in

لماذا تطوع هؤلاء الرجال الخمسة للوقوف تحت موقع تفجير قنبلة نووية؟

ينظر بعضنا إلى سنوات شبابه ويتذكر بعض أفعاله متسائلا: ”في ماذا كنت أفكر؟“، أو ”لماذا كنت أرتدي دعامات الأكتاف الإسفنجية العملاقة هذه؟“ مثلما قد تتساءل إحداهن، أو، في حالة هؤلاء الرجال الخمسة: ”لماذا تطوعت لأقف تحت موقع انفجار قنبلة نووية هائلة؟“

قد يكون أي منا يعرف امرأة كانت ترتدي دعامات الأكتاف الإسفنجية في شبابها، وهو ليس بالأمر الجلل مقارنة مع الوقوف طوعا تحت موقع انفجار قنبلة نووية عملاقة؟ بالتأكيد لا أحد منا قد يعرف شخصاً مر بتجربة مشابهة.

بكل الأحوال، هذا ما فعله بالضبط خمسة من ضباط القوة الجوية الأمريكية في التاسع عشر من أبريل عام 1957، إذ تعانقوا في نقطة من صحراء (نيفادا) بجوار لافتة مكتوب عليها «النقطة صفر، التعداد السكاني خمسة». وقفوا هناك (وأؤكد أنهم وقفوا طوعاً) أمام كاميرا بتصوير آلي وبدون مصور (لأن المصور رفض أن يذهب يومها) عندما مرت من فوقهم طائرتا F-89 الحربية الأمريكية.

نظروا للأعلى وهم يحاولون أن يحموا أعينهم من نور الشمس، ليبدأ العد التنازلي: ”ثلاثون ثانية، خمسة وعشرون ثانية، عشرون ثانية… ثمانية، سبعة، ستة، خمسة، أربعة، ثلاثة، إثنان… تم إطلاق الصاروخ“.

على ارتفاع 5600 متر، قامت إحدى الطائرتان بإطلاق قنبلة ذرية بقوة 2 كيلوطن، قال أحد الرجال الخمسة بحماس: ”ها هي الموجة الأرضية!“، ليضيف: ”لقد انتهى الأمر يا رجال! لقد حدث الأمر! التلال ترتجف! الأمر هائل! وهو فوقنا بالضبط! آآه!“

قد تخطر الآن في بالك أسئلة: لماذا؟ كيف؟ من؟ و مجددا، لماذا؟

أعدّت القوة الجوية للولايات المتحدة الأمريكية هذا الفيديو لتثبت أن القنابل النووية الصغيرة آمنة، وذلك لازدياد مخاوف الشعب الأمريكي من هذا الأمر بالذات لأن روسيا كانت تطور آنذاك قنابل بنفس القوة، ومنه أرادت الحكومة الأمريكية أن تطمئن الناس، لا داعي لأن يقلقوا.

تم التحفظ على الفيديو وبقي في أرشيفات الدولة وتم الكشف عنه من قبل رجل روسي كان يبحث في أرشيفات الولايات المتحدة، وفقا لما ذكرته الإذاعة الوطنية الأمريكية، على الرغم أنك لن تتمكن من أن تقنع الكثير من الناس اليوم بالقيام بمثل هذا العمل الجريء حتى لو أعطيتهم مالا، إلا أن هؤلاء الرجال الخمسة لم يكونوا تحت خطر كبير.

قال العالم التاريخي (أليكس ويلرشتاين) للإذاعة الوطنية الأمريكية: ”في حقيقة الأمر، بالنسبة لهذا الإنفجار بالذات، كان الخمسة المتطوعون يقفون في موضع آمن“، ويضيف بعدها: ”كانت القنبلة صغيرة مقارنة بالقنابل النووية الأخرى، إذ أن حجمها كان 2 كيلوطن فقط، وانفجرت على ارتفاع كبير جدا فوقهم. لم يكونوا في منطقة تعرضهم لمخاطر الإشعاع المباشر. كانت القنبلة صغيرة بما فيه الكفاية ومرتفعة بما فيه الكفاية مما منع تأثيرها الإشعاعي من أن يصل إليهم“.

لكن ماذا عن بقايا الإشعاع؟

كان هؤلاء الأشخاص الخمسة في الفديو: الكولونيل (سيديني سي. بروس)، والمقدم (فرانك بي. بول)، والرائد (جون هيوز)، والرائد (نورمان بودينجر)، و(دون لوتريل).

كان المصور، (جورج يوشيتاكي) هو الشخص الوحيد الذي رفض التطوع لهذه المهمة وترك الموقع بعد تثبيت الكاميرا، وهو الشخص الوحيد كذلك (من أفراد المهمة رسميا) الذي كان على قيد الحياة في يوم إعلان الحدث من قبل الإذاعة الوطنية الأمريكية عام 2012، أما البقية الذين شاركوا في الفيديو فقد عاش أغلبهم حياة طويلة (وصولا لسبعين وثمانين عاماً).

لكن هذا لا يعني أن القنابل النووية يتم إختبارها كالألعاب النارية، حيث قامت الحكومة الأمريكية بدفع 150 ميلون دولار كتعويض لكل الأشخاص ”المشاركين على الأرض“ في موقع صحراء (نيفادا)، بالإضافة لذلك تم دفع 813 مليون دولار للأشخاص القاطنين في ولاية (يوتاه) المجاورة، تحديدا للقاطنين في مدينة (سينت جورج).

تعرض سكان (سينت جورج) لتداعيات وبقايا الإشعاع الذي سببته انفجارات صحراء (نيفادا) النووية لعدة مرات خلال سنوات عديدة. في إحدى المرات منعت الحكومة سكان هذه المدينة المغلوبين على أمرهم من الخروج من منازلهم لعدة ساعات، ومنعوا من أن يغسلوا سياراتهم حتى تقل بقايا المواد المشعة المتراكمة عليها. لذلك، على الرغم من أن الأشخاص في الفيديو لم يتعرضوا لأي أذىً يذكر، إلا أن مواقع الإنفجارات النووية ليست مكاناً يجب أن يتواجد فيه أي فرد.

إن أردت أن ترى إنفجارا نوويا، شاهد هذا الفيديو الذيع يعود لسنة 1953 بعنوان: «اختبار (آني) النووي»؛ لا يحدث شيء في الفيديو حتى الدقيقة 2:24 – عندها سيكون هناك تأخير لمدة 30 ثانية بين رؤية الإنفجار وسماع الصوت بسبب الفرق بين سرعتي الضوء والصوت.

مقالات إعلانية