in

دخلك بتعرف عائلة مانسون وجرائمها الشهيرة وعلاقتها بفيلم «حدث ذات مرة… في هوليوود»

ما وراء كواليس الجرائم الوحشية التي ظهرت في فيلم (كوينتين تارانتينو) الأخير، Once Upon a Time… in Hollywood

صورة: Getty Images/Sony Pictures Entertainment/Ringer illustration

الممثل وبديله في المشاهد الخطرة (اللذين يؤدي دورهما ليوناردو دي كابريو وبراد بيت، على التوالي) في فيلم «ذات مرة… في هوليوود» للمخرج (كوينتين تارانتينو) هما محور القصة، حيث يعيشان بجوار الممثلة الجميلة (شارون تايت)، التي أدت دورها (مارجو روبي)، وزوجها المخرج (رومان بولانسكي)، في صيف عام 1969، لكن ما لا تعرفه أي من الشخصيات هو أن (تايت) وخمسة آخرين سيُقتلون بوحشية على أيدي أفراد من عائلة (مانسون)، وهي طائفة يقودها (تشارلز مانسون) والتي ستصبح، بالنسبة للكثيرين، الرمز النهائي لرعب ستينيات القرن الماضي.

في فيلم (تارانتينو)، يلوح ذكر (مانسون) وأفراد طائفته ككيان مشؤوم يطارد عالم لوس أنجلوس ومشاهيره ليبثّ الرعب والإجرام في زواياه، ومع اقتراب الذكرى الخمسين لارتكاب جرائم عائلة مانسون، إليك شرح مختصر لمن هي هذه العائلة ومن قادها وماذا فعلت بأمريكا.

من هو (تشارلز مانسون)؟

تشارلز مانسون
رجل يصوّر لحظة اعتقال تشارلز مانسون إثر الاشتباه به في التخطيط لجريمة قتل تيت – لابيانكا. صورة: Bettmann

ولد (تشارلز مايل مادوكس) في عام 1934 لأم مراهقة في السادسة عشرة من عمرها، أمضى طفولته المبكرة وشبابه في العيش عند أقاربه بعد إلقاء القبض على والدته والحكم عليها بالسجن لخمس سنين، وفي ذلك الوقت كان عمر (مانسون) الطفل خمس سنين فقط، لكنه عاد إلى العيش مع أمه بعد الإفراج المشروط عنها بعد ثلاثة سنين من الحبس، لكنها أرادت إيداعه في ملجأ للإيتام بيد أنها لم تجد مكانًا يسمح بذلك، حينها أقرت المحكمة امكانية أن يدرس (مانسون) في مدرسة في ولاية إنديانا، إلا أنه هرب بعد فترة وجيزة وعاد إلى أمه التي رفضته ورفضت العيش معه.

لجأ (مانسون) للعيش في الشارع وتعلم طرق الاحتيال وبدْء حياته الإجرامية، وفي أوائل العشرينات من عمره، تزوج مرتين وأنجب ابنًا. في عام 1966، تم إرسال (مانسون) للمرة الثانية إلى سجن Terminal Island استعدادًا للإفراج المبكر عنه، بحلول وقت إطلاق سراحه في 1967، كان قد أمضى أكثر من نصف عمره -32 عامًا- في السجون والمؤسسات الإصلاحية، غالبًا لانتهكه القوانين الفيدرالية الصارمة، ونتيجة تعوده على الحبس وشعوره أنه ملجأه الوحيد، حيث قال للسلطات إن السجن أصبح منزله، وطلب الإذن للبقاء فيه.

إلا أن (مانسون) انتقل إلى بيركلي ثم سان فرانسيسكو، وهي المدن التي اجتاحها الشباب الذين يتطلعون لخلق طريقة حياة جديدة، وكونه الشخص الأكبر سناً بين هؤلاء، فقد شكل مجموعة صغيرة من التابعين (كلهم من النساء تقريبًا)، وفي عام 1968، توجه مع العديد من الإناث إلى لوس أنجلوس لممارسة مهنة الموسيقى، بعد أن تعلم العزف على الجيتار في السجن. كانت أدوات (مانسون) في الإقناع هي نقد الأعراف الاجتماعية البالية في أواخر الستينيات، بالإضافة لقدرته على إخبار الآخرين بما يريدون سماعه، وكلاهما أوصله لعلاقة صداقة مع (دينيس ويلسون)، عازف الطبول في فرقة Beach Boys.

