in

ما هو سر كثرة أعداد التوائم في بعض المناطق في العالم دون غيرها

التوائم

تشير تقديرات في جامعة (تكساس) إلى أن هناك 32 توأماً في كل 1000 شخص في هذا العالم، أي 16 زوجاً من التوائم لكل 1000 شخص، والتي تُترجم لنسبة تُقدر بـ3٪ من سكان العالم، ويبدو أن هذا الرقم يختلف حسب المنطقة والعرق والإثنية، فهناك مجموعات إثنية تنجب توائم أكثر من غيرها ومجموعات أخرى تُنجب توائما بنسب أقل.

على الرغم من اتفاق الباحثين على أن إنجاب توأمين متطابقين هي عملية يمكن إرجاعها للصدفة البحتة، فإنهم يعترفون أيضا بأن الوراثة هي اللاعب الأكبر فيها، فإن أنجب أي فرد من أفراد عائلتك توأماً متطابقاً ترتفع نسبة إنجابك لتوأم أنت أيضا لعدة أضعاف، إن كانت أحد الأمهات هي فرداً من زوج توائم متطابق فإن نسبة إنجابها لتوأمين ترتفع لأربعة أضعاف.

يلعب هذا العامل دوراً أساسياً في إثراء الأسر بالتوائم بشكل خاص، ومجموعات عرقية أكبر بشكل عام، في الحقيقة يبدو بأن العرق والأثنية يلعبان دوراً كبيراً في عملية إنجاب التوائم، على سبيل المثال ترتفع نسبة إنجاب التوائم في أميركا بين المواطنين الأمريكيين من أصول إفريقية (بنسبة 36,8 شخص في كل 1000 شخص) وتنخفض هذه النسبة بين المواطنين الأمريكببن من أصول لاتينية وإسبانية (بنسبة 21,8 في كل 1000 شخص).

لوحظ أن أكبر معدل للولادات التوأمية يحدث في مجتمع (اليوروبا) في جنوب شرق (نيجيريا)، ومركزها بلدة زراعية هادئة تُدعى بـ(إيغبو-أورا) Igbo-Ora، يُولد هناك 45-50 زوجاً من التوائم في كل 1000 عملية ولادة تكلل بالنجاح، بعبارة أخرى 10٪ تقريباً من السكان هم توائم، منح هذا الرقم الكبير وغير المعتاد من الولادات التوأمية هذه البلدة لقب (عاصمة التوائم في العالم).

بينما لم يستطع أحد أن يُعلل سبب حصول هذه الولادات في تلك المنطقة طبياً، اقترح العلماء أن ذلك قد يكون متعلقاً بالعادات الغذائية التي تتبعها النساء في تلك المنطقة، من الممكن أن يكون السبب هو استهلاك النساء لنوع معين من البطاطا يحتوي على مواد كيميائية طبيعة تعمل كمنبه للمبايض، وتحفزها على إطلاق بويضة من كل جانب، أي عوضاً عن إطلاق بويضة واحدة من واحد من المبيضين كل شهر، تصبح العملية عملية إطلاق بويضتين واحدة من المبيض الأيمن والثانية من المبيض الأيسر، وقد يكون الأمر عبارة عن جينات متوارثة بين العائلات الموجودة في هذه المنطقة من دون تدخل البطاطا في الموضوع.

بلدة (إيغبو-أورا) نيجيريا
بلدة (إيغبو-أورا) نيجيريا

في كلتا الحالتين، فإن سكان هذا المجتمع الريفي البسيط لا يهتمون بالسبب بقدر ما يهتمون بولادة التوائم، فتلك الولادات هي ولادات مباركة حسب أعرافهم وتقاليدهم التي تناقلتها الأجيال، حيث يُعتبر التوأمان ”نعمة من الإله“ تدل على أن الوالدة هي امرأة مباركة، وأن العائلة ككل هي عائلة مقربة منه، لذلك تجد العديد من نساء هذه القرية يرغبن بأن يُرزقن بتوأم.

ليست بلدة (أيغبو – أورا) الوحيدة التي يوجد فيها ارتفاع في معدلات ولادات التوائم، ففي البرازيل وقرب الحدود الأرجنتينية توجد مدينة تُدعى (كانديدو غودوي) Candido Godoi تحدث فيها ظاهرة الولادات التوأمية بشكل مماثل لبلدة (أيغيبو – أورا).

معدل ولادات التوائم في (كانديدو غودوي) هو 10٪ وهي نسبة أعلى بكثير من المعدل الإجمالي لولاية (ريو غراندي دو سول) التي تبلغ 1,8٪، وأكبر من معدل ولادة التوائم الرسمي لكامل البرازيل، وقد لوحظت هذه الولادات التوأمية من أوائل القرن العشرين عندما ضمت أول مجموعة مستعمرة -أتى أغلب أعضائها من ألمانيا وبولندا- 17 زوجاً من التوائم، ولوحظت هذه الظاهرة بكثافة منذ ذلك الحين بسبب تعاقب الولادات عبر الأجيال، وترجع أصول أغلب هؤلاء السكان لمنطقة (هنسروك) Hunsrück في ألمانيا، التي بدورها أيضاً لديها معدل ولادة توائم أعلى من المتوسط الطبيعي.

توأمان من أصل 700 توأم في بلدة (كانديدو غودوي) البرازيلية التي يبلغ عدد سكانها 6,600، تدعى هاتان الفتاتان اللطيفتان (كيتانا) و(تاهوانا شميت).
توأمان من أصل 700 توأم في بلدة (كانديدو غودوي) البرازيلية التي يبلغ عدد سكانها 6,600، تدعى هاتان الفتاتان اللطيفتان (كيتانا) و(تاهوانا شميت).
(نيلسون) و(نووبيرتو ريسك)، توأمان كبيران في العمر من مدينة (كانديدو غودوي) البرازيلية.
(نيلسون) و(نووبيرتو ريسك)، توأمان كبيران في العمر من مدينة (كانديدو غودوي) البرازيلية.

