in

دخلك بتعرف كتاب ”موجز التاريخ البشري“ Sapiens: A Brief History of Humankind

كتاب ”موجز التاريخ البشري“ Sapiens: A Brief History of Humankind

بسبب قصر اللغة العربية بالمصطلحات العلمية سنستخدم في هذا المقال عبارة ”الإنسان“ للإشارة لفصيلة الـ”Sapiens“، و”البشر“ للإشارة لفصيلة ”Homo Sapiens“.

يتحدث الكاتب (يوفال هراري) في كتابه ”موجز التاريخ البشري“ عن تطور الجنس البشري، فيسرد لنا أولى مراحل تطور الجنس البشري وصولا إلى زمننا الحاضر، ويختم كتابه ببعض التوقعات العلمية لمستقبل الحضارة البشرية.

يبحث الكاتب عن الأسباب التي نجّت البشر وحدهم من بين باقي فصائل الإنسان من الإنقراض، ولماذا سادت هذه الفصيلة -وحدها من بين فصائل القرود الأخرى- الكوكب وتمكّنوا من الهيمنة على موارده.

يعتبر (هراري) أن ميزة البشر التي تفوّقوا بها عن باقي الكائنات هي قدرتهم على التواصل عبر أفكار ليس لوجودها واقع حقيقي. رغم تمكّن العديد من الكائنات من تطوير قدرات تواصلية، إلا أن البشر هم الفصيلة الوحيدة التي خلقت وتواصلت بالخيال المحض، فتحت هذه المقدرة المجال لخلق أساطير كالمال، تتشارك بها كل الفصيلة، مسهلّة التعاون بين مجموعات ضخمة من الأجانب والغرباء.

يعتبر (هراري) أن تاريخ البشرية يقسم إلى أربع ثورات اساسية.

  1. الثورة المعرفية (ثورة الإدراك).
  2. الثورة الزراعية.
  3. الثورة العلمية.
  4. الثورة الصناعية.

1. الثورة المعرفية:

بدأت قبل حوالي ٧٠ ألف سنة حيث تمكن الإنسان العاقل من تطوير قدرته المعرفية التي تخطت قدرة باقي أنواع الإنسان بمراحل، هذه الثورة سمحت للبشر أن يهيمنوا على الأرض رغم أن لغتنا المعقدة استخدمت للثرثرة أكثر مما استخدمت للتنمية، فبدأنا بخلق الأساطير، ثم تطورت هذه القدرة لنتمكّن من التصديق والاعتقاد بالخيال الذي خلقناه بأنفسنا، وسمحت لنا الاساطير المشتركة بخلق تعاون وعمل جماعي بأعداد كبيرة، سابقا كانت قبائل، واليوم أصبحت دول وقوميات.

"A man can be convinced to die fighting for his nation for the promise of heaven; a monkey cannot be."

"You can never convince a chimpanzee to give you a banana by promising him that after he dies, he will get limitless bananas in chimpanzee Heaven."

فالدين من خيالنا، الدول والحدود والقوميات من خيالنا، نحن خلقناها وليس لها أي كيان مادي حقيقي، هذه الأساطير سمحت للبشر العمل معا بشكل جماعي لتحقيق هدف معين عبر مجموعات كبيرة من ملايين الأفراد الغرباء، الذين لم يلتقوا أبدا ببعضهم البعض.

2. الثورة الزراعية:

بدأت قبل حوالي ١٠ آلاف سنة في المنطقة الممتدة بين الشام وغرب إيران وجنوب شرق تركيا، ويعتبر (هراري) أن ”الثورة الزراعية هي أكبر خدعة تاريخية — The agricultural revolution was history’s biggest fraud“، وهي المرحلة التي تمكن فيها الانسان العاقل من زرع النباتات وتدجين الحيوانات في مجموعات.

الثورة الزراعية

كانت الفائدة من الزراعة زيادة الموارد الغذائية للمنطقة المستزرعة مما سمح بتضاعف أعداد البشر بشكل كبير، تماما مثل كماليات العصر الحديث، الزراعة مع الوقت أصبحت حاجة ضرورية لدعم الزيادة المستمرة للاعداد السكانية، ولا مكان للعودة.

