in

أوقفوا العنف ضد مجتمع الميم في مصر

الناشطة الحقوقية اسراء سراج الدين
صورة: Esraa Serag Eldin

في سعيها لقمع الحريات والأقليات الجنسية والجندرية، شنت الحكومة المصرية حملة شرسة على الأشخاص مثليي الجنس، وآخرين ممن هم من الأقليات الجنسية، إثر الجدل الذي حصل في الأيام الأخيرة عقب حفل فرقة ”مشروع ليلى“ الموسيقية، وعلى الرغم من أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، إلا أنها أثارت الرأي العام بشكل كبير مما جعل لها أصداء عربية وعالمية.

حيث أفادت هيئة مراقبة حقوق الإنسان ”هيومن رايتس ووتش“ أن ”مصر يجب أن تتوقف عن اعتقال ومضايقة الأشخاص المشتبه بأنهم مثليون، بتهم ملفقة ’كالفجور‘ و’التحريض على الفسق والفجور‘.“

وقد اعتقلت قوات الأمن المصرية أحد عشر شخصاً على الأقل في الأيام التي تلت حفل فرقة مشروع ليلى في 22 سبتمبر، حيث قام المحتفلون برفع أعلام قوس قزح كرمز للتضامن مع مجتمع الميم، العمل الذي اعتبر تحدياً كبيراً في بلد معروف بقمعه لحريات مجتمع الميم.

وبعد أن قام المحتفلون بمشاركة الصور التي تظهر أعلام قوس قزح على وسائل التواصل الإجتماعي، شنت وسائل الإعلام الموالية للحكومة هجوماً شرساً، وطالب السياسيون المحافظون والزعماء الدينيون الحكومة باتخاذ الإجراءات، حيث صرح ”عباس شومان“ وكيل ”الأزهر“ بأن ما حصل من رفع أعلام وشعارات تروج للمثلية هو ”عار يجب ألا يمر مرور الكرام“.

قام المحتفلون بمشاركة الصور التي تظهر أعلام قوس قزح على وسائل التواصل الإجتماعي

كما ساهم ”رضا رجب“ نائب رئيس نقابة المهن الموسيقية في مصر بزيادة حدة الوضع بعد منع النقابة الفرقة الموسيقية اللبنانية من إقامة حفلات في مصر، وقال: ”نحن مجتمع متدين ومحافظ، وهذه هويتنا التي يجب أن نحافظ عليها“.

وأفادت الحكومة في الـ25 من سبتمبر أنها ألقت القبض على سبعة أشخاص عُرِفوا من خلال شريط فيديو للحفل، وقد تساءل العديد من الناشطين المصريين عن صحة هذا الإدعاء، ووثقوا اعتقالات إضافية في 27 سبتمبر عندما قبضت الشرطة على ستة رجال من الشوارع، واتهمتهم بالفجور، والتورط في عملية رفع علم قوس قزح.

وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ”هيومن رايتس ووتش“: ”سواء لوّحوا بعلم قوس قزح، أو دردشوا على تطبيقات المواعدة، أو فكروا في القيام بأعمالهم الخاصة في الشوارع، فإنه يجب الإفراج فوراً عن جميع هؤلاء المعتقلين.“ وأضافت أن: ”الحكومة المصرية باعتقالها للناس على أساس ميولهم الجنسية؛ تُظهر تجاهلا صارخا لحقوقهم.“

هذا وقد حكمت محكمة جنح ”الدقي“ في ”الجيزة“ على الضحية الأولى في 26 سبتمبر بالسجن لمدة ست سنوات كعقوبة على ”الفجور“ استناداً لسلوكه الجنسي، و”التحريض على الفجور“، كما كان الإدعاء قد زعم أنه كان أحد الذين رفعوا علم قوس قزح في الحفل، وحكمت عليه أيضاً بست سنوات تحت المراقبة.

ولم يكن هناك من محامٍ لتمثيله في محاكمته، ولديه الآن تمثيل قانوني وسوف يستمع لحكم استئنافه في 11 من أكتوبر الجاري.

من الجدير بالذكر أنه يتعين على هيئة الطب الشرعي إخضاع من يتم اعتقالهم للفحوص الشرجية لتحديد ما إذا كانوا قد قاموا بنشاطات جنسية مثلية، وتفيد منظمة العفو الدولية أن مثل هذه الفحوص تنتهك حظر التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة بموجب القانون الدولي.

وقالت ”نجية بونعيم“ مديرة الحملات بالمكتب الإقليمي لشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: ”الفحوص الشرجية القسرية بغيضة، وتعادل التعذيب، ولدى السلطات المصرية سجل مروع في استخدام الإختبارات الجسدية التي تصل حد التعذيب تجاه المعتقلين أثناء احتجازهم، ويجب إيقاف جميع الخطط لتنفيذ مثل هذه الفحوص على هؤلاء الأشخاص على الفور.“

التعتيم على وسائل التواصل الإجتماعي لقضية مجتمع الميم:

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر (SCMR) أمراً بحظر جميع أشكال الدعم والتعاطف مع مجتمع الميم على وسائل الإعلام. ووفقاً للبيان الصادر عن المجلس، فإن المثلية تعتبر ”مرضا مخزيا“ ولا ينبغي الترويج له من خلال وسائل الإعلام المصرية، وكذلك لايجب للمثليين الظهور في وسائل الإعلام إلا لإعلان التوبة والإعتراف بمثليتهم الجنسية على أنها سلوك غير مقبول.

