in

10 نزاعات حدودية بين الدول يبدو أن لا حلول لها

تنشأ الحروب بين الدول لأسباب عديدة، منها الحدود السياسية، وهي تلك الخطوط الوهمية التي صنعها البشر ليحددوا بها مناطق سيادة دولتهم، فاندلعت مئات الحروب على مر التاريخ وحتى الآن نتيجة اعتقاد دولة ما بامتلاكها حق الاستيلاء على منطقة حدودية معينة، أو اختلاف دولتين على حق سيادة منطقة حدودية معينة.

سنتحدث في هذه المقالة عن نزاعات حدودية بين دول في مختلف أرجاء العالم، وقد حصلت هذه النزاعات منذ فترات زمنية مختلفة، ولكن القاسم المشترك بينها هو استمرارها حتى يومنا هذا، بل استحالة إيجاد حلولٍ لها في المستقبل القريب:

1. الصحراء الغربية:

الصحراء الغربية
صورة: Wikimedia Commons

تقع منطقة الصحراء الغربية في أقصى الشمال الغربي من القارة الأفريقية، ويحدها المحيط الأطلسي من الغرب ودولة المغرب من الشمال، أما من الشرق فتحدها دولة الجزائر، وموريتانيا من الجنوب.

يبلغ عدد سكان الصحراء الغربية نحو 600 ألف نسمة، وهو عدد صغيرٌ جداً مقارنة بمساحتها مما يجعل الكثافة السكانية منخفضة بشدة، ويميل سكانها للعيش في المدن الكبرى، أما خارج المدن، فلن تجد سوى مساحات شاسعة من الصحراء القاحلة.

يمكنك اعتبار الصحراء الغربية ”مخلفات استعمارية“ من حقبة الاستعمار الإسباني، وتصنفها الأمم المتحدة ضمن قائمتها للأقاليم غير المحكومة ذاتياً، لكن النزاع مازال قائماً بين دولتي المغرب و”الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية“ –وهي الجمهورية الحاكمة للمنطقة وذات اعتراف عالمي محدود.

طالبت الدولتان بأحقية سيادة المنطقة منذ عام 1975 عندما وافقت إسبانيا على التخلي عن المنطقة في اتفاقيات مدريد، وعندما غادر الإسبان عام 1975، تركوا الصحراء تحت إدارة مشتركة من المغرب وموريتانيا.

اندلعت حرب ثلاثية الأطراف بين موريتانيا والمغرب وحركة التحرر الصحراوية المعروفة باسم البوليساريو، وقامت الأخيرة بتأسيس جمهورية الصحراء العربية الديمقراطية التي شكلت حكومتها في المنفى في تندوف بالجزائر. استمرت الحرب حتى عام 1979، حيث انسحبت موريتانيا مما دفع بالمغرب للسيطرة على معظم الأراضي والمدن الكبرى والموارد الطبيعية.

استمرت الحرب بين المغرب وجمهورية الصحراء العربية الديمقراطية حتى أعلنت الأمم المتحدة عن مفاوضات وقف إطلاق النار عام 1991، وأُعطي للمغرب سيادة على ثلثي الأراضي بينما خضع الثلث الآخر لحكم جمهورية الصحراء العربية الديمقراطية بدعمٍ من الجزائر، لكن النزاع لم ينته بوقف إطلاق النار، فاعترفت 37 دولة بجمهورية الصحراء العربية الديمقراطية، بل أصبحت عضواً في الاتحاد الأفريقي، بينما دعمت جامعة الدول العربية ودولٌ أفريقية أخرى حق المغرب في حكم الصحراء.

بالطبع، لم ترحب حكومة المغرب باعتراف الاتحاد الأفريقي بجمهورية الصحراء العربية الديمقراطية، لذا قام المغرب بسحب عضويته من الاتحاد، ولا زالت الصحراء حتى يومنا هذا منطقة نزاعٍ بين الطرفين.

