in

دخلك بتعرف «المخطوطة النحاسية» المكتشفة في فلسطين.. والتي تشير إلى 64 موقعًا دُفنت فيها كميات كبيرة جدًا من الفضة والذهب

المخطوطة النحاسية القديمة

لطالما أذهلت المخطوطة النحاسية، وهي جزء من مخطوطات البحر الميت الشهيرة، علماء الآثار والباحثين عن الكنوز في جميع أنحاء العالم. إذ يُعتقد أن هذه الوثيقة القديمة هي خريطة كنز تشير إلى 64 موقعًا دُفنت فيها كميات كبيرة جدًا من الفضة والذهب.

في المجموع، تسرد اللفيفة وجود أكثر من 4600 غرض مصنوع من المعادن الثمينة، كما يُعتقد أن قيمة الكنز بأكمله تزيد عن مليار دولار بما يعادل أموال اليوم. ومنذ اكتشافها، حاول العديد من الخبراء حل رسالة المخطوطة والعثور على الكنز المفقود، لكن لم يكتشف أحد تلك الثروات المخبئة بعد.

جرى اكتشاف هذه المخطوطة في عام 1952 بالقرب من خربة قمران، وهي موقع أثري صغير يقع على شواطئ البحر الميت على مقربة من جنوبي أريحا في الأراضي الفلسطينية. وستلاحظ كيف تبرز هذه القطعة عن باقي مخطوطات البحر الميت الأخرى بأكثر من طريقة.

صورة: Qumran Copper Scroll / Wikipedia

ففي حين تم اكتشاف غالبية مخطوطات البحر الميت من قبل البدو، قد عُثر على المخطوطة النحاسية بواسطة عالم آثار في 14 آذار 1952، في الكهف رقم 3 بالقرب من قمران. على الرغم من اعتبارها جزءًا من المجموعة الاستثنائية لوثائق القرن الأول، إلا أن المخطوطة النحاسية تختلف اختلافًا كبيرًا عن المخطوطات الأخرى. فبينما تلك مصنوعة من ورق البردى أو الرق، فإن اللفافة النحاسية مصنوعة من المعدن الذي يتكون في الغالب من النحاس مع واحد بالمائة من القصدير. وقد كان طول اللفافة في الأصل 2.4 متر لكنه تم فصلها إلى قسمين.

يُعتقد أن مخطوطات البحر الميت الأخرى أعمال أدبية، لكن المخطوطة النحاسية تشبه إلى حد كبير خريطة كنز حقيقية. فهي في الأساس أقرب لقائمة شاملة بالمواقع التي تم فيها إخفاء أو دفن أكثر من 4600 قطعة مصنوعة من معادن ثمينة مثل الذهب والفضة.

كذلك، الكتابة على اللفافة عبرية، لكنها تشبه اللغة المستخدمة في الميشناه (أول عمل مكتوب للتقاليد اليهودية الشفوية)، أما مخطوطات البحر الميت الأخرى مكتوبة باللغة العبرية الأدبية. كما تختلف اللفافة النحاسية في التواريخ وأسلوب الكتابة والتهجئة.

عند اكتشافها، كانت اللفافة النحاسية متآكلة للغاية بحيث لا يمكن فهم مغزاها، فتوجب على الخبراء تقسيمها إلى أجزاء منفصلة.

لفافة قمران النحاسية. صورة: Qumran Copper Scroll / Wikipedia

بسبب التآكل، لم يكن فك أو فتح المخطوطة النحاسية في وقت الاكتشاف ممكنًا. وحفاظًا على سلامتها، قامت الحكومة الأردنية بإرسالها إلى معهد جامعة مانشستر للعلوم والتكنولوجيا. اقترح خبير مخطوطات البحر الميت (جون ماركو أليجرو) تقطيع المخطوطة إلى أقسام لتسهيل قراءة النص. بين عامي 1955 و1956، تم تقطيع اللفافة إلى 23 شريحة شريطية، وتم نسخ محتوياتها بالترتيب.

اقترح (جوزيف ميليك)، الناسخ والمحرر المسؤول، أن اللفيفة كُتبت بواسطة طائفة الأسينيون اليهودية، لكنه ذكر أيضًا أنها ربما لم تكن عمل رسمي لهم. في البداية، اعتقد أن المخطوطة مجرد تخليد للفولكلور، لكن وجهة نظره تغيرت لاحقًا. افترض أن اللفيفة لم تكن من صنع أهل قمران، ولم يتم وضعها مع مخطوطات البحر الميت الأخرى، بل اعتقد أن المخطوطة النحاسية قد وُريت الكهف في وقت لاحق.

في عام 1962، نشر (ميليك) نسخة من المخطوطة بخط اليد. كما أرفق بعض الصور بالأبيض والأسود لها، لكنها اعتُبرت غير مقروءة. في عام 1988، تم تصوير اللفيفة مرة أخرى بمعدات ودقة أفضل. بين عامي 1994 و1996، تولت شركة Electricité de France مسؤولية الحفاظ على اللفيفة، بما يتضمن التنظيف، والأشعة السينية، والتقاط الصور، وتقييم مستويات التآكل، ورسم الحروف. وقد استفادت الإصدارات اللاحقة لقراءات اللفيفة بشكل كبير من النتائج.

