in

من القمة إلى القاع، عشرون [20] مرة تحوّل فيها نعيم بعض أهم الشخصيات التاريخية إلى جحيم

الحياة مليئة بالنجاحات والإخفاقات التي تمهد أو تعرقل طريق جميع الناس من الصغير إلى الكبير ومن الفقير إلى الشهير، لكن لربما يكون تحول حياة الأوفر حظاً أشد بئساً مقارنة مع أولئك الناس العاديين، فكلما ارتفعت كان وقوعك أصعب والتاريخ مليء بأمثلة عن سقوط الأقوياء والأشداء من أعلى المراتب إلى أدناها بشكل مذهل بل ومرعب. حتى الملوك والملكات لم يكونوا منيعين من تقلبات القدر بل لربما كانوا الأسوأ حظًا، حيث بدأ الكثيرون حياتهم في أحضان الترف ولكنهم انتهوا في بركة من قرف.

في بعض الحالات، استحق هؤلاء ما حدث لهم، مع أنه وللأسف، لم تنل سوى نسبة صغيرة من أشرار التاريخ ما يستحقون من انحدار ونهايات مُستحقة، لكن حصول ذلك بالطريقة الصحيحة لعدد قليل منهم فإنه تحوّل مُرضٍ بشكل خاص. لكن في أوقات أخرى، يبدو أن فقدان القوة والهيبة والاحترام غالبًا ما يكون أقل عدلاً. فقد سقط العديد من الأشخاص البارزين من التاريخ بسبب العادات الاجتماعية أو الدينية أو السياسية في عصرهم.

هنا نقدم لكم 20 حالة وقصة حيث انتقلت الشخصيات التاريخية فيها من القمة إلى القاع، غالبًا في غمضة عين. من نجوم هوليود إلى الملوك الإنجليز وحتى الفلاسفة القدامى، هذا دليلٌ على أنك لن تعرف كيف يمكن أن تسوء الأمور حتى تسوء بالفعل.

1. تحوّل الحال بـ(ماري أنطوانيت)، من كونها واحدة من أكثر الناس نفوذًا وترفا في العالم، إلى أن توارى مقطوعة الرأس داخل قبر من غير شَاهِدَةٍ.

ماري أنطوانيت
ماري أنطوانيت. صورة: Wikimedia Commons

من بين أكثر الناس امتيازًا في العالم كله إلى عدوة للشعب تُعدم أمام حشد كبير، كان سقوط (ماري أنطوانيت) مذهلًا كما كان سريعًا.

لا شيء في ماضيها أشار إلى أن (ماري أنطوانيت) ستعيش سوى حياة من الراحة والقوة المتناهيين. وُلدت في فيينا عام 1755، وكانت أرشدوقة النمسا والشابة الأكثر أهمية في كل أوروبا.

انتقلت إلى فرنسا لتتزوج من لويس السادس عشر وهي في الرابعة عشر من عمرها، وكان هو في الخامسة عشرة من عمره، وعندما أصبح لويس الملك؛ أصبحت (ماري أنطوانيت) ملكة فرنسا التي تنعم بكل الزخارف الفاخرة، والترف منقطع النظير الذي جاء مع ذاك اللقب.

عاش الزوجان الملكيان حياة كاملة الروعة في قصر فرساي على بعد بضعة أحياء من شعب باريس الذي يتضور جوعا. سرعان ما خلق أسلوب حياة الملكة لها العديد من الأعداء، الذي كانوا على أتمّ استعداد للانتقام عندما اندلعت الثورة الفرنسية في عام 1789.

أُدينت (ماري أنطوانيت) بتهمة الخيانة العظمى من قبل المحكمة الثورية وجرى إعدامها في 16 تشرين الأول 1793. ومن اللافت للنظر هو عدد الأشخاص الذين تجمعوا لمشاهدة تنفيذ حكمها، وسخروا منها بكل المقاييس في رحلتها التي استمرت لمدة ساعة إلى المقصلة، وعندما نُفذّ الحكم قذف بجسدها مقطوعة الرأس في قبر لا يحمل شاهدة.

كان سقوط الملكة مدويًا بالنظر إلى مدى شعبيتها عندما وصلت إلى فرنسا كعروس للأمير، وحتى اليوم نتذكرها إلى حد كبير بسبب قسوتها المتكبرة وعدم احترامها لمعاناة شعبها، ورغم أنه غالبًا ما تُنسب عبارة ”دعهم يأكلون الكعك“ إلى (ماري أنطوانيت) لكن لا يوجد دليل على أنها نطقت بها على الإطلاق، وقد ظهرت هذه العبارة في الأصل في الكتاب السادس من الجزء الأول من السيرة الذاتية لـ(جان جاك روسو) «اعترافات»، والتي انتهى منها في 1767 ونشرت في 1782.

2. كان (آيسن غيورو بوئي) آخر أباطرة الصين، وانتقل من العيش في ”المدينة المحرمة“ إلى العمل كبستاني يعيش في كوخ.

الامبراطور الصيني (بوئي)
الامبراطور الصيني (بوئي). صورة: Wikimedia Commons

ولد الامبراطور المعروف باسم (بوئي) في غنى وثروة ونعيم عام 1906. في سن الثانية تولى عرش سلالة (تشينغ) المنشورية من آل (أيسين غورو)، وأصبح آخر إمبراطور للصين. كحاكم لإحدى أكبر دول العالم، كان من المتوقع أن يعيش حياة طويلة مجيدة ومريحة. ومع ذلك وقع ما لم يكن بالحسبان وانتهى به المطاف للسقوط بقوة. على الرغم من أن حياته كان فيها تقلبات عديدة، إلا أن المجريات وصلت به تقريبا في قاع المجتمع الصيني، بعيدًا كل البعد عن بداياته الإمبراطورية.

استمر حكم (بوئي) كإمبراطور أربع سنوات قصيرة. في شباط من عام 1912 هزت ثورة شينخاي الصين وأُطيح به. فأصبح غير ذي صفة فعلية ومثال عن المفارقات التاريخية في مجتمع متغير وهو في سن الثامنة فقط. ومع ذلك سُمح لـ (بوئي) بالاستمرار في العيش في مدينة بكين المحرمة. كما حصل على امتيازات عديدة، بالإضافة إلى السماح له بالاحتفاظ بلقبه، لكن وقبل مضي وقت طويل تم سحب كل هذه الامتيازات، وأصبح الحاكم السابق رجلًا عادي.

