in

دخلك بتعرف قصة السيدة التي بترت عضو زوجها الذكري في حادثة غريبة تركتنا نتساءل: ”كيف وصل الأمر إلى هذا الحد يا ترى؟“

تصدرت (لورينا بوبيت) عناوين الصحف الأمريكية عندما أقدمت على بتر عضو زوجها (جون بوبيت) في سنة 1993، والقصة والسبب وراءها أغرب مما قد تظنه عزيزي القارئ.

خلال أمسية الثالث والعشرين من شهر يونيو سنة 1993، كان (جون بوبيت) ينام بسلام في فراشه حتى دخلت عليه زوجته (لورينا بوبيت) حاملة سكيناً في يدها استخدمته لقطع عضوه الذكري بدون سابق إنذار.

بينما كان زوجها يتلوى من الألم الفظيع الذي سببته له، قادت (لورينا) سيارتها نحو منطقة بعيدة وألقت بعضو زوجها المتضرر داخل أحد الحقول الزراعية، ثم توجهت إلى منزل إحدى صديقاتها التي سمحت لها باستخدام هاتفها من أجل الاتصال بالشرطة وإخطارهم بالمكان الذي رمت فيه القضيب المبتور.

انتشر خبر الحادثة مثل النار في الهشيم، وأصبح الزوجان شخصيتين مشهورتين حينما تصدرت محاكمتهما عناوين الصحف الأمريكية وراحت معظم القنوات التلفزيونية تذيعها، ومن بينها قناة الـ(سي آن آن) التي أذاعت المحاكمة دون توقف، وخلال الأيام التي تلت ذلك، راح الجمهور الأمريكي، الذي يتملكه الفضول، يشاهد المحاكمة ويتساءل: كيف وصل الأمر إلى هذا الحد يا ترى؟

(جون بوبيت) و(لورينا بوبيت) خلال المحاكمة.
(جون بوبيت) و(لورينا بوبيت) خلال المحاكمة.

بدى من الواضح أن العلاقة التي ربطت (جون) و(لورينا) كانت متقلبة منذ البداية، وفوق كل ذلك، لم يتفق الزوجان تقريباً على أي شيء، بما في ذلك قصة الحادثة التي جعلتهما أيقونتان في الثقافة الأمريكية.

كانت روايتاهما عن الحادثة متضاربتان تماماً، وأحيانا ما كان التضارب يحدث بين روايتي كل واحد منهما على حدى.

أثناء إلقاء القبض عليها، صرحت (لورينا) المهتاجة آنذاك أن أنانية زوجها في فراش الزوجية هي ما دفعها إلى حمل السكين والإقدام على فعلتها، فقالت: ”هو دائما ما يصل إلى رعشة الجماع، ولا يكلف نفسه عناء الاستمرار حتى أحظى أنا بنفس المتعة“، واستطردت بالقول: ”إنه أناني“.

أثارت هذه التصريحات الكثير من علامات الاستفهام، قبل أن تتدارك (لورينا) أقاويلها لتأتي بتصريحات وشكاوي أكثر جدية وخطورة، فادعت أن زوجها (جون بوبيت) كان متعسفا ويسيئ إليها جسديا وعاطفيا على مر السنوات، كما أنه وفقا لها اغتصبها ليلة وقوع الحادثة.

تستعرض (لورينا بوبيت) أثناء محاكمتها الإساءة التي كانت تتعرض لها من طرف زوجها.
تستعرض (لورينا بوبيت) أثناء محاكمتها الإساءة التي كانت تتعرض لها من طرف زوجها.

ادعت هيئة الدفاع عن (لورينا) أن هذه الأخيرة كانت تعاني من حالة من الاكتئاب ومن اضطراب ما بعد الصدمة كنتيجة لكل تلك الإساءة التي كانت تعيشها. ساهم التوتر الحاصل بفعل وضعها غير المستقر في إصابتها بنوع من الجنون المؤقت، الذي حملها بدوره على الإقدام على فعلتها في حق زوجها.