كان هناك الكثير من الجدل حول وقت كتابة المخطوطة النحاسية وعمرها. على الرغم من أن بعض الخبراء قدّروا التاريخ ما بين 25 و75 ميلادي، يشير آخرون إلى فترة لاحقة

خربة قمران. صورة: Lux Moundi / Flickr

لم يكن تحديد تاريخ اللفافة النحاسية أمرًا سهلاً، إذ لدى علماء مختلفين آراء متباينة حول العمر المحتمل لها. استنادًا إلى الأدلة القديمة، اقترح الأستاذ (فرانك مور كروس جونيور) من جامعة هارفارد أن اللفيفة أُنشئت بين 25 إلى 75 ميلادي. ومع ذلك، قدّر عالم الآثار الأمريكي (ويليام فوكسويل أولبرايت) تاريخ المخطوطة ما بين 70 و135 ميلادي.

سعى خبراء آخرون إلى تأكيد فترات مماثلة حيث اعتقدوا أن كنزًا مذكور في المخطوطة قد جُمع في وقت ما بين الحرب اليهودية الرومانية الأولى (66 إلى 73 ميلادي) وتمرد بار كوخبا (132 إلى 136 ميلادي).

وفقًا لـ (جوزيف ميليك)، يعود تاريخ المخطوطة النحاسية إلى عام 100 ميلادي، بعد وقت طويل من تدمير القدس. إذا كانت نظريته صحيحة، فهذا يعني أن اللفيفة لم توضع من قبل مجتمع قمران لأن المستوطنة كانت قد اندثرت بالفعل في ذلك الوقت.

محتويات اللفيفة رائعة بالتأكيد، وهي تحكي عن 64 موقعًا حيث جرى دفن أو إخفاء كمية لا يمكن تصورها من الكنوز

قطعة من المخطوطة النحاسية من كهف قمران رقم 3. صورة: Osama Shukir Muhammed Amin FRCP/Wikipedia

وكما قلنا فالمخطوطة النحاسية ليست وثيقة قديمة عادية، بل هي خريطة كنز تشير إلى 64 موقعًا مخفيًا مختلفًا، ويُحكى إن 63 من هذه الأماكن به كميات كبيرة من الفضة والذهب. على سبيل المثال، يُقال إن أحد المواقع فيه 27 ألف كيلوجرام من الذهب. تشير المعلومات النهائية إلى مستند مشابه صُمم لتوفير معلومات إضافية. ومع ذلك، لم يتم اكتشاف تلك الوثيقة بعد.

يتبع كل وصف كنز في اللفافة نمطًا مميزًا، ويظهر على النحو التالي: 1. الموقع العام، 2. الموقع المحدد (أحيانًا مع إرشادات حول مدى عمق الحفر)، و3. ما يجب العثور عليه. عند ترجمتها إلى اللغة العربية، تقرأ كالتالي:

1: 1 في خراب وادي عكور تحت

1: 2 درجات المدخل الشرقي

1: 3 مسافة اربعين ذراعا. خزنة من فضة وآنيتها

1: 4 بوزن سبع عشرة طالين.

يعتقد بعض الناس أن أحد الكنوز الموجودة في القائمة يمكن العثور عليها في كهف الحروف بصحراء يهودا في الضفة الغربية. وإن كان هذا صحيحًا، فلربما قد تم الاستيلاء على الكنز بالفعل.

الكتابة على اللفافة غامضة إلى حد ما، ومن المستحيل معرفة مكان الدفن على وجه اليقين. وعلى الرغم من أن الخبراء والباحثين عن الكنوز من جميع أنحاء العالم حاولوا العثور على الثروات التي يُقال إنها تزيد عن مليار دولار، لم يعثر عليها أحد حتى الآن.

على مر السنين، كانت المخطوطة النحاسية مصدر إلهام للعديد من الكتب والبرامج التلفزيونية

تقطيع اللفافة صورة: DQCAAS

منذ اكتشافها، ظهرت المخطوطة النحاسية في معظم وسائل الإعلام والأدب الشعبي. كتب المؤلف (ليونيل ديفيدسون) ونشر رواية إثارة بعنوان A Long Way to Shiloh في عام 1966. كما نشر الكاتب الأمريكي الإسرائيلي (جويل سي. روزنبرغ) رواية سياسية تشويقية بعنوان Copper Scroll في عام 2006. وجرى التطرق لها في السلسة الوثائقية عن البحث عن الكنوز المخفية Digging for the Truth على قناة History.

تُعرض المخطوطة النحاسية في متحف الأردن في عمان منذ عام 2013، وهي موجودة هناك حتى يومنا هذا.

مقالات إعلانية