in

أصبحت شركة آبل الآن دون المستوى، والخطأ كله خطؤك أيها المستهلك!

هاتف آيفون محطم

”أصبحت شركة آبل مقرفة الآن“: عبارة من شأنها إثارة سخط جميع عشاق منتجات هذه الشركة، غير أننا هنا لنخبرهم بأننا لا نحمل أية ضغينة تجاه الشركة وأننا لسنا متحيزين ضدها بأي شكل من الأشكال، كما أننا لسنا بصدد مقارنة منتجاتها بمنتجات شركة سامسونغ أو شركة هواتف منافسة أخرى.

ولعلمك عزيزي القارئ، لطالما كنت أنا نفسي من عشاق منتجات آبل وهواتف الأيفون، غير أنني مؤخراً استدرت ناحية استعمال هواتف أندرويد، ذلك لأنني صرت أرى بأن نظام iOS أصبح غير متقن مثلما اعتدنا عليه، كما يحزنني كثيراً واقع أن آبل صارت تعرف تدهورا في نوعية وجودة منتجاتها.

الآن، وفي مقالنا هذا على موقعنا «دخلك بتعرف»، نحن حرفيا بصدد مقارنة نسخة اليوم من منتجات ومعايير شركة آبل مع تلك من سنوات سابقة، سنوات سنطلق عليها لقب السنوات الذهبية، ولطالما اعتبرت شخصياً أن معايير شركة آبل وشروط الجودة في منتجاتها كانت أعلى وأفضل من معايير الجميع في ميدان التكنولوجيا، ولا أشك في أن ينتطح في هذا الأمر عنزان، لأن آبل كانت هي من تضع المعايير، وكانت كل شركة أخرى تحذو حذوها.

غير أنها أصبحت مؤخراً تخيب آمال عشاقها سنة تلو الأخرى، تماما مثل برنامج تلفزيوني رائع ولامع في مواسمه الأولى، الذي لا ينفك يتحول إلى برنامج تسوده الرداءة مع التقدم في المواسم، قد يكون الأمر بداعي أن كتّاب السيناريو أصبحوا كسالى مع مرور الوقت، أو أن إنتاجهم الإبداعي بدأ ينضب، فتجدنا نخاف من الاعتراف بأن هذا البرنامج أصبح سيئاً الآن.

عليك أن تعلم كذلك عزيزي القارئ أن لا أحد من نقاد التكنولوجيا في العالم كله –خاصة النشطون منهم على اليوتيوب وأصحاب قنوات نقد المنتجات التكنولوجية الكبرى– سيخبرك بالحقيقة بعد الآن، فكل ما صاروا يفعلونه هو إسالة لعابهم على أي منتج جديد، وذلك لغرض وحيد لجعل لعابك يسيل بدورك فتمنحهم المزيد من المشاهدات.

من الواضح لكل من يتفحص الأمر بموضوعية أن شركة آبل أخذت تتدهور خلال السنوات القليلة الماضية فيما يتعلق بالنوعية والجودة والانتباه لأدق التفاصيل. لطالما أنتجت آبل التي أحببناها منتجات تعير فيها اهتماماً كبيراً لأدنى التفاصيل وأدقها: في كل جانب، وكل انحناءة، وكل تموج، سواء في الهيكل أو في نظام التشغيل، فكل شيء وتفصيل دقيق في منتجاتها كان له معنى وكان من ورائه فائدة ومغزى وهدف.

وما قد يخبرك به أي ناقد هو أن هذا التدهور بدأ منذ رحيل (ستيف جوبز)، كما قد يذهب البعض بعيداً للجزم بأنه لو ما زال على قيد الحياة لما ترك هذا الأمر يحدث مع الشركة، غير أن الحقيقة أنه كان يثق كثيراً في خليفته (تيم كوك)، وهو من جعل منه الرجل الثاني في الشركة من بعده، في نفس الوقت، يعلم الكثيرون جيداً بأن (ستيف) لم يكن يعلم بأن من ائتمنهم على شركته سيجعلون الزبون يشحن أي جهاز بهذا الشكل!

طريقة شحن قلم آبل

الحقيقة المرّة هي أن (تيم كوك) وبقية صنّاع القرار في شركة آبل قد جعلوا من المال والأرباح أولوية أولى، أما الجودة والإتقان فأصبحت فكرة لاحقة لتخطر على البال. عندما يتعلق الأمر بكل من الأجهزة وأنظمة تشغيلها، يمكننا ملاحظة كيف أن آبل أصبحت ”متكاسلة“ جداً.

لنتحدث قليلاً عن بعض منتجاتها الأخيرة.. أولا سنتناول بالنقد هاتف (أيفون 8)، بصراحة إنه عبارة عن (آيفون 7s)، وعلى الرغم من أن الكثيرين راحوا يثنون على هذا التحديث قائلين بأنهم غيروا خلفية الهاتف وما شابه، فإنه يبقى تحديثا متواضعاً جداً، بل دون المتوسط، وأسوأ ما في الأمر أنه كان متواضعاً عمداً، ذلك لأن الشركة كانت ترغب في أن لا يطيل زبائنها استعماله حتى يستبدلوه لاقتناء التحديث الأفضل والأجمل الذي يتمثل في آيفون آكس.

ما يميز هواتف (آيفون آكس)، على الرغم من جودتها التي لعلها أفضل هواتف (أيفون) تنتجها الشركة حتى الآن، هو أنها كانت بمثابة حركة يائسة، واستفاقة متأخرة من الشركة لتعيد الدخول لمضمار المنافسة التي راحت تتفوق عليها يوماً بعد يوم، ومنه فكروا مليا في إنتاج هاتف مميز يجعلنا ننظر إليه على أنه المستقبل، هاتف لا يشبه بأي شكل من الأشكال أسلافه من النسخ البالية، وهو الأمر الذي كادت الشركة أن تنجح فيه لولا أن مهندسيها وصناع القرار فيها ”تكاسلوا“ و”تقاعسوا“ مرة أخرى.

