in

يبدو أن خداع العقل البشري لا يقتصر فقط على الخداع البصري: إليك هذا الخداع الحسّي الذي يمكنك تجربته في المنزل

يد تحمل علبة زرقاء

خرج للنور مؤخراً نوع جديد من الخداع الذي يلاعب قدرة الدماغ الإدراكية، وهو لا يتعلق بالخدعة البصرية التي أسدلها علينا الثوب الأزرق/الذهبي، لا بل لا يتعلق الأمر بالخداع البصري إطلاقاً. يتعلق الأمر هنا بالخداع الحسي، الذي يمكنك حتى تجربته في المنزل.

يتضمن هذا الخداع جعل غرض واحد يبدو أثقل وزناً من مجموعة من الأغراض من نفس الجنس التي ينتمي إليها، وهو ما يعتبر بدون شك أمراً مستحيلاً. في دراسة جديدة يبدو أنها الأولى من نوعها التي وثقت ”خداعاً حسياً جسدياً“، قال فيها الباحثون: ”لا يمكن فقط رؤية ما هو مستحيل، بل يمكن الإحساس به أيضاً“.

يعترف هؤلاء الباحثون من جامعة (جون هوبكنز) أنهم استعاروا الفكرة وراء هذه التجربة الإدراكية ”المستحيلة“ من حيلة كان ينفذها أحد لاعبي الخفة، وفي نسخة لاعب الخفة الكلاسيكية، يقوم أحد المشاركين بحمل غرضين يكونان بنفس الوزن على الرغم من كون حجميهما مختلفين، فيتفاجأ هذا المشارك لإدراكه بأن الغرض الأصغر حجماً يبدو أثقل وزناً من الغرض الأكبر حجماً.

في الحقيقة، يكون الغرضان بنفس الوزن، غير أن التجربة تلقننا بتوقع أن تكون الأغراض صغيرة الحجم أخف وزناً، وعندما لا يحدث هذا الأمر، يبالغ الدماغ في معادلة ذلك الفارق، وبدل ذلك يحدث أن يسجّله على أنه أثقل وزناً.

في هذا الخداع ”المستحيل“، جعل الباحثون ثلاثين مشتركاً يحملون علبة كانت تزن 250 غراماً لوحدها، ثم يحملونها إلى جانب علبتين أخريين تزن كل واحدة منهما ثلاثون غراماً. يمكنك أن تجرب هذا الأمر بنفسك في المنزل باستخدام علب أعواد الثقاب: قم بملء علبة واحدة بأشياء ثقيلة الوزن، واترك الإثنتين الأخريين فارغتين. احمل في البادئ العلبة الثقيلة لوحدها، ثم احمل العلب الثلاثة مع بعضها البعض. أيهما أثقل وزناً: العلبة الثقيلة لمفردها؟ أم مع المجموعة؟

التغريدة: يجعلك هذا الخداع الحسي الغريب تعتقد أن الأغراض خفيفة بشكل يبدو مستحيلاً.

ردد تسعون في المائة من المشاركين بأنهم شعروا بأنه لدى حملهم للعلبة الثقيلة لمفردها بأنها أثقل من حملها مع المجموعة، وهو ما يمكن التأكيد عليه أنه تجربة أوزان مستحيلة. لا يمكن بأي طريقة من الطرق أن يكون وزن مجموعة من الأغراض أقل من وزن غرض واحد منها ينتمي إليها.

كما تجدر الإشارة إلى أن ترتيب حمل العلب لم يكن له أي تأثير على الخداع، كما لم يكن لحملها بواسطة خيوط أو باليد مباشرة تأثير على التجربة كذلك.

في الواقع، عندما كان المشاركون يحملون كلا من العلب الثلاثة مع بعضها البعض، ثم وضعوا جانبا العلبتين الفارغتين شعر معظمهم كما لو تمت إضافة وزن على العلبة، بينما في الواقع تم إنقاص الوزن وليس زيادته.

وفقاً للدراسة، علم المشاركون جيدا أن هذا الأمر كان مستحيلا ومنه طلبوا من الباحثين السماح لهم بإعادة تجربتها مرة أخرى، غير أنهم وصلوا لنفس النتائج التي وصلوا إليها في المرة الأولى، حتى مع علمهم بأنها كانت مستحيلة.

لذا ما الذي يحدث في الحقيقة؟

يقترح فريق الباحثين وراء الدراسة بأن الدماغ يتعرض للخداع بنفس الطريقة التي ينخدع بها تحت تأثير الخداع البصري، وأنه من المحتمل أن حدوث أخطاء على مستوى التوقعات الحسية هو ما يخلق الخدعة، فيلجأ الدماغ إلى ملء فراغات واقعنا الذي نتوقعه مع احتمال المبالغة في معادلة وتعويض النقائص من أجل تفسير ما نجد أنفسنا عاجزين على فهمه.

كتب الباحثون في ورقتهم البحثية: ”إن التصورات المستحيلة تمثّل العالم بطرق لا يمكن أن يكون عليها“، وأضافوا: ”تظهر مثل هذه التجارب كيف تكون بعض مبادئ العمليات العقلية ثابتة وراسخة وعديمة المرونة لدرجة تنتج عنها نتائج سخيفة وحتى غير متناسقة، التي يعلم صاحبها جيدا أنها من المستحيل وقوعها في أرض الواقع“.

ومع ذلك، لا يحدث هذا إلا في الإدراك البصري عن طريق الخداع البصري. يقول الباحثون أن هذه التجربة هي الأولى من نوعها التي تستظهر أنه لا يمكن فقط رؤية الاستحالة أو سماعها —أو رؤيتها وسماعها معاً— عن طريق الخداع البصري والصوتي أو معاً، بل يمكن أيضاً الشعور بها.

مقالات إعلانية