بالطبع نفى (جون بوبيت) كل تلك الادعاءات المتعلقة بالإساءة، هذا على الرغم من أن روايته هو الآخر تغيرت مع تقدم التحقيقات، فادعى في البادئ أنهما لم يمارسا أي علاقة ليلة الحادثة، ثم غير روايته ليقول بأن (لورينا) حاولت استمالته لمطارحة الفراش غير أنه رفض ذلك.

بعد أن حاول لفترة وجيزة إقناع هيئة المحكمة أنه ”ربما“ أقام معها علاقة جنسية بينما كان نائماً، اعترف في نهاية المطاف بأنه كان واعيا بالنشاط الذي كان يمارسه معها تلك الليلة، كما أعقب بالقول بأن الأمر كان بالتراضي وأنه لم يفرض عليها ذلك على حد مزاعمها.

غير أن كلا من الدفاع والادعاء اتفقا على واقع التعسف والإساءة من طرف الزوج، هذا على الرغم من أن (جون بوبيت) لم يعترف أبداً أن الأمر تطور ليبلغ حد الاغتصاب في رأيه.

في نهاية المطاف، وبعد سبعة ساعات من المداولة، جاء حكم هيئة المحلفين بكون (لوينا بوبيت) بريئة بسبب الجنون المؤقت، وحُكم عليها بالإقامة الجبرية في مصح عقلي لمدة 45 يوماً، وخلال تلك الفترة خضعت لتقييم عقلي شامل. أُطلق سراحها بعد انقضاء مدة إقامتها واعتبرها الأطباء قد شفيت تماماً، أما (جون بوبيت) فقد رأت هيئة المحلفين أنه كان مذنباً فيما يتعلق بالاعتداء والعنف الأُسري.

أطياف من الرمادي في رواية مروّعة:

(لورينا بوبيت) تدلي بشهادتها خلال المحاكمة.
(لورينا بوبيت) تدلي بشهادتها خلال المحاكمة.

على الرغم من أن عدة تقارير صحفية حاولت وضع أحد الزوجين سواء في خانة الضحية البطل أو المعتدي الشرير، فإن غرابة الرواية جعلت الفصل في هذا الأمر صعبا نوعاً ما.

حاول الإعلام آنذاك تصوير (لورينا بوبيت)، الفنزويلية المولد ذات الثلاثة والعشرين ربيعاً، على أنها تلك المهاجرة الطموحة التي تلاشت آمالها في تحقيق الحلم الأمريكي عندما أدركت أن رجل المارينز الوسيم الذي ارتبطت به كان معتديا ومسيئا وغير مخلص البتة.

ومع ذلك، كان على وسائل الإعلام الاختلاف في واقع أنه بينما قامت (لورينا) في الواقع بالاتصال بخدمة الطوارئ 911 لتقدم شكوى ضد زوجها عدة مرات، فإن هذا الأخير قد اتصل كذلك بالطوارئ ليشكو زوجته!

في سنة 1991، ألقي القبض على (لورينا) وهي بصدد اختلاس مبلغ 7200 دولار من ربّ عملها، وهي الفعلة التي ادعت لاحقا أنها اقترفتها بينما كانت تعيش تحت ضغط مادي كبير لكون زوجها عاطلا عن العمل. وفي سنة 1992، انفصل الزوجان، قبل أن يعاودا الارتباط مجددا في السنة الموالية، وكانا قد قررا الانفصال مرة أخرى عندما حملت (لورينا) السكين وفعلت فعلتها في ليلة الثالث والعشرين من يونيو ”خوفاً على حياتي“ مثلما ادعت لاحقا في هيئة المحكمة.

غير أن صديق (جون بوبيت) ورفيقه في الشرب، الذي كان نائما على أريكة الزوجين ليلة الحادثة والذي قام لاحقا بالإسراع بـ(جون) إلى المشفى، قال بأن (لورينا) في طريقها إلى الخارج حاملة قضيب زوجها المبتور، سرقت 100 دولار من محفظته وبعض أغراضه الأخرى.