2. جبل طارق:

مضيق جبل طارق
صورة: موقع Operation World

بالرغم من مساحة جبل طارق الصغيرة، لكنه منطقة حدودية متنازعٌ عليها، حيث طالبت إسبانيا والمملكة المتحدة بأحقية حكم المنطقة، وجبل طارق (أو جبرالتار) منطقة حكم ذاتي تابعة للمملكة المتحدة تقع في جنوب شبه الجزيرة الإيبيرية، ويعيش فيها نحو 30 ألف شخصٍ. اشتهرت المنطقة بكونها طريقاً بحرياً للسفن والبواخر، ويبلغ الناتج المحلي لجبل طارق 1.64 مليار جنيه استرليني، واقتصادها قائمٌ على السياحة والملاحة والخدمات ونوادي المقامرة.

خضع جبل طارق لحكم الإسبان بعد جلاء المسلمين عن شبه الجزيرة الإيبيرية، واستمر حكم إسبانيا حتى عام 1704، حيث استولت قوات مشتركة من الإنجليز والهولنديين على جبل طارق خلال فترة حرب الخلافة الإسبانية، ووقعت الأطراف المتحاربة معاهدة (أوترخت) عام 1713، التي تخلت إسبانيا بموجبها عن جبل طارق لصالح بريطانيا إلى الأبد.

كان للمنطقة الصغيرة أهمية كبيرة بالنسبة للإنجليز، وخاصة في مجال النقل والعبور، فخلال الحرب العالمية الثانية وضع الإنجليز الكثير من القواعد البحرية في المضيق مما أعطاهم حرية العبور والتحكم في مداخل ومخارج البحر المتوسط.

استمرت السيادة البريطانية على جبل طارق لنحو 300 عام، لكن إسبانيا استمرت بالمطالبة بحقها بالرغم من توقيعها معاهدة (أوترخت)، بل حاولت استعادة جبل طارق وقامت بمحاصرة المنطقة عدة مرات لكن جهودها باءت بالفشل.

عقد سكان جبل طارق استفتاءً عام 1967، ومرة أخرى عام 2002، للتصويت على البقاء تحت التاج البريطاني أو الانضمام إلى إسبانيا، واختار السكان في المرتين البقاء ضمن المملكة المتحدة، ووصلت نسبة المؤيديين إلى 99%.

أما في عام 2016، وعقب بدء أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أعلنت إسبانيا عن نيتها باستعادة جبل طارق إن خرجت بريطانيا من الاتحاد، وقد كان سكان جبل طارق التابعون للمملكة المتحدة قد صوتوا في إحدى المرات على البقاء ضمن الاتحاد، لكن القرار النهائي كان خروج بريطانيا من الاتحاد، لذا دعا وزير خارجية إسبانيا إلى وضع شبه الجزيرة ضمن إدارة مشتركة، وادعى أن إسبانيا على بعد خطوات من تحقيق السيطرة الكاملة على جبل طارق.

3. كوسوفو:

كوسوفو

تُعتبر كوسوفو اليوم دولة ذات إدارة مستقلة حاصلة على اعتراف 80 دولة من أعضاء الأمم المتحدة بالإضافة إلى تايوان. في المقابل، ترفض صربيا الاعتراف بكوسوفو كدولة مستقلة وتُطلق عليها اسم «إقليم كوسوفو وميتوهيا». يبلغ عدد سكان كوسوفو اليوم نحو 1.8 مليون نسمة، ويبلغ الناتج المحلي 18.8 مليار دولار.

كانت كوسوفو جزءاً من جمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية، وفي أوائل تسعينيات القرن الماضي، واجهت الجمهورية فترة انتكاس تسببت في تجزئة الدولة إلى عدة أقسام، فحصلت 5 دولٍ على استقلالها وهي: كرواتيا، وسلوفينيا، ومقدونيا، بالإضافة إلى صربيا والجبل الأسود والبوسنة والهرسك.

استمرت صربيا والجبل الأسود في السيطرة على أراضي كوسوفو، لكن شعبها أراد الاستقلال فبدأت حرب طويلة منذ عام 1989 وحتى عام 1999 وانتهت باستقلال كوسوفو.

