سفيان عشي
إن مدينة (ييفيا) Llívia هي منطقة إسبانية محصورة داخل فرنسا، وتقع على ارتفاع 1223 مترًا عن سطح البحر، ويفصلها عن بقية الأراضي الإسبانية مجاز من الأراضي الفرنسية عرضه 2 كلم، والذي يتضمن البلدتان الفرنسيتان (إير) و(بورغ مادام).
ترتبط مدينة (ييفيا) Llívia إدارياً بأقرب مدينة إسبانية وهي (بويغسيرديا)، التي يمكنك الوصول إليها عبر الطريق رقم 145.
تعتبر مدينة (ييفيا) Llívia قرية جبلية نموذجية، حيث لا تصادفك أي حدود دولية أو حواجز من أي نوع قبل دخولها، كما يمكنك أن تشاهد إشارة الاتحاد الأوروبي على حافة مدخل المدينة.
يبدو كل شيء في هذه المدينة هادئًا ومسالمًا، غير أن الأمر لم يكن على هذه الحال منذ قرون خلت، حيث بسبب موقعها وبعض الجزئيات التاريخية، كان هناك صراع نشب بين الدول المتجاورة حول هذه المدينة.
لماذا (ييفيا) هي منطقة إسبانية محصورة ضمن فرنسا؟
كانت (ييفيا) مستعمرة رومانية مهمة للغاية، كما كانت كذلك العاصمة القديمة لـCerdanya حتى أوائل العصور الوسطى.
في سنة 1659، وبعد سنوات من الحرب، جعلت اتفاقية (بيران) التي تم توقيعها من طرف لويس الرابع عشر ملك فرنسا وفيليب الرابع ملك إسبانيا، هذا الأخير يتخلى لفرنسا عن (روسيون)، و(كونفلون)، و(كابسير)، و(فاليسبير)، و(سيردانيا الشمالية).
وفقًا لهذه المعاهدة والاتفاقية، لا يمكن التخلي للفرنسيين سوى عن القرى، وبما أن (ييفيا) لم تكن تعتبر قرية بفعل مقامها كعاصمة قديمة لـ(سيردانيا)، فإنها لم تصبح جزءا من المملكة الفرنسية على الرغم من أنها صارت تقع ضمن أراضيها.
إيجابيات وسلبيات المناطق المحصورة داخل دول أجنبية
كانت مدينة (ييفيا) محور عدة نزاعات بين فرنسا وإسبانيا بسبب كونها منطقة إسبانية محصورة داخل فرنسا. دام أحد هذه النزاعات 40 سنة وهو النزاع الذي يتعلق بمشكلة المياه.
لطالما كانت مصادر مياه مدينة (ييفيا) مشكلة حقيقية، حيث كانت تمر بالمناطق الفرنسية قبل الوصول إليها، وأحيانا كان الفرنسيون يقطعونها على هذه المدينة المحصورة.
اشتدت حدة النزاع حول المياه بشكل معتبر بعد أن جفت الموارد المائية، وفي سنة 1973 تم تسطير اتفاق بين البلدين للسماح للبلدة بربط شبكة مياهها بمصدر ثالث، وقد كان هذا الاتفاق جاهزا للتنفيذ ما إن يتم التوقيع عليه من طرف الحكومة الإسبانية، لكن هذه الأخيرة أعاقت الأمر كثيرًا بسبب البيروقراطية السائدة في أروقتها، وهو ما جعل المشكلة تدوم لتسعة وأربعين سنة كاملة.
من بين النزاعات التي وجدت مدينة (ييفيا) نفسها محورا لها هي الطريق كذلك، حيث ترتبط إداريا بأقرب مدينة إسبانية وهي (بويغسيرديا) من خلال الطريق رقم 154. غير أنه سابقًا في ثمانينيات القرن الماضي، وضع الفرنسيون إشارة توقف في مدخل المدينة.
اليوم يعتبر الطريق محايدًا لا ينتمي لأي بلد، وتتم إدارته بين فرنسا وإسبانيا بالتناوب كل 6 أشهر، غير أن ما يجب على السائقين الذين يعبرون هذا الطريق معرفته هو أن السرعة المسموح بها فيه تتغير بتغير الجهة الوصية عليه، لذا يجب دائما الاحتياط والحذر.
بغض النظر عن النزاعات السابقة، كان لموقع مدينة (ييفيا) المميز بعض الامتيازات الاقتصادية، فقبل زمن الاتحاد الأوروبي، كانت إسبانيا تتعامل بعملتها الخاصة وهي البيزيتا وفرنسا بالفرنك الفرنسي، وكان الفرنسيون يحبون التسوق في (ييفيا) الإسبانية نظرا لانخفاض أسعار المنتجات فيها. الآن بعدما دخل كلا البلدان الاتحاد الأوروبي، صار هذا الامتياز الاقتصادي الخاص بـ(ييفيا) في تقلص مستمر.
إيجابيات العيش في ييفيا
إن مدينة (ييفيا) هي مدينة جميلة بحق، فالمنازل فيها قديمة تجعلك تشعر وكأنك عدت بالزمن إلى الوراء. على أطراف المدينة القديمة تتواجد البنايات والمنازل الجديدة والعصرية.
بعد قضائك لعدة أيام في المدينة الفرنسية (بيران) وعلى الساحل الفرنسي، من الجميل دائما زيارة هذه البلدة الجبلية لتغيير الجو.
