in

دخلك بتعرف وحدة النخبة المقدسة في جيش مدينة طيبة، التي بلغَ قوامها 150 من أزواج العشّاق المثليين

أكيليس وباتروكلوس والتمثال الذي شيد تخليدا لقتلى فرقة العشاق المثليين في طيبة

إنّ أول مَن صاغَ مصطلح «المثلية الجنسية» هي عالمة النفس الألمانية (كارولي ماريا بينكر) في أواخر القرن التاسع عشر، وفيما يعتبر كثيرون مسألة المثلية الجنسية ظاهرةً حديثة، إلّا أنها في واقع الأمر متجذّرةٌ في مختلف الثقافات والأزمنة على مرّ التاريخ، ففي الحقبة الإغريقية الكلاسيكية؛ كان يُنظَر إلى العلاقات المثلية كأمرٍ طبيعي كغيرها من أمور الحياة العادية، ولكن على عكس المجتمعات الغربية المعاصرة؛ لم يصنف اليونانيون الرّغبات أو السّلوكيات الجنسية بناءً على جندر أصحابها، وإنّما تبعاً للأدوار التي كانوا يؤدونها في العملية الجنسية.

كانت العلاقة تتم في ذلك الحين بين رجلٍ ناضج هو الطرف ”الفاعل“ في العلاقة، وبين شابٍ يافع أو بعمر المراهقة، وهو الطرف ”المفعول به“، وكما كتب الفيلسوف اليوناني (أفلاطون): ”تعتبر المثلية الجنسية عاراً في المجتمعات البربرية وتلك التي تعيش تحت مظلة الأنظمة الاستبدادية، شأنُها شأن الفلسفة بالنسبة لهذه المجتمعات، فعلى ما يبدو أنّ هذه الأفكار لا تدخل في صُلب اهتمام الحكّام أن تنشأ عليها الأجيال القادمة، والأمرُ سيّان بالنسبة لعلاقات الصداقة القوية والحب بكافّةِ أنواعه، وبالتحديد علاقات الحب المثلية“.

(أكيليس) المقاتل المرميدي و(باتروكلوس).
(أكيليس) المقاتل المرميدي و(باتروكلوس).

في اليونان القديمة، كان يُنظَر للعشق المثلي على أنه الحامي من الاضطهاد، كما كان اليونانيون يؤمنون بأنّ الجنود المثليين بإمكانهم المساهمة في رفعِ الروح المعنوية للجنود المقاتلين.

في حلقة النقاش التي أقامها الفيلسوف (أفلاطون)، اقترح (فيديروس) تشكيل جيشٍ من العُشّاق المثليين، مصرّحاً بأنّ هذا الجيش لا يمكن هزيمته لو جمعَ أفرادَه الحبُّ، يقول: ”لا يوجد شخصٌ جبان إلى درجة ألّا يُلهمَهُ الحبُّ الشجاعةَ الكفيلةَ بجعلِهِ مكافئاً لذاك الّذي وُلِد شجاعاً“.

على ما يبدو، فلم يكن هذا الاقتراح مجرّد ضَربٍ من الخيال فحسب، حيث تشكّلت كتيبةٌ على هذه الشّاكلة في مدينة طيبة عام 378 قبل الميلاد. وفقاً للمصادر القديمة، فإنّ الفرقة التي تكوّنت من 150 من العشّاق المثليين كانت وحدةَ نُخبة في جيشِ هذه المدينة، حيث أسّسها القائد (غورغيداس)، فعُرِف أفرادها بشجاعتهم ونجاحاتهم العسكرية، وعمّت احتفالات نجاحاتِهم هذه أرجاءَ اليونان برمّتها، وكانَ لهم الدّورُ الأبرز في النهضة التي شهدتها مدينة طيبة في فترة القرن الرابع قبل الميلاد.

في معركة (تيغيرا) عام 375 ق.م؛ حقّقت فرقة النخبة أول أهمّ انتصاراتها ضد القوات الإسبرطية، حيث قيل أنّها أول مرة يخسر فيها الجيشُ الإسبرطي معركةً ضدّ حفنةٍ قليلةٍ من الأفراد المقاتلِين.

في معركة (ليوكترا) في 6 يوليو عام 371 ق.م؛ حققت فرقة النخبة التي قادها (بيلوبيداس) هي الأخرى نصراً بطولياً ضد القوات الإسبرطية نفسها، وبعد عدة عقود في عام 338 ق.م، توحّدت قوات (أثينا) و(طيبة) في جبهةٍ موحّدة في معركة (كايرونيا) في مواجهةٍ ضد المقدونيين بقيادة (فيليب الثاني) وابنه (الإسكندر الأكبر)، ولم تغير هذه المعركة من مجرى التاريخ فحسب بل قضَت كذلك على وحدة النخبة من مقاتلي (طيبة).

التمثال الذي شيدته مدينة طيبة تخليدا لذكرى قتلى جيشهم في معركة (كايرونيا).
التمثال الذي شيدته مدينة طيبة تخليدا لذكرى قتلى جيشهم في معركة (كايرونيا) – صور: ويكيميديا

يقال أنّ (الإسكندر الأكبر) صاحب الثماني عشر ربيعاً هو مَن هزَم فرقة النخبة هذه، والّتي قيل عن أفرادِها أنّهم قاتلو بشجاعةٍ منقطعة النظير في مواجهة المقدونيين، حتّى أنّ الملك المقدوني (فيليب) كانَ مُعجباً بشجاعتهم هذه، وقِيل أنّه ذرفَ الدموع على مشهد جُثثِهم الساقطة.

مقالات إعلانية