in

دخلك بتعرف أفعوانية الموت؟

أفعوانية الموت

لا شك أن الموت أمر مرعب، فلماذا لا نجعل منه أمرًا منعشًا بدل ذلك؟ إن هذا هو الغرض من ما يسمى ”أفعوانية الموت الرحيم“، وهي عبارة عن تصميم لأفعوانية هاوية عملاقة تأخذ ركابها خلال سلسلة من الهاويات والحلقات التي تخلق فيهم النشوة ثم تقتلهم عبر حرمان الدماغ من الأوكسجين.

إن هذا الاختراع المأتمي من ابتكار المهندس الليثواني جوليوناس أوربوناس، حيث قام بهذا التصميم سنة ٢٠١٠ كطالب للدوكتوراه في مجال تفاعلات التصميم في الكلية الملكية للفنون في لندن. يرى أوربوناس، والذي اكتسب حبًا لحدائق الملاهي أثناء السنين التي عمل فيها في إحداها، في هذا السيناريو الشبيه بفيلم رعب طريقًا بديلًا لإرسال الناس لآخرتهم بطريقة؛ على حد تعبيره، ”إنسانية محملة بالأناقة والنشوة.“ لم يقم أحد بعد ببناء هذه الأفعوانية سوى على مستوى نموذج مصغر.

أفعوانية الموت
تصميم أفعوانية الموت للمصمم Julijonas Urbonas – صورة: Justin Pickard

يقوم مبدأ عمل طريقة الانتحار الأغرب هذه على الآتي:

– يواجه الراكب في البداية رحلة تسلق طويلة وبطيئة تصل لارتفاع أكثر من خمسمائة متر، مما يتيح للمرحوم المستقبلي بضع دقائق لتأمل حياته والتفكير الملي في قرار الموت.

– وعند القمة، يعطى الراكب بعض الوقت لتلاوة صلاة أو إرسال القبل للأقارب أو حتى الانسحاب قبل أن يضغط زر السقوط حيث تبدأ رحلة سقوط حادة وطويلة تليها أول حلقة دورانية، وهنا يلقى معظم الركاب حتفهم.

وفقًا لأوربوناس، فإن الاندفاع بسرعة مائة متر في الثانية يعرض الفرد لقوة تسارع هائلة تسبب فقدان الوعي لنقص الأوكسجين في الدماغ، وهذا النقص عادة ما يعطي شعورًا بالنشوة. وفي حال لم تف الحلقة الأولى بالغرض، فالحلقات الستة اللاحقة ستنهي المهمة. وسيشكل بناء هذا الهيكل تحديًا، فأفعوانية الموت الرحيم هذه ستكون بارتفاع يبلغ ثلاثة أضعاف ارتفاع أعلى أفعوانية في العالم، وهي ”الكينغدا كا“، والتي استغرق بناؤها ثمانية عشر شهرًا وبتكلفة خمسة وعشرين مليون دولارًا.

سيبدو هذا الأمر بطبيعة الحال كالكابوس لأي شخص لا يتمنى الموت، أو أي شخص لا يجد المتعة في الإثارة والمفاجأة والدوخة. ولكن بالنسبة لأولئك الذين يستمتعون بهذه الأمور، يقول أوربوناس أن أفعوانيته القاتلة من شأنها أن توفر موتًا ”أكثر إنسانية“ حيث أن العملية ليست بلا ألم وحسب؛ بل حتى وإلى حد ما لطيفة وجميلة.

يقول أوربوناس، والذي بات يؤمن أن الموت قد أصبح ”منفسخًا“ عن الحياة الثقافية الغربية، ”سيكون هذا الموت موتًا ذا معنى، فبالنسبة للمتردي، هي آلة موت طقوسي خالٍ من الألم يشترك فيه الجسم بأكمله.“ ويؤمن أوربوناس أنه بإمكانه أن يعيد للموت مكانته من خلال شعيرة متكيفة مع العالم المعاصر كهذه.

أثارت هذه الفكرة الغضب والاستنكار بين الجماعات المعادية للقتل الرحيم، حيث يقول الدكتور بيتر سوندرز من منظمة ’الرعاية لا القتل‘: ”لا يمكن لحياة الإنسان أبدًا أن تسلب ’بشكل إنساني محمل بالأناقة والنشوة‘، بل وبهذه الطريقة فإن الإحساس الأخير قد يكون على الأرجح ممتلئًا بحس ساحق من الذعر والدوخة.“

إن مفهوم خلط الموت والمرح معًا يعتبر مفهومًا شاذًا بالنسبة لمقدمي رعاية نهاية العمر، الذين يعملون مع المرضى الميؤوس من شفائهم وللمدافعين عن الموت الرحيم على حد سواء. يقول ديريك همفري، رئيس منظمة الأبحاث والإرشاد في الموت الرحيم ”إن آلة كهذه لا تمت بصلة للموت الرحيم الحقيقي، فالموت الجيد هو موت في المنزل مع العائلة وبوجود طبيب حاضر لتخفيف آلام الموت.“

لهذا، فمن غير المستغرب أن هذه الفكرة لم تلق أي إقبال من ناحية تجارية، لكن علّ أن ينتهي بها المطاف أن تظهر في فيلم رعب مستوحىً من المستقبل، فالنقاش حول الحق بالموت مثير للجدل بما فيه الكفاية دون محاولة تحويله إلى مسرحية. مع ذلك، يصر أوربوناس أنه، كفنان، لم يقصد قط أن يشجع أو يثبط الناس عن عملية الانتحار بمساعدة الغير، بل وببساطة قام بتقديم ”غذاء للتفكر“، وإن جاء هذا اليوم غير المحتمل الذي يصبح فيه المجتمع مستعدًا لتقبل فكرته عن جولة الموت الهائلة هذه، فإن أوربوناس على كامل الاستعداد لتسليم تصميمه هذا للعامة.

مقالات إعلانية