in

تعرّف على عرض المكنسة الكهربائية الترويجي الغبي الذي أسهم في إفلاس شركة هوفر Hoover

صورة: HiFi Corp

كانت شركة هوفر Hoover في القرن الماضي إحدى أشهر الشركات المختصة بصناعة المكانس الكهربائية، ومع أن مقرها الرئيس في الولايات المتحدة، لكن فرع الشركة في بريطانيا كان الأكبر والأضخم، لدرجة أن اسم هوفر أصبح مقترنا باسم المكنسة الكهربائية،

في عام 1992، اكتشفت شركة هوفر البريطانية أنها تمتلك فائضاً من المكانس الكهربائية والغسالات، لذا قرر المسؤولون تقديم عرضٍ ترويجي للتخلص منها، عرض ترويجي جنوني للغاية: فأيّ زبونٍ ينفق 100 جنيه إسترليني أو أكثر على مكنسة كهربائية أو غسالة ملابس سيحصل على تذكرتين ذهاباً وإياباً لأي وجهة أوروبية يختارها.

بالطبع، كانت الرحلات الدولية ذهاباً وإياباً تكلف عموماً أكثر من المكانس الكهربائية، لذلك وللحفاظ على الأمور مُربحة، كان لدى شركة «هوفر» خطة:

أولاً، ستحاول الشركة بيع أي شخص يحاول إنفاق الحد الأدنى المطلوب (100 جينه إسترليني فقط) وإقناعه بشراء مُلحقات باهظة الثمن أو طراز أغلى. ثانياً، ستقلل الشركة عدد التذاكر التي يتعين عليها تسليمها للزبائن عن طريق جعل عملية الحصول عليها أكثر إرباكاً وتعقيداً، أي جعلتها عملية بيروقراطية مملة قد تفقد الزبون حماسه.

بعد إنفاق ما لا يقل عن 100 جينه إسترليني على المنتج، كان على العُملاء إرسال إيصال وطلب لشركة «هوفر» في غضون 14 يوم. بعد ذلك، سترسل لهم الشركة استمارة تسجيل، والتي عليهم أيضاً إعادة إرسالها خلال 14 يوم.

حينها سترسل شركة «هوفر» قسيمة سفر للزبون، وعلى العُملاء أن يختاروا التاريخ ونقطة المغادرة، والوجهة، وإعادة إرسالها لشركة «هوفر»، ولكن من الممكن أن ترفض الشركة هذه الخيارات.

إذا حدث ذلك، يمكن للعُملاء إرسال بريد إلكتروني باختيارات جديدة، ولكن من الممكن أن ترفض الشركة ذلك أيضاً، ومن ثم يحق للشركة تحديد رحلات الطيران بنفسها، والتي لا يمكن للعملاء تغييرها، إما أن يقبلوا بها أو لا يحصلوا عليها.

نجحت خطة «هوفر»، فباعت الكثير من فائض المكانس، وبسبب البيروقراطية، استرد حوالي 10 بالمئة من العُملاء رحلاتهم بالفعل.

بروشور يحوي المكانس التي عرضتها هوفر للبيع، وهي من نوع Turbo Power Plus.

كيف تحوّل العرض السخي إلى كارثة؟

اتخذت شركة «هوفر» ما اعتبره الكثيرون أحد أسوأ القرارات التجارية في تاريخ الأعمال، فدخلت في شراكة مع شركتي «Coca-Cola» و «DC Extended Universe»، وضاعف «هوفر» عروضها لتتضمن رحلات طيران ذهاباً وإياباً من المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. يبدو هذا الأمر بمجمله جنونياً تماماً، ويبدو أن المسؤولين عن الشركة لم يملكوا الذكاء الكافي لتقدير الخسائر.

كما ترى، كان نموذج المكانس الكهربائية الأكثر شيوعاً مقابل الحد الأدنى البالغ 100 جنيه إسترليني، هو Turbo Power Total System، وهي مكنسة كهربائية بيعت مقابل 119,99 جنيهاً إسترلينياً.

