in

أكثر التجارب العلمية غرابة على الإطلاق

الخنازير المشعة
صورة تعبيرية غير حقيقية - صورة: escapistmagazine

في عام 1818، نُشرت رواية ”فرانكنشتاين“ للكاتبة ”ماري شيللي“، (والتي تصور طبيباً يخلق وحشاً من خلال تجميع وخياطة أعضاء بشريّة مختلفة مع بعضها)، غالباً ما رمزت هذه الرّواية الى أحد الهواجس البشرية وأشارت إلى المخاوف الحديثة المتعلّقة بسعي الإنسان وراء الحقيقة والمعرفة العلميّة، والتي تتجاوز أحياناً الحدود الأخلاقية.

وكما هو الحال في قصص الخيال العلمي التي قد نجح بعضها في التنبؤ بالمستقبل، لا نستبعد أن تكون لهذه القصص أيضا تنبؤات قد تتحقق في المستقبل.

إليكم مجموعة من التجارب العلمية التي قد تثير حفيظة الدكتور فرانكنشتاين نفسه، والتي على الرّغم من كونها لا تمت لمعايير الأخلاق الحديثة بصلة، إلا أن العديد منها قد أسهم في إثراء الكثير من مجالات الطب البشري، والبعض الآخر لا يتعدى كونه محضا من الجنون الخالص.

1. تحويل قطّة إلى هاتف:

في عام 1929،أي قبل ظهور جمعية PETA للتّعامل الأخلاقي مع الحيوانات، تمكّن ”إرنست غلين ويفر“ و”تشارلز براي“ من تحويل قطّة حيّة إلى جهاز لاسلكي!

بعد إزالة جزء من جمجمة القطّة، قاما بوصل قطب كهربائي بالعصب السّمعي للقطّة المسكينة وآخر إلى جسدها، و تمّ ربط القطبان بمضخّم صوتي في غرفة معزولة الصّوت عن طريق سلك طوله 18 متراً، فحين يتحدث أحد الباحثين في أذن القطّة، يسمع الآخر الصّوت في الجهة الأخرى.

في تقرير التجربة كُتِب: ”تمّ نقل الكلام بدقّة متناهية، المستلزمات سهلة، الإشارات والحسابات تم تلقّيها بسهولة، في الحقيقة؛ تم استخدام النظام تحت ظروف جيدة كوسيلة تواصل بين المتحكّم و النظام الصّوتي“.

بعد التجربة قام الفريق بقتل القطّة وتكرار التجربة مجدّداً، وهكذا علمنا بفضل هذه التّجربة أن القطط الميّتة لا يمكنها أن تصبح هواتفا، ولكن القطط الحيّة ممكن!

2. الجرّاح السّوفييتي وكلبه ذو الرأسين:

كان فلاديمير ديميخوف عالماً سوفييتيّاً، وُلد في العام 1918 بعد الثّورة الروسية مباشرةً. وقام بتجارب زرع الأعضاء على الحيوانات بين ثلاثينيات وستينيات القرن الماضي.

على الرغم من أنّه يعتبر الآن رائداً في مجاله، الا أن تجاربه المرعبة على الكلاب قد شوهت سمعته، ومن أشهر هذه التجارب وأفظعها كانت محاولته لدمج كلبين معاً.

في عمليّته هذه، قام بخياطة الرّأس والطرفين الأمامين لكلبٍ صغير بعمر التّسع سنوات ”شافكا“ إلى كلب أكبر منه حجما اسمه ”برودياغا“.

تضمّنت العمليّة فصل الشريان الوداجي، والأورطي، والعمود الفقري لشافكا، ومن ثمّ وصل دورته الدموية إلى جسم برودياغا.

تجارب ديميخوف في عام 1959
صورة لتجارب ديميخوف في عام 1959، مأخوذة للأرشيف الفيدرالي الألماني، Bundesarchiv, Bild183-61478-0004/Weiß, Günter/CC-BY-SA 3.

تمكن كلا الرأسان من الأكل و الشرب بشكل منفصل، إلى أن مات الكلبان بعد أربع أيام من دمجهما، على الرّغم من فشل التجربة المريعة، إلا أن ديميخوف قام بإعادتها مرّات عديدة على كائنات مختلفة.

قامت صحيفة Life Magazine بالتحدث عن العمليّة في عام 1959 بمزيج من الخوف والتّشكيك: ”الروس الّذين قاموا بخلق كلب ذو رأسين، يفكّرون الآن بتنفيذ زراعة الأعضاء على البشر، وذلك بزراعة رِجل جديدة في جسم امرأة فقدت رجلها!“ أغلب الظن أن هذه العملية بالتّحديد لم تحدث، ولكن ومما لا شك فيه هو قيام ”ديميخوف“ في ذلك الزمن بعمليّات شبيهة على كائنات مختلفة.

3. عمليّات ترميم الوجوه في الحرب العالميّة الأولى:

لا يعد تاريخ هذا النوع من العمليات الجراحية أسودا باكمله، بل لديه بعض الجوانب المشرقة، إلا أن كل مستجد في بداياته لا يخلو من الغرابة ولا يسلم من النقد والاستهجان.