كان عليه الانتظار حتى عام 1932 للحصول على درجة من القوة والثروة حتى احتلت الإمبراطورية اليابانية منشوريا وأقاموا ولاية منشكو. تم تعيين (بوئي) إمبراطوراً عليها، على الرغم من أنه كان مجرد واجهة وحاكم دمية بالطبع. عندما هُزمت اليابان في عام 1945 كان يُنظر إلى (بوئي) باعتباره مجرم حرب وعميل لليابان فتمت محاكمته وإدانته من قبل محاكم جمهورية الصين الشعبية الجديدة، سُجن لعدة سنوات وأُطلق سراحه في عام 1959. ومن عام 1960 حتى وفاته بعد تسع سنوات عمل الإمبراطور السابق كبستاني وحرفي في حدائق بكين النباتية يعيش في كوخ متهدم. وكانت المدينة المحرمة، حيث عاش سابقًا، على بُعد مسافة قصيرة تُقطع سيرًا على الأقدام.

3. عاش (كراسوس) حياة ملْؤها الذهب، ومات والذهب المغلي يُصبّ عليه.

الحاكم الروماني (كراسوس)
الحاكم الروماني (كراسوس). صورة: Wikimedia Commons

كما يعلم كل طالب تاريخ عانى (يوليوس قيصر) من انهيار مفاجئ وعنيف في السلطة. فبعد أن تولى منصب أول ديكتاتور حقيقي في روما تعرض للطعن بوحشية على مدرجات مجلس الشيوخ بعد تراجع المجلس عن تأييديه. لكن سقوط (كراسوس) كان مذهلاً بنفس القدر والسرعة تقريبًا. فمن كونه واحدًا من أغنى وأقوى الرجال في روما القديمة، توفي بدون صديق وحيدا تقريبًا على بعد أميال عديدة من منزله.

ولد (ماركوس ليكينيوس كراسوس) في عام 115 قبل الميلاد، حقق ثروة من خلال وسائل مشكوك فيها خلال شبابه باقتناصه الممتلكات التي دمرتها النيران بثمن بخس ثم قام بإصلاحها وبيعها مقابل ربح كبير. كما جمع (كراسوس) مبالغ كبيرة من المال بطرق تقليدية مثل بيع العبيد أو في التعدين وقد سمح له هذا الثراء بتدمير خصومه وتعزيز موقعه كواحد من أقوى الرجال نفوذاً في روما وجنرالاً وسياسيًا لا مثيل له، استخدم هذه القوة أيضًا لدعم (يوليوس قيصر)، سواء مالياً أو شخصيًا بقيادته للجيش الذي تم إرساله لإخماد تمرد العبيد بقيادة (سبارتاكوس).

امتناناً له، جعل (قيصر) من (كراسوس) حاكمًا لسوريا الغنية، لكن هناك لاقى هذا الرجل نهايته. فبعد أن قاد حملة تدميرية ضد الإمبراطورية البارثية إلى الشرق وخوضه معركة كارهاي، انقلب رجاله ضده. عندما ذهب لعقد اجتماع من أجل السلام، صب البارثيين الذهب السائل في حلقه حتى مات، وهي نهاية عنيفة ومهينة لرجل يُعتقد أنه أغنى شخص عاش على الإطلاق.

4. خسر (جستنيان الثاني) إمبراطوريته.. وأنفه.. ورأسه.

عملة عليها صورة الامبراطور البيزنطي
عملة عليها صورة الامبراطور البيزنطي (جستنيان الثاني). صورة: Wikimedia Commons

عندما وصل إلى العرش كان (جستنيان الثاني) قد ورث الإمبراطورية البيزنطية الواسعة، والأهم من ذلك، المستقرة. حكم ملايين الناس وتمتع بثروة لا توصف إلا أنه عندما توفي، كان (جستنيان الثاني) وحيدًا غير محبوب. لكن الأسوأ أنه جعل الإمبراطورية البيزنطية في أضعف أحوالها ما سيجعله آخر إمبراطور لسلالة هرقل. ورغم كل طموحاته، فقد كان قائدًا ضعيفًا، وفي غضون عقود قليلة انتقل من امتلاكه كل ما يتمناه المرء إلى خسارة كل شيء على الإطلاق.

ولد (جستنيان الثاني) عام 668 وتولى الحكم بعد وفاة والده (قسطنطين الرابع) في عام 685. وبسبب افتقاره لمهارات إرضاء الناس ولأنه لم يمتلك حنكة والده السياسية فقد فقد شعبيته. لا بل أنه أجبر من قبل خصومه السياسيين على التنحي من السلطة في عام 695، ومن المعروف أنهم قطعوا أنفه لأنه أصدر مرسومًا بأنه لا يمكن لأي رجل مشوه جسديًا أن يصبح إمبراطورًا على الإطلاق وأرسلوه إلى المنفى. فقضى (جستنيان الثاني) عشر سنوات في العيش والتخطيط للعودة. في عام 705 قام بعودته المجيدة واستعاد عرشه، لكن هل تعلّم من الدروس التي مر بها خلال فترة حكمه الكارثي الأول؟ بالمرّة.

في الواقع كان (جستنيان) أكثر وحشية ودكتاتورية في المرة الثانية، لذا ودون عجب سرعان ما انقلب الناس ضده من جديد، لكنهم لم يكونوا متسامحين للغاية هذه المرة، لقد انخفض الولاء (لجستنيان) إلى درجة أن جيشه لم يقف بجانبه، وهجره حراسه الشخصيون حتى قُبض عليه في كانون الأول من عام 711. أُخِذ خارج أسوار المدينة الرئيسية بكل إذلال ليُعدم مثل أي مجرم عادي. حتى أنه تم قطع رأسه وإرساله إلى أعدائه.. نهاية مهينة لرجل حكم العالم القديم.

5. بدأ (ريتشارد نيكسون) مسيرته كواحد من ألمع العقول السياسية وانتهى به الأمر ليصبح مرادفًا للفساد إلى الأبد.

ريتشارد نيكسون
ريتشارد نيكسون. صورة: AFP/Getty Images

ربما كان الرئيس السابع والعشرون للولايات المتحدة رجلًا استراتيجياً وسياسياً جيداً، وربما قام ببعض أبرز القرارات السياسية في تاريخ أمريكا، لكن العالم سيتذكره إلى الأبد لانحطاط مسيرته المهنية ويمكن القول إن الشعب لم يكره أي رئيس أمريكي مثل (ريتشارد ميلهاوس نيكسون). في الواقع وعلى الرغم من أن رئاسته تزامنت مع الهبوط على القمر ونهاية التدخل الأمريكي في حرب فيتنام، غالبًا ما طغت فضيحة ووترغيت على كل هذه الإنجازات.

