحة وتحلق الطائرات الحربية في سماء لندن، وتطلق الذخائر في تحية وداع أخيرة.

هذا بالإضافة إلى عزف الفرق العسكرية منذ انطلاق الجنازة وحتى وصولها الأخير إلى باب الكنيسة، وداخل الكنيسة سيكون الجميع في انتظار النعش الذي سيكون قد وصل إلى نقطة النهاية بعد مسيرة في شوارع العاصمة محفوفاً بجموع الناس والمودعين من كافة دول العالم. وحين وصول النعش إلى الكنيسة سوف يقوم 138 من شباب البحرية الملكية منكسي الرؤوس بوضعه على حامل المدفع الأخضر، وهو نفس حامل المدفع الذي وُضع عليه نعش والد الملكة وجدها الثاني والثالث من قبله.

أما تقليد حمل النعش من قبل 138 من شباب البحرية الملكية فيعود لعام 1901، وتحديداً في جنازة الملكة فكتوريا حيث جفلت الخيول البيضاء التي كانت تحمل نعشها، وتدخّل عدد من شباب البحرية الملكية في حمل النعش عوضاً عن الخيول.

– شيفرات سرية للوفيات الملكية:

حين مات الملك جورج السادس قبل 65 عاماً، كانت الجملة المشفرة لقصر باكينجهام لبدء تحضيرات الجنازة تقول (Hyde Park Corner)؛ وذلك لإخفاء أمر الوفاة عن موظفي الاتصالات وقتها. أمّا في حالة وفاة الملكة الحالية لإنجلترا فمن المرجح أن يتم تداول جملة (جسر لندن/London Bridge)، وسيتداول موظفو القطاع المدني المسؤولون عن التحضيرات عبر مكالمات هاتفية مؤمنة ضد التنصت عبارة (London Bridge is down).

خطط الاستعداد ليوم الفقد الكبير

– على الصعيد الإعلامي:

لمدة 30 سنة وحتى اليوم يقوم فريق من الإعلاميين بهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بكتابة سيناريوهات متخيلة لوفاة أفراد الأسرة المالكة، منها على سبيل المثال:

  • منذ 30 عاماً تقوم هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بكتابة سيناريوهات متخيلة لوفاة أحد أفراد الأسرة المالكة وكيفية تعاطي الإعلاميين لها. أبرز هذه القصص سيناريو وفاة الملكة الأم بسبب عظم علق في حنجرتها.
  • جهاز المخابرات الداخلية MI5 فقد كتب سيناريو تنبأ بموت الأميرة ديانا في حادث سيارة.
  • في يوم الوفاة ستتوقف البرامج ويدمج بث الإذاعات، ويراعى عدم بث الأغاني الصاخبة والبرامج الهابطة.
  • يقول جون سناج مذيع قناة بي بي سي بأن جملة ”ببالغ الحزن والأسى نعلن البيان التالي“ الذي أُعلن بها وفاة الملك جورج السادس قد أُذيعت 15 مرة، بعدها ساد البي بي سي الصمت لمدة 5 ساعات. ويقول مذيع أخبار سابق في البي بي سي أنه من المرجح استخدام عبارة مماثلة لإعلان وفاة الملكة.
  • جرت العادة أن تكون البي بي سي أول من يعلم بأمر الوفيات الملكية، ولكن الزمن تغير اليوم، وقد يحصل الجميع على الخبر في ذات التوقيت.
  • سيتم عرض الكثير من المشاهد من فترات عمرية مختلفة للملكة، كاحتفالها بعيد ميلادها الـ 21 في جنوب أفريقيا، وقد بثّت يومها خطاباً عبر بي بي سي وغير ذلك الكثير من صور شريط ذكرياتها الطويل والحافل. وسيُعاد بثّ بعض المقاطع الصوتية لها كعهدها الشهير للشعب الذي قالت فيه: ”أشهد أمامكم بأني سأفني عمري -قصيراً كان أم طويلاً-في خدمتكم وخدمة العائلة الإمبراطورية التي ننتمي لها جميعاً“.