من خلال (ويلسون)، قابل (مانسون) أشخاصاً آخرين في عالم الموسيقى ونمى شعوره في الوصول للنجومية بشكل متزايد، في حين كان يُطبق سيطرة أكبر وأكبر على المجموعة التي أصبحت تُعرف باسم عائلة مانسون. لقد كان، كما قال الصحفي الاستقصائي (جيف جوين) في كتابه (مانسون: حياة وأوقات تشارلز مانسون): ”الرجل الخطأ في المكان المناسب في الوقت المناسب“.

بعد القبض على أفراد العائلة الذين ارتكبوا جرائم القتل في آب 1969، حوكم (مانسون) بتهمة القتل معهم، فرغم أنه لم يقم بأي من عمليات القتل الفعلية، لكن المدعي العام (فنسنت بوجلوسي) جادل بأن العائلة فعلت كل ما أمر به (مانسون) بما في ذلك القتل، وقد توفي في تشرين الثاني 2017 لإصابته بسرطان القولون وتوقف القلب، ليكون واحد من نزلاء السجون الذين قضوا أطول مدة في كاليفورنيا.

من هم الأتباع المعروفون باسم عائلة مانسون؟

صورة لـ سبان رانش. صورة: Ralph Crane / The LIFE Picture Collection / Getty Images

في خيال الناس فإن (فتيات مانسون)، كما بتن يعرفن، كنّ ذوات أثر كبير مثل (مانسون) نفسه، وكمعظم أفراد العائلة الشابات في آواخر سن المراهقة وأوائل العشرينات من العمر، كان أفراد عائلة (مانسون) في أواخر الستينيات، أناسًا عاديين لا يختلفون عن سواهم كثيرًا. فقد كانت النساء من الطبقة المتوسطة في جميع أنحاء البلاد يتجهن إلى مدن مثل سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس، متأثرات بثقافة الهيبيين السائدة ومفاهيمها، وكذلك استخدم (مانسون) أتباعه الإناث لجذب الرجال الآخرين للانضمام إلى المجموعة ودعمها، فقد كانت ثلة من النساء هن اللواتي قابلن (دينيس ويلسون) في البداية وجلبن (مانسون) إلى منزله.

تجول (مانسون) وعائلته في أرجاء لوس أنجلوس، واستقروا في نهاية المطاف في سبان رانش، وهو موقع تصوير سينمائي وتلفزيوني قديم في غرب سان فرناندو فالي. في سبان، مارس (مانسون) هيمنة تامة على مجموعته، حيث قيل إن الأعضاء ممنوعون من ارتداء النظارات الطبية أو حمل المال، ففي كتابها أحد أفراد الأسرة: قصتي عن تشارلز مانسون، والحياة داخل طائفته، والظلمة التي انهت الستينيات، قامت إحدى أتباع مانسون، (ديان ليك)، البالغة من العمر 14 عامًا عندما قابلته، بتفصيل ليال طويلة من المحاضرات التي ألقاها (مانسون) على مسامعهم، حيث أمر الآخرين في المكان بتعاطي عقار LSD والاستماع إليه يعظ بماضي البشرية وحاضرها ومستقبلها. ظل بعض أفراد العائلة موالين لـ (مانسون) حتى بعد الحكم عليه بالإعدام (تحول الحكم فيما بعد إلى السجن مدى الحياة عندما الغت ولاية كاليفورنيا استخدام عقوبة الإعدام)، وفي عام 1975، قامت إحدى أوائل أتباع (مانسون)، (لينيت ”سكويكي“ فروم)، بمحاولة اغتيال الرئيس (جيرالد فورد)، إلا أن مسدسها لم يعمل وسرعان ما ألقي عليها القبض من قبل الجهاز الأمني.