أثناء فترة ولايته الثانية علم الصحفيون أن (نيكسون) نفسه متورط شخصيًا في مؤامرة للتجسس على معارضيه السياسيين وفي محاولات لبث الفرقة بينهم. اندلعت الفضيحة في صيف عام 1973 وفي 9 آب 1974 أعلن نيكسون مباشرة على شاشة التلفزيون الوطني للاستقالة من منصبه، فمن المؤكد أن استقالته أنقذته من عملية عزل مهينة. على الرغم من أن خليفة (نيكسون)، (جيرالد فورد)، أصدر له عفوًا رئاسيًا إلا أن الضرر قد وقع ولا عودة عنه. فمنذ أن أصبح نائبًا للرئيس في الأربعين من عمره، ويسجل أسمه كأحد ألمع العقول السياسية في أميركا، ارتبط ذكره إلى الأبد بالمكائد والفساد ليلقى نهاية ملطخة بالعار لمثل هذا الرجل المحنّك والطموح.

ومع ذلك لا يوافق بعض المؤرخين على أن فضيحة ووترغيت كانت بمثابة ”سقوط حقيقي“ لـ (نيكسون)، فكثيراً ما يقال إنه حتى قبل استلامه المكتب البيضاوي قد تمتع بسمعة سيئة قبل وقت طويل من الفضيحة الكبرى. والجدير بالذكر أنه حصل على لقب اللعوب اللعين Tricky Dicky قبل أكثر من 20 عامًا من أزمة ووترغيت، فهل كان هذا انحطاطًا مفاجئًا بالفعل بعد كل شيء؟

6. عقل (سقراط) الكبير لم يستطع إنقاذه من زوال مأساوي ناجم عن تنافس سياسي.

تمثال لـ سقراط
تمثال يجسد الفيلسوف الشهير (سقراط). صورة: Wikimedia Commons

في حوالي عام 370 قبل الميلاد كان (سقراط) من أهم مشاهير مدينة أثينا اليونانية، إذ كان الفلاسفة أشبه بنجوم موسيقى الغناء اليوم، ولم يكن أي منهم أكثر شهرة منه. ضم حوله أذكى العقول في ذلك الوقت ليقوم ”بحواراته“ الشهيرة، واجتذبت مدرسته الفلسفية أفضل المفكرين الشباب، بما في ذلك الكثيرين ممن سينذرون حياتهم ليصبحوا جبابرة الفكر القديم. ومع ذلك فإن وجهات نظره السياسية ستخطّ نهايته، فقد واجه (سقراط) مصيرًا مخزي، حيث انقلب شعب أثينا ضده وتسبب بقيامه بتفضيله انهاء حياته بنفسه.

ذكر (أفلاطون)، أشهر تلامذة سقراط، أن معلمه كان ”الرجل الأكثر حكمة والأكثر استقامة من أي شخص عرفه على الإطلاق“. لكن مهما كان رجلًا قويمًا فإن آراءه حول الديموقراطية لم تكن ذات شعبية، بل أن شعبية (سقراط) نفسه ضعُفت على نحو متزايد، خاصة بعد أن قام اثنين من تلامذته، (السيبيديس) و (كريتياس)، بمحاولة لإسقاط الحكومة الديمقراطية ما تسبب في موجة من القمع وانتهى الأمر بالعديد من المواطنين إلى فقدان أراضيهم وممتلكاتهم وإرسال الكثير منهم إلى المنفى. بالطبع ألقي اللوم على (سقراط) في كل هذا.

جُرّ رجل أثينا العظيم إلى المحكمة واتُخذ بحقه قرارًا مهينًا: إما أنه ينتقل إلى المنفى ولا يعود أبدًا أو أن يتجرع كأسًا من السم. وكونه رجل فخور ذو كرامة لا تضاهيها كرامة، اختار سقراط الموت. حبس في زنزانة وتوفي وحيدا بيده هو كما اختار، فكان سقوطًا حزينًا لأحد أعظم العقول التي عاشت على الإطلاق.

7. تحوّل (إدوارد الثامن) من ملك لبريطانيا إلى مؤيد للنازية.

إدوارد الثامن
الملك البريطاني (إدوارد الثامن)، المشهور بتعاطفه مع النازية. صورة: Getty Images

عندما كان شابًا، خدم الملك المستقبلي (إدوارد الثامن) ملك إنجلترا برتبة كولونيل في الحرس الويلزي في الجيش البريطاني بعدما جرى إعداده لتولي العرش منذ سن مبكرة. قام بالعديد من الجولات الملكية بصحبة والده (جورج الخامس)، ولكن بعد ذلك قام بها بالنيابة عن الملك. وكأمير لويلز تمتع بشعبية كبيرة، خاصة بين المحاربين القدامى الذين يحترمون خدمته معهم على الأرض. كان (إدوارد) يحظى بشعبية مقطعة النظير لدى السيدات أيضًا، فلم يجعله مظهره اللبق وثروته الكبرى وآفاقه المستقبلية من المشاهير البارزين فقط بل كان أكثر عازبي أوروبا أهمية وشهرة. ومن خلال زيارة الطبقة العاملة والأجزاء التي تعاني من الفقر في بريطانيا زاد (إدوارد) من شعبيته أكثر بين أولئك الناس الذين كانوا عادة ما يعارضون النظام الملكي.

لذلك عندما توفي (جورج الخامس) وتوّج (إدوارد الثامن) كملك بدا كل شيء مهيأ لحكم سعيد طويل الأمد. لكن في غضون بضعة أشهر أثار الملك أزمة دستورية، إذ اعتزم (إدوارد) الزواج من (واليس سيمبسون)، وهي امرأة أمريكية لم تكن من العامة فقط، بل امرأة مطلقة. لم تجعل الفضيحة (إدوارد) يخسر دعم جُل النخبة الحاكمة، بما في ذلك السياسيين، ولكن محبة الجمهور بشكل عام وخاصة الأعضاء الأكثر تحفظًا في المجتمع.

شعر (إدوارد) أنه ليس لديه خيار سوى التنازل عن العرش، لكن خسارته لم تنته هناك، فلم يقم بصفته رجل ذو صفة خاصة الآن هو والسيدة (واليس) بجولة في ألمانيا النازية فقط، بل تحدثوا لصالح ذلك النظام. ولإبقائه بعيدا عن الأذى تم تعيين (إدوارد) حاكمًا لجزر البهاما، وهو دور تحجيمي له. بعد انتهاء الحرب انتقل إلى جنوب فرنسا ليعيش فيها متقاعدًا حتى وفاته عام 1972.

8. كان الكاردينال (توماس وولسي) ثاني أقوى رجل في إنجلترا، لكنه عانى من مصير عامة الناس.

