in

السمينات لا يرقصنَ، السّمينات يُصفقن فقط

امرأة سمينة ترقص

ينظرُ في عينيّ، ينحني، يمدّ لي يده ويدعوني إلى الرّقص. تراودني هذه الفكرة مِراراً. في خيالي، أرقص كالمحترفات في فستاني الأحمر المخملي. أعود لأنظر في المرآة، فأرى جسداً سميناً لا يستطيع أن يرقص. السّمينات لا يرقصنَ، السّمينات يُصفّقن فقط.

الفستان الأحمر المخمليّ الذي أخيطه لا يُناسبني. أخلع الفستان وأرتدي عباءة فضفاضة لا تُظهر تفاصيل جسدي وأتابع الرّقص بخفّة أقلّ. أودّ أن يلف يده حول خصري، لكنّي لن أسمح له بهذا، فأنا أشمئز من ملامسة جسدي.

امرأة سمينة ترقص

تعلمتُ أنّ جسدي بشع، لا لسبب معين. هو فقط بشع. قبل أن أنظر في المرآة، أغمض عيني، أحضر نفسي لِما سوف أراه. في الحقيقة، أنا لا أعرف جسدي. أنا في رحلة البحث عن جسدي.

أرى في الإعلانات فتيات نحيفات تليق بِهنّ الفساتين الحمراء، بشرتهنّ أصفى من الماء. أعلم أنّ هذه الإعلانات مركبة، وأن كل ما فيها مزيّف، غير أني أصبحت مهووسة بالنحافة ومعايير الجمال العالمية.

***

أنا في صالة الرقص، كأس في يدي الأولى، وصحن مليء بالحلويات في يدي الثانية. تظهر بفستانها الأسود الطويل، تركض نحوي مبتسمة وتغمرني.

– اشتقت لكِ! كم سمنتِ!

”سمنتِ، سمنتِ، سمنتِ“ هذا ما أسمعه. ليتني سددت أذني، إذ تابعت بالحديث: ”سمنتِ حقّاً! الأكل لذيذ أليس كذلك؟“ تمنيتُ أن يختفي صحن الحلويات من يدي حتى لا أبدو كوحش سمين يأكل طوال الوقت. في الواقع، أنا من اختفى، إذ لم أقوَ على متابعة الحفل وغادرت صالة الرقص. بالطّبع، لم أرد أن أرقص، فأنا لا أستطيع أن أرقص، لكنها حرمتني متعة التصفيق حتى.

إنّها لا تعلم أن وزني ازداد بسبب أدوية الأعصاب التي أتناولها، غير أني لم أُرد أن أشرح ذلك لأن مرضي لا يخصها وجسدي هو شأني لا شأنها.

***

لِمَ أكره جسدي إلى هذا الحدّ؟ لِمَ أكره كل تفصيل فيه؟ لم أعد أشتري ملابس جديدة، لم أعد أبالي بوضع أحمر الشفاه أو تمشيط شعري؛ أنا بشعة فما نفع كل الملابس والزينة؟

سئمت من علاقة الكره مع جسدي. سئمت من الإكتئاب وأدوية الأعصاب.

***

امرأة سمينة ترقص

يوماً ما، سوف ينظرُ في عيني، ينحني، يمدّ لي يده ويدعوني إلى الرّقص. سوف آخذ بيده لأرقص كالمحترفات في فستان أسود مخملي. وحين أنظر في المرآة، سأرى جسداً جميلاً يناسبه الفستان الأحمر المخمليّ تماماً. لن أخلعه وإن ظهرت تفاصيل جسدي غير النّحيف. سأرقص بخفّة الفراشة، سيلفّ يده حول خصري وسأعانقه كما أعانق جسدي.

مقالات إعلانية