حصل جيش تحرير كوسوفو على دعم قوي من الأمم المتحدة وصل إلى حد قصف صربيا بالصواريخ، فانسحبت صربيا من أراضي كوسوفو منهية بذلك الحرب، مما أدى إلى انقسام الجمهورية الأخيرة إلى صربيا و(مونتينيغرو) –الجبل الأسود– عام 2006، أما كوسوفو فأعلنت استقلالها عام 2008 بعد أن كانت محمية خاضعة للأمم المتحدة بعد انتهاء الحرب.

بقيت كوسوفو تحت مراقبة المجتمع الدولي، حيث أنشأت الأمم المتحدة مكتباً لها هناك كي تراقب نشاطات الحكومة وقراراتها مع مجموعة دولية مؤلفة من جميع الدول التي اعترفت باستقلال كوسوفو، وفي عام 2012 ألغت الأمم المتحدة مهمة الإشراف على إدارة البلاد وتركت شعب كوسوفو ليحكم ذاته.

من المقرر أيضاً إنهاء البعثة الأوروبية في كوسوفو –التي بدأت عام 2008– بحلول عام 2012، لكنها موعد إنهائها قد أُجّل عدة مرات، وتضم هذه البعثة القانونية الآلاف من رجال الشرطة والقضاء للحفاظ على سيادة القانون في كوسوفو.

4. جورجيا الجنوبية وجزر ساندويتش الجنوبية:

خريطة جورجيا الجنوبية وجزر ساندويتش الجنوبية

كانت مجموعة الجزر الصغيرة هذه سبب العداوة التي نشأت بين الأرجنتين والمملكة المتحدة، حيث أعلنت المملكة سيادتها على جورجيا الجنوبية منذ عام 1775 عندما وصل المستكشف (جيمس كوك) إليها، وضمت المملكة المتحدة جزر الساندويتش إلى الجزيرة السابقة عام 1908، لكن في عام 1904، كانت شركة صيد الحيتان الأرجنتينية قد بدأت أعمالاً لها في جزيرة جورجيا الجنوبية.

أصبحت جزيرة جورجيا الجنوبية وجزر الساندويتش جزءاً من جزر الفوكلاند بعدما استولت بريطانيا عليها، وفي عام 1906، وقعت شركة صيد الحيتان الأرجنتينية عقد إيجار حصلت بموجبه على رخص صيد الحيتان البريطانية.

بالرغم من قيام الشركة بالانحياز للجانب البريطاني، طالبت الحكومة الأرجنتينية بحقها في السيادة على جورجيا الجنوبية عام 1927، وعلى بقية الجزر عام 1938.

حاولت المملكة المتحدة حلّ هذه الأزمة بسلام، فعرضت القضية على محكمة العدل الدولية 4 مرات بين عامي 1945 و1955. رفضت الأرجنتين التنازل عن حقها وأنشأت قاعدة بحرية على جزيرة (ثولي). اكتشف البريطانيون هذه القاعدة عام 1974 واعترضوا على قيام الأرجنتين بهذه الخطوة، لكن بريطانيا لم تمنع التواجد الأرجنتيني حتى انتهاء حرب الفوكلاند.

قامت مجموعة من الأرجنتيين في الـ19 من شهر مارس عام 1982 بالتنكر كتجار خردة، واحتلوا محطة صيد مهجورة وتقدموا نحو مدينة Grytviken واحتلوها في الثالث من شهر أبريل. لم يستمر الاحتلال طويلاً، حيث استعادت القوات البريطانية المدينة في الخامس والعشرين من الشهر نفسه، أي لم يرحل الأرجنتينيون إلا بعد استخدام القوة العسكرية.

وفي عام 1985، استقلت جورجيا الجنوبية وجزر الساندويتش عن التبعية لجزر فوكلاند وأصبحتا جزءاً من أقاليم ما وراء البحار التابعة للمملكة المتحدة، وطُرحت القضية مجدداً عام 2010 عندما طلب رئيس فنزويلا (هيوغو تشافيز) من الملكة (إليزابيث الثانية) إرجاع الجزر إلى دولة الأرجنتين. رفضت المملكة بالطبع، لكن الأرجنتين مازالت حتى اليوم تطالب بحقها في الحصول على الجزر.