الكاردينال توماس وولسي
لوحة تصوّر الكاردينال (وولسي) بريشة سامبسون سترونغ، القرن السادس عشر. صورة: Bridgeman Images

لفترة من الزمن في بداية القرن السادس عشر، كان (توماس وولسي) على الأرجح ثاني أقوى رجل في إنجلترا بعد الملك (هنري الثامن). وفي نواح كثيرة كان الساعد الأيمن للملك. وربما استمر في ذلك لولا المسألة الصغيرة المتمثلة في سعي (هنري) لضمان وريث ذكر من نسله. لم يكن هناك شيء يقف في طريق الملك في إنجاب ابن، ليس زوجته ولا البابا، وبالتأكيد ليس ابن جزار من مدينة إبسوتش.

وُلد (وولسي) لعائلة متواضعة نسبيًا في عام 1475 بعد تخرجه من جامعة أكسفورد كرّس نفسه للكنيسة وكان ترقيه فيها سريعًا. ارتقى ليكون قسيسًا لـ (هنري السابع). وعند وفاته، أكمل بنفس المكانة عند (هنري الثامن). في الفترة من 1515 إلى 1529 كان في خدمة الملك متى احتاجه للحصول على المشورة. قبل كل شيء، امتلك (وولسي)، الذي أصبح كاردينالاً في تلك المرحلة، الثقة للاهتمام بمسائل السياسة الخارجية وكان هو الذي نظم الاجتماع الشهير بين (هنري) و(فرانسيس الأول) ملك فرنسا. مما لا يثير الدهشة أن (وولسي) تمتع بكل مظاهر القوة، بالإضافة لقصر خاص به وعاش في حياة فارهة على الرغم من كونه رجل كنيسة.

أدى قرار (هنري) بالانفصال عن (كاثرين من أراغون) واتخاذه زوجة ثانية بنية حصوله على وريث ذكر إلى تعزيز سقوط (وولسي)، فعلى الرغم من موقعه في الكنيسة لم يستطع إقناع البابا بإلغاء الزواج بل إن زوجة الملك الثانية أقنعته أن (وولسي) كان يبطئ الإجراءات عن عمد، ونتيجة لذلك، أصبح مصيره معروفاً، وهو الموت. وفي تشرين الثاني 1530 تم اعتقاله بتهمة الخيانة وتجريده من كل ثروته وامتيازاته، ومع ذلك لم يعش للمحاكمة لأنه توفي لأسباب طبيعية أثناء سفره إلى لندن لمواجهة عدالة الملك.

9. بدأ (بوبي فيشر) حياته كأعجوبة في لعبة الشطرنج الأمريكية، لكنه أنتهى في عزلة تحت رقابة الحكومة.

بوبي فيشر
بوبي فيشر، واحدٌ من أشهر لاعبي الشطرنج وأعظمهم.

يعتبر (روبرت جيمس فيشر) واحداً من أعظم أو حتى أعظم لاعب شطرنج في كل العصور، فبعد أن عرف الشهرة كطفل معجزة واستمر في السيطرة على اللعبة في الستينيات، بدا لفترة من الوقت كما لو كان العالم عند قدميه. من المؤكد أن مثل هذه الموهبة العظيمة كان ينبغي أن تكسبه ثروة فضلاً عن الإشادة الشعبية والعشق العالمي على الأقل في بلده في الأصلي الولايات المتحدة الأمريكية، لكن للأسف لم يكن هذا هو الحال بالنسبة (لفيشر)، إذ انتهى به الأمر في منفى فرضه على نفسه حيث مات على بعد أميال من آيسلندا.

وُلد (فيشر) في شيكاغو عام 1943 وكانت موهبته جلية منذ الصغر، في سن الثالثة عشر فقط فاز بما يسمى بـ ”لعبة القرن“ ضد (دونالد بيرن) الذي يكبره 13 عامًا. فأصبح أستاذاً كبيراً وهو يبلغ من العمر 15 عامًا، ثم في العشرين من عمره فاز بـ 11 فوزًا من أصل 11 مباراة ليحصل على بطولة الولايات المتحدة 1963-1964. أبرز ما في مسيرته كان فوزه ببطولة العالم للشطرنج متغلبًا على العملاق الروسي (بوريس سباسكي) في عام 1972. كانت المباراة تجسيدًا رياضيًا للحرب الباردة وكان فوز (فيشر) بمثابة دفعة كبيرة للأمريكيين. لكن بدلاً من أن يصبح محبوبًا وطنيًا، فقد أصبح منعزلاً ومنطويًا على نفسه ومتواريًا عن الأنظار.

لسنوات بعد فوزه الشهير، اختبأ (فيشر) عن أعين الجمهور وواجه مشاكل متكررة مع الحكومة الأمريكية غالبًا لكسره العقوبات المفروضة على الدول ما وراء الستار الحديدي. بصفته لاجئُا أدلى بتصريحات عديدة مثيرة للجدل، بما في ذلك تلك المناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل. أخيرًا وفي عام 2004 استقر في أيسلندا وتوفي في عزلته بعد أربع سنوات.

10. يُعتبر (ديفيد لويد جورج) أحد أعظم الشخصيات السياسية البريطانية، لكنه مال كثيرًا إلى الجانب النازي.

ديفيد لويد جورج
السياسي البريطاني (ديفيد لويد جورج). صورة: Wikimedia Commons

كان (ديفيد لويد جورج) بلا شك أحد أعظم الشخصيات السياسية البريطانية في القرن العشرين. ومع أن العديد من أقرانه انتهوا في القمة، انتهت مسيرته بأسى. في الواقع تلاشى بريق نجم (لويد جورج) إلى حد بعيد في سماء السياسة البريطانية، وأصبح مهمشًا بشكل متزايد وغير ذي صلات، في النهاية خسر دعم وثقة حزبه بالكامل.

ولد (لويد جورج) في عام 1863 وانضم إلى الحزب الليبرالي عندما كان شابًا وبحلول عام 1890 تم انتخابه عضوًا في البرلمان. كان صعوده وترقيه وفقًا لمعايير تلك الأيام مذهلًا وفي عام 1908 تم تعيينه في منصب مستشار الخزانة، وهو ثاني أقوى منصب في البلاد. وضع الأسس لدولة الرفاه الحديثة خلال السنوات السبع التي قضاها في منصبه، وفي عام 1916 تولى مسؤولية حكومة التحالف في زمن الحرب حيث قاد البلاد خلال الحرب العالمية الأولى، أمسى (لويد جورج) بطلا قوميا، لكن سرعان ما سقط بكل مدوي، وخسر كل امتيازاته.