ثم لدينا ما أدلت به من أقاويل في بادئ التحقيق، والتي أشارت من خلالها لكونها فعلت ما فعلته لأن زوجها كان دائما ما يتغاضى عن واجبه الزوجي في فراش الزوجية. باختصار، على الرغم من أن رواية (لورينا) فيما يتعلق بالاعتداء والعنف الزوجي اللفظي والجسدي كانت مقنعة جدا، فإن تطور المحاكمة زاد الطين بلة.

وبينما أثارت رواية (لورينا) جدلا كبيراً، فإنها لم تكن بشيء مقارنة برواية زوجها (جون).

ما صرح به (جون) لهيئة المحكمة أثناء محاكمة زوجته

(جون بوبيت) يدلي بشهادته أثناء محاكمة (لورينا بوبيت).
(جون بوبيت) يدلي بشهادته أثناء محاكمة (لورينا بوبيت).

بالطبع، أضرّ تغيير (جون بوبيت) لأقواله فيما يتعلق بالنشاط الجنسي الذي جمعه بزوجته ليلة وقوع الحادثة بمصداقيته كثيراً، كما لم تساعد رواياته التالية في إصلاح الأمر من جهته كثيراً.

اتهم (جون بوبيت) زوجته ببترها لعضوه الذكري لكونها لم تتحمل فكرة ارتباطه بامرأة أخرى ذلك أن الزوجين كانا على وشك الانفصال، كما أعقب ذلك بكونها قامت بفعلتها تلك من أجل أن يبقى مرتبطا بها وذلك من أجل ضمان ”بطاقتها الخضراء“ –بطاقة الإقامة في أمريكا–، لأنه كان ينقصها عام واحد على استكمال شرط الزواج من مواطن أمريكي لمدة خمسة سنوات حتى يصبح من حقها المطالبة ببطاقة الإقامة الأمريكية.

تغيرت أقوال (جون) كثيراً لدرجة أن جهة الادعاء تعين عليها الاعتراف والتسليم بكونه كان متعسفاً ومسيئاً على الصعيدين العاطفي والجسدي تجاه (لورينا) في الماضي، لكن ما قام به بعد المحاكمة هو ما ساهم في ترجيح الكفة لصالح زوجته، وربما وضع معاناتها معه في بيت الزوجية تحت المجهر.

مراسلون صحفيون يتحدثون مع (جون بوبيت) وزوجته (لورينا بوبيت) في سعي للتوفيق بين قصتيهما المختلفتين.

تم استرجاع عضو (جون بوبيت) المبتور من الحقل الذي كانت (لورينا) قد ألقت به هناك ليلة الحادثة، ثم أعيد وصله بصاحبه بعد عملية جراحية إعجازية دامت تسعة ساعات ونصف، ويجدر الذكر أنه لم يتوان في استعراض استعادته لرجولته للعالم، وأن عضوه أصبح يعمل من جديد كما لو كان سليماً في عدة مرات خلال الأشهر التي تلت العملية.

بعد أن ظهر (جون) في برنامج المذيع (هوارد ستيرن)، سطع نجمه وتلقى هدية الخضوع لعملية جراحية مجانية لتكبير عضوه الذكري، وقبل أن يمر وقت طويل أخذ يلعب أدوار بطولة في عدة أفلام للراشدين.

وما كانت قد استظهرته هذه الفترة الاستعراضية في حياته تجاوز بكثير عضوه المبتور والموصول مجددا، فقد سلطت الضوء على شخصيته الحقيقية.