5. شبه جزيرة القرم:

خريطة شبه جزيرة القرم

أصبحت شبه جزيرة القرم محط أنظار الإعلام والسياسة الدولية في السنوات الأخيرة باعتبارها أحدث نزاعٍ حدودي في العالم، حيث استولت روسيا على شبه الجزيرة عام 2014 بعد اندلاع الثورة في أوكرانيا.

تضم القرم نسبة كبيرة من السكان الروس الذين يفضلون السلطة الروسية على الأوكرانية، خاصة بعد التوترات التي حصلت في أوكرانيا والوضع غير المستقر، لكن التصويت الذي جرى في القرم لم يحصل على أي اعتراف دولي.

اندلعت المظاهرات المؤيدة لروسيا في القرم بعد استيلاء الحكومة الأوكرانية المؤقتة على السلطة في (كييف)، حاولت أوكرانيا استعادة السيطرة على شبه الجزيرة بالرغم من تعاظم المظاهرات، ووصل الأمر في مدينة (سيفاستوبل) إلى اختيار مواطن روسي لمنصب العمدة الجديد –وذلك أمرٌ غير قانوني في أوكرانيا.

أكد رئيس المجلس الأعلى أن القرم لن ينفصل عن أوكرانيا، وفي صباح اليوم التالي احتلت القوات الخاصة الروسية مبنى المجلس الأعلى ومبنى مجلس الوزراء في القرم، ورُفعت الأعلام الروسية فوقهما، واضطر المجلس نتيجة الضغط الروسي إلى الاجتماع والبدء بالتصويت.

لا نعرف بالضبط إن كانت الأصوات معدة مسبقاً أم أنهم صوتوا تحت التهديد، لكن أحد التقارير يشير إلى توقيف أعضاء البرلمان في نقطة تفتيش وعدم السماح لهم بالمرور إلا إن صوتوا لصالح الانفصال عن أوكرانيا.

أعلنت الحكومة الأوكرانية المؤقتة أن التصويت غير قانوني، وانتشر الجنود الروس في جميع أنحاء الجزيرة، لكن روسيا أنكرت وجود قواتٍ لها في القرم، وفي الثامن عشر من شهر مارس عام 2014، وُقعت معاهدة انضمام جمهورية القرم إلى روسيا. بالطبع، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن نتائج الاستفتاء باطلة.

وفي شهر يونيو من عام 2015، أعلن رئيس الوزراء الروسي انضمام القرم كلياً إلى روسيا، وفي شهر أغسطس من العام التالي، أعلنت أوكرانيا عن ازدياد عدد القوات الروسية على الحدود، مما دفع بأوكرانيا إلى نشر قواتها أيضاً على الحدود الروسية الأوكرانية.

6. التبت:

خريطة التبت

يُعتبر النزاع الحدودي حول أراضي التبت أطول نزاعٍ في التاريخ، وترى جمهورية الصين الشعبية أن التبت جزءٌ لا يتجزأ من الصين، وكانت تابعة لها منذ القرن الثالث عشر ميلادي، ويؤكد القانون الصيني في عهد سلالة (يوان) تبعية التبت لدولة الصين، لكن المجتمع الدولي يخالف رأي الصين الرسمي، ويرى أن التبت منطقة ذات إدارة مستقلة.

بدأت الصين بالمطالبة بأحقية السيادة على التبت منذ عام 1906 بعدما وصلت بعثة بريطانية إلى التبت لترى إن كان الـ(ديلاي لاما الثالث عشر) قائداً أفضل للمنطقة من الصين، ويُعتقد أيضاً أن هدف البعثة كان وقف النفوذ الروسي في المنطقة.

قام الصينيون عام 1910 بإرسال بعثات عسكرية إلى التبت للتخلص من الـ(ديلاي لاما)، لكن الأخير هرب إلى الهند البريطانية، وفي عام 1911، أنهت ثورة Xinhai سلالة (تشينغ) الحاكمة وقدمت اعتذاراً رسمياً إلى الـ(ديلاي لاما)، كما أعادت قيادة التبت إليه.