طوال عشرينيات القرن الماضي حاول (لويد جورج) العودة إلى الحكومة لكنه لم ينجح أبدًا. فمنذ عام 1923 وصاعداً اعتبر أحد داعمي ألمانيا النازية. بل حتى صرّح أن هتلر كان ”جورج واشنطن في ألمانيا“ وسخر من المخاوف من أن النظام النازي سيشكل تهديدًا لبريطانيا، لكنه عاش فترة كافية لرؤية حماقة آرائه حيث توفي في آذار عام 1945 عن عمر يناهز 82 عامًا. وعلى الرغم من هذا الانحدار في مسيرته المهنية والسياسية في السنوات اللاحقة فإنه لا يزال يُعتبر من كبار السياسيين ويُطلق عليه بشكل ثاني أكبر سياسي بريطاني معاصر، خلف (ونستون تشرشل) مباشرة.

11. اكتشاف (غاليليو غاليلي) لمركزية الشمس وضعه في خلاف حاد مع الكنيسة الكاثوليكية.

غاليليو غاليلي
بورتريه لـ (غاليليو غاليلي). صورة: Wellcome Library

كان (غاليليو غاليلي)، والمعروف أكثر باسمه الأول فقط، أحد أروع العقول العلمية ليس فقط في عصره، ولكن في كل التاريخ. فكان شخصية مشهود لها بثقافتها وحظي بجل الاحترام في وطنه إيطاليا وُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره مفكرًا رئيسيًا مفصليًا في ذلك الوقت. لكن مع ذلك انتهى في الإقامة الجبرية، وسُخر من نظرياته وجنى حياته إلى حد كبير، وحذرت الكنيسة الكاثوليكية من أنه كان مقدرًا له لعنة أبدية.

وُلد (غاليليو) عام 1564 في مدينة بيزا والتحق بجامعتها في سن السادسة عشرة، على الرغم من أنه درس الطب في البداية إلا أنه سرعان ما وسع نطاق تعلمه وقام باستقصاء الفيزياء والفلسفة الطبيعية، وخلال وقت قصير صنع لنفسه اسما معروفًا في عالم الثقافة. بحلول عام 1589 أصبح عميد قسم الرياضيات في الجامعة رغم أنه انتقل بعد ثلاث سنوات إلى جامعة بادوفا. وبحلول ذلك الوقت كان بلا شك أحد أفضل المفكرين في إيطاليا، وتمتع باحترام جميع أقرانه له، فضلاً عن الاستمتاع بملامح الثروة التي أتت مع هكذا مكانة أكاديمية.

لكن بعد عام 1600 بدأ بحثه في استثارة بعض الآراء، بطريقة خاطئة. ففكرة (غاليليو) حول مركزية الشمس والقول إن الأرض تدور حول الشمس وليس العكس اعتبرت هرطقة في عصره. وفي 1615 عقدت محاكم التفتيش الكاثوليكية الرومانية جلسة خاصة حُكم على أثرها (غاليليو) واتهم بكون أفكاره بدعة وأجبر على التراجع عنها وهو ما فعله بالفعل، لكن الأمر لم يتوقف هنالك، فقد حكم عليه البابا (أوربان الثامن) بالإقامة الجبرية. ومنذ عام 1615 وحتى وفاته عام 1642 كان (غاليليو) سجينًا في منزله واعتبر زنديقًا من قِبل الكاثوليك المتزمتين ومنبوذًا من قبل بعض أعضاء المجتمع العلمي. ومع أن ما عاشه في أواخر حياته كان صعبًا وعكس بداياته تمامًا إلا أنه سيُعتبر لاحقًا واحد من عباقرة العلم وأحد أهم المفكرين على الإطلاق.

12. تخلى (او. جيه. سيمبسون) عن النجومية بعد بعض الأعمال الشائنة والإجرامية التي اتُهم بارتكابها.

أو. جاي. سيمبسون
أو. جاي. سيمبسون في صورة من عام 2014 في إحدى المحاكم. صورة: Ethan Miller/AP

كان (أورينتال جيمس سيمبسون) نجمًا أمريكيًا بالمعنى الكامل، فلم يكن أسطورة كرة قدم أمريكية فحسب، بل تمتع أيضًا بمهنة ناجحة كممثل ومذيع في الثمانينات. والأكثر من ذلك أنه كسب الكثير من المال من الإعلانات حيث حاولت الكثير من العلامات التجارية الاستفادة من شعبيته.. ثم، بين عشية وضحاها، شهد واحدة من أعظم التحولات في العصر الحديث.

صنع (سيمبسون) اسماً لنفسه أول مرة عندما كان نجمَ كرة قدم جامعي، حينها لعب في جامعة جنوب كاليفورنيا وفاز بجائزة Heisman Trophy لعام 1968، وهي جائزة تُمنح للتميز الرياضي، وللمفارقة، للنزاهة الشخصية.

بعد التخرج لعب كرة القدم الاحترافية لمدة 11 موسم، فأصبح (سيمبسون) واحدًا من أكبر نجوم اللعبة محطمًا سلسلة من الأرقام القياسية، حتى عندما تقاعد من كرة القدم في عام 1973 لم يخبو نجمه، بل استمر في الاستمتاع بالنجاح في هوليوود وعلى الشاشة الصغيرة كخبير كرة قدم.

في 12 حزيران 1994 انقلبت حياة (سيمبسون) رأسًا على عقب، إذ وجدت زوجته السابقة وعشيقها مقتولين بوحشية في منزلهم في لوس أنجلوس، اعتُبر النجم أول متهم به، لكن بدلاً من تسليم نفسه للشرطة قادهم في مطاردة سيارة شاهدها الجميع على التلفاز، وعندما حضر أخيرًا في المحاكمة، كانت الأمّة في حالة ترقب، وما أثار دهشة معظم الجمهور الأمريكي، أنه جرت تبرئة (سيمبسون) في نهاية المطاف لعدم توفر أدلة.

بين عشية وضحاها انتقل (سيمبسون) من كونه البطل الأمريكي إلى رمز للعنف المنزلي وللفساد داخل النظام القانوني الأمريكي، فواصلت سمعته ومسيرته في الانحطاط، حتى كان لديه العديد من الاتهامات منذ المحاكمة الشهيرة، ليتهم بعدة جنايات، بما في ذلك السطو والاختطاف، وأدين وحكم عليه في عام 2008 بالسجن لمدة 33 سنوات، ليتم لاحقا الافراج عنه بشكل مشروط في سنة 2017.

13. تلاشت شهرة نجم السينما الصامتة (فاتي آرباكل) بعد قضية اغتصاب مريبة.

فاتي أرباكل
فاتي أرباكل. صورة: Wikimedia Commons

كان (روسكو كونكلينغ ”فاتي“ آرباكل) من مواليد عام 1887 أحد ألمع نجوم السينما الصامتة وربما بلا منازع. نال شهرته في سن مبكرة بعد أن صنع لنفسه اسم كصبي مغني في ولاية كاليفورنيا. بحلول عام 1904 أصبح عضوًا في مسرح متنقل وبحلول عام 1909 مثّل في أفلامه الأولى. في عام 1913 انتقل إلى يونيفرسال بيكتشرز وكان في طريقه المستقيم إلى القمة، فعلى الرغم من أنه بدأ كممثل جانبي إلا أن حجمه الكبير و وجهه الكوميدي ساعداه في أن يصبح ممثلًا رائدًا حقيقيًا. وقد أصبح نجماً كبيراً لدرجة أنه في عام 1918 عرضت عليه شركة Paramount Pictures عقدًا لمدة ثلاث سنوات بقيمة 49 مليون دولار من أموال اليوم.

لكن في عام 1921 عانى (آرباكل) من حادث خطير في مسيرته، ففي شهر تشرين الثاني من ذلك العام تعرض نجم هوليوود للمحاكمة بتهمة الاغتصاب والقتل غير العمد للممثلة (فرجينيا راب)، التي عثر عليها ميتة في أحد فنادق سان فرانسيسكو عقب حفلة استضافها (آرباكل). فأسفرت المحاكمتين عن حكم معلق ليجري تبرئته في المحاكمة الثالثة ويحصل على اعتذار رسمي مكتوب من هيئة المحلفين لما سببوه من لغط.

لكن ذلك لم يك كافيًا، فعلى الرغم من تبرئته إلا أن نجم (آرباكل) قد انطفأ إلى درجة أنه لم يعد قادرًا على الحصول على أي عمل. جفت العروض وحتى الأفلام التي عمل عليها بالفعل لم يتم عرضها. خلال السنوات القليلة التالية قام بالتقاط أدوار صغيرة عندما كان بالإمكان وحتى أنه حاول الانتقال إلى الإخراج. في عام 1932 بدا الأمر وكأن الأحوال بدأت تشهد انفراجًا وعندما بدا الأمر وكأن (آرباكل) أصبح مستعدًا للعودة إلى العمل توفي بنوبة قلبية وكان بعمر السادسة والأربعين فقط.

14. مات (نابليون بونابرت)، الذي يُعتبر واحداً من أبرز القادة على الإطلاق، في المنفى وسط المحيط الأطلسي.

نابليون بونابرت
الامبراطور الفرنسي، وأحد أشهر القادة العسكريين في التاريخ، (نابليون بونابرت). صورة: Wikimedia Commons

من المعروف أن التاريخ سجّل اسم (نابليون بونابرت) كواحد من أعظم القادة العسكريين في كل العصور، كان الفرنسي أيضًا سياسيًا ورجل دولة بارعًا ركب زخم الثورة الفرنسية ثم استفاد من نجاحاته في الحروب الثورية الفرنسية ليرتقي إلى منصب إمبراطور فرنسا، ويمكن القول إنه أمسى أقوى شخص في كل أوروبا من 1804 إلى 1814، ثم حكم مرة أخرى لمدة 100 يوم في عام 1815. بعد ذلك خُلع من السلطة وسقط بقوة.

انتهت فترة الحكم الثانية للإمبراطور الصغير بهزيمته على يد جيوش بريطانيا وبروسيا مجتمعة هزيمة مُذلة. مدركاً أن وقته قد آل إلى زوال طلب اللجوء من البريطانيين، فمنحوه إياه ولكن بشرط أنه يعيش في سانتا هيلانة، وهي جزيرة في وسط المحيط الأطلسي، على بعد حوالي 1160 ميلاً قبالة ساحل أفريقيا. بالنظر إلى الحياة التي كان يتمتع بها في السابق لم يكن وقته في المنفى غير مريح فحسب، بل مهينًا أيضًا.

أرسل البريطانيون حامية كاملة من القوات خصصت لمراقبة (نابليون)، وعلى الرغم من أنه تم إعطاؤه منزلًا كبيرًا نسبيًا إلا أنه كان رطبًا وباردًا واتصفت الجزيرة عمومًا بكونها قاحلة وكثيرة الرياح. لم يُسمح للإمبراطور السابق حتى بتلقي أي هدايا قد تذكره بسلطته أو نفوذه الساب،. علاوة على ذلك لم يكن لديه حتى إمكانية الوصول إلى معظم الكتب أو الصحف، بالنسبة للرجل الذي فخر بنفسه على أنه قارئ ممتاز كانت تلك هي الإهانة الأخيرة. توفي (نابليون) في آيار 1821 ولم يتم إعادة جثته إلى موطنه فرنسا حتى عام 1840.

15. مبارزة نارية دمرت حياة (آرون بور) السياسية عندما أردى زميله (ألكساندر هاملتون) قتيلا.

السياسي الأمريكي (آرون بور)
السياسي الأمريكي (آرون بور). صورة: Wikimedia Commons

على مر القرون تم اختصار العديد من المهن السياسية الواعدة بسبب تصريح خارج عما هو واجب أو قضية فساد أو خطأ خطير في الحكم. لكن قلة قليلة وصلت إلى نهايتها المبكرة بسبب إطلاق النار على منافس سياسي، أما (آرون بور) فقد قام بهذا. وعلى الرغم من أن إطلاق النار كان نتيجة لمبارزة تم الاتفاق عليها مسبقًا وأن هذا السياسي قد نجا، إلا أن حياته المهنية لم تنجُ أبدًا. في الواقع، انتقل من كونه أحد أقوى أفراد بلده إلى كونه مجرد نكرة.

ولد (بور) في نيوارك بولاية نيوجيرسي في شباط 1756. عندما كان شابًا خدم كضابط في الحرب الثورية الأمريكية بامتياز، ثم عمل في مهنة القانون. امتلك (بور) عقلاً راجحًا، وسرعان ما ضمن اسمًا لنفسه واستخدم هذه السمعة للشروع في العمل في المجال السياسي فشغل منصب النائب العام لولاية نيويورك ثم تم تعيينه كنائب ثالث لرئيس الولايات المتحدة في عام 1801، حيث خدم في عهد (توماس جيفرسون).

في السنة الأخيرة من ولايته في البيت الأبيض، خرج التنافس السياسي بين (بور) و(ألكسندر هاملتون) عن السيطرة، فوافق الرجلان على مبارزة بالأسلحة النارية. في 11 تموز من عام 1804 التقى الرجلان ليصاب (هاميلتون) بجروح قاتلة فارق الحياة على أثرها، لم يُتهم (بور) بقتله لكنه أُرغم على مغادرة واشنطن واعتزال السياسة إلى الأبد. أمضى ما يقرب عقد من الزمان في المنفى في أوروبا قبل أن يعود إلى وطنه. استقر في مدينة نيويورك وعاش أيامه الباقية كمحام في غموض نسبي.

16. كان (فيل سبيكتور) رائدًا في صناعة الموسيقى، ولكنه قضى بقية حياته خلف القضبان.

الموسيقي (فيل سبيكتور)
الموسيقي (فيل سبيكتور). صورة: Wikimedia Commons

في حين أن معظم رواد موسيقى الروك أند رول الأحياء يقضون الآن خريف عمرهم في الاستثمار في الأعمال التجارية والخيرية، فإن الرجل الذي يُنسب إليه اختراع دور المنتج الفني يمضي سنواته المتبقية خلف القضبان. (فيل سبيكتور)، الرجل الذي يقف وراء إنتاج تركيبة ”جدار الصوت“ التي أنشأت جيلًا جديدًا من الموسيقى، سيُذكر لنهايته المريعة تمامًا مثلما يُذكر لعبقرتيه الموسيقية.

بدأ (سبيكتور)، الذي ولد في عام 1939، في صنع اسم لنفسه كمؤلف في أواخر الخمسينيات، وبعد العمل لفترة قصيرة كعازف جيتار تحول إلى الكتابة والإنتاج. في الستينيات شارك في بعض من أكبر الأعمال في العالم، بما في ذلك Beatles وRighteous Brothers وRonettes. واستمر في التألق طوال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، وحتى أنه كان لديه عدد قليل من الإبداعات في الألفينيات، إلا أن كل شيء ضاع في عام 2003.

تم استدعاء الشرطة إلى قصر (سبيكتور) في لوس أنجلوس في ليلة 3 شباط 2003 حيث وجدت إحدى الممثلات مقتولة بطلق ناري في الرأس. ادعى المعلم الموسيقى أن الأمر كان حادثا، ومع ذلك في المحاكمة اللاحقة وصل لهيئة المحلفين أن (سبيكتور) له سوابق بتهديد النساء بالأسلحة. جرى تعليق الحكم بعد المحاكمة الأولى، لكن المحاكمة ثانية انتهت بإدانة (سبيكتور) بالقتل من الدرجة الثانية. وفي هذه الأيام يقضي رجل الجيل الماضي 19 عامًا في سجنه بولاية كاليفورنيا. تُعرف صورته الشرطية من ليلة القتل الآن بنفس القدر -إن لم يكن أكثر- من صوره في سلك الإنتاج الموسيقي الذي صنع السحر في ستينيات القرن الماضي.

17. وصل الملك (تشارلز الأول) إلى مستوى رفيع للغاية في السلطة ليفقد رأسه نتيجة لذلك.

الملك (تشارلز الأول)
الملك (تشارلز الأول)، ملك المملكة المتحدة. صورة: Wikimedia Commons

عندما استلم العرش، توقع الملك (تشارلز) لنفسه أن يكون ذا سلطان عظيم. وباعتباره رئيس الممالك الثلاث في إنجلترا واسكتلندا وإيرلندا، فقد اعتقد أن لديه حق إلهي في الحكم كما يشاء. وفي حين أن بعض ممالك أوروبا بدأت في قبول قوة وقرارات برلماناتها، كان الحق الإلهي للملك مطلقًا بالنسبة (لتشارلز)، فكان مصممًا على الحكم وفقًا لهواه وحده، ولفترة من الوقت نجح في القيام بذلك. لكن في النهاية كان سقوطه من السلطة وحشيًا وفظيعًا.

توّج الملك (تشارلز) الأول في آذار 1625. منذ بداية حكمه عارض بشدة محاولات البرلمان فرض الضوابط والتوازنات على سلطته. علاوة على ذلك ونظرًا لأنه متزوج من كاثوليكية رومانية، فإن العديد من النبلاء كانوا قلقين أيضًا من أنه موال للكاثوليك وضد الكنيسة الأنجليكانية. نما العداء تدريجيًا حتى أدى في النهاية إلى اندلاع الحرب الأهلية الإنجليزية في عام 1642. استمر الصراع الدامي بين الملكيين والبرلمانيين لمدة ثلاث سنوات وانتهى بهزيمة الملك، فسُجن لفترة من الوقت، لكن في أواخر عام 1648 أمر القائد العسكري والسياسي إنجليزي (أوليفر كرومويل) بمحاكمة (تشارلز).

أُدين (تشارلز) بتهمة الخيانة العظمى في كانون الثاني 1649. وفي يوم الثلاثاء الموافق 30 كانون الثاني 1649 أُعدم في قلب لندن على مرمى حجر من البرلمان. فعل (تشارلز) ما في وسعه لجعل التجربة كريمة قدر الإمكان، فارتدى قميصين حتى لا يُفهم ارتعاده من البرد على أنه من الخوف ليرفع الجلاد بعد ذلك رأسه المقطوع ليراه الحشد الهائج، بيد أن (تشارلز) مُنح على الأقل كرامة الدفن في قلعة وندسور إلى جانب (هنري الثامن).

18. مات الإمبراطور الروماني (فاليريان) في ذل وكسجين حرب.

الامبراطور الروماني (فاليريان)
الامبراطور الروماني (فاليريان). صورة: Kean Collection/Getty Images

أحب الأباطرة الرومان أن ينظر إليهم على أنهم تجسيد للقوة والشدة، أو على نحو أكثر دقة، يجب أن يُنظر إليهم كذلك، لأن أي علامة على الضعف قد لا تُعرّض فقط وضعهم الخاص للخطر ولكنها تضع استقرار الإمبراطورية الرومانية بأكملها في خطر أيضًا. كل ذلك جعل سقوط (فاليريان) أكثر قوة وإثارة للاهتمام. فهذا الرجل الذي تحول من كونه أقوى فرد في العالم المعروف إلى موضع إذلال وأسير يُقتل من قبل أعدائه.

ولد (فاليريان) الأكبر في حوالي عام 193 ميلادي وتم تعيينه إمبراطورًا في خريف 253 ليواجه على الفور العديد من التحديات، سواء في الداخل أو في الخارج. أكثر اهتماماته إلحاحًا كان انتشار المسيحية في جميع أنحاء الإمبراطورية بالإضافة لمواجهة التهديد الذي يمثله الإمبراطور الساساني شابور الأول عندما حاول التصدي له بجيوش روما التي قادها (فاليريان) بنفسه على كبر سنه إلى القتال في معركة إديسا في عام 260. لكن روما قد هزمت، وتم القبض على فاليريان، فكان أول إمبراطور روماني يقع أسير حرب.

