in

دخلك بتعرف ماعز الجبل المدمن على عرق وبول الإنسان

منذ إدخال هذا النوع من الماعز إلى منطقة منتزه (أوليمبيك) الوطني الأمريكي؛ أصبحت مدمنة بشكل خطير على عرق البشر وبولهم.

ماعز الجبل يتم نقله جواً

في الثقافة الغربية؛ عندما يرغب أحدهم في أن يخبرك بأن أمرا ما مستحيل حدوثه، يقول لك: ”عندما تطير الخنازير“، ولكن ماذا عن مقولة ”عندما يطير الماعز“؟

لحد الآن، تم نقل حوالي 75 من هذا الماعز جواً من منتزه (أوليمبيك) الوطني الأمريكي في ولاية واشنطن كجزء من مخطط كبير يهدف إلى إزالة هذا النوع تماماً من المنطقة، ووفقا للإذاعة الوطنية الأمريكية NPR، فقد كان هذا الماعز الغريب عن المنطقة يعيث فيها فسادا من خلال الإخلال بالنظام البيئي المحلي، وكذا مهاجمة السواح والزائرين والاعتداء عليهم.

من طبيعة هذه الحيوانات حبها لاستهلاك الملح، وبما أن منتزه (أولمبيك) ليس موطنها الأصلي والطبيعي فهو لا يحتوي على أية مواقع بها ملح لتستمتع بلعقه، لذا وجه ماعز الجبل أنظاره إلى ثاني أفضل مصدر متوفر للملح على لائحتها، وهم البشر.

لقد كان هذا الماعز الجبلي يضايق السواح والمتجولين في المنتزه بسبب كونه ينجذب للملح الموجود في العرق والبول البشري، وعندما يرى أحدها إنسانا، فكل ما يراه في حقيقة الأمر هو كيس ملح متنقل. لقد كان هذا الماعز الجبلي يخل بالنظام البيئي في هذا المتنزه الوطني الأمريكي ويهاجم رواده، وقد تسبب حتى في مقتل أحد السواح في سنة 2010 مما أثار قلق المسؤولين وجعلهم يعتبرون وجوده في المنطقة مصدر خطر وتهديد كبيرين.

خلصت «مصلحة المنتزه الوطني» و«إدارة واشنطن للأسماك والحياة البرية» و«مصلحة الغابات الوطنية» إلى مخطط تتراوح مدة إنجازه من ثلاثة إلى خمسة سنوات يهدف إلى التخلص من مشكلة الماعز في المنتزه، وتتمحور الخطة حول أسر نصف تعداد الماعز فيه الذي يقدر بـ700 معزاة ثم نقلها بشكل آمن إلى جبال (نورث كاسكايد) التي تعتبر موطنها الأصلي.

معزاة جبل في قفص تحملها طائرة لنقلها إلى موطنها الجديد.
معزاة جبل في قفص تحملها طائرة لنقلها إلى موطنها الجديد – صورة: Ashley Ahearn/NPR

تعتبر عملية إزالة هذا الماعز من المنتزه واحدة من عدة عمليات ترحيل التي من المقرر تنفيذها، مع مخططين اثنين ليتم إنجازهما في وقت ما من هذه السنة الجارية وفي سنة 2019.

صرح (روث ميلنر)، الذي كان يدرس ماعز الجبال ضمن قسم الأسماك والحياة البرية في واشنطن منذ عقود للإذاعة الأمريكية الوطنية أن نقل هذا الماعز إلى جبال (نورث كاسكايد) يعتبر مكسبا لكلا الطرفين، حيث يحتاج منتزه (أوليمبيك) الوطني لترحيل ماعز الجبل من منطقته، وتحتاج جبال (نورث كاسكايد) هذا الماعز في منطقتها لأنها شهدت انخفاضا معتبرا في أعدادها، لذا يأمل المسؤولون هناك أن نقل ماعز منتزه (أوليمبيك) إليها سيساهم في تعويض النقص العددي وكذا إعادة إنعاش مستوطناتها هناك.

