in

(كيم جونغ أون) يطالب كل مواطن كوري بتسليم ”100 كلغ من برازه“ بشكل يومي من أجل محاربة أزمة الأسمدة التي تعاني منها البلاد!

يطلب المرسوم الرئاسي الجديد والغريب هذا من كل مواطن تسليم 100 كيلوغرام من البراز يوميا، وباعتبار أن معدل حجم البراز الذي يطرحه الإنسان العادي في اليوم لا يتعدى رطلا واحدا، فإن هذا المرسوم يبدو فاشلا وعديم الجدوى من أساسه.

كيم جونغ أون في أحد المصانع

طالبت الحكومة في كوريا الشمالية، وعلى رأسها قائدها ”العزيز“ (كيم جونغ أون)، من المواطنين الأصحاء جسديا إنتاج وتسليم مائة كيلوغرام من الفضلات يومياً من أجل مجابهة أزمة الأسمدة الحادة التي تمر بها البلاد، وكذا في محاولة للنهوض باقتصادها من باب الزراعة.

باعتبار أن مجمل معدل فضلات التي يطرحها الإنسان في اليوم الواحد لا تتعدى رطلا واحدا، فإن الحكومة الكورية أضافت في ذات المرسوم بأن كل مواطن يفشل في استيفاء القدر المطالب به يجب عليه بدل ذلك تسليم 300 كيلوغرام من الأسمدة الطبيعية.

بينما لا تعتبر اليد العاملة الرخيصة أمرا جديدا في كوريا الشمالية، فإن إجبار أمة كاملة وشعبا بكافة أطيافه على تسليم فضلاته في محاولة للدفع بعجلة الاقتصاد الزراعي في البلد قدماً هو أمر جديد ومؤسف بدون شك.

كان الديكتاتور (كيم جونغ أون) البالغ من العمر 35 سنة قد أعلن عن هذا المرسوم خلال خطابه الذي أدلى به بمناسبة السنة الجديدة، وشرح فيه بأن الفضلات والأسمدة البشرية ستكون مفتاح النهوض بالاقتصاد الوطني.

مزرعة في كوريا الشمالية.
مزرعة في كوريا الشمالية. صورة: stephan/Flickr

أخبر مصدر في مقاطعة (هامغيونغ) الشمالية إذاعة «آسيا الحرة»: ”بعد خطاب (كيم جونغ أون)، تم تكريس سكان البلد كلهم من أجل إنتاج الأسمدة المعدة من الفضلات البشرية باعتبارها المهمة الوطنية ذات الأولوية الأولى لهذه السنة الجديدة“.

يعرف تحويل الفضلات البشرية إلى أسمدة باسم ”تربة الليل“، وقد سُجل استخدامها منذ القدم، لعل أول تسجيل لاستخدامها كان في منطقة (أتيكا) في الحضارة اليونانية القديمة، عندما كان الإغريق يجمعون فضلات مدينة أثينا في حاويات ثم ينقلونها عبر نهر (سيفيسيوس) من أجل تسميد المحاصيل الزراعية.

إن استراتيجية استخدام الفضلات البشرية المملوءة بالبكتيريا الضارة للدفع بعجلة الاقتصاد إلى الأمام، من خلال النهوض باقتصادها الزراعي المترنّح، هو بالتأكيد أمر سخيف، كما أن إجبار كل مواطن في البلد على إنتاج مائة كيلوغرام من الفضلات البشرية في اليوم الواحد يجعل من مقاربة هذا الديكتاتور غريب الأطوار غير قابلة للتحقيق، وعلى الرغم من ذلك، فقد بدا واثقاً جدا من نفسه ومن نجاح مخططه هذا خلال الخطاب الذي أدلاه.

فتاة صغيرة في إحدى مزارع كوريا الشمالية
فتاة صغيرة في إحدى مزارع كوريا الشمالية. صورة: Mark Scott Johnson/Flickr

يقول أحد المصادر في كوريا الشمالية: ”قامت السلطات في كل منطقة محلية بإيعاز المصانع والمؤسسات ومجموعات المواطنين مهمة تحصيص المقادير المستهدفة من البراز البشري ومطالبة الأفراد بها“، وأضاف نفس المصدر: ”إنهم يطالبون كل شخص بإنتاج مائة كيلوغرام من البراز البشري يومياً، أو حوالي 3 أطنان شهريا. لكن أنّى لشخص عادي إنتاج 3 أطنان من الفضلات البشرية وتسليمها في الشهر؟“.

إن هذا من دون شك تساؤل منطقي للغاية، ومما بدا منذ البداية، فإن الوضع يائس وفاشل تماماً، مع كون معظم المواطنين قد بدأوا بالفعل تسليم كل ما استطاعوا تسليمه.

يقول المصدر الآنف: ”لا يسع معظم الناس إنتاج أو تسليم 100 كيلوغرام من البراز كل يوم، لذا ينتهي بهم الأمر بتسليم ما يعتقدون أنه كافٍ“، واستطرد شارحاً: ”ومنه فإن هذا القدر المستهدف بدون معنى، كما أن القدر المستهدف هو نفسه في المدن كما في الأرياف، لأنه يطبق بالتكافؤ على الجميع“.

جنود كوريون شماليون.
جنود كوريون شماليون. صورة: StillWZ/Pixabay

أضاف نفس المصدر السابق أنه بإمكان المواطنين الدفع نقدا بدل تسليم البراز في حالة عجزهم عن ذلك، أو يمكنهم أيضا شراء الأسمدة البشرية من تجارها من أجل استيفاء القدر المستهدف الموكل إليهم، يقول المصدر: ”يبلي تجار الأسمدة البشرية بلاءً جيدا هذه الأيام، يبدو أن تجارتهم ازدهرت كثيراً، حيث يكلفون مبلغ 20 يوان —حوالي 3 دولارات— عن كل 100 كليوغرام من الفضلات البشرية، أو 300 كلغ عن السماد الطبيعي. عادة ما تدفع النساء الشابات اللواتي يعملن في المطاعم ومحلات التجميل نقداً“.

سرعان ما بدأت سياسة (كيم جونغ أون) الجديدة هذه تثير حفيظة المواطنين في كوريا الشمالية بجميع أطيافهم، فبينما تحاول السلطات إقناع المواطنين ببذل مجهود للمساهمة في هذه الحركة الوطنية، فإن السخف الكبير الذي يحيط بالمهمة يجعلهم غير راضين، ويجعل المهمة تفقد الدعم الشعبي الذي تحتاجه.

يقول نفس المصدر السابق: ”إن الشعب غاضب، ينتقد المواطنون النظام بتعمده في جعل القدر المستهدف مرتفعا جدا حتى يجبر الناس على الدفع نقداً، ثم يدعي بأن ذلك لصالح الإنتاج الزراعي“، وأضاف: ”تتعدى قيمة الدفع نقدا قيمة الأسمدة البشرية التي يتم تسليمها للحكومة، لذا فإن الناس يقولون بأن النظام يستخدم هذه الحصص المستهدفة العالية كوسيلة لجمع المزيد من المال من المواطنين“.

يبدو أن جمهورية كوريا الديمقراطية تبحث عن الحلول بشتى الطرق، حتى الدنيئة منها، وفي اقتصاد تكبله العقوبات، قررت الحكومة رفع الرهان، وطالبت من شعبها أكثر من ذي قبل، فقط بطريقة سخيفة.

مقالات إعلانية