in

فيديوهات مثيرة تحوي ”كلاما معسولا وهمسا بإغراء“ تنتشر في اليوتيوب بين ملايين الناس في ظاهرة غريبة جدا

ظاهرة الـASMR هي ظاهرة انتشرت في الآونة الأخيرة بين مستخدمي اليوتيوب.

لقد أثارت ظاهرة الـASMR الجدل مؤخراً بانتقالها من أصوات الحفيف والخشخشة والهمس التي تساعد على النوم، إلى شريك عاطفي يقبّلك قبلة ما قبل النوم.

ما الذي يشير له مصطلح ASMR:

الـASMR هو اختصار لـAutonomous Sensory Meridian Response والتي تعني «الاستجابة الزوالية الحسية الذاتية»، وهي تقنية تستخدم أصواتاً خفيفة مسببةً قشعريرة لكل من يسمعها، والتي تحفّزه على الاسترخاء والنوم.

لاقت هذه التقنية قبولاً عاماً بعد أن كانت حكراً على أزقة الأنترنت المظلمة، بالإضافة لمناصرة الكثير من الشركات والمشاهير لها مثل شركة IKEA التي تستخدمها بهدف التسويق لمنتجاتها، كما سيعود لك بحثك في يوتيوب عن مشاهير الـASMR بعشرات النتائج لمشاهير مثل (إيميلي راتاجكوسكي)، و(جايك جيلنهول)، و(أوبري بلاتزا) وهم يؤدون أصوات الـASMR.

انتقال الـASMR من دغدغة عقلك إلى دغدغة مشاعرك:

تُبذل جهود من قِبل مصممي المحتوى لجعل القشعريرة تصل أبعد من دماغك، ولوحظَ أنَّ الفيديوهات التي يقوم أصحابها بلعب دور ”أصدقاء حميميين“ أو ”خلان“ تلقى رواجاً كبيراً، من حيث قدرتها على التأثير في المشاعر والإغراء وخلق مشاعر حقيقية. (لقي هذا الفيديو أكثر من نصف مليون مشاهدة).

أكدَّ هذا الأمر (ريكي أودريوسولا)، المختصّ بخلان الـASMR الذي يبلغ من العمر 26 عاماً ولديه أكثر من 96000 متابعاً، قائلاً أنَ الفيديوهات التي يتم فيها لعب أدوار الأصدقاء الحميمين هي بمثابة ثورة طبيعية بالنسبة لهذه الظاهرة، وتحدّث عما دفعه للبدء بهذا العمل قائلاً: ”في أحدى المرات عثرت مصادفة على فيديو عنوانه ’الهمس بإغراء‘، لم يساعدني هذا الفيديو على الاسترخاء وحسب بل أشعرني بالخفة والسعادة، مولداً شعوراً يشابه ذلك الذي تحصل عليه عند مشاهدة فيلم رومانسي، ولم أستطع إيجاد المزيد من الفيديوهات المشابهة لذلك بدأت بإعدادها“.

لم تساعدنا الـASMR على الاسترخاء والنوم؟

أحد الاستخدامات الرئيسة للتقنية هي المساعدة على النوم، وهنا يقف العلم بجانب ”خلّان اليوتيوب“. يقول (عزيزي سيشاس)، دكتور في جامعة نيويورك: ”بالنظر إلى أبحاثنا والعوامل التي تؤثر على النوم، فإن الحالة الاجتماعية هي المؤثر الرئيس“، ويتابع الدكتور موضحاً: ”أنا لا أقول أن على كل من يواجه مشاكل في النوم البدء في البحث عن شريك، ولكن وجود رفيق هو مفهوم يجعل الأشخاص يشعرون بالهدوء والراحة، ويغلب على العازبين الحصول على نوم سيئ، وهذا يفسّر سبب شعبية منتجات ’محاكاة العلاقات‘ مثل ’وسادة الحبيب‘، أو ’خليلة الواقع الإفتراضي‘“.

المنحى الجنسي للـASMR:

المغنية الأمريكية كاردي بي
تستخدم Cardi B تقنية الـASMR لمساعدتها على النوم.

أصرت Cardi B، التي تستخدم فيديوهات الـASMR لمساعدتها على النوم، على أن هذه الفيديوهات ليس من المفترض أن تكون جنسيّة، ويوافقها على ذلك جزء كبير من مجتمع اليوتيوب.

إن غالبية صنّاع الـASMR المختصين في الكلام المعسول والهمس هم من فئة القصّر، والنسبة الأكبر منهم فتيات، ولهذا فمن الخطر أن تسبغ صفة جنسيّة على هذه الظاهرة، فذلك يزيد من المضايقات ومن التعليقات المريبة، وتبدو خطورة الأمر واضحة كون معظم ما يتلقاه الذكور هو تعليقات لطيفة ومعجبون، في حين أن الفتيات يتلقين ردوداً بشعة وتعليقات تصف أموراً جنسية وقد يصل الأمر لأن ينعتن بالعاهرات.

ومن هنا يؤمن (أودريوسولا) بضرورة عدم خوض الـASMR عميقاً في الأمور الجنسيّة وأهميّة وجود توصيف للتقنية.

