in

دخلك بتعرف أنه يوجد خنزير وحيد في أفغانستان كلها.. واسمه «خنزير»

يحب الخنزير (خنزير) الاستلقاء تحت أشعة الشمس، ويمضي أياماً طويلة متمدداً على العشب، وأحياناً يركض للترحيب بالمارة المعجبين به وكأنه يدرك شعبيته حيث يأتي الزوار من مسافات بعيدة لمجرد إلقاء نظرة عليه.

الخنزير الوحيد في أفغانستان

تأتي شهرة الخنزير (خنزير) من حقيقة أنه الخنزير الوحيد في أفغانستان كلها، ففي أفغانستان، كما هو الحال في جميع الدول الإسلامية، يعتبر أكل لحم الخنزير حراماً، بل أن مجرد لمس هذا الحيوان يعتبر من المحرمات في بعض الأحيان، ونتيجة لذلك لا يتم تربية أي خنزير في البلاد، كما أن التضاريس الجبلية في أفغانستان لا تعتبر مكاناً مناسباً لعيش الخنازير المدجنة.

يعيش (خنزير) البالغ من العمر 14 عاماً في حظيرة معشوشبة في (كابول)، فيها بركة صغيرة وملجأ خرساني يقطن فيه لأيام حين يريد أن يبقى لوحده. يقول (عزيز غول ثاقب) وهو مدير حديقة حيوان (كابول): ”لم يرَ معظم الأفغان خنزيراً في حياتهم قط“.

لكن (خنزير)، لم يكن دائماً الخنزير الوحيد في حديقة الحيوانات المهجورة هذه والموجودة في منطقة متنازع عليها، يقول (ثاقب) أن الصين أهدته لحديقة الحيوان في العام 2002 مع أنثى له وزوج من الدببة البنية، وذكرت تقارير إخبارية من ذلك الوقت أن الهدية شملت أيضا أسدين وغزالين وذئباً.

(خنزير) وشريكته بعد وصولهما للحديقة بوقت قصير.
(خنزير) وشريكته بعد وصولهما للحديقة بوقت قصير – صورة: Kabul Zoo/Washington Post

كان (خنزير) وشريكته ورديان وقوييّ البنية، وأنجبا مجموعة من الخنازير الصغيرة بعد بضع سنوات، لكن عائلة الخنازير الصغيرة مزقتها المأساة عام 2006.

يشرح (ثاقب) قائلاً: ”كان القائمون على حديقة الحيوانات حديثي العهد نوعاً ما، ولم يكونوا مدربين جيداً في ذلك الوقت، وفي أحد الأيام ترك المشرف الباب مفتوحاً دون قصد أمام قفص الدب البني، ودخل أحد الدببة إلى حظيرة الخنازير القريبة“. هاجم الدب حضيرة (خنزير)، مما أسفر عن مقتل الخنازير الصغيرة. وصلت سلطات حديقة الحيوان إلى هناك في الوقت المناسب لإنقاذ (خنزير) وشريكته، بيد أن الأنثى تأذت بشدة في الهجوم وماتت بسبب إصاباتها بعد فترة وجيزة، وهكذا بقي الخنزير (خنزير) الوحيد من نوعه في كل البلاد.

قد يبدو (خنزير) اليوم وحيداً، لكنه ليس وحيدا حقّاً، فقد طور علاقة خاصة مع القائمين على رعايته، الذين يقومون بإطعامه يومياً وتنظيف حظيرته بانتظام.

يقول (شاه بارات)، وهو حارس حديقة حيوان منذ فترة طويلة: ”إنه لا يتحرك كثيراً هذه الأيام، لكنه يظهر الحماس في كل مرة يراني فيها، لأنه يعلم أنني أحضر له الطعام“، وقد برهن (بارات) عن هذا حيث نادى (خنزير) الذي جاء إليه بسرعة كبيرة على الرغم من تقدمه في السن ووزنه الثقيل، حيث يزن أكثر من 220 كيلوغرام.

عندما سئل عما إذا كانت رعاية الخنزير تتناقض مع معتقداته الدينية؛ نفى (بارات) ذلك نفياً قاطعاً وقال: ”إن أكله حرام بالتأكيد، لكن العناية به ليست خطيئة، هذه حديقة حيوانات لذا يجب أن يكون هناك مثل هذه الحيوانات، إلى جانب ذلك فإن (خنزير) حيوان بريء مثل كل الحيوانات، من المؤكد أنه قذر جداً لكنه مسؤوليتنا“. [الخنازير ليست حيوانات قذرة في الواقع، على الرغم من سمعتها].

واجه (خنزير) بعض المعارضة الخارجية، وحدث ذلك في عام 2009 خلال الوباء العالمي لأنفلونزا الخنازير حيث تنامت مخاوف السلطات الحكومية من تفشٍ محتمل للوباء في بلدها الذي مزقته الحرب، ووضعت أنظارها على الخنزير الوحيد في البلاد، ومع انتشار عناوين الأخبار حول انتشار الفيروس، أصبح الجمهور الأفغاني قلقاً أيضاً وبدأ يدعو إلى طرد الخنزير، واقترح البعض قتله حتى.

لكن (ثاقب) وفريقه لم يوافقوا على أي شيء من ذلك، حيث يقول: ”على الرغم من أنه كان يتمتع بصحة جيدة، كان علينا عزله لبضعة أسابيع“، مضيفاً أن هذا الإجراء اتخذ لاسترضاء العامة وحماية (خنزير) من الأذى. تم نقل (خنزير) إلى منزله الشتوي وأمضى أياماً في العزلة، باستثناء ثلاث زيارات يومياً من رعاته الذين اعتقدوا أنه بحاجة إلى صحبة.

(خنزير) واقف أمام باب مأواه في حديقة الحيوانات في كابول.
(خنزير) واقف أمام باب مأواه في حديقة الحيوانات في (كابول) – صورة: Ruchi Kumar/Washington Post

يقول (بارات): ”إنه مميز جداً بالنسبة لنا.. (خنزير) هو صديقي مثل كل الحيوانات التي أهتم بها في حديقة الحيوان، سأكون حزيناً للغاية إذا حدث مكروه ما له“.

بخلاف الذعر من أنفلونزا الخنازير، لم تكن هناك معارضة حقيقية لوجود الخنزير، بل في الواقع يقول مسؤولو حديقة الحيوان أنهم يرغبون في الحصول على المزيد من الخنازير لأغراض تعليمية. يقول (نجيب الله نظاري)، منسق التعليم في حديقة الحيوانات: ”نعتقد أنه ينبغي أن يتمكن الناس والطلاب من التعرف على جميع الحيوانات، بما في ذلك الخنازير“.

يبدو أن الزوار الذين يتوافدون على حظيرة (خنزير) يتفقون مع ذلك. قال أحد المارة، وهو شاب يبلغ من العمر 23 عاماً، اسمه (آصف): ”رؤية الخنزير كانت تجربة رائعة بالنسبة لي، لم أرَ مثل هذا الحيوان من قبل“.

إنه الآن مسنّ وضعيف ويقضي معظم أيامه متمدداً في حظيرته ويراقب زواره، قالت سلطات حديقة الحيوان إنها تعمل على العثور على شريكة له، ولكن لا يبدو أن ذلك سيحدث في أي وقت قريب، يقول (ثاقب): ”لقد طلبنا من دول أخرى مساعدتنا على ملء الحديقة بأنواع مختلفة من الحيوانات، بما في ذلك الخنازير، لكن لم يتعهد أحد بإرسال شريكة لـ(خنزير) حتى الآن“.

مقالات إعلانية