بدأت ظاهرة فريدة من نوعها تثير حيرة وتساؤل السكان المحليين في مدينة دزيرجينسك، الواقعة ضمن نيجني نوفغورود في روسيا، حيث شاهد الناس قطيعاً من الكلاب الزرقاء قرب مصنع كيماويات مهجورٍ في المدينة.
نُشرت صور الكلاب في البداية من طرف (أليكسي غانين) على موقع «فيكونتاكتي VK» الروسي، وهو منصة السوشال ميديا الأكبر في البلاد، وأثار حيرة ومخاوف باقي المستخدمين، وكذلك بعض الدعابات الكوميدية، حيث قال أحدهم أن هذه الكلاب الزرقاء هي من فصيلة ”السنافر“.
وتزامناً مع انتشار تلك الصور، بدأ الناس يطالبون بإجابات عن هذه الظاهرة الغريبة. حيث تبيّن أن الكلاب ظهرت قرب منطقة دزيرجينسكوي أورغستيكلو، وهي شبكة من مصانع الكيماويات التي أُغلقت بعد إفلاسها عام 2015، فعلى الأرجح أن تلك الكلاب تعرضت لمواد وملوثات كيميائية.
على الأرجح أيضاً أن تلك الكلاب تعرضت إلى سلفات النحاس، أو كبريتات النحاس الثنائي، وهو مركب كيميائي على شكل بلورات زرقاء يُستخدم في تصنيع زجاج الأكريل أو زجاج البلكسي (بولي ميثيل ميثاكريلات) وفي تصنيع سيانيد الهيدروجين، وهما من المواد التي كان المعمل ينتجها قبل إغلاقه.
يوافق (آندري ميسليفيتس) أيضاً على هذا الكلام، و(ميسليفيتس) هو المدير المشرف على مرحلة إشهار إفلاس المصنع السابق، حيث قال: ”الكلاب المشردة تجوب المنطقة، لذا من المرجح أنها عثرت في إحدى مباني المصنع المهجورة على نوع من المخلفات الكيميائية، كسلفات النحاس مثلاً، وبالتالي قد لطخت نفسها“.
لكن (ميسليفيتس) قال أنه لا يتحمل مسؤولية معالجة الكلاب وإرجاع لونها إلى الطبيعي، أو حتى علاجها من التأثيرات الجانبية التي قد يخلفها التعرض لتلك المواد الكيميائية. قال (ميسليفيتس): ”لا أستطيع تحمّل تكلفة إلقاء القبض على تلك الحيوانات المشردة وتكلفة تعقيمها أيضاً“.
أوردت وكالات الأنباء الروسية أن المدينة ستتكفل بجمع تلك الكلاب، وستقوم بإجراء الفحوص الطبية اللازمة ومعالجة لونها الأزرق، على الرغم من أن الكلاب حالياً ليست في حالة خطرة –وفق كلام المسؤولين المحليين طبعاً.
قال مسؤولو مدينة دزيرجينسك: ”وفقاً للفحص البصري الأولي، يبدو أن الكلاب في حالة مريحة. سيدخل الأخصائيون أرض مصنع الكيميائيات وسيعثرون على تلك الحيوانات ويفحصوها“.
في المقابل، لم يبدِ أنصار حقوق الحيوانات ثقتهم بخصوص صحة الكلاب، فقالت (كيلي أوميرا) –نائبة رئيس الجمعية الدولية للرفق بالحيوان– أن لون الكلاب الأزرق ”مشكلة صحية واضحة“، وأوضحت أيضاً أن ”لون الفراء هذا يدل على أن الحيوان كان على اتصال مباشر بالمواد السامة أو المؤذية، وربما حاول ابتلاعها. وهذا ما قد يؤدي إلى حروق مؤلمة في البشرة أو الحكة أو النزف الداخلي أو حتى أمراضٍ أخرى قد تؤدي إلى الموت، إذا ترك الحيوان بدون تدخل طبي طبعاً“.
لدى الجمعية الدولية للرفق بالحيوان فروع في كافة أنحاء العالم، لكن وجود الجمعية ضعيفٌ في روسيا، وترى (أوميرا) أن على روسيا فعل المزيد بخصوص الحيوانات الشاردة. تقول (أوميرا): ”حتى هذه اللحظة، لم تنفذ السلطات في المدن الروسية أي استراتيجيات إنسانية فعالة لمعالجة مشكلة الكلاب الضالة في الشوارع وتعدادها، كما أن السلطات تلجأ أحياناً إلى أساليب قاسية وغير مجدية في السيطرة على تلك الحيوانات“. شجّعت (أوميرا) أيضاً على التعقيم الشديد وبرامج التلقيح التي تضمن رفاه وصحة الحيوانات الشاردة.
بعد فترة قصيرة من بروز أنباء كلاب دزيرجينسك الزرقاء، بدأت وكالات الأنباء الروسية تنشر قصص مجموعة أخرى من الكلاب، لكن الكلاب خضراء اللون هذه المرة، وعُثر عليها في بودولسك قرب موسكو. لكن تبيّن أن تلك الكلاب، ولحسن الحظ، كانت تتدحرج وتلهو في طلاء جاف غير سام.
المثير للاهتمام والغرابة في آن واحد هو أن تلك الكلاب الملونة بألوان غريبة ظهرت في مرات سابقة وفي أماكن مختلفة، ففي عام 2017 مثلاً، ظهرت مجموعة من الكلاب الزرقاء في مدينة مومباي الهندية.
وفي حالة مومباي، تحوّل لون الكلاب إلى الأزرق لأن إحدى شركات التصنيع كانت ترمي نفاياتها في نهر كاسادي بشكل غير قانوني، وهو النهر الذي كانت تسبح فيه بعض الحيوانات. على الأرجح أن تلك النفايات احتوت صباغاً أزرق اللون استُخدم في صنع مزيلات الأوساخ ومنتجات كيميائية أخرى.
جراء ذلك، أُغلق المصنع وفق قرار مجلس ماهاراشترا للسيطرة على التلوّث. بعد الإمساك بإحدى الكلاب الضالة، فُحص الكلب وتبيّن أنه في صحة جيدة، وغُسل الطلاء الأزرق عن فروه بسهولة.
أما بالنسبة لكلاب دزيرجينسك، فيبدو أنها أيضاً في صحة جيدة، حيث أُمسك بـ 7 كلاب ضالة وجرى فحصها على يد الأطباء البيطريين. قال (إليا كازاكوف)، رئيس عيادة الطب البيطري، أن الكلاب في حالة مقبولة. بينما يبقى سبب تغيّر اللون مجهولاً. تجري العيادة تحقيقاتها حول سبب هذا اللون الأزرق.
على أي حال، يبدو أن تلوّن الكلاب بهذا اللون قد عاد على بعضها بشيء من النفع، حيث جرى تبني اثنين من الكلاب جراء هذا اللون الأزرق الغريب، ما يضع نهاية سعيدة لتلك القصة.