كيف دخل (مانسون) مشهد هوليوود؟

تيري ميلشر وكانديس بيرغن، اللذان عاشا في المنزل الذي قُتلت فيه تيت لاحقاً. صورة: Dove / Express / Getty Images

كان لدى (مانسون) علاقات مع عدد من الأثرياء وذوي النفوذ في لوس أنجلوس، ومن خلال (دينيس ويلسون)، تعرف على المنتج الموسيقي (تيري ميلشر)، نجل الممثلة (دوريس داي) وصديق العارضة والممثلة (كانديس بيرجن). في وقت من الأوقات كانت ابنة الممثلة (أنجيلا لانسبيري) تتعامل مع العائلة، وعلى الرغم من أنها لم تكن عضوًا رسميًا، فقد استخدمت بطاقات والدتها الائتمانية لشراء طعام ولباس للعائلة.

عاش كل من (ميلشر) و(بيرجن) في منزل (10050 Cielo Drive) الذي ستستأجره (تايت) في نهاية المطاف مع زوجها، ويفترض الصحفي (غوين) أنه في ذلك المنزل لاقى (مانسون) الرفض من قبل المؤسسة الموسيقية، بعدما لجأ إلى (ميلشر) كراعٍ، وحتى أنه استضاف المنتج في مكانه بسبان رانش، حيث استمع (ميلشر) بأصغاء إلى (مانسون) وعائلته. علق (مانسون) الكثير من الأمل على علاقاته مع (ويلسون) و(ميلشر)، ويعتقد أنه بمجرد أن أصبح واضحًا أن الرجلين لن يساعداه في مسيرته الموسيقية بشكل كبير (على الرغم من أن (ويلسون) أقنع فرقته بإعادة انتاج عمل لصديقه وسجل نسخة من أغنية (مانسون) ”توقف عن الوجود Cease to Exist“، والتي أعادوا تسميتها لتصبح ”لا تتعلم ألا تحب أبدًا Never Learn Not to Love“، والتي اعتبرت فشلًا حقيقًا مقارنة بأعمال (مانسون) الموسيقية الأخرى التي تعتبر جيدة بشكل عام)، حينها أصبح (مانسون) يركز بشكل متزايد على العنف وليس الموسيقى.

ما هو هيلتر سكيلتر Helter Skelter؟

فتيات ينتمين لعائلة مانسون أثناء محاكمتهن. صورة: Bettmann

رسا المدعي العام (فنسنت بوغلوسي)، في محاولته الصعبة لفهم دوافع جرائم العائلة، على هوس (مانسون) بما أسماه ”هيلتر سكيلتر“. وهو مصطلحه الأشهر لتعبير عن آراءه، والمأخوذ من أغنية للبيتلز تحمل الاسم نفسه (حيث أخبر أتباعه بأن الألبوم الأبيض-أحد ألبومات البيتلز- كان دليلًا قويًا على أن فرضياته حول نهاية العالم كانت صحيحة).

هيلتر سكيلتر، في شرح واعتقاد (مانسون)، كان حرب الأعراق القادمة والتي ستشهد موت الآلاف وستجبر العائلة على الاختفاء في الكهوف تحت الأرض، هناك، سوف ينتظرون حتى يحين وقت ظهورهم وحكمهم لما تبقى من العالم.

تنبأ (مانسون) في البداية بأن الجرائم الأولى سوف يرتكبها الأمريكيون من أصل أفريقي ضد البيض، إلا أن حالته اليائسة في صيف عام 1969 -فشل آماله الموسيقية التي لم تسفر عن نجاح وأن علاقاته في هوليوود قد انتهت- جعلته يوّجه اهتمامه ويخبر العائلة بأنها قد تضطر إلى بدء الهيلتر سكيلتر بنفسها، وارتكاب جرائم وحشية في الأحياء الراقية في محاولة لتوضيح كيف ينبغي تنفيذ العنف للأميركيين الأفارقة. في عام 1974، نشر (بوغليوسي) كتاب هيلتر سكيلتر: القصة الحقيقية لجرائم مانسون، أول عمل كبير يدرس عائلة مانسون وكتاب الجريمة الحقيقية الأكثر مبيعًا في كل الأوقات.

