إنه لمن طبع البشر أن يقوموا بتوسيع حدود قدراتهم إلى أبعد ما يستطيعون، ففي يوم من الأيام سئم أحدهم من جز العشب عن طريق المنجل فقام بإختراع الجزازة التي تعمل بالدفع، فسئم آخر من الدفع المستمر لهذه الجزازة وقام بإختراع الجزازة الموجهة من الخلف التي تعمل بالطاقة، ثم سئم آخر أيضا من السير خلف الجزازة وتوجيهها باستمرار فقام بإختراع الجزازة المركوبة، فسئم آخر كذلك من ركوب الجزازة والتنقل بها في أرجاء حديقته فقام بإختراع آلة جز العشب الآلية.
وغدا، سيأتي شخص يسأم من شحن هذه الجزازة الآلية، وسيقوم بإختراع روبوت جز عشب آلي ذو شحن آلي وواع بمهامه، فهكذا يعمل العالم، الحاجة دائما أم الإختراع.
في مقالنا هذا على موقع دخلك بتعرف، قمنا بجمع قائمة من أكثر الأشياء الفعالة التي تم منعها لا لشيء إلا لفعاليتها الكبيرة وهي:
5. قام القائمون على البرنامج العلمي التثقيفي ”قاهرو الخرافات – Mythbusters“ بإختراع رجل آلي مدمر للغاية مما تسبب في حظره من مسابقة ”حرب الروبوتات“:
في سنة 1995؛ وقبل أن يشتهر كل من ”آدم سافاج“ والدكتور ”جايمي هاينمان“ بكونهما مقدما برنامج ”قاهرو الخرافات“، كانت مسابقة مجالدة الروبوتات التي تحمل عنوان ”حرب الروبوتات – Robot Wars“ قد بدأت فعالياتها.
قام هاينمان وسافاج بتحقيق دخولهما في هذه المسابقة من خلال تقديم تصميمها الذي حمل إسم ”بليندو“ في سنة 1995 والذي بدا أكثر تشابها مع قدر صينية منه عن موديل T-1000.

إلا أن قدرات ”بليندو“ تعدت مجرد أن يكون شكله مخيفا، فهو كان يتكون من قدر صينية معاد تصميمها وهيكلتها محاطة بحلقات فولاذية دوارة حادة للغاية، وقد كانت كل واحدة من تلك الحلقات المعدنية موصولة بشفرتين فولاذيتين مقوّيتين، والتي وصفها هاينمان بكونها: ”قطعة من الفولاذ بحجم قبضة اليد التي تتحرك بسرعة الصوت“، أساسا، لقد كان بليندو مصمما خصيصا ليقوم بتحويل باقي الروبوتات في المنافسة إلى برادة حديد وشظايا.
وهو الأمر الذي نجح فيه بإمتياز، من خلال شق طريقه نحو نهائيات دورة سنة 1995 لهذه المنافسة، التي توج فيها بليندو بطلا للوزن الثقيل مقابل شرط واحد، وهو انسحابه (ومنه التوقف عن إزعاج الجمهور بشظايا الأجزاء المتطايرة عليهم من منافسيه).
وعندما عاد بليندو للمشاركة في دورة سنة 1997، أصبح الأمر يتعلق بدعاوي قضائية، ومرة أخرى، تم وسم الربوت الصغير (الذي كان قادرا على سحق كل ما يقف في طريقه من أشياء) بلقب بطل الأبطال للوزن الثقيل مرة أخرى مقابل انسحابه كذلك من المسابقة، كما توسله القائمون عليها كذلك أن يخفض قليلا من تعطشه للدماء (أقصد للزيوت).
4. قام المجلس الأولمبي بحظر بذلة سباحة ”سبيدو“ لأنها تجعل السباحين أكثر سرعة:
في كل تظاهرة من تظاهرات الألعاب الأولمبية يوجد حدث رياضي استثنائي يستقطب انتباه المتابعين بشكل كبير، والذين يبدون وكأنهم لا يملون منه، وفي دورة بيكين لسنة 2008، كان هذا الحدث الرياضي الإستثنائي هو السباحة.
فقد كانت تلك السنة التي حصد فيها ”مايكل فيلبس“ ثمانية ميداليات ذهبية حطم فيها جميع الأرقام القياسية، وهو الأمر الذي يعتبر رقما قياسيا في حد ذاته، كما قام فريق الولايات المتحدة الأمريكية كله بالعودة بخمسة وستين رقما قياسيا أولمبيا.
وقد كان العامل المشترك بين كل من فاز بميدالية ذهبية في ذلك العام هو استعمالهم لبذلة سبيدو LZR Racer للسباحة.

وقد كانت هذه البذلة هي نتاج الشراكة وتبادل الخبرات بين كل من وكالة ناسا للأبحاث الفضائية وشركة سبيدو لألبسة الرياضات المائية، كانت الـLZR Racer بذلة سباحة تغطي كامل الجسم ذات قاعدة ”بولي يوريثينية“ صممت لتحول شكل الجسم البشري إلى شكل أنبوب مثالي، حيث أنها خفضت الإحتكاك مع الماء كثيرا كما كانت تحبس الهواء لتزيد من القابلية على الطواف، وقد قام الناقدون على الفور بإطلاق اسم ”المنشط التكنولوجي“ على هذه البذلة الخارقة.