أثناء الحرب العالميّة الأولى وبعدها، خضع 3000 جندي على الأقل لعمليات جراحيّة في مشفى الملكة بانجلترا للعلاج من جراح الحرب التي تسببت بها الشظايا و الألغام، على الرغم من أنّ هذه العمليّات كانت صادمة ومخيفة بمظهرها، الا أنها تعد مذهلة في ورائدة في زمنها.

الملازم ويليام سبريكلي في مراحل مختلفة من علاجه.
الملازم ويليام سبريكلي في مراحل مختلفة من علاجه.

من أكثر هذه العمليات تميّزاً، كانت العمليّة الجراحية الّتي أُجريَت على الملازم ويليام سبريكلي، و الّذي أُصيب بضرر بالغ في أنفه ووجنتيه بسبب طلق ناري أصابه في وجهه.

في العام 1971، أخذ الدكتور جيليز غضروفاً من ضلع المريض وقام بزراعته في جبهته، بقي الغضروف هناك ستّة أشهر، ومن ثمّ قام بعمليّة متمّمة حيث قام بنقله لاستخدامه في صناعة أنف جديد.

بعد 3 سنوات من العمل، ظهر سبريكلي بشكلٍ مذهل تماما، وبذلك قام الدّكتور جيليز، الأبّ الرّوحي للعمليّات التجميليّة، بالتمهيد لعلم الجراحة التجميلية كما نعرفها اليوم.

4. الخنازير التي تتوهج في الظّلام:

تم تعديل مختلف الأنواع من النباتات و الحيوانات جينياً لتتوهج في الظّلام، من الدجاج إلى التّبغ إلى الجرذان، ولكن أغربها كان ما أجري على الخنازير.

في عام 2006، قام العلماء من جامعة تايوان الوطنيّة – قسم علم الحيوان والتكنولوجيا – بإضافة معلومات جينات قناديل البحر إلى أجنة الخنازير.

كانت النتيجة ثلاثة خنازير تتوهج في الظّلام بألوان خضراء مشعة، والأغرب من ذلك هو قول العلماء أن حتى أعضاء الخنازير توهجت أيضاً، وعلى الرغم من أن هذه لم تكن أول عملية يتم فيها القيام بجعل الخنازير تشعّ ألواناً غريبة، إلا أن علماء تايوان بدو شديدي الفخر والاعتزاز بعملهم حتى أنهم قد صرحوا بأنّهم أنتجوا أفضل الخنازير المتوهّجة في الظلام على الإطلاق.

على قدر الغرابة التي تبدو عليها هذه التجربة، ألا أن العلماء الذين قاموا بها جاؤوا ليؤكدوا على أن التجربة يمكن أن تستخدم في المزيد من الأبحاث على الخلايا الجذعيّة، وبالتّالي في شفاء وعلاج العديد من الأمراض البشريّة.

5. فأر بأذن بشرية:

كان الفأر ”فاكانتي“ فأر مخابر، وجزءاً من دراسة أجريت في عام 1997، حيث كان للقارض ما يبدو أنّه أذن بشريّة تنمو على ظهره.

كانت هذه الأذن في حقيقة الأمر مصنوعة من إطار بوليميري قابل للتحلّل، على شكل أذن لطفل في الثّالثة من عمره.

فأر بأذن بشرية

بمجرد زرع الغضروف تحت جلد الفأر، يبدأ النّسيج الغضروفي في النمو على شكل الأذن – الغضروف مأخوذ من بقرة، حيث كان الهدف من التجربة هو استظهار كيفيّة نموّ النسيج الغضروفي المعدل، ولكن ما لبثت صورة الفأر أن تحوّلت إلى ”ميم meme“ شهير في زمن يسبق الميمز، وذلك من خلال تداولها في الرسائل الالكترونية والإيميلات والأحاديث التي تناولتها العامة بين مستغرب ومستهجن.

تم إجراء تجربة مماثلة في دراسة مختلفة في عام 2013.

صرح أحدهم: ”كان علماؤكم منهمكين في تساؤلهم عن قابلية نجاح التجربة، وتناسوا أن يسألوا أنفسهم عما اذا كان يجب فعلها حقا“.

لطالما كان للعلم والأخلاق ماض متقلب، واتخاذك موقفا رافضا لهذه التّجارب يصبح أصعب حينما تمعن التفكير في الفوائد التي جلبتها العديد من هذه العمليّات المشكوك بأمرها أخلاقيّاً على البشرية، هذه التجارب التي قد ساعدت على تطور الطب بجميع مجالاته، كما يبدو أنه حينما يقوم العلم بتوسيع مجالات فهمنا للطبيعة، فأنه يقوم أيضا باختبار مبادئنا الأخلاقية.

حتى في وقتنا الحالي، حين أصبحت عمليّات نقل و زراعة القلب تعتبر أمراً عادياً جدا، فإنّ بعض الأنواع من التجارب العلمية لازالت قادرة على تحدي عقولنا واحتلال عناوين الأخبار، على سبيل المثال: تحدي بروفيسور جراحة الأعصاب الإيطالي ”سيرجيو كانافيرو“ وتخطيطه للقيام بأوّل عمليّة نقل وزراعة رأس في التّاريخ، الذي شكل مادة دسمة للإعلام العالمي مؤخرا الذي قرن اسمه باسم الدكتور فرنكنشتاين المجنون.

مقالات إعلانية