اجتهد الباحثون لعقود من الزمن من أجل شرح وتفسير كثافة التوائم في هذه المنطقة، ثم وفي عام 2009 اقترح المؤرخ الأرجنتيني (خورخي كاماراسا) فرضية غريبة في كتابه (Mengele) (مينغيل: ملاك الموت في أميركا الجنوبية).

كان (جوزيف مينغيل) طبيباً سيء السمعة قام بتجارب شنيعة جداً على التوائم الموجودين في معسكر الاعتقال الألماني في (أوشفيتز) Auschwitz، كانت مهمته هي العمل على إجراء تجارب بشكل مستمر حتى يتمكن من معرفة سر الولادات التوأمية من أجل سيده (هيتلر) لأنه كان يرغب بزيادة أعداد العرق الآري من خلال زيادة هذا النوع من الولادات، ومع بداية تضييق الحلفاء على النظام الألماني النازي لاذ (مينغيل) بالفرار إلى أميركا الجنوبية، اقترح (خورخي كاماراسا) أن (مينغيل) لم يتوقف عن إجراء تجاربه على النساء أثناء ترحاله في أنحاء أميركا الجنوبية منتحلاً صفة طبيب بيطري أو طبيب متجول بسيط، ويفترض الكاتب أن (مينغيل) نجح في فك شيفرة التوائم مما أدى إلى زيادة في نسبة سكان البلدة.

الطبيب النازي (جوزيف مينغيل)
الطبيب النازي (جوزيف مينغيل)

شكك المؤرخون المحليون البرازيليون في هذه التكهنات التي افترضها الكاتب (كاماراسا)، وقالوا بأن (مينغيل) لم يدرس التوائم خلال فترة وجوده في البرازيل، وأن أمر ارتفاع نسبة الولادات التوأمية سبق وصول (مينغيل) إلى أميركا الجنوبية ولم يكن له دور فيه.

(ماريارا) و(مايرا كوتوسكي) الفتاتان التوأمان وعمرهما 17 سنة من مدينة (كانديدو غودوي) البرازيلية.
(ماريارا) و(مايرا كوتوسكي) الفتاتان التوأمان وعمرهما 17 سنة من مدينة (كانديدو غودوي) البرازيلية.

تأمل بلدة أخرى بأن تحصل على لقب (بلدة التوائم)، هذه البلدة موجودة في شمال غرب البوسنة وتُدعى بـ(بوزيم) Buzim، هذه البلدة الصغيرة التي يبلغ على سكانها 20,000 نسمة هي موطن لأكثر من 200 زوج من التوائم، على عكس مدينتي (إيغبو-أورا) و(كانديدو غودوي) يريد سكان هذا البلدة الاستفادة من معدل التوائم غير العادي في بلدتهم، واستخدامه من أجل زيادة معدل الجذب السياحي لمنطقتهم، نحن لا نلومهم لأن جميعنا يرغب في رؤية بلدة يسير التوائم في شوارعها بكثافة.

وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية (رويترز)، فإن أول من اكتشف هذه الظاهرة هو مواطن محلي اسمه (نيدزيب فوسيلج) عندما رُزقت زوجته بزوج من التوائم أثناء فترة الحرب الأهلية التي حصلت بين عامي 1992 و1995، علم (فوسيلج) أن هناك 21 زوجاً من التوائم على الأقل وُلدوا في نفس تلك الفترة، الأمر الذي جعله في حيرة من أمره حيث أنشأ صفحة على فيسبوك ليحاول اكتشاف توائم أخرى في نفس البلدة، وإلى الآن تم التعرف على 200 زوج من التوائم فيها على الأقل.

مجتمع بلدة (بوزيم) هو مجتمع معروف بإنجابه للأولاد بشكل كبير، أي أن سكانه يحبون الأسر الكبيرة بالإضافة لحالات زواج أقارب متعددة، وباعتقادنا هذا ما ساعد الجينات على الإنتشار.

توائم بلدة (بوزيم)
توائم بلدة (بوزيم) – صور: Dado Ruvic/Reuters

في الشرق، تُوجد ظاهرة التوائم في قرية (كودينهاي) في ولاية (كيرالا) في الهند، حيث يوجد هناك 250 زوجاً من التوائم المسجلين رسمياً، يسكن هذه القرية 2,000 عائلة فقط، ولد في سنة 2008 لوحدها 15 زوجاً من التوائم من بين 300 حالة ولادة صحيّة، ويرتفع معدل الولادة التوأمية فيها سنة بعد سنة، ففي آخر خمس سنوات سبقت عام 2009 وُلد 60 زوجاً من التوائم. معدل ولادات التوائم هذا هو أمر ملفت للنظر بسبب امتلاك شبه القارة الهندية لواحد من أدنى معدلات ولادات التوائم في العالم.

زوج من الفتيات التوائم في ”بلدة التوائم“ في (كودينهاي) في الهند.
زوج من الفتيات التوائم في ”بلدة التوائم“ في (كودينهاي) في الهند.
مجموعة من التوائم وهي تتحضر لالتقاط صورة مشتركة في قرية (كودينهاي) في الهند.
مجموعة من التوائم وهي تتحضر لالتقاط صورة مشتركة في قرية (كودينهاي) في الهند.

مقالات إعلانية