اشترى ملك البوب (مايكل جاكسون) مزرعة نيفرلاند في عام 1987 مقابل 19.5 مليون دولار، وأصبحت فيما بعد قطعة أثرية مهجورة تروي قصصاً عن الاعتداءات الجنسية المرتكبة بحق الكثير من الأطفال.
يمكننا القول أن الزمن لم يشهد شخصية مشهورة وموهوبة ومثيرة للجدل كملك البوب (مايكل جاكسون)، سمي منزله الذي تبلغ مساحته 2700 فدان الواقع في لوس أوليفوس-كاليفورنيا على اسم جزيرة الخيال المذكورة في قصة «بيتر بان» للأطفال.
اشتهرت هذه المنشأة العملاقة في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي بسبب الكم الهائل لوسائل الراحة والمعالم الأثرية التي توفرها، حيث تحوي محطة للقطار وتماثيل مستوحاة من قصص الخيال وقوارب على شكل بجعة ودولاب هواء، ولكن في العقود التالية، تدهورت سمعة نيفرلاند كثيراً.
اهتزت صورة (مايكل جاكسون) بأعين الكثيرين منذ بث الفلم الوثائقي «مغادرة نيفرلاند» على قناة HBO الأمريكية عام 2019 والذي يروي لنا قصص الاعتداء الجنسي التي ارتكبها (مايكل جاكسون) بحق الأطفال بتفاصيل مروعة.
توفي ملك البوب إثر أصابته بسكتة قلبية في سن الـ 50 في عام 2009 بعد أن عالج طبيبه (كونراد موراي) اضطراب النوم لديه بإعطائه دواء بروبوفول القوي.
الآن وبعد مرور أكثر من عقد على وفاة (جاكسون)، ينقسم العالم في نظرتهم له كشخص استخدم موسيقاه كأداة لتوحيد الناس وبين متحرش بالأطفال يُزعم أنه أساء لهم داخل ممتلكاته.
ولكن ومع ذلك لا تزال مزرعة نيفرلاند تثير اهتماماً عالمياً، فهي عبارة عن ذكرى من زمن انتهى منذ فترة طويلة كان فيه المطربون كالملوك يشترون براءتهم بأموالهم.
العثور على نيفرلاند
وفقاً لما نشرته الصحيفة الرقمية «بيزنس إنسايدر»، اشترى (مايكل جاكسون) عقاراً في لوس أوليفوس مقابل 19.5 مليون دولار في عام 1987، بعد عام واحد من انتشار نبأ نومه داخل غرفة ضغط عالي لإبطاء ظهور علامات الشيخوخة لديه.
ووفقاً لـ BBC، حدث ذلك في نفس الوقت الذي اشترى خلاله (مايكل) الهيكل العظمي للرجل الفيل (جون ميريك) مقابل مليون دولار، من الواضح أن شهرة (مايكل جاكسون) في ذلك الوقت قد ازدادت بعد نفقاته الضخمة على أشياء غريبة.
في نيفرلاند، قام (مايكل جاكسون) بتجديد المزرعة، حيث تم تجهيز المبنى الرئيسي بخمس غرف نوم وثمانية حمامات بمساحة 12,598 قدم مربع على الطراز الفرنسي النورماندي، ولكن هذا المبنى ليس المبنى الوحيد في هذا العقار.
مقابلة أوبرا وينفري مع مايكل جاكسون داخل قاعة السينما في نيفرلاند
تحتوي المزرعة بيوتاً أخرى لاستقبال الضيوف، وهناك بحيرة تبلغ مساحتها 4 فدان وشلال أضفى جمالية خاصة للمنطقة، بالإضافة لمسبح بطول 14 قدم على شكل بحيرة وملعب للتنس واستوديو رقص، وهناك أيضاً قاعة سينمائية تتسع لـ 50 شخص.
أجرت (أوبرا وينفري) مقابلة مع ملك البوب داخل قاعة السينما في عام 1993، أي في العام نفسه الذي واجه فيه (جاكسون) أول تهمة اعتداء جنسي بحق طفل.
قال (جاكسون) بعد تجريده من ملابسه لتفتيشه وتصوير أعضائه التناسلية ومقارنتها مع الأوصاف التي قدمها المُتهِم عام 1993: ”لست مذنباً، الشيء الوحيد الذي كنت مذنباً به هو تقديم كل ما يمكنني لمساعدة الأطفال في جميع أنحاء العالم“.