وفقًا لبعض الروايات تعرض (فاليريان) للإهانة بشكل متكرر ومنتظم أثناء احتجازه. حتى أن بعض الكًتّاب يزعمون أن شابور الأول استخدمته ككرسي للقدمين، بينما تعرض الإمبراطور أيضًا لتيار مستمر من الإساءة اللفظية. حتى لو لم تتم معاملته بشكل سيء فإن كونه سجينًا كان مهانًا بدرجة كافية لزعيم روما ما تسبب في ارتفاع هائل في انعدام الأمن في جميع أنحاء الإمبراطورية.

توفي (فاليريان) في الأسر عام 264 مع بعض الروايات التي تشير إلى أنه سُلخ حيًا على يد شابور. لكن القصة الأكثر شعبية تروي كيف حاول (فاليريان) شراء حريته بعد أن عرض على عدوه مبلغًا ضخمًا من الذهب مقابل تركه. ردا على ذلك صبّ شابور الذهب المنصهر في حلق الروماني، وهو عمل وحشي مصمم لإظهار أن روما لا يمكنها شراء الجميع.

19. كان إمبراطور الصين (ليو) مكروهاً للغاية لدرجة أنه ظلّ في الحكم 27 يومًا فقط، قبل التخلص منه وموته في سن 33 عامًا.

خريطة الصين تحت حكم آل (هان)
خريطة الصين في أقصى اتساع لها تحت حكم أسرة (هان). صورة: Wikimedia Commons

ولد (ليو) ما بين الملوك غارقًا في الثروة عنده كل ما يطلبه ويتمناه، وقد بدا مستقبله مشرقًا بالفعل عندما توفي إمبراطور وحاكم أسرة هان عام 74 ق.م دون وريث. قام الوزير الأول (هوو غوانغ) بتجهيز (ليو) ليكون الإمبراطور الجديد، ولكن تلك الترتيبات لم تهيئ له أن يكون ذا عهد طويل ومجيد، بل العكس تمامًا، في الواقع، كان سقوط (ليو) سريعًا وقاسيًا ومهينًا.

ليس الغريب أن (ليو) حكم لمدة 27 يومًا فقط، بل إنه من المفاجئ حقًا استمراره لهذا الحد، فقد أساء لشخصيات بارزة ومؤثرة في البلاط الملكي من البداية، كما أنه لم يراعِ بالشكل الصحيح فترة الحداد على عمه، فبدلاً من إظهار الاحترام للإمبراطور المتوفى حديثًا أمضى (ليو) الأيام القليلة الأولى من حكمه في الاحتفال واللهو ليلاً ونهارًا. على الرغم من أن مستشاريه حذروه من إبداء قدر من ضبط النفس إلا أن الامبراطور الجديد تابع أساليبه الرعناء اللاهية ليس في السهو والعبث فحسب، بل بتعيين أصدقاء أو أقارب له في مناصب حكومية بصرف النظر عن مدى أهليتهم.

بعد بضعة أسابيع كان لدى كبار الوزراء ما يكفي من الأسباب والدوافع للتحرك، فذهبوا إلى الإمبراطورة (دوجر شاجوان) وطلبوا منها خلع ابن أخيها الضال، ونظرًا لـ ”سلوكه الفاسد والمتكبر“ وافقت بسرعة ويسر. تشير الحكاية التي وصلت إلينا أن (ليو) قد ارتكب 1177 جريمة مختلفة خلال 27 يومًا من توليه العرش. أُرغم الامبراطور على الانسحاب من السلطة وجُعل شكليًا أحد نبلاء من مقاطعة صغيرة غير ذات أهمية حيث توفي هناك مذلولًا وحديًا في عام 59 قبل الميلاد وعمره 33 عامًا فقط، إلا أننا نذكره الآن إلى حد ما بعدما أعتبر علماء الآثار قبره كنزًا حقيقيًا مليئًا بالعطايا التاريخية والتحف القيمة.

20. وقع (بيتر أبيلار)، أحد أعظم علماء اللاهوت في كل العصور، في حُبّ إحدى طالباته، ليقع ضحية بلطجي مأجور.

بيتر أبيلار
الفيلسوف وعالم اللاهوت (بيتر أبيلار). صورة: Wikimedia Commons

في أوائل العصور الوسطى في أوروبا كان (بيتر أبيلار) أحد الأفراد المشهورين جدًا في القارة العجوز، فلم يكن هذا الفرنسي فيلسوفًا بارزًا فحسب بل كان أيضًا عالم لاهوت بارزًا جدًا في عصره، حتى تسارع الأغنياء وذوي النفوذ، بمن فيهم أقوى الشخصيات في الكنيسة، للحصول على نصيحته ومشورته، وكان لديه عدد لا يحصى من تلامذة الفكر. لكن وفي أوج قوته سقط (أبيلار) بواحدة من أكبر الفضائح في العصور الوسطى، إذ أدت علاقة حب غير مشروعة إلى إنهاء مسيرته المهنية وتدمر سمعته بالكامل.

بدأ (أبيلار) من مواليد 1079 في صنع اسم لنفسه كمفكر في جامعة باريس منذ عام 1100 فصاعدًا. حسب مؤلفي سيرته كان ”أكثر المفكرين جرأة وأفضل عالم لاهوت في القرن الثاني عشر“. وفوق كل ذلك حقق شهرة أكثر بصفته لاهوتي مخضرم بتفسيره الكتاب المقدس، ستصبح محاضراته حدثًا مهمًا يجمع الناس، وسيقوم الآباء بدفع مبالغ طائلة لـ (أبيلار) كي يعلم أبناءهم، فكان هذا أحد الأسباب التي أدت إلى سقوطه من النعيم الدنيوي.

كانت (هيلويز دي ارغنتويل) سيدة شابة تعيش مع عمها في باريس، وهي فتاة شغوفة بالكلاسيكيات و واحدة من ألمع تلاميذ (أبيلار)، سرعان ما أصبح الاثنان عشاقًا، لكنهما أبقيا علاقتهما سرًا، بعد فترة ظهرت على (هيلويز) علامات الحمل واكتشف عمها ذلك. تزوج الاثنان سراً ولكن عندما أعلن العم الخبر في العلن، أنكرت ابنة أخيه ذلك، فتم بعد فترة إرسال (هيلويز) للعيش في دير مجبرةً. ثم دفع العم بعض الرجال لاقتحام منزل (أبيلار) وإخصائه، وهذا ما حدث. على الرغم من أنه كان قادرًا على الاستمرار في مسيرته كعالم لاهوت، إلا أن سمعته شُوهت إلى الأبد.

مقالات إعلانية