تشتهر المنازل البلجيكية ببنائها الغريب، ويعود هذا لقيام أغلب السكان المحليين ببناء منازلهم بإياديهم، ويوجد قول مأثور يؤكد هذا الأمر: ”كل شخص بلجيكي يولد وهو يحمل الآجر داخل معدته“. لذلك فإن نتيجة هذا التقليد أصبحت واضحة للغاية، فإن عبرت بسيارتك في أي ضاحية فلمنكية ستلاحظ أن كل منزل يختلف عن المنزل الذي يجاوره، أي أن الأمر أشبه بخليط من الأنماط المعمارية المختلفة.
أمضى المصور الفوتوغرافي (هانيس كودينيس) السنوات القليلة الماضية وهو يصور هذه الفظائع المعمارية ويوثقها في مدونته، ووصف هذه المنازل بأنها أشبه بـ”كابوس معماري من مكعبات الليغو“.
كتب (كودينيس) في موقع النقد المعماري: ”تسيطر الفوضى بشكل ساحق على بلجيكا، يبدو الأمر كما لو أننا قمنا بملأ كل متر بالأبنية قبل أن نكتشف الحاجة لوضع بعض الشوارع هنا وهناك، يمكنك بسهولة العثور على حي يضم عشرات الأنماط المعمارية المختلفة داخل دائرة نصف قطرها 100 متر.
بالإضافة لكون هذه البلاد صغيرة لدرجة أنه لا يمكنك إعطاء كل منزل حقه، أي أن تجمع هذه الأبنية بهذا الشكل هو أمر حتمي مما يعني أن الاختلافات ستكثر وأي بناء ذو طابع مميز سيبهت بريقه ضمن محيطه الضبابي. لا يستطيع أحد النظر إلى هذه المنازل بطريقة موضوعية عندما يكون هو الآخر يعيش في منزل ذو تصميم غريب محاولاً لفت الانتباه إليه“.
كما قال المصور (هانيس كودينيس) أنه سكن وزوجته في إحدى هذه المنازل القبيحة قبل أن يجبروا على الانتقال منه بسبب بيع الأرض لمتعهد جديد. أنشأ (كودينيس) مدونته عام 2011 في الوقت الذي كان يعيش في منزله القبيح –الذي كان يبدو وكأنه منزل شبه منفصل من فترة الستينيات– قام هو وزوجته بإجراء بعض التعديلات والإصلاحات عليه، كان منزلاً عملياً بالرغم من قباحته.
سببت مدونة (كودينيس) نوعاً من الجلبة بين السكان البلجيكيين، حيث أدرك أنه ليس الشخص الوحيد الذي يرى بلجيكا دولة قبيحة من الناحية المعمارية، الأمر الذي شجع (كودينيس) على نشر المزيد من الصور لمنازل بلجيكية قبيحة، إلى أن قام أحد متابعيه بتوكيل محامي وإرسال رسائل تهديد لـ(كودينيس) يتهمه فيها بانتهاك خصوصياتهم وخرق قوانين حقوق الطبع والنشر وإلحاق الضرر بسمعتهم.
نتيجة لهذا الأمر وخوفاً من العقاب القانوني، توقف (كودينيس) عن النشر في مدونته. ولكن بعد مرور عام واحد، عندما وجد (كودينيس) نفسه يعيش في أحد هذه المنازل القبيحة مرة أخرى، اشتعلت هذه الفكرة مجدداً في رأسه وعاود النشر على مدونته. وبعد مرور عدة أعوام قام بنشر كتاب طاولة القهوة بنفس العنوان (كتاب طاولة القهوة هو نوع من الكتب التي توضع في غرفة المعيشة وغرف الانتظار).
يقوم (كودينيس) حالياً بمنح صاحبي المنازل إمكانية إزالة الصور الملتطقة والموجودة على المدونة بأنفسهم، حيث يقوم نحو 10٪ من المالكين بهذا الأمر. حيث أوضح (كودينيس): ”أستطيع تفهم حنقهم، فبعضهم يأخذ الأمر بشكل شخصي عندما تتعرض منازلهم للسخرية بشكل علني، أو حين يشعرون بأنهم مطاردين من قبل الصحافة وبأنهم ضحية النقد، هذا ليس لطيفاً“.
وأضاف: ”أخبرني أحد المهندسين أن شخصاً ما سيقدم على الانتحار وسأغدو شخصاً مجرداً من الضمير وذلك بسبب التنمر الذي أمارسه. كما اتهمني مهندس آخر بأنني سأكون السبب بتغيير مستقبل أطفاله بشكل جذري وذلك بجعله يبدو كمهندس معماري فاشل. ولكن لهذه الأسباب، من المهم أن تكون قادراً على نقل ومشاركة أفكارك بشكل صريح ومتحرر“.