in

مشاهير وسائل التواصل يتدفقون إلى تشرنوبيل لنشر صورهم هناك، ويبدو أن لا أحد راضٍ عن ذلك

صور لمشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي في مدينة بريبيات الأوكرانية بعد صدور مسلسل يتحدث عن كارثة مفاعل تشيرنوبل.

نميل نحن البشر إلى التأثر بأي حادثة تحصل، ويبدو أن طبيعتنا الإنسانية تفرض علينا ذلك، فإذا وقع حادث سير أو حريق أو نزاع ما ستشاهد مجموعة كبيرة من الناس وهم يشاهدون الحادث، أي وكأننا نرغب في اختبار هذه الكارثة وعيشها من جديد.

وهذا ما حصل مع مجموعة أشخاص، أو فلنقل ”مشاهير“، عندما ذهبوا إلى مدينة (بريبيات) في أوكرانيا بعد مشاهدتهم المسلسل التلفزيوني ذائع الصيت Chernobyl من إنتاج شركة HBO، والذي يتحدث عن كارثة مفاعل نووي في الاتحاد السوفياتي عام 1986.

أبدى القائم عن هذا العمل امتعاضه من تصرفات هذه الشخصيات الشهيرة والمؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً الإنستغرام، حيث أوضح (كريغ ميزن) كاتب العمل عن امتنانه وتقديره لمعجبي المسلسل، لكنه أكد أن الصور التي نشرها هؤلاء لا تحمل أي احترامٍ للكارثة التي وقعت.

تبدو السياحة والسفر إلى الأماكن المنكوبة موضة رائجة هذه الأيام، ولكن لكل شخص دوافعه الخاصة التي تدفعه لزيارة هذه الأماكن، فهناك أشخاص قرروا الذهاب إلى معتقل (أوشفتز) النازي لتذكر ضحايا الحرب والتعرّف على مدى وحشية الإنسان، ويعودون من هذه ”التجربة“ بأفكار مختلفة على الأقل مستخدمين معرفتهم في نشر التوعية والتعاطف مع ضحايا الحادثة.

وهناك آخرون، كهؤلاء المشاهير الذين سنعرض لكم صورهم في المقالة، جاؤوا إلى بربيات منتهزين فرصة التقاط صورٍ رائعة ومثيرة لعرضها على متابعيهم على إنستغرام، ولا يبدو أنهم أظهروا أي اهتمام بالتعرف على الحادثة الشهيرة.

صورة komacore.

لم يرض جميع المتابعين بهذه الخطوة، فأعرب بعضهم عن دهشته من اختيار هؤلاء المشاهير هذا المكان (تشيرنوبل)، بينما عبّر متابعون آخرون عن غضبهم وحنقهم.

أدى نجاح مسلسل شبكة HBO إلى تدفق هذه الشخصيات الشهيرة، أو الـ”مؤثرون“ كما يُطلق عليهم، إلى (بريبيات) ليلتقطوا صورهم هناك، ولم يلق أي واحد منهم الضوء على هذه الكارثة، بل أتوا وفعلوا ما هو متوقع منهم.

صور انستاغرام من تشرنوبيل
صورة: juliabaessler

بالطبع، لا يمكننا مقارنة كارثة انفجار المفاعل النووي في (تشيرنوبل) بمعسكرات الاعتقال في (أوشفتز)، حيث تم إجلاء 50 ألف مواطن (وهو تقريباً العدد الكلي لسكان بريبيات) بأمانٍ من المدينة التي لا تزال حتى اليوم ملوثة بالإشعاع منذ عام 1986.

صور انستاغرام من تشرنوبيل
صورة: juliabaessler

لكن ما حصل في بريبيات هو كارثة إنسانية تركت أثراً سلبياً على حياة مئات الآلاف من الأشخاص، فما السبب الذي سيدفع شخصاً عاقلاً للسفر إلى هذه المدينة المنكوبة والتقاط صورٍ مثيرة فقط لأنه شاهد مسلسلاً عنها؟ لا يمكنك أن تكون ”مؤثراً“ وأنت تعيش في عالمٍ آخر بعيد كل البعد عن الواقع…

صور انستاغرام من تشرنوبيل
صورة: nz.nik

لا يسعنا إلقاء اللوم على هؤلاء الأشخاص وحدهم، فتصرفاتهم هي إحدى الجوانب المظلمة للسياحة المرتبطة بالكوارث، والتي تحدثنا عنها في بداية المقالة. حيث بدأ الناس باستغلال هذه الأزمات والكوارث لمصلحتهم الشخصية، ليصبحوا ”مغامرين“ ربما. وللأسف، حولوا هذه الأماكن إلى خلفيات تظهر في صور السيلفي خاصتهم.

صور انستاغرام من تشرنوبيل
صورة: luisitocomunica

يمكنك زيارة (بريبيات) والتعرّف على الحادثة عن كثب، وقراءة الأفعال البطولية التي أنقذت الموقف، أو التعرّف على الحياة في الحقبة السوفيتية، أو التحدّث عن مساوئ ومحاسن الطاقة النووية. ويمكنك بالطبع نشر صورٍ عن (بريبيات) أو عن مخلفات هذه الكارثة، لكن هل من الضروري حقاً الذهاب إلى هناك فقط لنشر صور مثيرة لأعضاء جسدك؟

صور انستاغرام من تشرنوبيل
صورة: rami.mogyorosi

علّق بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على هذه القضية، وهاجموا في تعليقاتهم تلك الشخصيات الشهيرة، حيث علّق مستخدم اسمه arcalumis: ”أشعر بالحزن لعدم ذهابي إلى (بريبيات) قبل عرض المسلسل، أصبح المكان أشبه بمهرجانٍ سياحي للمغفلين“.

وعلّق مستخدم آخر اسمه Alexander Fox قائلا: ”إن بقوا هناك إلى الأبد فتلك خدمة كبيرة للإنسانية“!

صور انستاغرام من تشرنوبيل
صورة: arkadiuszwolek2

مما لا شك فيه أن بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي زاروا المكان ونشروا بعض الصور ”الطبيعية“، ويمكن اعتبار هذه الصور مفيدة حقاً ومؤثرة. وعلى أي حال، لم يفكر هؤلاء المشاهير بزيارة (بريبيات) ونشر صور لا تمت بصلة إلى الحادثة لو لم تكن هذه الثقافة منتشرة عند متابعيهم.

صور انستاغرام من تشرنوبيل
صورة: soloshenko_gregory
صور انستاغرام من تشرنوبيل
صورة: mayuyudayo
صور انستاغرام من تشرنوبيل
صورة: juliabaessler
صورة: gdelchev

ما رأيك بهذه الصيحة الجديدة والرائجة؟ وهل من الممكن أن تذهب إلى (بريبيات) لرؤية ما خلفته هذه الكارثة؟ أخبرنا بالتعليقات!

مقالات إعلانية