in

ما هي أسوأ فترة في التاريخ البشري لتعيش فيها؟

رسمة لبعض الشعوب القديمة تؤدي بعض الطقوس بمناسبة كسوف الشمس

نعيش حالياً في أكثر فترات التاريخ البشري أماناً. صحيح أن رجال السياسة قد قاموا بخطواتٍ أرجعتنا قليلاً إلى الخلف، وما تزال هناك الكثير من المشاكل الكبرى التي تعصف بالكوكب، وكيف ننسى تلك السنة العصيبة التي مرت علينا.. رحل فيها أكثر من نصف عمالقة ونجوم هذا العالم.

لكن بالرغم من كلّ ما سبق، فإن فترة عام 2010 وما بعدها هي فترة عظيمة نسبياً أن تسنح لك الفرصة كي تحيا فيها.

أما السؤال الذي نطرحه على أنفسنا في مقالنا هذا على موقعنا «دخلك بتعرف» فهو كالتالي: ما هي أسوأ فترة زمنية يمكن أن تحيا فيها؟

طرِحَت هذا السؤال وبصورةٍ عفوية دراسةٌ تاريخية معاصرة في محاولةٍ لاكتشاف كيف تبدّل النظام الأوروبي المعتمد على العملة النقدية بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية، وفي البحث الذي نشر في مجلة Antiquity، بدأ الباحثون بمحاولة إيجاد دليل على التلوث الناتج عن الفضة المعالَجة في النوى الجليدية المدفونة عميقاً في قلب جبال الألب، وللقيام بهذا عمدوا إلى القيام بدراسة معمقة لكل أشكال الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية على مر العصور، فكانت النتيجة: أنّ فترة القرن التالي لعام 536م هي أسوأ فترة مرت على تاريخ البشرية.

يقول مؤلف الدراسة (مايكل ميكورميك) المؤرخ في جامعة (هارفرد): ”كانت بدايةَ أسوأ فترةٍ شهدتها البشرية، إنْ لم تكن حتى أسوأ سنة“، وسبب ذلك لم يكن الحروب الفتاكة أو الأمراض المهلِكة، بل بسبب الكمِّ الهائل للكوارث المناخية التي نتجت عنها مجاعاتٌ ذاتُ نطاق واسع.

هناك نظريات عديدة تقترح مسبّبات هذه المجاعة، واحدٌ من أكثر الدلائل متانةً فيما يتعلق بهذا الخصوص يشير إلى ما يسمى بـ”الشتاء البركاني“، حيث نتجَ عن ثورانِ أحد البراكين رمادٌ وغبارٌ ملأ الجو بأكملِهِ، ممّا شكل غيمةً عجيبةً حجبت عن الأرض أشعةَ الشمس.

لا يدري أحدٌ بعد أيٌّ من هذه البراكين هو مرتكب الجريمة، رغم أنّ أصابع الاتهام لطالما أشارت إلى بركان جبل El Salvador’s Liopango.

ومع هذا، فالدراسة الجديدة تقترح أن ثوران البركان مصدره (أيسلندا)، كون النوى الجليدية هناك تحوي زجاجاً بركانياً مشابهاً في تركيبه الكيميائي لتلك الجزيئات التي عُثِر عليها في (أوروبا) و (غرينلاند).

مهما يكُن البركان، فإنّ تأثيره كانَ شاملاً، مطلقاً العنان للدخول في ”العصر الجليدي الصغير القديم“، حيث توالت فيه الخسارات الزراعية وانتشرت المجاعات. في (الصين)، هطلت الثلوج في فصل الصيف، بينما ضرب الجفاف دولة (البيرو)، وورد في سجلات المؤرخين الإيرلنديين السلتيين ”نقص فادح في الخبز في عام 536م“.

كتب (بروكوبيوس)، وهو مؤرخ بيزنطي كان يعيش في منطقة الشرق الأوسط في ذلك الوقت: ”يبدو أنه لم توجد منطقة في الأرض إلا وتأثّرت بما جرى“، كما تحدث عن الرّعب الذي ملأ الشّعوب بسبب الكسوف الضبابي الّذي حصل.

جلب هذا العصر الجليدي الصغير معه كذلك مجموعةً من المشاكل الاجتماعية، حيث يرجح بعضُ الباحثين أنّ تأثيرات الحوادث البركانية في عام 536م كان لها أثرٌ كبير في سقوط العديد من الإمبراطوريات. (أو على الأقل إزاحتها عن عرش القوة)، تقول دراسة نُشرِت في عام 2016 في مجلة Nature Geoscience أنّ فترة القرن الّتي تلَت الثوران البركاني كانت سببَ سقوط الإمبراطورية الساسانية، وتراجُع الإمبراطورية الرومانية الشّرقية، والانقلابات السّياسية في (الصين)، وغيرَها كذلك من الأحداث الدّموية التي عصفت بالمنطقة الأورو آسيوية.

ملخص القول، فإنّ تلك الفترة كانت أسوأ فترة لتعيش فيها كإنسان.

مقالات إعلانية