من هم ضحايا عائلة مانسون؟

الممثلة شارون تيت في مشهد لها من فيلم Don’t Make Waves. صورة: Silver Screen Collection/Getty Images

في ليلة 8 آب عام 1969، توجه عدة أفراد من عائلة مانسون وهنّ (تكس واتسون)، (باتريشيا كرينوينكل)، (سوزان أتكينز) و(ليندا كاسابيان) (التي ستصبح فيما بعد شاهدة ضد العائلة) إلى منزل (تايت) و(بولانسكي)، وقد كان المخرج خارج المدينة يعمل على فيلم جديد. كانت الممثلة الشابة، في السادسة والعشرين من عمرها حاملًا في شهرها الثامن، وقد ظهرت في فيلم وادي الدمى في عام 1967 وتُعدّ واحدة من أبرز الوافدين لهوليوود، كانت تسترخي في المنزل مع بعض الضيوف الذين لم يكن لدى أي منهم أي اتصال ملموس بـ (مانسون) أو العائلة بخلاف كونه زار المنزل الذي كان يشغله سابقًا شخص يعرفه، ألا وهو (تيري ميلشر).

في كتابه، كتب (بوغلوسي) أن أحد شهود الادعاء وصف اليوم الذي جاء فيه (مانسون) إلى المنزل يبحث عن (ميلشر) لكنه وجد (تايت) على الشرفة بدلاً منه، ويقول: ”لا يمكن أن يكون هناك شك في أن (تشارلز مانسون) شاهد (شارون تايت)، وهي رأته“.

ماتت (تايت) وأصدقاؤها جميعًا على يد الرباعي، قُتل (ستيفن بارنت) كذلك، وهو فتى مراهق صديق لأحد العاملين في المنزل صادف أنه كان يخرج من الممر عند وصول القتلة.

في الليلة التالية، انطلقت نفس المجموعة، بالإضافة إلى (ليزلي فان هوتين) و(مانسون) نفسه، لارتكاب المزيد من جرائم القتل، وتوجهوا إلى منزل المسؤول عن أعمال البقالة (لينو لابيانكا) وزوجته (روزماري) في منطقة لوس فيليز في لوس أنجلوس. لم يكن (لابيانكا) هدفًا محددًا لعائلة مانسون، لكن وفقا لـ (بوغلوسي)، تم اختيار عائلته عشوائيا بعد عدة ساعات من التجول في الأحياء الراقية بلوس أنجلوس.

لماذا لا تزال عائلة مانسون مدعاة للخوف؟

الطبيعة الوحشية لعمليات القتل التي ارتكبتها عائلة مانسون، بالإضافة إلى حقيقة أن بعض الضحايا كانوا من المشاهير، طرقت بعض من أعمق المخاوف النفسية الأمريكية، ففكرة أنك لست آمنا في منزلك، وفكرة أنه حتى ”الفتيات الشابات“ لسن بعيدات عن ارتكاب جرائم لا توصف في بشاعتها وغرابة دوافعها كانت مرعبة لكل شخص من ذلك العالم، كما عُزز الاعتقاد السائد في الثقافة الشعبية بأن حركة الحب الحر (التي ترفض الزواج) في الستينيات لم تكن حرة على الإطلاق.

جرى استكشاف ذلك الشعور بشكل أكبر في كتاب لـ (جيفري ميلنيك) بعنوان زحف مخيف: تشارلز مانسون والعديد من أفراد الأسرة الأكثر شهرة في أمريكا، حيث يدرس (ميلنيك)، أستاذ الدراسات الأمريكية في جامعة ماساتشوستس ببوسطن، التأثير الثقافي طويل الأمد لعائلة مانسون وكيف أثر على الستينيات وما بعدها وها هو اليوم يُطرح حديثًا في فيلم هوليوودي جديد أنتجه نخبة من عالم هوليوود الذي أراد (مانسون) الانتقام منه وبث الرعب فيه وفي أمريكا ككل.. ويظل البعض يتساءل متى سيظهر العالم بـ”مانسون“ جديد يستغل الموجة والشباب لغاياته وتفريغ علله النفسية.

مقالات إعلانية