in

قصة السفينة (إس إس واريمو) الغريبة، التي فاتها رأس السنة ولكنها ربحت قرنين من الزمن

قصة السفينة (إس إس واريمو) الغريبة، التي فاتها رأس السنة ولكنها ربحت قرنين

حدثت هذه القصة منذ حوالي المئة عام في عشية رأس السنة، هذه القصة تحكي لنا حادثة غير عادية حصلت لسفينة ركاب بخارية تعرف باسم (إس إس واريمو)، التي أطلقت في عام 1892 لخدمة الطريق البحري (ترانس-تاسمان) بين أستراليا ونيوزيلندا، ولكنها بعد ذلك بدأت بالعمل بنقل الركاب بين كندا وأستراليا.

في 30 ديسمبر عام 1899 كانت هذه السفينة تبحر في مياه المحيط الهادي من (فانكوفر) في كندا إلى أستراليا، وكان الملاح قد انتهى لتوه من مراقبة النجوم لتحديد موقع سفينته والتي كانت عند خط عرض 0 درجة و31 دقيقة شمالاً، وخط طول 179 درجة و30 دقيقة غرباً، بمعنى آخر كانت بالقرب من خط الاستواء بالإضافة لقربهم من نقطة تقاطع خط الاستواء مع خط التاريخ الدولي، عندما سمع المساعد الأول للقبطان تقرير الملاح علم مدى أهمية موقعه، حينها أدرك الكابتن (جون فيليبس) أنه إن قام بتغيير مسار السفينة قليلاً فإنه سيتمكن من تنفيذ خدعة استثنائية ربما لن يكررها التاريخ.

قام الكابتن (فيليبس) بتعديل مسار وسرعة السفينة بحيث يصل إلى خط الاستواء في تمام الساعة الـ12 منتصف الليل في اللحظة التي يتقاطع بها خط الاستواء مع خط التاريخ الدولي، وبهذه الطريقة يكون الجزء الأمامي من السفينة في نصف الكرة الجنوبي ويكون الفصل صيفاً، أما مؤخرة السفينة تكون في نصف الكرة الشمالي ويكون الفصل شتاءً.

أي أنه جزء من السفينة كان لا يزال بتاريخ 30 ديسمبر 1899 في حين كان الجزء الآخر في تاريخ 1يناير 1900، هذا يعني أن السفينة لم تكن فقط بيومين مختلفين وشهرين مختلفين وفصلين مختلفين وفي نصفين مختلفين من الكرة الأرضية بل كانت أيضاً بقرنين مختلفين!

ولكن قد تتساءل ماذا حدث في 31 ديسمبر 1899؟

كما ذكرنا سابقاً كانت السفينة متجهة من كندا إلى استراليا أي أنها كانت تبحر باتجاه الغرب، لذلك أضف لمعلوماتك أنه في أي وقت تجتاز به خط التاريخ الدولي باتجاه الغرب فهذا يعني أنك تتحرك بالوقت نحو الأمام لمدة 24 ساعة أي أنك ستخسر 24 ساعة نظراً لأن المناطق الزمنية المتواجدة على جانبي خط التاريخ الدولي تختلف عن توقيتك بفارق 24 ساعة، فمثلاً إن كان الوقت لديك يوم الثلثاء الساعة الـ9 صباحاً يكون الوقت في المناطق المجاورة لخط التاريخ الدولي يوم الأربعاء الساعة الـ9 صباحاً، أي فارق يوم كامل.

في هذه الحالة تكون هذه السفينة قد عبرت خط التاريخ الدولي عند الساعة صفر تماماً أي عند منتصف الليل، أي عندما أصبحت الساعة صفر والدقيقة صفر و1 ثانية في 31 ديسمبر عام 1899 تغير الوقت على الفور 24 ساعة أي انتقلت السفينة لمنطقة زمنية جديدة في المستقبل، وبالتالي يكون يوم 31 ديسمبر بالنسبة لركاب هذه السفينة عبارة عن ثانية واحدة فقط!

إن حدثت هذه الواقعة بهذه التفاصيل فهذا يعني أنها صحيحة ولكن ما يثير الشك حول مدى صحة هذا الأمر هو التكتم عنه حيث لم يتم ذكر أي شيء بخصوص هذه المعجزة إلا بعد مرور 42 عاماً على وقوعها، عندما قامت الصحيفة الكندية (أوتاوا جورنال) بنشر أحدث هذه القصة، فقد نشرت تقريراً أخبارياً يصرح أن السفينة (واريمو) قد عبرت خط الاستواء في طريقها من (فانكوفر) إلى (بريسبان) في 30 من ديسمبر عام 1899 أي أن السفينة كانت في المكان الصحيح بالوقت الصحيح، ولكن حتى ولو كانت السفينة في المكان الصحيح هذا لا يعني أنها قد تمكنت من القيام بهذا الأمر بهذه الدقة وذلك نظراً لعدم دقة تقنية الملاحة في ذلك الوقت.

فكما نعلم لم تكن الملاحة قديماً عبر الأقمار الصناعية حيث كان البحارة يلجؤون لاستخدام جهاز يعرف باسم (السستانتين) الذي يساعدهم على معرفة الزوايا بين النجوم أو الشمس والأفق، ومن ثم يقومون بحساب موقع السفينة، حيث أنه القياس الذي يتم بدقة دقيقة واحدة أو 60 درجة يمكن أن ينتج عنه خطأ قدره 1 ميل بحري، كما يمكن أن لهذا الجهاز أن يعمل بدقة قياس 0.1 الأمر الذي يقلل من نسبة الخطأ إلى 200 متر، وهي أفضل دقة يمكن لجهاز السستانتين أن يقدمها، ولكن في الواقع يمكن للملاح الخبير تحديد موقعه بدقة تبلغ 0.25 ميل بحري أي نحو 460 متر.

إذاً من غير الممكن في ظل هذه الظروف والحسابات القديمة أن تتمكن هذه السفينة من إنجاز هذا الأمر، ولكن لنفترض أن كابتن السفينة رغم هذا الأمر قد نجح بتحقيقها فربما من الممتع أن نؤمن بوجود بقعة على وجه الأرض تجتمع بها كل هذه الظروف كل مئة عام.

مقالات إعلانية