– وداع الملكة والإعداد للملك:

الأمير تشارلز، ولي عهد المملكة المتحدة
الأمير تشارلز، ولي عهد المملكة المتحدة

يُعدُّ الأمير تشارلز أكثر خليفة انتظاراً للعرش، وبوفاة الملكة سيحصل على لقب ملك إنجلترا أخيراً، ولكنه لن يحصل على لقب أمه ”ملك دول الكومنولث“؛ لأنّ لقب السيادة على دول الكومنولث ليس وراثياً، ومنذ اليوم الأول لإعلانه ملكاً سوف يقوم تشارلز بجولة على أهمّ مدن المملكة: إدنبرة وبالفاست وكارديف وغيرها لاستقبال التعازي بشكل رسمي، وكذلك ليراه الناس، وهذا هو الأهم، فهناك استقبالات خاصة لجموع الناس.

”منذ اليوم الأول لتولي الملك العرش، سيكون الشعب هو محور الاهتمام، وليس القادة الذين سيشهدون اعتلاء الملك الجديد للعرش“، هذا ما قاله أحد مستشاري تشارلز. لهذا ينبغي أن يرى الناس تشارلز شخصياً، ويرون حضوره حولهم، وذلك بنشر صورة الملك الجديد في أرجاء البلاد كلها. وبعد عودته من الجولة سوف يتقدم تشارلز صفوف المعزيين للمشي لمسافة تقدر 4 أميال بحضور متوقع لنصف مليون إنسان.

– على الصعيد الاجتماعي:

على الرغم من أن وفاة الملكة أمر حتمي، وهو المصير الذي ينتظر كل حي إلاّ أنّ الحديث حوله قليل جداً، وذلك احتراماً لمقامها، كما أنه يعكس الخُلق الحميد الذي يتحلى به الناس، ولكنه أيضاً يدل على الخوف؛ فموت الملكة هاجس مرعب لشعب عاصرها فترة طويلة، وبات أمر غيابها عن مشهدهم أمراً غير متخيل.

سيخيم الحزن وستفتح الخزائن للبحث عن الملابس وربطات العنق والأوشحة السوداء، وتوزع على بعض المرافق الحيوية كالكنائس والمتاحف دفاتر للزوار ليكتبوا كلماتهم في وداع الملكة؛ وهذه الدفاتر ستكون صفحاتها قابله للنزع، بحيث يمكن التخلص من أي تعليق غير لائق. وهذه أحد التفاصيل التي جاءت في مخطط تفصيلي للإجراءات المدنية في يوم وفاة شخصية اعتبارية في المملكة المتحدة، وقد قامت بإعداده الجمعية الوطنية للموظفين المدنيين.

تضمن هذا المخطط تفاصيلاً كثيرة منها استعدادات المدن لهذا اليوم، وكيفية توفير الشاشات للجموع لكي يتابعوا بشكل مباشر مراسم الجنازة المنقولة من العاصمة لندن، وكذلك إنزال كافة الأعلام إلى المنتصف (عدا أعلام حالات الخطر الحمراء).

• مشاهد سابقة:

الملكة فيكتوريا (1837 - 1901)
الملكة فيكتوريا (1837 – 1901)

يقول Lytton Strachey كاتب السيرة الذاتية للملكة فكتوريا التي قضت نصف عمرها الذي ناهز اثنين وثمانين عاماً وهي أرملة: ”إن حزناً صادماً عم البلاد فجأة“، والأمر يتعدى وجع الفقد ليشكل خوفاً عاماً، فكل شيء بدا للناس مهدداً بالخطر بعد موت الملكة فكتوريا ووجود وريث غير مطمئن للعرش؛ وفي هذا قال الأمريكي Henry James الذي انتقل إلى المملكة المتحدة قبل 30 عاماً من وفاة الملكة: ”إن المياه الهائجة أمامنا“؛ فخليفة الملكة حينها كان إدوارد السابع، الذي كان كبيراً في السن، ولم يكن موضع اطمئنان وثقة بين جموع الناس.

– إحصائيات وأرقام:

بحسب مكتب الإحصائيات الوطنية بالمملكة المتحدة فإن المرأة الإنجليزية التي يصل عمرها 91 في إبريل القادم – كما هو حال الملكة إليزابيث – تقدر حياتها المتبقية بـ4 سنوات و3 أشهر.

مقالات إعلانية