جرت تسوية بين (مايكل جاكسون) و(جوردان تشاندلر) البالغ من العمر 13 عاماً وعائلته خارج المحكمة، حيث دفع لهم مبلغ 20 مليون دولار وربما أكثر.
حكايات من داخل مزرعة نيفرلاند
في عام 2004، أي بعد عام من توجيه سبع تهم تتعلق بالتحرش الجنسي بالأطفال، أقام (جاكسون) حدثاً للأطفال في مزرعته.
وفقاً لصحيفة «لوس أنجلوس تايمز» كان هذا الحدث يضم 200 طفل يلعبون داخل منزله قبل أيام قليلة من عيد الميلاد، وقال (جاكسون) للأطفال في منزله: ”أتمنى أن تحظو بيوم رائع، عيد ميلاد سعيد، أنا أحبكم“.
وأوضحت المتحدثة باسمه (ريمون ك. بين) أن كل ما يريده رئيسها هو نشر الفرح والبهجة بين الأطفال، وقالت أيضاً أنه ليس هناك أي صلة بين هذا الحدث ومحاكمة (جاكسون) القريبة.
مايكل جاكسون بصحبة الأطفال في نيفرلاند في أوائل التسعينات من القرن الماضي
داهم المحققون المزرعة عدة مرات وفي عدة مناسبات ووصفوها بأنها ”جنة حقيقية“ للأطفال الذين تسنت لهم الفرصة لزيارة نيفرلاند.
تتراوح أعمار الأطفال الذين يستضيفهم (جاكسون) في نيفرلاند بين مرحلة ما قبل المدرسة إلى المراهقين، يمكن للأطفال اللعب بمختلف الألعاب ورؤية العديد من الحيوانات الأليف وحتى مشاهدة فيلم «ذا بولار إكسبريس» داخل القاعة السينمائية.
قالت (بين): ”بالنظر إلى كل ما يجري، يبدو أن كل شيء على ما يرام“. ولكن وفقاً للفيلم الوثائقي «مغادرة نيفرلاند» لم تكن الأمور تجري على خير ما يرام على الإطلاق.
مغادرة نيفرلاند
انتهت محاكمة (جاكسون) عام 2005 بالحكم عليه بالبراءة، وتوفي في عام 2009. لكن بعد مرور عشر سنوات، أشار الفيلم الوثائقي «مغادرة نيفرلاند» إلى أن (جاكسون) كان مذنباً بالفعل، وأنه لديه ميول جنسية تجاه الأطفال، اقتنع الكثيرون بهذه الحقيقة بعد مشاهدتهم للفيلم.
أخبر (جاكسون) الصحفي (مارتن بشير) عام 2003 أن الأشخاص الذين اعترضوا على استلقائي بجانب أحد الناجين من السرطان يدل على مدى جهلهم، ولكن زعم كل من (واد روبسنون) و(جيمس سيفتشاك) اللذان تعرضا للتحرش الجنسي وهما طفلان داخل نيفرلاند أن حفلات النوم كانت أكثر من مجرد النوم!
زار الصحفي (مارتن بشير) ملك البوب داخل منزله في نيفرلاند
وفقاً لما نشرته صحيفة (نيويورك تايمز) فإن (واد روبنسون) قد دافع في البداية عن (جاكسون) في عامي 1993 و2005 قائلاً إن لا شيء قد حدث في حفلات المبيت وكذلك الأمر بالنسبة لـ (سيفتشاك) الذي دافع عن (جاكسون) عام 1993، ولكنه لم يقف للدفاع عنه في عام 2005 كما فعل (روبنسون).
في عام 2013 رفع (روبنسون) دعوى قضائية ضد ملك بوب الراحل مدعياً أن (جاكسون) قد اعتدى عليه لمدة سبع سنوات منذ أن كان في السابعة من عمره، كما أنه زعم أن (جاكسون) قد أقنعه بعدم الإفصاح عما يجري بينهما ولكنه الآن وبعد وفاة (جاكسون) شعر أن الوقت قد حان للكشف عن الحقيقة.