قامت جمهورية الصين الشعبية بإجراء مفاوضات مع الـ(ديلاي لاما الرابع عشر) حول وضع التبت في عام 1950، وطرحت معاهدة مؤلفة من 17 نقطة، ووفقاً لهذه المعاهدة، من المفترض أن تعطي الصين حق الإدارة الذاتية للتبت مقابل اعتراف الأخيرة بالسيادة الصينية. رفض الـ(ديلاي لاما) هذه المعاهدة، وأسس حكومة في المهجر.

بعد إقصاء الـ(ديلاي لاما) عن الواجهة، بدأت الصين بإجراء إصلاحات سياسية واجتماعية في التبت تحت مصطلح ”القفزة العظيمة“، التي تعني نقل التبت من منطقة زراعية إلى مركزٍ صناعي. أدت هذه العملية إلى مقتل عدد هائل من المواطنين يُقدر بنحو 200 ألف إلى 1 مليون شخصٍ، ويعتقد البعض أن هذه العملية كانت السبب وراء المجاعة الصينية الكبرى.

هناك عدة حملات اليوم للمطالبة بانفصال واستقلال التبت عن الصين، تواجه هذه الحملات عادة بحملات أخرى مضادة وعنيفة. والمثال الأشهر عن ذلك هو مذبحة ساحة (تينانمن) التي حدثت عام 1989.

وفي عام 2008، قام متاظهرون مؤيدون لانفصال التبت بمهاجمة 18 سفارة وقنصلية صينية حول العالم. نتيجة لهذه الأحداث، تحكم الصين منطقة التبت بقبضة حديدية، وأصبحت الرقابة الصينية محكمة جداً، حيث تُصنف التبت اليوم في المركز الثاني ضمن قائمة الدول الأقل حرية في العالم.

7. قبرص:

خريطة قبرص

كانت جزيرة قبرص مسرحاً لصراعات دامية على مر سنوات عديدة بين طرفين متحاربين: تركيا واليونان، وتقع الجزيرة في المرتبة الثانية من ناحية المساحة والثالثة من ناحية عدد السكان في الجزء الشرقي من البحر المتوسط، حيث يبلع عدد سكانها 1.1 مليون نسمة، ووصل الناتج المحلي فيها إلى 27.5 مليار دولار. قُسّمت الجزيرة إلى جزئين، تركي ويوناني، لكن المجتمع الدولي لا يعترف بالجزء التركي، ويعتبره احتلالاً غير قانوني.

تعرضت الجزيرة لعدة غزوات أجنبية على مر التاريخ نظراً لموقعها الاستراتيجي، حيث احتلها المصريون القدماء، والفرس، والإمبراطورية الرومانية، والبندقية، وسيطرت الإمبراطورية العثمانية على قبرص منذ عام 1571 وحتى عام 1878 عندما وُضعت قبرص تحت الإدارة البريطانية.

استولى البريطانيون رسمياً على الجزيرة عام 1914، لكنهم سمحوا بانتشار الثقافة اليونانية وبقاء السكان على عاداتهم، أما النزاع الحقيقي، فبدأ في خمسينيات القرن الماضي، حيث اعتقد الأتراك أن عليهم احتلال قبرص ووضعها تحت سيطرتهم باعتبارها امتداداً للأناضول، أما اليونانيون في قبرص أرادوا اتحاداً مع دولتهم الأم اليونان.

حصلت قبرص على استقلالها عام 1960، واندلعت أعمال العنف في الجزيرة عام 1963 بين سكانها اليونانيين والأتراك، وفي الخامس عشر من شهر يونيو عام 1974، حاول القوميون من أصل يوناني الإطاحة بالسلطة لتوحيد البلد مع اليونان، لكن سرعان ما اجتاحت القوات التركية جزيرة قبرص واحتلت الجزء الشمالي منها، أدت هذه العملية إلى تهجير أكثر من 200 ألف مواطنٍ وإنشاء دولة تركية في الجزيرة عام 1983.

أدان المجتمع الدولي هذا العمل، ولم يعترف أي بلدٍ (ما عدا تركيا) بالدولة الجديدة في قبرص. تبلغ مساحة هذه الدولة التركية اليوم نحو 37% من مساحة الجزيرة، وهناك نحو 4% من مساحة قبرص تابعة للأمم المتحدة، ولا يعترف المجتمع الدولي حتى اليوم باستقلال الجزء التركي، ويعتبره احتلالاً غير قانوني لجمهورية قبرص.

