in

كيف يمكن لتصميم الثلاجة المُهمل الذي وضعه أينشتاين إطعام الجياع وإنقاذ الكوكب؟

أينشتاين

اخترع ألبرت أينشتاين في الثلاثينيات ثلّاجة لا تستخدم الغازات الدفيئة (إحدى الغازات التي تساهم بالاحتباس الحراري) ويمكنها أن تعمل بدون كهرباء. فماذا حصل لها؟

ربما غيّر ألبرت أينشتاين نظرتنا إلى العالم، لكنه كان إنساناً أيضاُ، كان يقضي وقتاً في تناول الطعام مثلنا تماماً. يمكن لذلك السبب اخترع ثلّاجةً أفضل!

في الحقيقة، لم يكن هذا هو السبب، فبعد مرور خمسة أعوام على حصوله على جائزة نوبل في الفيزياء، سمع أينشتاين عن عائلة في ألمانيا توفيَّت جرّاء إطلاق ثلاّجة معطلة لأبخرة سامة. فقرر اختراع ثلّاجة لا يمكنها فعل ذلك (لأنه إذا ما خُيّر الإنسان بين ثلّاجة تطلق أبخرة سامّة وأُخرى لا تطلقها، فالجميع سيختار الثّانية)، أراد أن يبتكر طريقة آمنة جديدة كليّاً لصناعة الثلاجات.

”لا ينبعث شيئا قيّم حقاً من الطّموح أو من مجرد الشعور بالواجب؛ بل ينبعث من الحب والإخلاص اتجاه البشرية و الأشياء المحسوسة.“ هذا ما كتبه أينشتاين في رسالته الموجودة حالياً في أرشيف أينشتاين بالجامعة العبرية في بيت المقدس، وهي جامعة ساهم في تأسيسها فيزيائيون معروفون.

قام أينشتاين و طالبه ”ليو زيلارد“ باختراع ثلّاجة بدون أجزاء متحركة تحافظ على الضّغط المستمر، بطريقة ما تلغي خطر الأبخرة السامة إلى الأبد. حصل العلماء على 45 براءة اختراع لنماذج هذه الثلّاجة. لعل هذا الاختراع هو الأكثر شهرة من بين تصميمات منتجات أينشتاين، كان قد صمّم العديد غيرها منها سترة بذلة رسمية وكاميرا تُعدل نفسها أوتوماتيكياً.

تصميم الثلاجة المُهمل الذي وضعه أينشتاين
تصميم الثلاجة المُهمل الذي وضعه أينشتاين

لم يصل هذا المنتج إلى السّوق أبدا في ذلك الوقت، لكن في عام 2008م، أدرك علماء في جامعة أوكسفورد البريطانية أن هذه الثلّاجة بإمكانها التخفيف من إصدار أبخرة سامّة أُخرى (greenhouse gases أو الغازات الدفيئة مثلاً وهي أبخرة تساهم في الاحتباس الحراري).

تبين لاحقاً أن تصميم اينشتاين صحّي أكثر من الثلّاجات التي لدينا الآن، التي تطلق غازات سامة في الهواء تسمّى ”الفريونز“، تصميم أينشتاين الغريب لا يستخدم هذه الغازات. (لا نملك أي سبب يجعلنا نعتقد بأن أينشتاين فعلها عن عمد، على الرغم من أنه كان يعتني بالحيوانات). لم يكن تصميم هذا المنتج أمراً مهماً في الثلاثينيات، لكنّه كذلك الآن. كما سعى العلماء لجعلها صحية أكثر عن طريق استخدام الطاقة الشمسية في تشغيلها.

بالإضافة لذلك، تصميم بسيط كهذا لديه منافع أُخرى، كما قال ”مالكوم مكولوك“ (مهندس في أوكسفورد عمل على هذه الثلّاجة): ”عدم وجود أجزاء متحركة أمر نافع جداً لأنه يضمن استمرار عملها بدون أي أعمال صيانة، قد يكون تطبيقه مفيداً في المناطق الريفية.“

علماء أوكسفورد ليسوا الوحيدين الذين اهتمّوا بهذه ”الثلاجات الماصّة“. الرأسمالي المغامر ”آدم جروسر“ قام بالتحدث في حلقة على قناة TED عن ثلّاجة مشابهة لهذه يمكنها الحفاظ على برودة اللقاحات في المناطق التي تنتشر فيها الأوبئة وليس لديها كهرباء. على عكس معظم الثلّاجات العصريّة، تعمل ثلّاجة أينشتاين على الحرارة الساخنة. نظرياً، يمكن لأحدهم تشغيلها على الحرارة المنبعثة من نار التخيّيم.

يقول ”جروسر“ في حديثه: ”يمكنك صناعة ثلّاجة ذات ضغط منخفض وغير سامّة، إنّها رخيصة جداً، نعتقد أنه من الممكن جعل التثليج متاحاً للجميع.“

في هذا العام، حصل المصمم ”ويل برودواي“ ذو الاثنان والعشرون عاماً على جائزة ”جيمس ديسون“ لتطويره لثلّاجة مبنية على تصميم أينشتاين بهدف الحفاظ على برودة اللقاحات في البلدان النامية.

”لقد كانت تقنية خلّاقة في عام 1929 لكنها نُسيت واحتل محلها التبريد الكهربائي“، قال برودواي: ”معرفتي بأنه بإمكاني صناعة هذا الجهاز الذي سيترك أثراً هائلاً في صالح آلاف البشر تمدّني بالثقة اللازمة لملاحقته بكل شغف.“

عندما أتى ألبرت أينشتاين بنظرياته الفيزيائيّة العظيمة لم يعطه العلماء الآخرون اهتماماً في البداية، ولكن مع مرور الزمن، أتاحت التكنولوجيا الحديثة إمكانيّة دراسة الفضاء بشكل أوضح، أصبح من الجليّ كم كانت نظرياته مُقنعة. فبطريقة ما، ابتكار نظرية عن كيفيّة عمل العالَم لا يختلف عن ابتكار ثلّاجة لا تحتاج الكهرباء وصديقة للبيئة.

مرة أُخرى… كان أينشتاين سابقاً لعصره.

مقالات إعلانية