الخلّان ليسوا دوماً لطفاء:

فيما تركزّ معظم علاقات ”لعب الأدوار“ على نواحٍ إيجابية مثل سؤالك عن يومك واللعب بشعرك وتقبيلك، يتجه بعض المصنعين لتصوير النواحي السلبية في العلاقات مثل الغيرة العمياء والتعلق الشديد. والأمر الغريب أنّ هذه الفيديوهات تلقى رواجاً كبيراً، حيث تجد مئات آلاف المشاهدات لفيديو تقوم فيه إحداهن بالبحث في هاتف خليلها بينما يقوم هو بالاستحمام، وآخر تختلق فيه الفتاة شجاراً حول فتياتٍ تَشعرُ بالغيرة تجاههن!

الذهاب أبعد من ذلك:

يتمادى في السلوك السلبي صنف (الياندورا) –الياندورا: الشخص الذي يكون مِثالاً للطيبة والأخلاق والحب ويتحول فجأة لشخص عدواني أو مختّل.– المعروف بعناوين مثل «الحبيب المختل»، و«خطف الحبيب». في هذه الفيديوهات يحترق الشخص الذي تربطك علاقة به من الغيرة فيقوم بإختطافك وتهديد حياتك.

قد يكون محتوى هذه الفيديوهات صادماً ولكن (أودريوسولا) يؤكد أن الطلب على هذه الفيديوهات كبير، وأن السبب في ذلك بسيط فأنت تحاكي مشاعر شخص يمرّ بالتجربة دون أن تكون في خطر حقيقي ويصف الأمر بمشاهدة فيلم. لا يتجاهل (أودريوسولا) الجانب السلبي للأمر، فإن لم يكن أحد الاشخاص يفكر بسويّة وشاهد أحد هذه المقاطع فسيعتقد بأن حدوث أمر مماثل هو شيء طبيعي، يقول: ”ولكنني لا أستطيع رؤية من يشاهد ما أقوم بنشره ولا أستطيع منع أحدٍ من المشاهدة“.

ما يوّد مصورو الـASMR أن تعرفه:

يحاول (أودريوسولا) فصل نفسه عن المقاطع التي يقوم بتصويرها ويستمر بتأكيد أنه مجرد مؤدي (سواء كان يلعب دور الحبيب الجيد أم السيئ)، وأن ذلك مجرد تمثيل وتلك ليست حقيقته. يقول: ”لا يتعلق المعجبون بي بقدر تعلقهم بالشخصيات التي أقوم بتأديتها، يُرسل لي في بعض الأحيان أحدهم رسالة يخبرني فيها كم يود لو أنّ كل الخلان مثلي، وحينها أجبر على تذكيره بأن هذه مجرد شخصية، وأنني في الحقيقة لا أجامل بقدر هذه الشخصيات“.

الأمر لا يتعلق بالرومانسيّة وحسب:

تقدّم فيديوهات (لعب أدوار العلاقات) التسلية لأصحاب القلوب الوحيدة، ولكن الهدف منها ليس رومنسياً على الإطلاق، وهذا ما يوضحه (سيشاس) في قوله: ”الأمر مشابه لزمن كنت فيه صغيراً، فوجود شخص يقوم بصبّ اهتمامه عليك يولد شعوراً بالاطمئان والراحة وهذا ما يركزّ عليه صنّاع ومصممو الـASMR“، ولذلك لا تنحصر فكرة لعب الأدوار على الخلان، بل تشمل وجود أصدقاء مقربين، أو حتى أشقاء أو شقيقات وهم يعتنون بك، ويقوم بعض المصممين بالتظاهر على أنهم مشاهير مثل (كيلي جينير)، ويلجأ بعضهم لاستخدام أجزاء من مقاطع حقيقية للمشاهير لخلق هذا التأثير.

في النهاية يقول (سيشاس): ”إن لم تكن قلة نومك ناتجة عن مشكلة صحيّة، بل بسبب ضغوطات أو أسلوب حياة، فإن اللجوء إلى هذه الفيديوهات حتماً سيهدئك“.

أخطار مخفية:

يقول (سيشاس) الباحث المتخصص في مجال النوم في جامعة نيويورك أن تقنية الـASMR فعّالة من أجل الاسترخاء والنوم، ولديه بعض التحفظات تجاه تعلق الأشخاص بالتقنية واعتمادهم كليّاً عليها، حيث لم يُدرس مدى تأثيرها التنويمي بعد ويقول: ”قد يكون التنويم المغناطيسي إيجابياً في حال وجود مشرف مختصّ، ولكنّ غيابه سيؤدي لنتائج سلبية حتمية قد يكون منها انفصال الذاكرة، وفقدان الشخص لشعوره بقدرته على التحكم بحياته أو نفسه“.

حلول أكثر أماناً:

تأتي شعبية الـASMR من كُره الأشخاص لاستخدام الأدوية المنومة والمعروف عنها أنها تسبب الإدمان، ولكن (سيشاس) ينصحك أن تلجأ إلى التأمل الموّجه من قبل مشرف إن كنت تبحث عن حل غير دوائي، فيقول: ”حينما أعالج الناس فأنا أستخدم أساليباً تمّت تجربتها واختبارها وأثبتت فاعليتها على عكس الـASMR“

ختاماً: قد يكون خلّان الـASMR متواجدين لأجلك واعتمادك عليهم أسهل من استخدام علاج دوائي أو الذهاب لاستشاري، ولكنهم قطعاً ليسوا بديلاً عن الخبراء الطبييّن.

مقالات إعلانية