3. الثورة العلمية:

بدأت قبل حوالي ٥٠٠ سنة حيث بدأ عصر الإكتشافات والعلم الحديث، والعديد من الأسس التي يقوم عليها المجتمع اليوم.

قبل الثورة العلمية كان مسلّما أن الكتب الدينية تحتوي على كل ما نحتاجه ومحتواها حقيقي دون جدل، بينما اعترف العلم أننا نجهل الكثير، وحتى ما نعرفه يمكن أن يقع في دائرة الخطأ إذا ما تم نقضه بدليل جديد.

تخطى التقدم العلمي التوقعات بشكل هائل، ورغم أن هذا التقدم كان في أغلب الأوقات بتمويل من كيانات سياسية واجتماعية لكل منها برنامجها الإقتصادي إلا ان المنهج العلمي لم يرتبط يوما بايدولوجيا أو مظلة فكرية لتحديده.

4. الثورة الصناعية:

بدأت قبل حوالي ٢٠٠ سنة وكانت متممة للثورة العلمية وسببها الرئيسي القدرة على تحويل الطاقة إلى حركة واختراع الكهرباء التي حررتنا من دورة الطبيعية المتمثلة بالنهار والليل، والشتاء والصيف، وأدّت الزراعة الصناعية إلى تضخّم في الإنتاج و ظهور الرأسمالية التي سادت بسبب التوجّه البشري نحو مفهوم الإستهلاك.

"Consumerism is the first religion in the history of mankind whose followers do what they are asked to."

الأثر الاكبر للثورة الصناعية على حياة البشر كان في تفكيك وتدمير دور الأسرة، فقد كان معلوما سابقا أن القبيلة والعائلة هي المرجع الأول بينما قدمت الأسواق والنظام الدولي عرضا للتحرر من سلطة العائلة والاتجاه نحو الفردية، وهذا ما نعيشه اليوم.

عبر الزمن أوجد الإنسان المال، والأديان، والإمبراطوريات، وهي كلها أمثلة للخرافات المشتركة، هذه المؤسسات نظّمت السلوك البشري فاتحةً الطّريق أمام تطوير المجتمعات المعقدة والمتقدمة التي نعيشها اليوم.

بينما تبقى معضلة ”المغزى من الحياة“ لا اساس لها علميا، فإن سعادتنا كبشر مرتبطة جذريا بالإنسجام بين أوهامنا الشخصية والأوهام الجماعية حول ”المغزى من الحياة“، حيث خيار أن الحياة ليس من ورائها هدف مسبق مرفوض.

ينتهي (هراري) إلى أن تقدمنا اليوم يقف على حافة تحول رئيسية، مع تجاوزنا مرحلة الحدود البيولوجية والإنتقاء الطبيعي وقدرتنا على دخول مرحلة التصميم الذكي، إما عبر تحسين جيناتنا في المختبرات وإضافة أجزاء غير عضوية على اجسامنا، أو عبر خلق حياة غير عضوية قائمة على الذكاء الصناعي.

يحث الكتاب على التفكير في المستقبل، لافتاً إلى أننا قد بدأنا في العقود الاخيرة بثني قوانين الانتقاء الطبيعي التي حكمت الحياة على الكوكب على مدى أربع مليارات سنة فقدرتنا لم تنحصر في الهيمنة على العالم من حولنا وإعادة تصميمه بل تخطتها اليوم إلى أنفسنا.

إلى ماذا ستقودنا هذه التطورات؟ وما الذي سنصبح عليه لاحقا مع هذه التحولات؟

ملاحظة: الكتاب ممنوع في الدول المقاطعة لإسرائيل كلبنان لأن الكاتب إسرائيلي ويحاضر في جامعة القدس، علما أن (هراري) معاد للصهيونية والعنصرية والكتاب علمي بحت.

مقالات إعلانية