8. جزر الفوكلاند:

خريطة جزر الفوكلاند

نزاع حدودي آخر نشب بين المملكة المتحدة والأرجنتين، وعلى مجموعة من الجزر أيضاً. تبدلت تبعية الجزر في الأعوام السابقة لسنة 1833، حيث استولت المملكة المتحدة عليها في ذلك الوقت، واستمرت سيطرتها على جزر الفوكلاند حتى يومنا هذا.

يدافع البريطانيون والأرجنتينيون عن حق كل منهم في السيطرة على جزر الفوكلاند، حيث يعود تاريخ سيطرة البريطانيين عليها لعام 1690، بينما استطاعت الأرجنتين الاستيلاء على الجزيرة لفترة قصيرة عام 1833.

بدأت الأرجنتين بالمطالبة بحقها في امتلاك جزر الفوكلاند عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتحديداً عندما شرعت المستعمرات البريطانية السابقة بالحصول على الاستقلال. رفعت الأرجنتين القضية إلى مجلس الأمن، وطلب الأخير من الدولتين المتنازعتين الوصول لاتفاق يرضي الطرفين، وبالفعل هذا ما حصل.

توصلت الأرجنتين والمملكة المتحدة إلى اتفاق يحل القضية، فكان على الأرجنتين تزويد جزر الفوكلاند بالنفط، وبنت المملكة المتحدة مطاراً كي تستخدمه الطائرات الأرجينتية، ومع ذلك لم تتفق الدولتان على تقرير حق السيادة، والسبب الرئيسي في ذلك رغبة سكان الفوكلاند بالبقاء تحت الحكم البريطاني.

عانت الأرجنتين من أزمة اقتصادية عام 1982، وقررت فتح قضية الفوكلاند من جديد، لذا أطلقت هجمات مروعة في الأول من أبريل واستولت على الجزر. أدان المجتمع الدولي هذا الفعل، وهبت دول عديدة لمساعدة المملكة المتحدة خلال حرب الفوكلاند، ومع ذلك لم تستمر الحرب سوى 10 أسابيع وانتهت باستسلام الأرجنتين.

أعلنت الحكومة البريطانية عام 2009 إغلاق باب الحوار حول مستقبل جزر الفوكلاند، وأظهر استفتاء عام 2013 في جزر الفوكلاند تصويت 99.8% من السكان لصالح بقاء الجزيرة تحت الحكم البريطاني. بالطبع، لم تأخذ الأرجنتين هذا الاستفتاء بجدية ورفضته رفضاً تاماً، وبقيت تطالب بحقها في السيطرة على جزر الفوكلاند حتى اليوم.

9. تايوان:

خريطة تايوان

هناك نزاع دائر بين جمهوية الصين الشعبية واليابان حول السيادة على تايوان التي يصل عدد سكانها لنحو 23 مليون نسمة ويبلغ الناتج المحلي فيها 1.147 تريليون دولار، فهي كنز هائل لا يستطيع أحد التفريط فيه، لكن تاريخ تايوان معقد جداً حسبما يصفه المجتمع الدولي، مما يجعل الحكم في موضوع السيادة أمراً صعباً.

بدأت المشكلة الحديثة حول السيادة في عام 1895 عندما استولت اليابان على البلد، لكن في عام 1912 تشكلت جمهورية الصين واستولت على تايوان بعد استسلام اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، واستمرت في الحكم لـ4 سنوات حتى عام 1949 عندما استولى الحزب الشيوعي على السلطة في الصين، وأسس جمهورية الصين الشعبية.

هربت حكومة الصين (أي جمهورية الصين وليس جمهورية الصين الشعبية) إلى تايوان، واستمرت بالحكم هناك. بقيت جمهورية الصين مسيطرة على تايوان، وظلت تمثل الحكومة الرسمية الصينية الشرعية في مجلس الأمن حتى عام 1971.