مقابل كل مكنسة Turbo Power Total System تُباع، حققت شركة «هوفر» أرباح بمقدار 30 جنيهاً إسترلينياً تقريباً، بينما ستكلّف كلّ تذكرتي سفر ذهاب وإياب من المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة الأميركية نحو 600 جنيه. أي مقابل كل شخص حصل على التذاكر مقابل شراء مكنسة، خسرت شركة «هوفر» 570 جنيهاً إسترلينياً. أعلنت الشركة عن عرضها السابق من خلال إعلانات مطبوعة نصها: ”تذكرتا ذهاب وإياب، أمر لا يُصدق“.

لكن الناس صدقوا ذلك فعلاً، لدرجة أن شركة «هوفر» شهدت زيادة في المبيعات، أكثر بـ 10 أضعاف مما توقع المسؤولون فيها –لم يقتصر الأمر على تصريف الفائض، بل اضطرت الشركة إلى مضاعفة عدد الموظفين في المصنع الرئيسي لتتمكن من مواكبة الطلب، وعلى الرغم أنها باعت مكانس كهربائية أكثر من أي وقت مضى، لكنها كانت تخسر الملايين!

سرعان ما اشترى 300 ألف شخص مكنسة Turbo Power Total System من أجل الحصول على التذاكر، غإذا لبّت شركة «هوفر» كل هذه الطلبات، ستواجه خسارة تقدر بـ 171 مليون جنيه إسترليني، وهو بالطبع أمرٌ لا ترغب الشركة بحصوله.

وهكذا، حاولت شركة «هوفر» بشكل يائس القيام بكل ما في وسعها لتلغي رحلات الطيران، فادعت مثلاً أن ”الآلاف ملؤوا الاستمارات بشكل خاطئ“ وقامت بتسجيل رحلات مغادرة لعملاء على بعد عدة مئات من الأميال، ووصل بهم الأمر إلى إرسال استمارات الطلب في أوقات الأعياد والعطل أملاً بأن يمتنع الناس عن الاستجابة في غضون 14 يوم.

أحد الملصقات لحملة الشركة الترويجية، والتي تبين أنها كانت كارثية وغير مدروسة.

سرعان ما اكتشف العملاء ما الذي كانت تنوي شركة «هوفر» فعله، وتشكلت مجموعة مصالح كاملة ”مجموعة الضغط على هوفر Hoover Holiday Pressure Group“ وطالبت الشركة بتنظيف فوضاها، وأخيراً تدخلت المحاكم، ووضِعت شركة «هوفر» تحت حكم قانوني لتدفع مقابل التذاكر.

في النهاية، سجلت شركة «هوفر» قيمة مبيعات المكانس الكهربائية والغسالات بنحو 30 مليون جنيه إسترليني، ولكن كان عليها أن تدفع حوالي 72 مليون جينه إسترليني على شكل تذاكر رحلات الطيران لـ 220 ألف عميل –مازالت هذه القيمة أقل من نصف ما جنته الشركة، ما يعني أنها خسرت الملايين وكسبت ملاييناً أخرى بشكل سريع.

كانت تداعيات العلاقات العامة سيئة جداً لدرجة أن العائلة الملكية البريطانية ألغت تفويض شركة «هوفر» الملكي، وهو نوع غريب من المصادقة تمنحه العائلة الملكية لبعض الشركات البريطانية.

ولكن العلاقات العامة لم تكن الجزء الأسوأ، لأنه للحصول على الرحلات الجوية، اشترى الناس الكثير من المكانس الكهربائية التي لن يحتاجونها، والتي قام الناس على مر سنوات عديدة بتقديمها كهدايا أو بيعها في سوق المستعمل، وبعبارة أخرى، لم تعد «هوفر» قادرة على بيع أي مكنسة كهربائية لأن كل شخص أصبح يملك واحدة أساساً، أو على الأرجح ثلاثة منها.

في النهاية، فُصل العديد من المدراء التنفيذيين، وكانت الشركة على وشك الإفلاس، وبُيعت شركة «هوفر» الأوروبية لشركة أجهزة إيطالية تدعى «كاندي».

مقالات إعلانية