وعلى الرغم من كون شركة سبيدو كانت تكرر دائما أن هذه البذلة ليست ”بذلة إعجازية“ إلا أن النتائج كانت دائما تثبت عكس ذلك.
كما استشاظ غيظا كل الرياضيين المشاركين في هذه الدورة الذين تمت رعايتهم من طرف شركات ألبسة رياضية غير شركة سبيدو، وقاموا بما يشبه إثارة ثورة ضدها، مؤكدين على أن إرتداء بذلة سبيدو هو ما يمنح هؤلاء الأفضلية والأسبقية عن باقي المتسابقين.
هذا بالإضافة إلى سقوط أسعار أسهم العديد من الشركات الرياضية على غرار ”أزيكس – ASICS“ و”TYR“ بسبب عدم قدرتها على اللحاق بركب سبيدو.
حتى أن شركة ”TYR“ ذهبت إلى أبعد من ذلك برفعها لدعوى قضائية بفحوى مكافحة الإحتكار ضد شركة سبيدو في محاولة منها لإيقاف قطارها الثقيل المحمل بالميداليات الذهبية.
وبعد انتهاء الألعاب الأولمبية لذات الدورة، قام المجلس الدولي للسباحة ”FINA“ بتمرير قانون يتضمن العديد من القواعد التي تحكم المواد التي تصنع منها بذلات السباحة، كما تحد من أجزاء الجسم التي بإمكان هذه البذلات تغطيتها، ومنه يصبح كذلك الجميع قادرا على رؤية المزيد من جسم مايكل فيلبس، لأن كل ما يحتاجه مايكل فيلبس هو جسمه وفقط.
3. قامت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية باستبعاد ومنع طائرة بدون طيار صممت لتفادي الصواريخ لأنها وببساطة كانت ممتازة جدا في تفادي الصواريخ:
بعد مدة قصيرة من انتهاء الحرب العالمية الثانية، تم إسناد مهندس الطيران ”كيلي جونسون“ بمهمة تصميم طائرة حربية بدون طيار تتعدى سرعتها سرعة الصوت بثلاث مرات ”Mach 3“ من أجل اختبار قدرات القوات الجوية الأمريكية الدفاعية ضد الصواريخ في خضم السباق نحو التسلح الذي اتسمت به الحرب الباردة.
أمضى كيلي ثمانية سنوات وهو يقوم بإتقان تحفته الحربية التي عرفت بالـ”الطائر الرفراف – AQM-60 Kingfisher“ برعاية: ”Lockheed“، وهو عبارة عن طائرة بدون طيار بإمكانها تجاوز سرعة الماخ 4 بسهولة كبيرة كما أنها ستبدو في غاية الأناقة وهي تقوم بذلك، وبعد أقل من عام من تقديم هذه الطائر للقوات الجوية الأمريكية، عارضت هذه الأخيرة فكرة انتاجه، وبحلول ستينيات القرن الماضي تم إيقاف البرنامج برمته؛ لذا ما كان خطبه؟
لا شيء، تكمن المشكلة في أن الطائر الرفراف لم يكن يشكو من شيء.
لقد تم تصميم الطائر الرفراف ليقوم باختبار أنظمة الصواريخ الدفاعية ”أرض – جو“ التابعة للقوات الجوية الأمريكية على غرار Nike Ajax وHercules التي أثبتت فشلها التام في مجاراة هذا النموذج، وقد كانت القوات الأمريكية؛ التي نالت منها الدهشة والحيرة، تواجه خياران لا ثالث لهما:
أولا: إما أن تستغل هذا الفشل الذريع في دفاعاتها كفرصة لاستكشاف ما كان ينقص أنظمة الصواريخ أرض جو خاصتها، وأن تحاول تحسينها وتطويرها؛ غالبا بإدماج التكنولوجيا الفعالة للطائر الرفراف فيها.
أو ثانيا: أن تلتزم الصمت والتجاهل وأن تتصرف وكأن أيا مما سبق لم يحدث.
نترك لكم حرية تخمين أي خيار اتخذوا.
أما بالنسبة لـ”كيلي جونسون“، فقد تعلم درسا قيما للغاية من تجربته هذه: ”عليك دائما أن تقدم أقل ما يمكنك تقديمه، لأن أفضل ما لديك هو جيد كثيرا عليهم“. ا تصدق ذلك، فنحن نمزح، إذ أنه اتجه إلى تصميم الطائرة الحربية ”SR-71 Blackbird“ التي جعلت كل طائرة أخرى تظهر بمظهر مخز أمامها لعقود كاملة.
