in

​5 معتقدات خاطئة عن الحروب

المسبب الأساسي للحروب

عند أي محاولة لدراسة جدية للحروب وأسباب الحروب (الحالية أو السابقة)، سيجد المرأ نفسه يغوص في أكوام وأكوام من الأكاذيب والإعلام المتناقض والروايات المتعددة ومفاهيم ”الخير ضد الشر“ و”الحضارة ضد الهمجية“ و”الحرية ضد القمع“. فالحروب هي أكبر مصادر الأكاذيب الموجودة في التاريخ وفي الواقع فالمنتصر دائماً ما يكتب التاريخ (حتى العصر الحديث حيث أصبح أي أحد قادراً على الكتابة والتأريخ لها، ولو ضمن فيلة طائة من أورانوس كمشاركين في الحرب).

نظراً لأن معظم معرفتنا بالحروب تأتي في الواقع من الأفلام السنمائية، فالكثير من المعتقدات المنتشرة عن الحروب خاطئة ومنها التالي:

السبب الوحيد للإرهاب هو التطرف الديني:

التطرف الديني

لا شك بأن بعضاً من أكثر الهجمات الإرهابية شهرة ناتجة عن متطرفين دينيين، بداية من التفجيرات النتحارية للجماعات الإسلامية المتطرفة حتى تفجير عيادات الإجهاض من المتطرفين المسيحيين في الولايات المتحدة. لكن الواقع أن التطرف الديني أبعد ما يكون عن أن نعتبره هو المسبب الوحيد في محفزات الإرهاب.

فالمحفزات الأخرى تتضمن التطرف السياسي مثل جماعة نمور التاميل الإرهابية (وعلى عكس ما قد تظنه فهي مجموعة من الشيوعيين المتطرفين لا المتدينين) أو العنصرية مثل تفجير أوسلو عام 2011. بالإضافة للمذكورين تعد الجماعات المناهضة للحكومات واحدة من أهم الجماعات الإرهابية، حتى في الولايات المتحدة نفسها.

السبب الأساسي للمجازر هو المستويات العالية من العنصرية:

العنصرية

عند ذكرة كلمة المجازر أو الإبادة ربما يكون الهولوكوست (الإبادة التي قامت بها النازية ضد اليهود مودية بحياة أكثر من 6 ملايين منهم) أو المجازر الأرمنية أو حتى مجازر رواندا أول ما يتبادر إلى الذهن. ففي هذه الحالات كانت العنصرية هي المسبب الظاهري للإبادة التي حدثت. لكن بالمقابل عند النظر إلى أكبر الإبادات التي حصلت في القرن العشرين، يبدو الأمر أقرب إلى المصالح السياسية منه للعنصرية.

فالقتل على نطاق واسع حصل في الإتحاد السوفييتي والصين وكمبودياً مثلاً تحت أنظمة شيوعية لم تكن مهتمة بالعنصرية في الواقع، بل بقتل أعداء الثورة و”غير الوطنيين“. حتى المجازر التي مارسها العثمانيون بحق الأرمن (بمساعدة من الأكراد والعرب) كانت تتخذ مساندة الأرمن لروسيا القيصرية (عدوة العثمانيين حينها) حجة لها.

في المحصلة يبدو الأمر أقرب إلى أن الأمظمة الدكتاتورية والشمولية تقتل الفئات التي ترى فيها تهديداً لسيطرتها لا أكثر، سواء كانت الجماعات هذه عرقية أو دينية أو حتى فئات اجتماعية.

المسبب الأساسي للحروب الأهلية هو القمع الحكومي:

فتيات في الحرب

يبدو الأمر منطقياً في البداية، بل يكاد يبدو ملحمياً حيث تنهض الجماعات المظلومة وتتحد لمحاربة ظالميها والحكومات الدكتاتورية التي تضطهدها. الواقع مختلف عن هذا، فالمحفز أقرب إلى أن يكون الطمع ببساطة. فالبلدان التي تمتلك ثروات سهلة الوصول إليها كآبار النفط (كما في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) أو محاصيل المخدرات (كما في كولومبيا) أو الماس (كما في العديد من الدول الأفريقية) تميل لأن يكون فيها حروب أهلية أكثر من غيرها، فالحرب في النهاية مصالح.

لا شك بأن القمع الحكومي والتنوع الديني والعرقي يلعب دوراً كبيراً في الحروب الأهلية، لكن الطمع هو المغذي الأول لها وهو الذي يغذيها لتستمر لفترات أطول. في النهاية حتى الحرب الأهلية الأمريكية، التي تعد الأشهر ربما، كانت بسبب اقتصادي بحت، وهو عدم قدرة الشمال على منافسة الجنوب اقتصادياً نظراً لاستخدام الجنوب للعبيد كعمالة مجانية.

النساء والأطفال هم الضحايا الأشد تأثراً بالحروب:

النساء والاطفال في الحروب

يعود هذا الاعتقاد إلى الظن بأن النساء والأطفال عاجزون عن الدفاع عن نفسهم مما يجعلهم الضحايا الأكثر تأثراً، ويصل الاعتقاد حتى إلى القانون الانساني الدولي الذي يعطي النساء والأطفال أفضلية عند الإجلاء والحماية.

الواقع مختلف تماماً، فالمتأثر الأول بالحروب كان ولا زال الذكور البالغين. عدا عن كون الذكور يشكلون النسبة الكبرى (إن لم يكن الكلية) من الفئات المقاتلة، فهم دائما المستهدفون أولاً في الحروب والنزاعات. في جميع الحروب التي حدثت وتحدث، دائما ما تستهدف الجيوش الذكور أولاً للظن بأنهم يشكلون مقاومة أكبر وقدرة أكبر على القتال. وحتى في حالات الإبادة الجماعية، كما في كوسوفو عام 1999، كان الذكور دوماً يقتلون أولاً قبل النساء والأطفال.

القانون الدولي يحمي المدنيين في الحروب:

القانون الدولي

بداية من معاهدة جنيف اتفق العالم (ظاهرياً) على أن استهداف المدنيين أمر محرم دولياً وبذلك فالقانون الدولي ”يحمي“ المدنيين. المشكلة في هذا الظن هي أن ”القانون الدولي“ لا وجود له عند التطبيق، فهو مجرد مقترحات لا أكثر، ولا وجود لحكومة عالمية تقوم بحماية المدنيين من الحروب في الواقع!

فالمدنيون يتعرضون للقتل بشكل دائم في الحروب، خصوصاً في حال كان هناك فائدة استراتيجية لذلك. في المحصلة ”القانون الدولي“ لا يعني شيئاً على أرض الواقع، فبنوده تخرق بشكل مستمر ولا يمكن فرضه فعلياً.

مقالات إعلانية