وأشار ”مكرم محمد أحمد“ رئيس المجلس إلى أن هذه التدابير لا تعني بأنه يجب على المجتمع تجاهل الظاهرة، بل يجب أن يركز على كيفية التخلص منها من خلال تزويد الآباء بـ”الطرق المناسبة لتربية الأطفال“.

وأضاف في بيان المجلس بأنه: ”يجب على وسائل الإعلام المصرية أن تسلط الضوء على مخاطر انتشار مثل هذه الظاهرة، فإن الحملات الترويجية الأخيرة التي تدعم وجود مجتمع الميم في مصر حاولت تصنيف وجودهم كشكل من أشكال حقوق الإنسان، وهذا ليس صحيحاً، لأن المثلية تتناقض مع الإنسانية والأديان.“

واختتم البيان دعوته لجميع وسائل الإعلام المصرية للعمل على الحفاظ على ”القيم الصحيحة“، ورفض أي تغيير في مفهوم الأسر التي تعتبر اللبنة الأولى في كتلة المجتمع.

لا يوجد نص قانوني صريح يدين المثلية الجنسية في مصر، ولكن في آواخر التسعينات بدأت الشرطة تستخدم قانون عام 1950 لمكافحة الدعارة وقانون عام 1961 لمكافحة ”الفجور“ كذريعة لإلقاء القبض على المثليين، كما تقوم هيئة الطب الشرعي في مصر بإخضاع الأشخاص للفحوص الشرجية القسرية بشكل روتيني.

ويدين خبراء الطب الشرعي في جميع أنحاء العالم هذه الممارسة باعتبارها تفتقر إلى أدنى صحة علمية وتنتهك أخلاقيات مهنة الطب، وقد وصف كل من المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، ولجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب هذه الإختبارات بأنها شكل من أشكال التعذيب، أو سوء المعاملة التي يحظرها القانون الدولي، ولم تتخذ نقابة الأطباء المصرية أي خطوات لمنع الأطباء من إجراء هذه الإختبارات المهينة.

موقف فرقة ”مشروع ليلى“ الموسيقية:

حفل مشروع ليلى

بعد التزامها الصمت لعدة أيام بعد الأحداث التي تلت حفلها الموسيقي في القاهرة من اعتقالات وهجوم إعلامي على مجتمع الميم المصري بحجة رفع أعلام وشعارات المثلية في الحفل، أصدرت الفرقة بياناً مساء أمس على صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك وذكرت بأن التزامها الصمت جاء بعد تشاورها مع الناشطين والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، تجنباً لأي ردة فعل تصعيدية قد تصدر من الحكومة المصرية، إلا أنها أرتأت أن تصدر هذا البيان الذي عبرت من خلاله على دعمها الثابت وغير المشروط للشعب المصري.

وجاء في بيان الفرقة بأن التقارير التي وردتها أفادت باعتقال أكثر من 35 شخصا على خلفية الحادثة خلال الأيام العشرة الماضية، كما استدرج بعض منهم من خلال تطبيقات المواعدة، والذي أفادت به مصادر أخرى غير بيان الفرقة.

”تدين الفرقة تجريم أي أفعال تحصل بالتراضي بين شخصين بالغين متوافقين فيمَ بينهما، ونددت بخطابات الكراهية والأكاذيب التي أنتجتها الصحافة وساهمت بنشرها“، كذلك الصادرة عن الحكومة والإعلام، كما أدانت لامبالاة بعض المنظمات.

وذكرت بأن: ”افتقار الصحافة المصرية للمهنية أدى إلى تداول أخبار أولية متناقضة، وغير متناسقة، حيث لُفقت أخبار كاذبة بهدف تحريض الرأي العام.“

ودعت الفرقة ”كل منتجي الثقافة، والنشطاء، والموسيقيين خارج وداخل مصر، للتعبير عن تضامنهم مع المجتمع المصري في ظل هذه المرحلة الصعبة.“

وذكرت أنه توجد حاجة كبيرة ”لإنشاء حركة تضامن دولية عازمة للضغط على النظام المصري لوقف مطارداته وملاحقاته ومطالبته بالإفراج الفوري عن كل الموقوفين والموقوفات.“

لذلك؛ وإيماناً من موقع دخلك بتعرف بالحريات، ومن أجل الدافع الذي انطلق من أجله وهو الدفاع عن الإنسانية وحقوق الأقليات، كنا السباقين لمتابعة الخبر، وإطلاق الهاشتاغات إثر الإعتقالات الجارية، وخصوصاً بعد اعتقال الشاب ”أحمد علاء“ الذي رفع علم قوس قزح في الحفل، كذلك الناشطة ”ساره حجازي“، بهدف إيصال القضية للرأي العام.

كما تتوارد الأنباء من الناشطين المصريين وصفحات الحملات المصرية لدعم مجتمع الميم بخصوص هذه القضية حتى الساعة.

#الحرية_لمعتقلي_العلم #الحرية_لألوان_الطيف #العلم_هزكم

مقالات إعلانية