in

دخلك بتعرف (هانيبال ليكتر) الحقيقي، الذي ألهم الروائيين لإبداع الشخصية الهوليوودية الشهيرة

(ألفريدو بالي تريفينو)

لربما لم يكن اسم (ألفريدو تريفينو بالي) مألوفا لدى الجميع، لكنك إن كنت من معجبي أفلام الرعب -أو كانت لديك معرفة عامة بالأفلام السينيمائية بصفة عامة- فقد تعلم بأن اسم (هانيبال ليكتر) مألوف ومشهور للغاية.

ابتداء من فيلم The Silence of the Lambs والأفلام التي تلته، كانت شخصية (هانيبال ليكتر) واحدة من أكثر الشخصيات تعقيدا وإثارة للرعب في تاريخ الشخصيات الهوليوودية الشريرة على الإطلاق.

على ما يبدو، لم تكن شخصية (هانيبال ليكتر) نتاج مخيلة خصبة فحسب، ففي سنة 1963 التقى المؤلف والروائي (توماس هاريس) الذي ألف روايات تتضمن شخصية (هانيبال ليكتر) أول مرة -هذه الروايات التي سيتم تحويلها إلى أفلام سينيمائية لاحقا- برجل يدعى (ألفريدو بالي تريفينو).

كان (ألفريدو بالي تريفينو) جراحا يمضي فترة عقوبته في سجن (مونتيري) بالمكسيك لثبوت إدانته بجريمة قتل، فعندما كان جراحا في أحد مستشفيات المكسيك في سنة 1959 دخل (تريفينو) في جدال مع عشيقه (جيسوس كاستيلو رانجال)، الذي كان هو الآخر طبيبا.

دفع هذا الجدال بـ(تريفينو) أن ذبح (رانجال) من الوريد إلى الوريد بواسطة مشرط -أداة حادة يستعملها الأطباء في التشريح-، ثم قطّع جثته إلى أجزاء صغيرة ودفنه في قطعة أرض مهجورة وبعيدة.

كان أحد معارف الضحية قد ساورته الشكوك حيال تصرفات (تريفينو) فقام بملاحقته إلى موقع دفن الجثة، حيث عثر عليها، وبعد اكتشاف أمره اعتقلته الشرطة وحكم عليه بالإعدام.

(ألفريدو بالي تريفينيو).
(ألفريدو بالي تريفينيو).

لقاء المؤلف (هاريس) بالدكتور ”المجرم“ (ألفريدو بالي تريفينو):

كان المؤلف (هاريس) في سجن (مونتيري) يعمل على إحدى القصص المتعلقة بأحد المساجين يدعى (دايكس أسكيو سيمونز)، الذي كان قد حكم عليه بالاعدام هو الآخر بسبب اقترافه جريمة ثلاثية، وقد كان (تريفينو) قد عالج (أسكيو) منذ مدة في السابق بعد أن تعرض لإطلاق النار لمحاولته الفرار من السجن.

بعد الحديث مع (سيمونز) التقى (هاريس) بـ(ألفريدو تريفينو) وكان يعتقد آنذاك أنه يتحدث إلى طبيب السجن.

وصف (هاريس) (تريفينو) على أنه ”رجل صغير الحجم ذو شعر أحمر قاتم“، وأضاف: ”كانت له هيئة صارمة، وكان له نوع من الأناقة الخاصة“.

عمد بعدها (تريفينو) -الذي منحه (هاريس) لقبا وهميا لحماية هويته هو (الدكتور سالازار)- إلى دعوة (هاريس) إلى الجلوس بكل لطف وتهذيب، وما كان قد حصل هو محادثة مشابهة جدا لتلك المحادثة الشهيرة التي جرت بين شخصية (هانيبال ليكتر) التي لعب دورها الممثل (أنثوني هوبكنز)، والعميلة الفيدرالية الشابة (كلاريس ستارلينغ) التي لعبت دورها الممثلة (جودي فوستر).

الممثل (أنثوني هوبكنز) في شخصية (هانيبال ليكتر).
الممثل (أنثوني هوبكنز) في شخصية (هانيبال ليكتر).

سأل (تريفينو) (هاريس) سلسلة من الأسئلة، عارضا شخصية مبهمة وساحرة ومعقدة في آن واحد، ومن بين الأسئلة: ”كيف شعرت عندما رأيت (سيمونز)؟ هل لاحظت التشوهات على وجهه؟ هل رأيت صور ضحاياه؟“ وعندما أجاب (هاريس) بأنه رأى صورا للضحايا الذين وجد بأنهم كانت لهم مظاهر جدّ عادية، صاح فيه (تريفينو) على الفور: ”هل تريد أن تقول بأنهم لم يستفزوه على الإطلاق؟“

إلى حين انتهاء المحادثة بينهما؛ بعدها فقط علم (هاريس) أنه لم يكن يتحدث مع طبيب السجن في الواقع، بل أن (ألفريدو بالي تريفينو) هو مجرد سجين آخر، كان جراحا سابقا وزُج به في السجن بسبب اقترافه لجريمة قتل شنيعة، فعندما سأل (هاريس) مدير السجن: ”منذ متى يعمل (تريفينو) طبيبا في هذا السجن؟“ أجاب المدير: ”إن هذا الطبييب الذي تتحدث عنه هو مجرد قاتل وسجين آخر“، وبعد أن علم بحقيقة (تريفينو) وجرائمه، تابع مدير السجن شارحا لـ(هاريس): ”كجراح، بإمكان (تريفينو) أن يقطع جثث ضحاياه بطريقة تمكنه من وضعها في صناديق صغيرة جدا“، وأضاف: ”لن يغادر هذا المكان أبدا، إنه مجنون“.

في نهاية المطاف، غادر (تريفينو) السجن، وعلى الرغم من صدور عقوبة الإعدام في حقه، إلا أن عقوبته خففت لعشرين سنة من السجن النافذ، وأطلق سراحه بعد انقضائها بين سنتي 1980 و1981.

 (ألفريدو بالي تريفينو)
(ألفريدو بالي تريفينو)

في حوار معه في سنة 2008، الذي كان آخر حوار مسجل معه، قال (ألفريدو بالي تريفينو): ”أنا لا أرغب في إعادة عيش ماضيّ القاتم، لا أريد إيقاظ شياطيني، إنه أمر صعب للغاية، الماضي ثقيل جدا، والحقيقة هي أن هذا الكرب الذي أحمله لا يطاق“.

توفي (تريفينو) في سنة 2009 عن عمر يناهز 81 سنة، بعد أن كان قد أمضى آخر سنوات حياته في مساعدة الفقراء والمسنّين.

أما فيما يتعلق بالكاتب (هاريس)، فقد كان ذلك اللقاء الغريب مع ”طبيب السجن“ سيعلق في ذهنه لمدة طويلة، ثم أصدر روايته بعنوان (ريد دراغون) Red Dragon أو ”التنين الأحمر“، وهي أولى رواياته التي تضمنت شخصية الطبيب اللامع والقاتل (هانيبال ليكتر).

مقالات إعلانية