أولاً، كان عليهم أن لا يغفلوا عن التفاصيل وأن يعودوا لأصول الشركة ومعاييرها، ومما أغفلوا عنه هو تلك الثلمة (النوتش) أعلى الشاشة، إنها برأيي الشخصي من أسوأ معالم الهواتف الذكية حتى الآن، هذا على الرغم من أنها تحولت إلى خط موضة تقلّد فيه شركات صناعة الهواتف الذكية بعضها البعض بدون كلل.

هاتف آيفون

لقد عادت آبل للريادة في مجال الابتكار ووضع المعايير مرة أخرى مع هاتف (آيفون آكس)، غير أنها قامت بالأمر بطريقة عكسية هذه المرة مع تلك الثلمة أعلى الشاشة، على الرغم من أنها تتضمن أفضل المهندسين في العالم يبدو أنها عجزت عن العثور على وسيلة ما من أجل التخلص من ذلك الفاصل البشع في امتداد الشاشة.

أعتقد أن المشكلة تكمن في عدم وجود أشخاص شجعان بما فيه الكفاية ليعبروا عن رفضهم لمثل هذا الإهمال، وأن يخبروهم بأن الشركة لن تصدر هذه النسخة ”الكسولة“ من الهواتف مع تلك الثلمة الغبية، وذلك ما كان (ستيف جوبز) ليقوم به بالفعل، لا أستطيع منع نفسي من تخيل وجه (ستيف) عندما يأتونه بهذا التصميم فيضحك في وجوههم ثم يعيد إرسالهم إلى ورشات التصميم ليأتوا بشيء أفضل.

مشكلة آبل هذه الأيام صارت تكمن في محدودية الابتكار والتصميم، فصارت الشركة تنظر إلى كل تفصيل مهم بعين الإهمال، فبعد أن كانت تقوم بكل شيء وتصدر كل تفصيل بعناية وبهدف من ورائه، أصبحت لا تكترث لأدنى التفاصيل، مهما كانت درجة أهميتها.

نحن نعلم أن تلك الثلمة موجودة في أعلى الشاشة بداعي كل تلك التكنولوجيا المثيرة التي تحتوي عليها، والتي من بينها نجد تكنولوجيا التعرف على الوجوه، وفيما يتعلق بهذه الخاصية الأخيرة، أعتقد أن الجميع يتذكر حدث استعراضها الذي فشل فشلاً ذريعاً، حيث عجز الهاتف عن تذكر وجه (كريغ) وراح يطلب منه إدخال الرقم السري بدل ذلك، فخرجت لنا الشركة لتخبرنا بأن ذلك لم يكن فشلاً بل تدبيراً احتياطيا لأن الهاتف كان قد رصد الكثير من الوجوه ”الغريبة“ قبل (كريغ) مما جعله يتبع خطوة أمنية أكثر متانة، لكن هذا الأمر في حد ذاته عيب إن نظرتم إليهم من منظوري، فهاتف بقدر ذكاء (آيفون آكس) لا يجب أن يعير اهتماما لأي وجه غبي آخر يمر عبره حتى عندما تكون الشاشة مغلقة!

ثم لدينا مشكلة هذا الحل البديل المتمثل في طباعة الرقم السري، لماذا يتحتم عليّ الرجوع إلى طباعة الرقم السري عندما أكلف نفسي عناء اقتناء جهاز باهض الثمن من أجل خاصية التعرف على الوجوه التي أرى فيها ارتياحاً لي؟ برأيي لا يمكنك حل مشكلة بمشكلة ثانية، وذلك محسوب أيضاً على آبل ويزيد من رصيد الإهمال الذي صارت تتسم به.

أو تعلمون أعزائي القراء لماذا عمدت شركة آبل إلى إزالة قارئ بصمة الأصبع من هواتفها، وهي الخاصية التي كانت أسرع وأكثر موثوقية؟ أولاً كان ذلك أحد أهدافها حتى تتمكن من إنتاج هاتف بشاشة أكبر وهيكل أصغر، وهو أمر نتفهمه كثيراً، غير أن مخطط الشركة الأصلي كان يتجلى في تحويل قارئ البصمة إلى خلفية الهاتف تحت شارة الشركة مباشرة، ثم لأنها عجزت عن تحقيق ذلك في الوقت المحدد، لجأت إلى نظام التعرف على الوجوه كحل بديل وتخلت عن الأول تماماً.

وأسوأ ما تعانيه الشركة هذه الأيام هو كونها في حالة تجاهل، حيث ترفض العودة إلى جذورها وأصولها، والبت في إعارة الاهتمام من جديد للتفاصيل والجودة والإتقان. أوَ تدرون لماذا تعجز الشركة عن العودة إلى معاييرها القديمة؟ ذلك كله بسبب المستهلكين الذين يستمرون في اقتناء منتجاتها مهما كانت سيئة.

ومنه حتى نحمّل آبل مسؤولية ما تقوم به بهواتفها، وحتى نتوقف عن هدر المال على منتجاتها الرديئة فقط لأنها تحتوي على شارة آبل عليها، في تلك الأثناء فقط قد تعيد الشركة النظر في سياساتها، حتى ذلك الوقت، ستبقى الشركة مثلما هي عليه لأن لا أحد طلب منها التغيير بكل بساطة.

هذا المقال عبارة عن مقال رأي مترجم من المصدر، ويعبر عن رأي المصدر.

مقالات إعلانية