غير أن (دايفيد والين)، البروفيسور في قسم علوم البيئة في جامعة واشنطن الغربية، يحذر من أن هذا المخطط يبقى خطوة واحدة في الاتجاه الصحيح، وليس حلا كاملا للمشكلة في قوله: ”إن عملية الترحيل هذه لن تساهم في حل المشكلة“، وأضاف البروفيسور للإذاعة الوطنية الامريكية: ”لكننا نعتقد أن بإمكاننا نقل ما بين 300 إلى 400 معزاة جبل وهو ما سيمثل زيادة بـ10 بالمائة في تعداد هذا النوع [هناك في جبال (نورث كاسكايد)]. نأمل أن يساعد هذا في إنعاشها وبدأ تعافيها“.

عمال يقومون بأسر ماعز الجبل من منتزه (أوليمبيك) الوطني ويقومون بنقله إلى مواقع أخرى.

وصل ماعز الجبل هذا، الذي لا تعتبر منطقة منتزه (أوليمبيك) موطنا له، أول مرة قبل أن يتم جعل المنطقة منتزهاً وطنياً في عشرينات القرن الماضي، جلبت مجموعة صيادين من (بريتيش كولومبيا) و(ألاسكا) معها عشرات من الماعز إلى المنطقة، ومنذ ذلك الحين تناسلت وتضاعفت أعداداها لتصبح بضعة مئات.

الآن وصل تعداد ماعز الجبل في المنتزه الوطني إلى عتبة الـ700، ويأمل الفريق المعني بمعالجة هذه المشكلة بأن يكون بمقدوره ترحيل نصف هذا العدد، لكن للأسف سيتعين عليهم قتل البقية التي لن يتمكنوا من تغيير موقعها.

وفقا لصحيفة (سياتل تايمز) فإن عملية تغيير موقع الماعز ليست سهلة وتتم وفقا لعدة مراحل: يتم في بادئ الأمر تخدير الحيوانات، ثم نقلها جوا ووضعها داخل شاحنات، ثم نقلها إلى مجموعة من الخيم التي يتم فيها إجراء عدد واسع من الاختبارات عليها.

ماعز جبلي معصوب العينين ومخدر يتدلى من على مروحية جواً.
ماعز جبلي معصوب العينين ومخدر يتدلى من على مروحية جواً – صورة: Jesse Major/The Peninsula Daily News/AP

ثم تُثبت على أعناقها أطواق تعقب GPS، ثم بعد ذلك يتم شحنها داخل أقفاص ونقلها داخل شاحنات مبرّدة إلى جبال (نورث كاسكايد). باختصار، ستسافر هذه الحيوانات بواسطة المروحيات، ثم الشاحنات، ثم العبّارات في طريقها إلى محطتها الأخيرة.

ليست هذه أول مرة تحاول فيها المصالح المعنية معالجة مشكلة ماعز الجبل في المنتزه الوطني (أوليمبيك)، حيث وفقا للإذاعة الوطنية تم أسر عدة مئات منها عبر الغرب خلال ثمانينات القرن الماضي، وعلى الرغم من أن الأمر لم يكن ناجحا جدا، فإن منتزه (أوليمبيك) الوطني شهد تحسنا كبيرا بمجرد رحيل بعض هذا الماعز عنه.

تقول (باتي هاب)، خبيرة بيولوجية في الحياة البرية في المنتزه، للإذاعة الوطنية الأمريكية: ”لقد شهدنا عودة النظام البيئي إلى طبيعته المألوفة“، وأضافت: ”عندما تكون لديك مجموعة من الماعز في منطقة ما، فإنها تتنقل هنا وهناك وتتمرغ في التربة وتضر بالحياة النباتية. يملك الماعز هذه العادة التي يحبها وهي الاستحمام والتمرغ في التراب، فينشأ عن ذلك مراغة وبقع كبيرة من التربة العارية، ومع التعرية والتآكل تتسع هذه البقع شيئا فشيئا“.

غير أنه بسبب عدم إزالة هذا الماعز بشكل كلي، عاد تعدادها إلى مستوياته الطبيعية، وأخذ يزيد بشكل ثابت كل سنة منذ ذلك الحين.

قد يبدو من غير البديهي إزالة ماعز الجبل من الجبل، لكن في هذه الحالة يعتبر هذا الأمر حلا مفتاحيا من أجل استمرار كل من المنتزه الوطني والحيوانات التي تعيش فيه.

مقالات إعلانية