يعيش في مدينة (ييفيا) أقل من 2000 ساكن، وفي عشية أيام الصيف، ماتزال القيلولة تقليدا متبعا هناك، تماما مثلما كان الأمر عليه منذ قرون في الماضي. حيث بالكاد يمكنك مشاهدة شخص في الشارع، حتى المحلات التجارية والمطاعم تُغلق في هذا الوقت من أيام الصيف.. إنها حياة إسبانية نموذجية.
متحف الصيدلية
أعلى التلة في مدينة (ييفيا) يتواجد المتحف الذي يطلق عليه اسم ”متحف الصيدلية“ وهو مصدر جذب كبير للزوار. ظلت هذه الصيدلية مفتوحة للزبائن منذ سنة 1594، وهي تعتبر أقدم صيدلية في أوروبا كلها.
في بداية القرن السابع عشر، كانت هذه الصيدلية تدار من طرف آل (إيستيفا)، وهي العائلة التي ظلت تدير هذه الصيدلية على مدى 7 أجيال إلى غاية سنة 1926، حيث تم إغلاقها من طرف آخر صيدلاني فيها. في سنة 1965، قام (ديبوتاسيو دي جيرونا) بشراء الصيدلية وتبرع بها للبلدة شريطة أن تبقى محتوياتها داخل البلدة.
يوجد في هذه الصيدلية معرض واسع للـ(آلباريلي)، وهو نوع من جرار السيراميك التي تستخدم في الصيدليات القديمة، إلى جانب احتوائها على عقاقير عتيقة وأثرية، وواحدة من أكثر مجموعات كتب الوصفات الدوائية أهمية في أوروبا.
القلعة
منحت هذه القلعة لبلدة (ييفيا) معظم أوقاتها ولحظاتها المجيدة. تقع هذه القلعة على قمة التلة، وهي عبارة عن حصن منيع يتشكل من برج مستطيل الشكل مع أربعة أبراج صغرى أسطوانية، يتواجد كل واحد في زاوية من زوايا الحصن، وبداخله تتواجد المنطقة التي يعيش بها السكان.
النشاطات في بلدة ييفيا
واحد من بين الأحداث الثقافية المشهورة في بلدة (ييفيا) هو المهرجان الموسيقي الذي ظل ينظم منذ سنة 1982. تقع هذه الأحداث الثقافية على مستوى كنيسة «سيدة الملائكة».
في الصيف، تتاح للزوار في بلدة (ييفيا) العديد من النشاطات التي تمارس على الهواء الطلق على شاكلة رياضة المشي في الجبال، وقيادة الدراجات الهوائية، والسباحة، أما في الشتاء فمتاح لهم التزلج على الثلج. حيث تقع أقرب منطقة تزلج من البلدة على بعد نصف ساعة سيرًا بالسيارة، كما يمكن كذلك للزوار تنظيم خرجات إلى القرى الفرنسية، أو إلى (آندورا).
رحلة زيارة 3 دول في يوم واحد
عادة ما لا تكون بلدة (ييفيا) وجهة كلاسيكية للسواح لكنها فريدة من نوعها على جميع الأصعدة، حيث تتيح لك الذهاب في جولة الثلاث دول، وهي رحلة تبدأ من (جيرونا)، ثم (ييفيا)، ثم (دوريس) —التي هي بلدة فرنسية جميلة—، ثم التسوق في عاصمة دولة صغيرة تقع في وسط (بيران)، وهي دولة (آندورا).
تتمتع (أندورا) بسلاسلها الجبلية الأخاذة، غير أنه من الصعب جدا الوصول إليها بدون سيارة.
نصائح سياحية في حال ما كنت تنوي زيارة (ييفيا) Llívia
إن منطقة (سيردانيا) ممتازة للنشاطات التي تمارس في الخارج. من أجل المزاوجة بين الإقامة الليلية مع النشاطات النهارية، يمكنك حجز مكان لك ضمن جولة الستة أيام على الدراجة من (بيران). تبدأ هذه الرحلة من برشلونة الإسبانية، وتمر عبر قرى وبلدات كثيرة على شاكلة Llívia.
تتضمن الرحلة كذلك على إقامة لخمسة ليالٍ في غرفة مزدوجة إلى جانب خدمات أخرى.
أين يمكنك الإقامة عند زيارتك لييفيا
إذا كنت تفضل البقاء في بلدة Llívia في الشتاء للتزلج أو للمشي في الجبال الجميلة صيفًا، يمكنك الاختيار من بين الفنادق التالية:
1- فندق Bernat de So
يمنحك هذا الفندق إقامة بثلاثة نجوم في بلدة Bernat de So provides، كما يعرض على نزلائه استعارة معدات تزلج آمنة ومتينة، ويتضمن على مسبح في الخارج على الهواء الطلق. تحتوي غرف هذا الفندق على ديكور عصري، والهواء مكيف بالإضافة إلى هاتف، كما هي مجهزة كذلك بالتدفئة، ومجفف الشعر والحمام بالطبع.
فندق Bernat de So في (ليفيا).
2- فندق Mas Meya
يبعد هذا الفندق عن مصعد التزلج على الثلج بحوالي 7 كيلومترات، كما يبعد عن الحدود الفرنسية بأقل من 550 مترًا، ويبعد عنه مركز (بيغسيرديا) بحوالي دقيقتان سيرًا بالسيارة، حيث يمكن العثور على عدد كبير من المحلات التجارية والمطاعم.
فندق Mas Meya في (بويغسيرديا) في إسبانيا.
كيف يمكنك الوصول هناك
هنالك عدة خطوط حافلات تصل بين (بيربينيون) في فرنسا وبلدة (ليفيا)، وتستغرق الرحلة حوالي نصف ساعة.