في هذه الصورة يظهر (جون بوبيت) في الوسط مع الممثلة (فيرونيكا برازيل) على اليسار، التي لعبت دور (لورينا بوبيت)، في فيلم إباحي حمل عنوان Uncut «غير مبتور»، تدور أحداثه عن قصة الحادثة التي تعرض لها (بوبيت). صورة: David Rentas/New York Post Archives/Getty Images
في هذه الصورة يظهر (جون بوبيت) في الوسط مع الممثلة (فيرونيكا برازيل) على اليسار، التي لعبت دور (لورينا بوبيت)، في فيلم إباحي حمل عنوان Uncut «غير مبتور»، تدور أحداثه عن قصة الحادثة التي تعرض لها (بوبيت). صورة: David Rentas/New York Post Archives/Getty Images

على الرغم من أن نمط حياته الجديد سمح له بالتعرف على نساء كثيرات، فإن الكثير من الأمور بقيت على حالها بالنسبة له، حيث أدين عدة مرات بتهمة العنف الأُسري وقضى عقوبة 60 يوماً خلف القضبان.

خلال السنوات التي تلت ذلك، وعندما نفذت منه مكاسب مسيرته المهنية كممثل إباحي، اعتُقل في ثلاثة مناسبات منفصلة بتهمة العنف تجاه زوجته الثالثة —التي كانت الضحية نفسها خلال المرات الثلاث كلها—

أين (جون بوبيت) و(لورينا بوبيت) من الحياة في أيامنها هذه يا ترى؟

لورينا بوبيت. صورة: David Becker/GC Images
لورينا بوبيت. صورة: David Becker/GC Images

لا تفاجئنا معرفتنا بأن (جون) الآن أعزب وفي حالة فقر وعوز دائم، فقد عاد إلى الجراح الذي أجرى له عملية تكبير العضو وطلب منه إعادته لحجمه الطبيعي، وبينما كان يستمتع بشهرته الوجيزة، استمرت (لورينا) في حياتها بهدوء بعيداً عن الأضواء، وبعد الطلاق تخلت عن لقب زوجها وافتتحت صالوناً للتجميل.

في نهاية المطاف، أقامت علاقة عاطفية مع رجل آخر، والتي استهلتها بروية، حيث بدأ الأمر على شكل صداقة ليتطور إلى علاقة حب ثم زواج.

حظيت في نهاية المطاف بحلمها الأمريكي، وذلك بعد أن تزوجت ورزقت بابنة وهي الآن تعيش حياتها محاطة بعائلتها التي تحبها. في سنة 2007، أسست (لورينا) جمعية لمناهضة العنف المنزلي ومد يد المساعدة والدعم لضحايا هذا النوع من الأفعال.

(لورينا بوبيت) تتحدث حول حياتها اليوم، وما هو شعورها عندما تتذكر الماضي والمحاكمة الشهيرة التي جعلت منها شخصية معروفة.

سلطت قضية (جون بوبيت) وزوجته السابقة (لورينا بوبيت) الضوء على قضية العنف المنزلي في الولايات المتحدة وجعلت منها قضية وطنية، وهي اليوم تسعى جاهدة لأن لا يتم تناسي هذه القضية الخطيرة وأن تتم محاربتها بشتى الطرق، على الرغم من أنها تتمنى في أن يُنسى ماضيها المرير.

لكن لسوء حظها، يبدو أن أمنيتها هذه بعيدة المنال، ذلك أنه قد كان لقضيتها أثر كبير في الوعي الأمريكي الاجتماعي: ظهر في المعجم الأمريكي مصطلح جديد بفضل هذه القضية وهو Bobbittized الذي يعني ”قُطع على طريقة (بوبيت)“، وأصبح يستخدم للإشارة لكل جريمة تتضمن بتر الأعضاء الذكرية، كما أصبح مصطلحاً متداولاً في المحيط الطبي.

تخليدا لهذه القضية الحساسة، سُمي نوع مكتشف حديثا من الديدان الذي يستخدم فكه الذي يأخذ شكل المقص من أجل إحكام قبضته على فرائسه تيمنا بها وأطلق عليه اسم دودة (بوبيت).

قامت شركة أمازون في مطلع السنة الجارية —2019— بإنتاج سلسلة وثائقية بعنوان «لورينا»، التي أعادت النظر في القضية من منظور آخر سلطت من خلاله الضوء على ”لورينا الضحية“، وكيف أن معاناتها ”تم تجاهلها من طرف الصحافة التي كان يهيمن عليها العنصر الرجالي“.

مقالات إعلانية