in

دخلك بتعرف جزمة (ساتسي): تلك المنطقة الحدودية الروسية الإستونية الخارجة عن المألوف

جزمة ساتسي

في المنطقة الجنوبية الشرقية من دولة (إستونيا)، في بلدية (فيرسكا باريش)، ترتسم هناك حدود عجيبة غير منتظمة. قريباً منها، تقع أرضٌ روسية صغيرة تُعرَف باسم (جزمة ساتسي) بسبب شكلها الذي يشبه الحذاء، متوغّلاً ضمن الأراضي الإستونية، فالحدود بين (روسيا) و(إستونيا) شديدة التعرج، حيث تمر عبر البحيرة ومعالِم الغابة الخاصّة بهذه المنطقة.

ويحصل أنّ هذا الجزء من الغابة يقع مباشرةً بين قريتين إستونيتين صغيرتين وهما (لوتيبا) و(سيسنيكي)، وفي العادة، فإن الطريق الوحيد الواصل بين (لوتيبا) و(سيسنيكي) يكون عبر حدود جزمة (ساتسي)، ممّا يعني اجتياز الحدود الدولية مرّتَين.

عندما جرى ترسيمُ الحدود الرّوسية – الإستونية لأول مرة عام 1945، كانت إستونيا لاتزال جزءاً من الاتحاد السوفيتي، لذلك فاجتياز الحدود لم يترتّب عليه أية مشاكل في ذلك الوقت، ولكن عندما تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991، وانضمّت (إستونيا) إلى الاتّحاد الأوروبي، بقيت جزمة (ساتسي) شوكةً في مؤخّرة (إستونيا).

جزمة ساتسي على الخريطة.
جزمة ساتسي على الخريطة.

لحُسنِ الحظ، تمكّنَ البلدان من التعامل مع هذه المسألة بصورةٍ سلميّة. وفقاً للشروط المتّفَق عليها، يُمكِن للإستونيين أن يستخدموا هذا الطريق من غير الحاجة إلى تأشيرة دخول روسية، شريطةَ ألّا يعبروا الطريق سيراً على الأقدام.

يمكن عبور هذا الطريق فقط من خلال قيادة المركبات (ويسمح أيضاً بركوب الدواب)، ولكن لا يُسمَح لهم بقطف الفطر البرّي المنتشر في المنطقة، أو بالتوقف هنا وهناك لأجل التقاط الصور.

على الرّغم من قوانين المنع هذه، إلّا أنّ كثيرين من السيّاح يخاطرون بالتوقُّف لأجل التقاط الصور أمام اللافتات التي تحذّر من هكذا أنشطة، وهو الأمر قد يقودهم إلى السجن والاعتقال عند أقرب نقطة روسية حدوديّة، ولا يتم إخلاء سبيل المخالفين إلا بعد دفع غراماتٍ ماليّة.

حين تجتاز إحدى السيارات جزمة (ساتسي)، فإنّ حرس الحدود الروس سيباشرون التحقيق، وإذا صدّقوا نية المتنقّلين فسيفوّضون حرسَ الحدود الإستوني كي يعيدوهم إلى (إستونيا).

الطريق غير المعبد الذي يمر عبر جزمة ساتسي بين روسيا وإستونيا.
الطريق غير المعبد الذي يمر عبر جزمة ساتسي بين روسيا وإستونيا.

تبعد (لوتيبا) عن (سيسنيكي) بحوالي 1200 متر، وأغلب الطريق الواصل بينهما يقع ضمن جزمة (ساتسي) بطولٍ يمتدُّ إلى 900 متر. حتى عام 2008، كان هذا هو الطريق الوحيد بينهما.

في تلك السنة (2008)، تمّ إنجاز طريق جديد يصل بين القريتين الصغيرتين من غير الحاجة للمرور بجزمة (ساتسي)، لكنّه يمتد لمسافة 15-20 كم عند الانطلاق من قرية (فيرسكا) الواقعة شمالي (لوتيبا)، ولهذا السبب لا يزال القرويون يستخدمون الطريق القديمة المارّة عبر (روسيا).

في عام 2005، وافقت (روسيا) على ترسيم الحدود ونقل منطقة جزمة (ساتسي) إلى (إستونيا) مقابلَ بعض الأراضي الإستونية، ممّا كانَ سيضع حدّاً لهذه المعضلة الغريبة، ولكن لم يُصادَق بعد على الاتفاقية الجديدة.

حتى ذلك الحين، ستبقى منطقة جزمة (ساتسي) جاذباً للسيّاح نظراً للفرصة الفريدة التي يوفّرها في زيارة (روسيا) من غير الحاجة إلى تأشيرةِ دخول.

مقالات إعلانية