in

افتتاح معرض خاص بالمكفوفين يسمح لهم بتحسس اللوحات ثلاثية الأبعاد عبر اللمس

متحف (برادو) في (مدريد) الخاص بالمكفوفين
- صورة: Blazquez Dominguez/Getty Images

”لا تلمس أي عمل فني“، هذه جملة التحذير الشهيرة لأي متحف حول العالم، ولكن متحف (برادو) في (مدريد) غيّر هذا المفهوم بمعرض جديد كليا يسمى (تحسس البرادو)، حيث يسمح للزوار فقط بلمس اللوحات وهم مدعوون لذلك، ففتح بذلك مجال أمام المكفوفين والأشخاص ذوو الرؤية الضعيفة بأن يلمسوا أكثر اللوحات شهرة في العالم.

لا يستطيع الزوار لمس اللوحة الأصلية بل نسخة طبق الأصل ثلاثية الأبعاد وبدقة عالية، وهذه النسخ تتسم بنفس النسب والصفات الفنية للّوحات الأصلية، ولكنها بحجم أصغر حتى يستطيع الزوار المكفوفون لمس كامل سطح اللوحة وتخيلها.

يعد المعرض نتاج عملية طباعة جديدة تسمى (ديدو)؛ وضعت من قبل أستوديو إسباني يدعى (استديو ديريرو)، الذي ينتج أشياء مادية تماما مثل ما تفعله طابعة ثلاثية الأبعاد، ولكن باستخدام عمليات كيميائية مختلفة تماماً عن الطابعات المعروفة.

متحف (برادو) في (مدريد) الخاص بالمكفوفين
متحف (برادو) في (مدريد) الخاص بالمكفوفين – صورة: Blazquez Dominguez/Getty Images

يتحدث أمين هذا المعرض (فرناندو بيريز سيسكون) أنه ”قد استخدمت المتاحف في دول أخرى نفس التقنية لإعادة إنتاج اللوحات للمكفوفين، ولكن نسخها كانت أصغر وبالأبيض والأسود فقط“.

تبدأ العملية مع صور بدقة عالية للوحات الأصلية، واختار موظفو (ديريرو) القوام والشكل والميزات التي يكون سهلا ومنطقيا فهمها واستيعابها من طرف المكفوفين، حيث أن تفاصيل صغيرة قد تبدو للوهلة الأولى غير مهمة، ولكنها تكون أساسية في فهم تكوين وموضوع الصورة.

استشار القائمون على المعرض (منظمة إسبانيا الوطنية للمكفوفين) ONCE حول أفضل اللوحات التي يمكن تخيلها باللمس، فاختار المعرض ست لوحات من روائع اللوحات العالمية، منها: الـ(موناليزا) لـ(ليوناردو دافنشي)، و(ذا باراسول) لـ(غويا)، و(ذا ستيل لايف) لـ(ڤان ديرهامن)، و(أبولو في فورج فولكان) بريشة (فيلازكيز)، و(نولي مي تانجير)، ولوحة (كوريجيو) للمسيح حين يلتقي مريم المجدلية.

متحف (برادو) في (مدريد) الخاص بالمكفوفين
لوحة الموناليزا لـ(ليوناردو دافنشي) – صورة: Blazquez Dominguez/Getty Images

وقال السيد (بيريز سيسكون): ”يجب أن لا تزيد مساحة اللوحة عن 120 سنتيمتراً، لأن هذه هي المسافة التي يمكن للشخص الوصول إليها بسهولة دون الحاجة إلى التحرك“، ويكلف كل عمل فني في المعرض أكثر من 6680$، كما يقوم المرشد بزيارة المتحف كل يوم إثنين لإصلاح أي ضرر يلحق باللوحات.

من خطط المعرض نقل هذه الصور بين مدن إسبانيا حتى يتسنى لجميع المكفوفين خوض هذه التجربة الفريدة، ويعد هذا المعرض نتاج الجهود المتزايدة بين المتاحف الإسبانية وجمعية ONCE.

قال (لويس غوميز بلازكيز) رئيس برامج الترفيه والرياضة في منظمة ONCE: ”إن كل هذا لا يساعد المكفوفين فقط، بل أيضاً أي شخص لديه أي نوع من الإعاقة“.

بعد حوالي 40 ساعة من العمل على كل صورة، تم وضع الأحجام المناسبة لكل لوحة وطباعتها بحبر خاص، ثم يتم تطبيق الطرق الكيميائية التي تعطي حجما للعناصر المسطحة، وبناءً على ذلك يتم طباعة الصورة الحقيقية مع الألوان الأصلية، وبحجم مناسب بحيث يمكن لمسها باليدين.

يقول أحد الزوار (خوسيه لويس أندريس)، 55 عاماً، الذي فقد بصره قبل ثمانية أعوام: ”اللمس، والشم، والسمع، هي الحواس الأهم عندما يفقد الفرد بصره، فيصبح من الضروري عليه استكمال أي شيء بحواسه الأخرى، وهنا تعلمه يداه الكثير“.

وقال زائر آخر (أندريس أوتيو): ”إن لمس النسخ الثلاثية الأبعاد خلق صلة واضحة بين ما أشعر به في أصابعي مع ما هو في ذهني، إنه أشبه باستعادتي لبصري“.

لا يقتصر زوار المعرض على المكفوفين فقط، بل بإمكان حتى الأصحاء زيارته وخوض هذه التجربة الفريدة، حيث يمنح المتحف عصابة عينين من أجل ذلك.

تقول (آنا روزا أرجنت)، التي ضعف بصرها كثيرا لكنها ليست كفيفة بشكل كامل: ”بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من رؤية جزئية، فإن هذا المعرض مثالي، لأن ما لا يستطيعون رؤيته، يشعرون به“.

فهو يعد المعرض الوحيد الذي سمح للزوار بوضع أصابعهم على كامل اللوحة، كما يملك موزعات لمطهر اليدين وأوعية مياه الشرب من أجل الكلاب التي ترافق وتساعد المكفوفين (الكلب الدليل).

متحف (برادو) في (مدريد) الخاص بالمكفوفين
لوحة (ذا ستيل لايف) لـ(ڤان ديرهامن) – صورة: Blazquez Dominguez/Getty Images
متحف (برادو) في (مدريد) الخاص بالمكفوفين
لوحة (أبولو في فورج فولكان) بريشة (فيلازكيز) – صورة: Blazquez Dominguez/Getty Images
متحف (برادو) في (مدريد) الخاص بالمكفوفين
لوحة (نولي مي تانجير) للمسيح حين يلتقي مريم المجدلية، للرسام (أنتونيو داكوريغيو) – صورة: Blazquez Dominguez/Getty Images
متحف إسباني يعطي فاقدي البصر إمكانية رؤية الفن من خلال اللمس
لوحة (ذا باراسول) لـ(غويا) – صورة: Blazquez Dominguez/Getty Images
متحف (برادو) في (مدريد) الخاص بالمكفوفين
لوحة Gentleman with his Hand on his Chest للرسام (الغريكو) – صورة: Blazquez Dominguez/Getty Images
متحف (برادو) في (مدريد) الخاص بالمكفوفين
لوحة Gentleman with his Hand on his Chest للرسام (الغريكو) – صورة: Blazquez Dominguez/Getty Images

مقالات إعلانية