يعترف اليوم 21 عضواً في مجلس الأمن بدولة تايوان، التي هي إحدى الدول الأسيوية الأربع التي شهدت نهضةً اقتصاديةً عملاقة بسبب تطورها في المجالات الصناعية والتكنولوجية، لكن جمهورية الصين الشعبية ترفض اعتبار تايوان دولةً مستقلةً، بل تراها كإحدى مقاطعات الصين، وهذا سبب جعل عدداً لا بأس به من دول العالم يتردد بالاعتراف بدولة تايوان، حيث أعلنت جمهورية الصين الشعبية أن أي اعتراف رسمي بجمهورية تايوان سيلقى رداً حاداً وعنيفاً.

تتفق الصين وتايوان أن لا حل لأزمتهما في الأفق، لكنهما يتفقان على وجود دولة صينية واحدة فقط، بالرغم من اختلاف تفسيرهما لمعنى الدولة الصينية الواحدة، حيث ترى حكومة الصين الشعبية أنها الممثل الرسمي للصين بينما تخالفها الحكومة الأخرى.

10. فلسطين:

الحدود الإسرائيلية بعد حرب 1967.
الحدود الإسرائيلية بعد حرب 1967.

كانت القضية الفلسطينية أكبر نزاعٍ حدودي وأشهره على مر سنوات، وتصدرت الأنباء القادمة من فلسطين عناوين مختلف الصحف والأخبار. بدأ النزاع الفعلي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ففي تلك الفترة اضطر ملايين اليهود للهجرة من أوطانهم بسبب الحرب، فهاجر العديد منهم إلى فلسطين ومدينة القدس بالتحديد، حيث شكل العرب منذ القدم غالبية سكان المدينة بالإضافة إلى نسبة صغيرة من اليهود، لذا يطالب كلا الطرفين بحق السيادة على فلسطين وخاصةً بسبب الأهمية الدينية لمدينة القدس.

فشل الانتداب البريطاني في تحقيق السلام والاستقرار في فلسطين عام 1947، لذا استلمت الأمم المتحدة هذه المهمة وعرضت خطة لتقسيم المنطقة وقيام دولتين في فلسطين مع بقاء القدس منطقة حيادية تحت سيطرة الأمم المتحدة. فشلت الخطة أيضاً بعد رفض العرب لها، لذا أعلنت اسرائيل عن قيام دولتها عام 1948.

أدى قيام دولة إسرائيل إلى نشوب حرب عربية هاجمت فيها الجيوش المصرية والسورية والعراقية واللبنانية دولة إسرائيل. انتهت هذه الحرب التي استمرت لسنوات باستيلاء الأردن على الضفة الغربية والقدس الشرقية، بينما حصلت مصر على قطاع غزة، واندلعت حرب أخرى عام 1957 نتيجة غزو إسرائيل لشبه جزيرة سيناء بمساعدة فرنسية وبريطانية، واندلعت حرب ثالثة عام 1967 استمرت لـ6 أيام استولت إسرائيل خلالها على شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.

ولم تمض عدة سنوات حتى اندلعت حرب أكتوبر عام 1973 (أو التي تعرف باسم يوم الغفران في إسرائيل)، نجح العرب في هذه الحرب باسترداد بعض المناطق المحتلة، لكن العلاقات ساءت جداً بينهم وبين إسرائيل.

أعلنت جبهة التحرير الفلسطينية عام 1988 عن قيام دولة فلسطين، وطالبت الدولة الجديدة باعتراف دولي من مجلس الأمم المتحدة، لكن طلبها هذا رفض بشدة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وإسرائيل.

تعد قضية فلسطين مسألة شائكة، وهناك الكثير من الدول التي تدعم قيام دولة فلسطينية منفصلة، ويبلغ عدد هذه الدول 136 دولة من أصل 193، وفي عام 2012، منحت الأمم المتحدة دولة فلسطين منصب ”دولة مراقبة غير عضو“، وهي حركة اعتبرها البعض بمثابة اعتراف غير رسمي بدولة فلسطين.

وفي عام 2015، مررت الأمم المتحدة قراراً تطالب فيه إسرائيل بمنح فلسطين سيادة على مواقع الثروات الطبيعية التي تقع حالياً ضمن الأراضي الإسرائيلية.

مقالات إعلانية