in

تحويل 4 أفكار فلسفية إلى تطبيقات عملية ستساعدك في الحصول على حياة أفضل

أفكار فلسفية

الفلسفة فرع ساحر من الحكمة، لكن يصعب أحيانا تحويل الأفكار الفلسفية – المفهومة من قبل فئة محدودة – إلى تطبيق عملي، فما فائدة كل هذه الأفكار والفرضيات والنظريات؟ وكيف ستساعدك الفلسفة في الحصول على حياة أفضل؟

سنركز في هذا المقال على أربعة أفكار فلسفية قد تؤثر على حياتك بطريقة إيجابية، والتي إن فهمت بصورة متعمقة، ستكون قادرة على تعزيز قوتك في الحياة.

فريدرك نيتشه: التكرار الأبدي

الفكرة:

لقد تحدث نيتشه عدة مرات في كتاباته عن التجربة الفكرية للتكرار الأبدي، وفي كتابه ”Gay Science“ في القول المأثور رقم 341 يقول:

”ماذا عساك تقولُ لو أن شيطاناً تسلل يوماً أو ليلة حتى داخل عزلتك الأكثر انزواءً وقال لك: ’هذه الحياة، مثلما تحياها الآن، ومثلما حييتها، سيلزمك أن تحياها مرة أخرى لمرات لا حصر لها، ولن يكون فيها شيء جديد، سوى أن كل ألم وكل متعة، كل فكرة وكل تأوه وكل ما هو صغير وكبير في حياتك لا بد أن يتكرر، والكل في نفس النظام ونفس التتابع – ذاك العنكبوت أيضاً، وضوء القمر هذا بين الأشجار، وهذه اللحظة، وأنا نفسي – إن ساعة الرمل لا تنفك تقلب رأسا على عقب مرارا وتكرارا، وأنت معها، يا قذىً من غبارٍ‘.

ألن تلقي بنفسك أرضاً، تصر أسنانك وتلعن الشيطان الذي قد يكلمك بهذا الشكل؟ أم أنك ستعيش لحظة رائعة وستجيبه: ’أنت إله، فما اختبرت في حياتي أمرا أكثر ربانية من هذا قط!‘. لو سيطرت عليك هذه الفكرة فستحولك، جاعلة منك، مثلما أنت، شخصاً آخر، ربما طاحنةً إياك، وسيهبط السؤال المطروح بخصوص كل شيء: ’هل تريد هذا مرة أخرى ومرات لا حصر لها؟‘ بثقله على تصرفاتك كأثقل وزن! أو كم سيلزمك من إظهار الإحسان تجاه نفسك وتجاه الحياة حتى لا ترغب بشيء غير هذه الأخيرة التي هي إثبات أبدي، هذه الأخيرة التي هي عقاب أبدي؟“

هل تجعلك فكرة التكرار الأبدي (أن تكرر كل لحظة في حياتك نفسها إلى الأبد) ترتجف خوفاً أم فرحاً، هل تعيش يومك بكل تفاصيله أم أنك تنتظر أن يأتي الأفضل؟ فلننظر بشكل أفضل للعواقب المحتملة لفكرة ”نيتشه“.

الجنة أم الجحيم، القرار يعود لك:

فلنفترض أيضاً أن حياتك الآن ليست إحدى التكرارات ولكنها في الواقع المرة الأولى التي تعيشها، يعني هذا أن كل لحظة تمر ستُحفر في حجر وستكرر نفسها إلى ما لا نهاية، كيف يجعلك هذا تشعر؟

توقع ”نيتشه“ أن يكون هذا أثقل عبء ممكن إن كنتَ ”شخصاً تقليدياً“، من جهة أخرى، تأكد أنك قد حققت العَظَمة البشرية إن لم ترغب بتغيير أي شيء في ماضيك أو حاضرك أو مستقبلك.

عندما تتقبل وتحب اللحظة التي تعيشها، فقد ربحت، ولنتحدث بعملية، إن نيتشه يقترح في قوله هذا أن تختار أفضل فعل ممكن في كل لحظة، وأن تسأل نفسك دوماً إن كان ما تفعله الآن هو أفضل شيء تستطيع أن تفعله، إن إتبعت هذه النصيحة وتصرفت دائما وفق معرفتك بها، فستعيش حياة جديرة بأن تعيشها مجدداً.

سقراط: لا أحد يرتكب الأخطاء متعمداً

الفكرة:

إعتقد سقراط أننا نفعل دائما ما شأنه أن يجلب لنا المتعة ويجنبنا الألم.

جادل سقراط، إلى حد ما، بأننا نحاول دائما أن نقترب من ”الخير“ (المتعة)، وأن نبتعد عن ”الشر“ (الألم، وكل ما هو خاطئ)، وقد كان سقراط مؤمنا بشكل قوي بعقلانية البشر، وإن مزجت كلا الفكرتين ستصل لاستنتاج سقراط:

”نظراً لكوننا عقلانيين، لا أحد فينا سيختار الألم فوق المتعة، وهذا يعني أن البشر يرتكبون الأخطاء لأنهم لا يعرفون ما هو أفضل لهم“

فلنأخذ التدخين على سبيل المثال، فحسب رأي سقراط، لو أدرك الناس كيف يؤثر التدخين فيهم حقاً لما دخنوا، ولكن هنا يأتي الجزء الصعب: إن سألتَ: ”في الواقع، يعرف صديقي أضرار التدخين ولكنه يدخن رغم ذلك“، وجواب سقراط هو: ”لو كان يعرف حقاً، لما دخن“. هذا الجزء صعب لأنك لا تستطيع أن تثبت أن سقراط مخطئ، وهو أيضاً لا يستطيع أن يثبت أنه محق، ولكن لا يهم من هو المحق هنا، فالمهم أن سقراطا قد يكون محقاً.

جد طريقك نحو السعادة:

ما يهم حقاً هو معرفتك أنك على الأغلب تضر نفسك بدون أن تدري، وهذا قد يبدو مخيفاً لأول وهلة، ولكنه أمر رائع في الحقيقة.

إن هذا سيساعدك على معرفة وتغيير الأشياء الخاطئة التي تفعلها، كما سيحفزك لأن تنضج، فعلى سبيل المثال، قد تدفعك هذه الفكرة لتثقف نفسك صحياً لكي تعرف بشكل دقيق تماماً كل ما هو مفيد بالنسبة لك، وإن كنت مهتما بنفسك – ويؤكد سقراط أنك مهتم فعلاً! – فاترك هذه الفكرة تتغلغل فيك، واجعل البحث عن السعادة دافعاً لك لتتعلم ولتتغير ولتنضج.

جان بول سارتر: محكومٌ عليك أن تكون حراً

الفكرة:

فلسفة ”سارتر“ الوجودية مثيرة للإهتمام، فهو يبدأ باعتقاده أن الإله غير موجود ليرسم استنتاجاته عن معنى أن تكون إنساناً من هذا المنطلق، وإحدى استنتاجاته هو أن الحرية حتمية للإنسان، ويعني هذا:

”بما أن الله غير موجود، فإننا نولد بدون جوهر، فنحن نفتقر للهدف المقدس أو للطريق المرسوم مسبقاً، هذا يعني أننا أحرار تماما لنفعل ما نختاره ولنبني جوهرنا من خلال أفعالنا.“

سارتر مؤمن بهذه الفكرة لدرجة أنه يقول أننا لا نستطيع ألا نكون أحراراً، لأننا قادرون على الحد من حرياتنا فقط لأننا أحرار، ولذلك نحن لا نستطيع أن نتخلص تماماً من الحرية، ومع الحرية تأتي المسؤولية:

”ونظرا لكوننا أحرارا، فلا نستطيع أن نلوم سوى أنفسنا على نتائج أفعالنا لأننا نسبب أفعالنا، ولذلك، كل شخص مسؤول عن حياته“.

الحرية والمسؤولية:

نجد أنفسنا مجددا أمام مفهوم قد يكون شاقاً أو محرراً في آن واحد. من الرائع أن تكون حراً، ولكن إن كان هذا يعني أننا مسؤولون بالكامل عن حياتنا وأفعالنا، فيجب ألا نستخف بهذه الحرية.

قد يُذكرنا التفكير بسارتر أن التحكم بمصيرنا وبحياتنا هو من مهامنا نحن، بالتأكيد هناك عوامل قد لا تستطيع أن تغيرها، ولكن يجب أن تعمل لتكسب الباقي وأن تكون مُمتناً لما تمتلكه الآن.

من الإستنتاجات التي من الممكن التعايش معها، أننا لسنا مسيطرين 100% على حياتنا، ولكن هذا لا يخلصنا من المسؤولية، حتى إن لم نتسبب في ظروفنا السيئة، فستقع على عاتقنا ضرورة الرد على هذه الظروف، وتحديد كيفية الشعور تجاهها.

سقراط لـ: دان ميلمان: لا إعتدال بعد اليوم

الفكرة:

سقراط هو اسم شخصية في كتاب ”دان ميلمان“: ”طريقة المحارب السلمي“. يمتلك ”سقراط“ هذا فلسفات تعزز القوة في الحياة، وفي منتصف الرواية يسأل دان (الشخصية الرئيسية) سقراط: ”ماذا عن الإعتدال؟“ ليجيبه سقراط:

”هناك حكمة تقول عندما تجلس، إجلس. عندما تقف، قف. لا تتزعزع عن عزمك مهما فعلت. عندما تتخذ قراراً أقدم عليه بكل ما أوتيت من عزم. لا تكن كرجل الدين الذي يفكر بالصلاة أثناء معاشرته لزوجته والذي يفكره بزوجته أثناء الصلاة.

من الأفضل أن ترتكب أخطاءاً بكامل وجدانك من أن تتجنب الأخطاء بحذر بروح مرتجفة، المسؤولية تعني أن تدرك كلا من المتعة وثمنها، وأن تتخذ قرارا مبنياً على هذا الإدراك، ومن ثم أن تعيش حياتك مع هذا القرار بدون قلق“.

إفعل كل شيء بأقصى طاقتك:

قد تراودك الشكوك حيال قراراتك، ولكن بمجرد أن تتخذ القرار يجب أن تندفع لتنفيذه ”بكامل وجدانك“ لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لتعيش حياة صحيحة، وهذا يمكن فهمه بأن تركز تماما على المهمة التي في متناول يديك، أن تفعل كل شيء بأفضل طريقة ممكنة، وأن تلتزم بقراراتك فور أن تتخذها، فلا جدوى من فعل أي شيء بنصف عزم.

خاتمة

قُدّمت إليك في هذه المقالة أربعة أفكار فلسفية أساسية تستطيع أن تستخدمها لتبني فلسفة خاصة بك تعزز قوتك في الحياة، فلسفة تساعدك في طريقك نحو النمو وتعطيك تأثيرا إيجابيا مدى الحياة.

إبحث عن أفكار ملهمة وأعد تقييم حياتك وفقا لها لتصبح أكثر صدقاً وقوة وسعادة. وهذا، بكل تأكيد، مسؤولية تقع على عاتقك أنت.

مقالات إعلانية