لم تُقبل قضية (روبنسون) في المحكمة لأن الوقت قد فات، كما قام (سيفتشاك) برفع دعوة قضائية أيضاً في عام 2014 ضد (جاكسون) مدعياً أن (جاكسون) قد تحرش به مئات المرات منذ عام 1988 عندما كان يبلغ العاشرة من عمره وحتى عام 1992.
كما ادعى (سيفتشاك) أن (جاكسون) كان يقوم بتقبيل أعضاءه التناسلية وكافأ الطفل بإعطائه المجوهرات ولكن لم تقبل دعوته في المحكمة أيضاً.
في غضون ذلك، قرر الرجلان تولي الأمور بأنفسهما وإعادة رفع قضيتهم عبر التلفزيون. فقاما بإنتاج الفيلم الوثائقي «مغادرة نيفرلاند» الذي يروي قصة استمالتهما من قبل (جاكسون) الذي كان يقدم لهما المال ورسائل الحب والمعالجة النفسية.
عُرض الفيلم الوثائقي الذي تبلغ مدته 4 ساعات للمرة الأولى في «مهرجان صندانس السينمائي»، مع توفير الرعاية الصحية لأي شخص يزعجه محتوى الفيلم أثناء عرضه، يبدو أن هذا الفيلم قد نجح في إدانة (جاكسون).
كان رد عائلة (جاكسون) على الفيلم كالتالي: ”هذا الفيلم ليس سوى محاولة شنيعة ومثيرة للشفقة لاستغلال مايكل جاكسون، نحن نشعر بالغضب من وسائل الإعلام التي اختارت تصديق هذين الكاذبين بدلاً من الأخذ بكلام مئات العائلات والأصدقاء الذين أمضوا وقتاً مع مايكل والذين سيشهدون على لطفه وكرمه“.
الممثل الأمريكي (ماكولي كولكين) هو واحد من العديد من الأشخاص الذين اشتهروا بالدفاع عن (جاكسون)، يصر (كولكين) حتى يومنا هذا على أن (جاكسون) شخص بريء.
مقطع من مقابلة مع ماكولي كولكين في برنامج إنترتينمنت تونايت كندا
في النهاية ستبقى هذه المسألة محل خلاف كبير لأجيال قادمة سواء أكان (مايكل جاكسون) مذنباً أم بريئاً.
يعتقد بعض الناس أن (جاكسون) لم يكن مستقراً عقلياً، فقد كان قادراً على إساءة معاملة الأطفال في منزله والتستر عما يفعله في ظل موارده التي لا تعد ولا تحصى، أما البعض الآخر فيعتقدون أنه هذه الادعاءات كاذبة وهدفها استغلال شهرته لكسب المال من (جاكسون).
بعد موت (جاكسون)، بُيع منزله إلى جانب 2000 قطعة من أغراضه الشخصية في مزاد أُقيم في عام 2009، كما تم إنتاج الفيلم الوثائقي «ذيس إز إت» لتهدئة الآلاف من المعجبين الذين حطمهم خير وفاة نجمهم المفضل.
مزرعة نيفرلاند اليوم
وفقاً للمجلة الأمريكية «رولينغ ستون»، بُيعت 2000 قطعة من أغراض (جاكسون) الشخصية في مزاد جولين العلني الذي أُقيم في 22 أبريل عام 2009.
قبل أشهر قليلة من وفاته، تمكن (جاكسون) من إلغاء المزاد عن طريق رفع دعوة على هذا المزاد العلني الذي أعاد ممتلكات (جاكسون) على الفور مقابل إسقاط الدعوى، ومن بين هذه الممتلكات: قفازه الشهيرة وستراته وصور له والبوابات إلى نيفرلاند وغيرها من الأشياء.
في شهر أغسطس عام 2019، عُرضت مزرعة نيفرلاند للبيع مقابل 31 مليون دولار علماً أنها كانت متاحة سابقاً مقابل 100 مليون دولار في عام 2015 و67 مليون دولار في عام 2017، تم تغيير اسم المزرعة إلى «سيكامور فالي».
في النهاية، لا تزال نيفرلاند واحدة من أشهر قطع الأرض في العالم بفضل وسائل الراحة الفاخرة والديكورات المستوحاة من «بيتر بان» ووسائل التسلية، كما تم استقبال أكثر فنانين العالم شهرة داخل نيفرلاند، ألقي نظرة معنا على بعض الصور الملتقطة من داخل مزرعة نيفرلاند: