in

دخلك بتعرف السنجاب الذي قام الرئيس الأمريكي بنجامين فرنكلين بتعزية وفاته شخصيا

السنجاب الذي قام الرئيس الأمريكي (بنجامين فرنكلين) بتعزية وفاته شخصيا
صورة: Library of Congress

في سنة 1722، توفي سنجاب أليف يحمل اسم (مونغو)، كان الأمر يعتبر مأساة: حيث أن (مونغو) كان قد خرج من منزل صاحبه ولقي حتفه بين أنياب كلب يعيش في الجوار، قام بعدها الرئيس الأمريكي (بنجامين فرنكلين)، الذي كان صديقا لصاحب السنجاب، بتعزيته على مصابه هذا، بالكلمات التالية: ”لقد كان من السناجب القليلة التي أنجزت الكثير في حياتها، لأنه حظي بتربية جيدة، وسافر بعيدا، ورأى أجزاء كبيرة من العالم“، ويضيف الرئيس السابق: ”…إلا أنه للأسف الشديد سقط ضحية بين أنياب كلب وحشي“.

لم يكن انتحاب وتعزية وفاة سنجاب أمرا غريبا أو غير شائع كما قد تعتقده عزيزي القارئ آنذاك عندما كتب الرئيس (فرنكلين) رسالة تعزية وفاة (مونغو)، فأثناء القرنين التاسع عشر والعشرين كانت السناجب حاضرة بقوة في المنازل الأمريكية خاصة بالنسبة للأطفال.

بينما كان الأمريكيون يحتفظون بالعديد من الحيوانات البرية ويربونها كما لو كانت أليفة، كانت السناجب الأكثر شعبية من بينها كلها، وذلك وفقا لكتاب (الحيوانات الأليفة في أمريكا) من تأليف (كاثرين غريير) Katherine Grier، ويرجع السبب في ذلك إلى كونها سهلة الاحتفاظ بها وتربيتها.

لوحة فنية من إبداع (جون سنغلتون كوبلي) تبرز طفلا يملك سنجابا من نوع السناجب الطائرة
لوحة فنية من إبداع (جون سنغلتون كوبلي) تبرز طفلا يملك سنجابا من نوع السناجب الطائرة. صورة: Museum of Fine Arts في بوسطن

بحلول القرن الثامن عشر، دخلت الولايات المتحدة الأمريكية في عصر ذروة امتلاك السناجب وتربيتها في المنازل، فقد كانت تباع في الأسواق ويعثر عليها في منازل الأثرياء من قاطني المدن، كما كان يتم عرض صور جدارية تبرز أطفالا ”مثاليين“ يحملون سناجب مهذبة للغاية من الطبقة الراقية، وهي مربوطة بسلاسل ذهبية بفخر في هذه المنازل (بعض من هذه الصور واللوحات توجد الآن في متاحف الفنون).

كانت معظم هذه السناجب الأليفة تنتمي لسلالة السناجب الرمادية الأمريكية، على الرغم من كون السناجب الحمراء والسناجب الطائرة موجودة ومتوفرة كذلك آنذاك.

بحلول القرن التاسع عشر، ظهر قسم أدبي يعنى بالاعتناء بالسناجب كنتيجة لهذا الحماس الذي اكتنف رعايتها وتربيتها آنذاك، في الكتاب الذي نشر سنة 1851 بعنوان (الحيوانات الأليفة: عاداتها وطرق التعامل معها)، من تأليف الكاتب (جاين لاودن) الذي كتب فيه عن السناجب كحيوانات أليفة أكثر من الأرانب، كما خصص فصلا كاملا من أجل ما أسماه: ”المخلوق الصغير الجميل، الرشيق جدا في حركاته“، فكتب كذلك: ”بالإمكان تدريب السناجب على القفز من يد إلى الأخرى في بحث عن ثمرة جوز مخفية، كما أنه سرعان ما يعرف اسمه الذي ينادى به، كما يتعرف كذلك الشخص الذي يطعمه“.

يكتب (لاودن) كذلك في كتابه عن عادات السناجب، على غرار القفز في مختلف أرجاء الغرفة، والخروج والتحديق من بيوتها الخشبية، كاتبا كذلك بأنه: ”كثيرا ما يتم تسجيل حالات يعثر فيها على ما لا يقل عن سبعة عشر مكعب سكر، بالإضافة إلى الكثير من ثمرات الجوز وقطع من البسكويت في كورنيشة الغرفة التي يحتفظ فيها بالسنجاب“، كما ينصح (لاودن) كل من توقف سنجابه عن الركض والقفز في مختلف أرجاء المنزل بأن يوفر له قفصا يحمل عجلة دوارة ليركض عليها.

لوحة فنية تبرز فتاة مع سنجاب وببغاء وحمامة وقط
لوحة فنية تبرز فتاة مع سنجاب وببغاء وحمامة وقط. صورة: Archive/Flickr

كما تنصحك المجلة الشهرية (ليجر هاور مونثلي) Leisure Hour Monthly في سنة 1859 بأن تطعم سنجابك الخاص ”قطعة من ثمار التين، أو تمرة بين الحين والآخر“، كما أنه يجب عليك أن تبدأ برحلتك ومغامرتك في تربية السناجب بتلك التي تتحصل عليها مباشرة من عشها عندما تكون صغيرة جدا كلما كان ذلك متاحا، كما يضيف كاتب ذلك المقال، الذي يذكر أسماء سنجابيه وهما (ديك) و(بيتر)، بأنهما كانا يتمتعان بحرية التنقل في مختلف أرجاء غرفة نومه، حيث كان بإمكانهما تخزين وتخبئة الكثير من الجوز، فيكتب بذلك: ”دع حيواناتك الأليفة من السناجب تقوم بقضم وتكسير جوزاتها الخاصة بأنفسها، يا محب السناجب الصغيرة“.

كتب دليل نشر في سنة 1883 على سبيل المثال بأنه بالإمكان اقتناء أي سنجاب من أي متجر لتربية وبيع العصافير، هذه المحلات التي تبيع الحيوانات الأليفة، وعلى خلاف متاجر اليوم، كانت لها جوانب مظلمة: تكتب (غريير) بأن مالكي تلك المتاجر: ”تجاهلوا حقيقة أنهم قد باعوا حيوانات لزبائن قد يهملونها أو يسيؤوا معاملتها، أو أن تجارتهم لجنس معين من الحيوانات قد تجعل حياته في البرية في خطر“.

بورتريه لسيدة تحمل سنجابا وطائر الزرزور
بورتريه لسيدة تحمل سنجابا وطائر الزرزور. صورة: National Gallery

إلا أن للاحتفاظ بالسناجب وتربيتها نقائصه التي يعود بها على البشر كذلك، وهو الأمر الذي أصبح واضحا في نهاية المطاف: فعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها مالكوها من أجل ترويضها وتربيتها، تبقى هذه الحيوانات حيوانات برية.

بمرور الوقت، بدأت تتغير نظرة الناس إلى السناجب، وأخذوا يعتبرونها ”وباء“؛ بحلول العشرية الأولى من القرن العشرين أصبحت السناجب كائنات ممقوتة في ولاية كاليفورنيا لدرجة أن حكومة الولاية أطلقت حملة واسعة لمهاجمة ومحاربة هذه الكائنات التي كانت في يوم من الأيام محبوبة للغاية.

ومن عشرينات القرن العشرين إلى غاية سبعيناته، تبنت العديد من الولايات تدريجيا قوانين حفظ الحياة البرية، التي من ضمنها قانون يمنع تربية والاحتفاظ بالسناجب في المنازل.

اليوم، يحذر الخبراء من أن السناجب قد لا تكون الحيوان الأليف المثالي لتربيته في المنزل، وذلك بشكل كبير راجع لحميتها الغذائية النيقة، والمساحة المتطلبة لأجل تربيتها، بالإضافة إلى مخالبها الحادة التي تخدش كل شيء في المنزل.

إلا أن لا شيء مما سبق ذكره من القوانين قد يثني أكبر محب للسناجب عن تربيتها وامتلاكها، إنه (بوب روس) الذي قد يتذكر معجبوه سنجابه الأليف المسمى (بيبود) Peapod، كما عمد بعض عشاق السناجب إلى إعادة هيكلة وتنميق هوسهم بهذه الكائنات ليتماشى مع العصر الحالي من خلال جعلها مشهورة في المواقع الاجتماعية، وعلى رأسها (إنستاغرام).

غير أن ترك هذه الحيوانات وحالها في الغابة يبقى أفضل قرار قد يتخذه الشخص.

مقالات إعلانية