2. قام رجل من ولاية ألاباما الأمريكية بإختراع طعم لصيد الأسماك لا يقاوم لدرجة تم منع إستعماله في مسابقات صيد الأسماك:
في صيف سنة 2011، كان هاوي صيد الأسماك ”أندي بوس“ جالسا على أريكة منزله بصدد مشاهدة برنامج وثائقي حول صيد الأسماك على قناة الـBBC عندما بادرته فكرة حول طعم صيد أسماك جديد كليا. لقد قضى السبعة عشر شهرا القادمة يعمل في مرأب منزله، وخرج أخيرا بما يعرف بـ”Alabama Rig“.

كانت الفكرة بسيطة، من خلال ترتيب خمسة أسلاك صنارة مثل أعمدة المطرية مع وصل كل سلك بطعم في نهايته، كان الصياد الذي يستعمل هذا الطعم قادرا على محاكاة سرب مائي من الأسماك التي تستخدم كطعوم للإمساك بأسماك أكبر حجما.
قام بوس بتمرير عينة من اختراعه هذا إلى صياد السمك المحترف ”بول إلياس“ الذي كان آنذاك يشارك في مسابقة صيد الأسماك التي نظمتها ”Fishing League Worldwide“.
بعد أن قضى بول ستة ساعات كاملة لم يمسك فيها بسمكة واحدة، قرر أن يعطي الـAlabama Rig فرصة، وقبل حتى أن يتمكن من إدراك ذلك، كانت صنارته تعج بالأسماك المصطادة.
لا أظن أنه علينا أن نذكر هنا أنه فاز بالمسابقة بفضل اختراع بوس، ولم يأخذ الأمر طويلا الكلام عن الـAlabama Rig لينتشر في كل أرجاء الولايات المتحدة، وتحول بذلك مرأب بوس سريعا إلى خط إنتاج كامل لتركيب مئات الطعوم بسعر 25 دولارا للواحد.
كان الأمر على وشك أن يصبح الحلم الأمريكي وهو يتحقق، حتى؛ وفجأة، توقفت الطلبات على هذا الإختراع عندما قامت رابطة مسابقات صيد السمك الأمريكية بحظر استعماله في المسابقات التي تنظمها بداعي أن ”فعاليتها“ الكبيرة قامت بتهميش المهارة في صيد السمك.
1. قامت الجمعية الوطنية الأمريكية للرياضات الجامعية NCAA بحظر حركة الـ”سلام دانك – Slam Dunk“ من أجل كبح ”كريم عبد الجبار“:
إن لعبة كرة السلة بدون السلام دانك هي كرياضة سباق السيارات الـ”ناسكار“ بدون اصطدامات.
لو أنك شاهدت أو تابعت رياضة كرة السلة ما بين عامي 1967 و1976 لوجدتها خالية تماما من حركة الـ”سلام دانك“، ذلك أن الجمعية الأمريكية لرياضات الجامعات قامت بحظر هذه الحركة الشهيرة واسعة الإنتشار، فيما يعتقده الجميع محاولة شفافة في التقليص من هيمنة لاعب واحد معين.

وقد كان هذا اللاعب مجبولا بلياقة بدنية عالية، وشكل خوله من أن يطبق حركة السلام دانك حتى على زرافة.
بينما ادعى المسؤولون في ذات الرابطة الآنفة الذكر أن هذا الحظر ما هو إلا خطوة نحو منع تسديدة لا تمت للمهارة بصلة والتي لها فعالية كبيرة في إحراز النقاط، إلا أن الصحافة قامت بتسميتها حظر ”قاعدة ليو ألسيندور“، قد تتساءلون الآن من هو ”ليو ألسيندور“؟ إنه الآن مشهور بإسم ”كريم عبد الجبار“.
عندما تم تمرير هذا القانون، كان عبد الجبار قد أنهى لتوه موسما أكثر ما يقال عنه أنه ”ظاهرة“ في كرة السلة، حيث قام بتسجيل 67 بالمائة من كل الأهداف التي سجلت في ذلك الموسم، مع إحرازه لمعدل 29.5 نقطة في كل مباراة؛ الأمر الذي يعود الفضل فيه إلى قدرته الكبيرة على القيام بحركة السلام دانك التي تعد أمرا طبيعيا جدا عندما يكون طولك يقدر بـ218 سم.
من جهته شعر كريم أن الحظر لم يكن إلا محاولة عنصرية لإضطهاد الأقليات السوداء، الذين كان ينظر إليهم آنذاك وكأنهم كانوا يقومون بـ”غزو اللعبة“، الأمر الذي يبدو مبالغا فيه إلى أن تعلم أن ذلك كان بعد ثلاث سنوات فقط من حركة الحقوق المدنية الشهيرة.
حارب كريم بقوة هذا القرار من خلال قيادة فريقه UCLA Bruins إلى إحراز لقبي البطولة الوطنية للجامعات، دون اللجوء إلى حركة السلام دانك، ثم انتقل إلى إحراز الأرقام القياسية في الرابطة المحترفة NBA، التي يعد كونه أكثر الهدافين في تاريخ الرابطة الأمريكية لكرة السلة واحدا منها.